“أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ” لا علاقة لذلك بالظل الذي نراه بفعل الضوء، لماذا يسرد القرآن مسألة لا أهمية لها ولا سياق قرآني؟ هذه الأمور يقحمها الناس إقحاما ممن يبحثون عن المعجزات الزائلة التي سرعان ما تنقلب عليهم وتضر الدين للأسف الشديد.
السياق ايها السادة يتكلم عن التأييد الإلهي وكيف ان الذي يتبع الهوى لا يهديه الله ﷻ ولا يؤيده ويكون من الذين لا يعقلون، فالمطلوب هو التفريق بين العذب والمالح بين الحق والباطل كما يبين الله ﷻ في سياق السورة وهي سورة الفرقان أي التفريق بين الحق والباطل، بين تعاليم الله ﷻ وتعاليم البشر والهوى.
نستعرض التفسير لهذه الآية العظيمة لنستخلص العبرة والدرس النافع في حياتنا الى الأبد.
إن هذه الآية بالذات دليل صدق للإسلام ، يقول الله ﷻ ” أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا * ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا” الفرقان 45 ، وهنا يتحدث الله ﷻ عن نبؤة عظيمة للإسلام فيخبر نبيه ﷺ أن ظله سيمتد أي سيزيد عدد أتباعه في ربوع الأرض ولن يقف أو يقصر، فنلاحظ أن الله ﷻ وصف نبيه ﷺ بالشمس “وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا” والسراج أي الشمس هي التي تضيء الأرض وهي ايضا اشارة الى ان النبي ﷺ جاء بأمر رباني وليس بصنعة البشر فالشمس هي مصدر النور وهي التي تمد الارض بالضوء ومنه ينشأ الظل. لقد أعلن النبي ﷺ أنه رسول الله فآمنت به زوجه خديجة ؓ ثم آمن به في نفس اليوم خادمه زيد وورقة بن نوفل ولم يمض مساء اليوم التالي حتى آمن به ابو بكر وعلي ؓ وغيرهما وبقي ظله يمتد في حينها فأسلم النجاشي ملك الحبشة وامتد ظله ليفتح القلوب ليومنا هذا وهو يمتد الى ما شاء الله ﷻ.
ثم قال الله ﷻ “وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا” أي لولا نصرة الله ﷻ لما امتد هذا الظل ولبقي ساكناً ولقصر، أفلا ينظر الكفار كيف يمد ظلك ويشمل الناس بفيئه وخيره؟ إن هذا لدليل على نصرة الله تعالى وبالتالي فهو دليل أنك من الله ﷻ.
ثم يقول الله ﷻ “ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا” أي ان من الظلال ايضا ما يتم بواسطة المؤثرات المادية كإشعال مصباح مثلا أو إشعال شمعة فيكون لما خلف الجسم ظل له، ولكنك لا تتلقى هذه التعاليم من نفسك ولا من البشر بل من السماء وترمز الشمس الى الحقيقة التي لا دخل للناس في التحكم بها إذ أنها من الله ﷻ وحده أي أنك يا محمد ﷺ أخذ علمك من الله ﷻ الذي يضيء على قلبك مثل ضوء الشمس فتعكس هذا الضوء على الناس وتصبح سراجا وشمسا للحق فيتفيأ الناس بظلالك الوارفة، وبالتالي فأنت رسول الله حقا.
ثم يقول المولى ﷻ “ ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا” أي سنقبض هذا الظل وسيأخذ الليل يخيم على الإسلام بعد ثلاثة قرون، ولكن سيطلع النهار ثانية كما نبّأ الله في قوله ﷻ “وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا” فيستيقظ المسلمون من سباتهم نتيجة طلوع الشمس مرة أخرى.
وبحسب هذا الوعد الإلهي نرى أن الجماعة الإسلامية الأحمدية صارت في هذا العصر ظلا جديدا للنبي ﷺ. فكل من ينضم الى الأحمدية وكل من يؤمن بالمسيح الموعود ؏ يتسبب في امتداد ظل النبي ﷺ أكثر فأكثر، وكل ما نتلقاه من الله ﷻ من تأييد ونصرة ليشكل برهانا ساطعا على قول الله ﷻ “ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا“، فيدرك الذي يرى أن هذا الظل أنه لم يصنع بطريق صناعي بل الشمس هي الدليل والسماء هي المصدر.
وأخيرا نتعلم من هذا الدرس أن هذا الظل وهذا الرقي مشروط بالطاعة والإتّباع فإذا فسد الناس وابتعدوا عن هذا المصدر الإلهي يتخلى الله ﷻ عن نصرتهم، فيغيب ذلك الظل أي الرقي. فعليكم ان تسعوا دوما أن يجعلكم الله ﷻ وأولادكم ظلا للرسول ﷺ يمتد باستمرار، وأن يوفقكم أن تحملوا ظله ﷺ دائما وتتسببوا في امتداده باستمرار، لكي تتحقق نبوءة جعل الشمس دليلا على امتداد ظله ﷺ في كل عصر، ولتحالفكم نصرة الله دون انقطاع، وتفشل التدابير البشرية ضدكم.
من التفسير الكبير بتصرف