يقول الله تعالى:
{َمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (النساء: (26)
وللتفسير نقتبس من شرح الأستاذ تميم أبو دقة المحترم بأن الآية دورها هو:
“الحض على الزواج وخاصة للذين ليس لديهم المال الكافي للزواج من الحرائر الشريفات، فيمكن أن يتزوج من الإماء اللاتي لا يحتاج الزواج بهن إلى قدر من المال كقدر الحرائر. … وتؤكد الآية أنه يجب اختيار الإماء الشريفات العفيفات لكي تتم صيانتهن وإحصانهن. ثم تؤكد الآية أن مجرد الزواج بهن هو إحصان حيث قال تعالى فَإِذَا أُحْصِنَّ. … يمكن أن تتزوجوا من الإماء إذا لم يكن لديكم أموال كافية للزواج من حرائر، بشرط أن تكون الأمة شريفة عفيفة. … إن هذه الآيات تنظم بشكل رائع وطاهر علاقة الرجال المتزوجين بزوجاتهم وتفرض عليهم بعض الأمور التي ينبغي أن يتوخوها أولاً، ثم توضح الفئات المحرمة من النساء وما فرض الله على الرجال الذين يريدون الزواج بما هو خلاف (بما وراء) هذه الفئات. ونلاحظ أن الآيات تشدد على أن الزواج ينبغي أن يكون إحصانا وليس سفاحا. … فعلينا أن ننتبه في هذه الآية إلى النقاط التالية:
- بدأت الآية بذكر الفئة المحرمة الأخيرة من النساء بعد تعداد المحرمات سابقا.
- ثم بعد ذلك حددت أنه بخلاف الفئات السابقة جميعها يمكن للرجل أن يبتغي بماله محصنا؛ أي أن يستخدم ماله في الزواج بحيث يكون هو محصن ومن سيتزوج بها ستكون محصنة. وعليه أن يتزوجها زواجا تاما ويحصنها ويحصن نفسه وهذا ما تشير إليه الآية (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ). أي أن المال قد يساء استخدامه في السفاح، لذا فاحذروا من ذلك وأحصنوا ولا تسافحوا.
- بما أن السياق جميعه يتحدث عن الزواج فإن قوله تعالى: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ يشير إلى الزواج حكما. فالضمير في به يعود على الزواج ولا يعود على النساء؛ فلم تقل الآية فما استمتعتم بهن أو فما تمتعتم بهن!! أي أن الزواج يجعلكم تتمتعون بحقوق وامتيازات يجب أن تؤدوها حقها؛ وأقل ما يمكن تأديته هو دفع مهورهن لهن ودفع نفقاتهن، سواء وفقا لما اتفقتم عليه أو ما فوقه أو ما دونه إذا تراضيتم على ذلك. وقد جاء التذكير بالتمتع بهذه الحقوق والامتيازات للحض على تأدية الحقوق ولهذا كانت صيغة الآية {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً}.“
(انتهى مختصراً من مقال الأستاذ تميم المحترم)
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ