قال الخليفة الثاني حضرة الحاج مرزا بشير الدين محمود أحمد رضي الله عنه :
القرآن الكريم يركّز على أن لكل شيء زوجين إلا الله تعالى، وهذا يدل على أن الله تعالى خالق والأشياء الأخرى كلها مخلوقة لأنه لا يمكن أن يكون “أحدٌ” إلا الذي لا زوج له، ومن كان زوجا فلا بد أن يكون مخلوقا، فقد ورد في سورة الذاريات:
{وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} الذاريات: 50.
أي الهدف من خلق الأشياء الدنيوية زوجين هو لتفكّروا أنه ما دام لكل شيء زوج فتبين أن كل شيء مخلوق وقد خلقه خالقٌ.
وما دام ليس لله زوج، فتبين أن الله أحدٌ وصمدٌ ولم يلد ولم يولَد. من كان ابنا لأحد كان زوجا وكان له أب وأمٌّ. ومَن كان له ابنٌ كانت له زوجة أيضا. فباختصار، من أنجب ولدا أو كان ولدا لأحد لا يمكن أن يكون أحدا.
النصرانية تعتز بكون المسيح – عليه السلام – ابن الله ولكنها في الحقيقة تنفي كونه ابن الله لأنه إذا كان ابن الله فهو زوج وليس خالقا. وهو ليس وحيدا، بل هو محتاج لأب جاء به إلى حيّز الوجود، وهو محتاج إلى أمّ أنجبته. وما دام مخلوقا فهو محتاج إلى زوجة ليُنجب الأولاد وإن لم يكن محتاجا إلى زوجة فهو مخنَّث، والمخنَّث ذليل مهان.
فيقول الله تعالى بأننا خلقنا كل شيء زوجا لعلّكم تذكّرون. وتذكّروا أولا: عندما ترون الخلق كله أن لكل شيء زوجا فاعلموا أنه مخلوق خلقه اللهُ تعالى. وثانيا: واعلموا أن الذي ليس زوجا هو خالق وهو واحد وهو الأحد الحقيقي، ولا أحد سواه لذا لا يمكن أن يكون مخلوقا أيضا، وبذلك اعتصموا بالتوحيد الكامل.
[ خطاب بتاريخ 28/ 12/ 1956م في الجلسة السنوية بربوة ]