رؤيا حول المهدي أنه غلام وسوف يتكلم العربية في المهد

“قال ابن بابويه عن علي بن عبد الله الوراق عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن إسحاق ابن سعد الأشعري: دخلت على أبي محمد الحسن بن علي العسكري وأنا أريد أن أسأله عن الخلف من بعده فقال لي مبتدءاً: يا أحمد بن إسحاق إنّ الله (تبارك وتعالى) لم يخل الأرض منذ خلق آدم ولا يخليها إلى أن تقوم الساعة من حجة على خلقه يرفع البلاء عن أهل الأرض به، به ينزل الغيث وبه يخرج بركات الأرض قال فقلت له، يا ابن رسول الله فمن الإمام والخليفة بعدك؟ فنهض (ع) مسرعاً فدخل البيت ثم خرج وعلى عاتقه غلام كأنّ وجهه القمر ليلة البدر من أبناء ثلاث سنين وقال: يا أحمد بن إسحاق لولا كرامتك على الله وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا إنه سمّي رسول الله وكنيته الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.

يا أحمد بن إسحاق مثله في هذه الأمة مَثَل الخضر(ع) ومثله مثل ذي القرنين والله ليغيبنَّ غيبة لا ينجو من الهلكة فيها إلاّ من أثبته الله (تعالى) على القول بإمامتهم ووفق للدعاء بتعجيل فرجه قال أحمد بن إسحاق فقلت له: يا مولاي من علامة يطمئن إليها قلبي، فنطق الغلام بلسان عربي فصيح قال (أنا بقّية الله في أرضه والمنتقم من أعدائه فلا تطلب أثراً بعد عين يا أحمد بن إسحاق)، قال أحمد فخرجت مسروراً فرحاً فلما كان من الغد عدت إليه فقلت له: يا ابن رسول الله لقد عظم سروري بما مننت علي فما السنة الجارية فيه من الخضر وذي القرنين؟ فقال: طول الغيبة يا أحمد فقلت له: يا ابن رسول الله وإن غيبته لتطول؟ قال: أي والله حتى يرجع عن هذا الأمر أكثر القائمين به فلا يبقى إلاّ من أخذ الله عهده بولايتنا وكتب في قلبه الإيمان وأيّده بروح منه يا أحمد بن إسحاق هذا أمر الله وسرّ من سرّ الله وغيب من غيب الله فخذ ما أتيتك واكتمه وكن من الشاكرين تكن معنا غداً في علّيين.” انتهى (كمال الدين وتمام النعمة – الشيخ الصدوق – الصفحة ٣٨٤)

فنطْق الغلام في المهد يبين بأنها رؤيا لا على الواقع وهي كناية على أن المهدي سيكون شبيها بعيسى (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) الذي من آيات صدقه تكلمه في المهد فكانت آية المهدي هي تكلمه ونطقه (بلسان عربي فصيح) للدلالة بأنه من غير العرب (ولا ننسى هنا احاديث اخرى تشير بأنه من بلاد فارس) أي من غير العرب، وهكذا يكون قد ماثل الوليد عندما يحدّث بما يتحدث به البالغ بل أعظم من ذلك .. وتلك هي معجزة تعلم اللغة العربية. كما أن كونه (( غلام )) يحمل معنى كبير من حيث الكنية وكونه أيضا حسب الرواية ابن رسول الله ﷺ وسميّه يشير إلى أنه غلام أحمد أي غلام ابن أحمد أو محمد (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) فهو من جهة غلامه (ابنه) ومن جهة أخرى سميّه (حامل اسمه). ثم ذكرت الرواية تشبيها آخر بالخضر وذي القرنين أي طول الغيبة وهو ما أكده الواقع فقد بعث المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) بعد ١٣٠٠ عام من الانتظار.

 يحدث الطاعون في زمنه

لنتدبر الرواية التالية :

“عن غيبة الطوسي عن الصادق (ع) : (لا يقوم القائم (ع) إلاّ على خوف شديد من الناس وزلازل وفتن وبلاء يصيب الناس و طاعون قبل ذلك وسيف قاطع بين العرب واختلاف شديد بين الناس وتشتّت في دينهم وتغيّر في حالهم حتى يتمنّى المتمنّي الموت صباحاً ومساءً من عظيم ما يرى من كلب الناس وأكل بعضهم بعضاً فخروجه يكون عند اليأس والقنوط من أن يروا فرجاً فيا طوبى لمن أدركه وكان من أنصاره والويل كل الويل لمن ناواه وخالفه أمره وكان من أعدائه)”. انتهى (بيان الأئمة 3ص54)

وقد حدثت الفتن والزلازل والاختلاف كما لم يكن من قبل ومن بين ذلك آية الطاعون التي كانت من آيات صدق المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) إضافة لكل ما سبق. يذكرنا الجزء الاخير من الرواية (فيا طوبى لمن أدركه وكان من أنصاره والويل كل الويل لمن ناواه وخالفه أمره وكان من أعدائه) يذكرنا بقول الله تعالى : [أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيتلوه شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ] ( سورة هود) أي لا تكن في مرية منه ولا تسعى مع الأحزاب لتكذيبه وإلا فجزاء الكفر به هو النار.

يوحى إليه :

“وباسناده رفعه إلى أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: جعلت فداك أخبرني عن صاحب هذا الامر قال: يمسي من أخوف الناس ويصبح من آمن الناس يوحى إليه هذا الامر ليله ونهاره قال: قلت: يوحى إليه يا با جعفر؟ قال: يا با جارود إنه ليس وحي نبوة ولكنه يوحى إليه كوحيه إلى مريم بنت عمران وإلى أم موسى وإلى النحل، يا با الجارود إن قائم آل محمد لأكرم عند الله من مريم بنت عمران وأم موسى والنحل.” انتهى (بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٥٢ – الصفحة ٣٨٩)

وهذا الوحي قد وضحه المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) كما في الرواية على وجه الدقة وكأنها تتحدث عن حضرته عَلَيهِ السَلام.

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد