جاء في الحديث الصحيح:
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَوِ ابْنُ سَلاَمٍ عَنْهُ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أُمِّ شَرِيكٍ ـ رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَقَالَ “ كَانَ يَنْفُخُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ”. (صحيح البخاري، 3359، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً})
لا ريب في سند الحديث لأن رجاله ثقات وصحابة كبار رضوان الله عليهم والحديث مروي عند ابن ماجه وغيره أيضا وبشواهد وله ألفاظ في الصحيح وغيره مما يضفي عَلَيْهِ مسحة تفسير أعمق وأدق استدلالا. أما ربطه بحادثة الخليل عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام فهي وثيقة سنوضحها إنْ شاءَ الله تعالى وكيف أن السحلية أو الوزغ تنشط في الحرارة مما يدفعها إلى الهجوم والعدوانية (ليس لشرها فهي حيوان غير مكلف) بالنفخ والنفث مما يقطع الطريق أمام ابراهيم عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام عكس غيرها من حيوانات تفر وتتخذ أسهل الطرق لذلك غريزة مما يفيد الإنسان في تتبعها للخروج. ثم ربط النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ذلك بالضرر الذي تعرف به هذه الحيوانات على الإنسان موصياً بالتخلص منها لكي لا تؤذيه بنقلها للأمراض وعدوانيتها عَلَيْهِ وَعَلَى الأطفال الذين يأكلون من الأواني الملوثة كحد أدنى.
يدعم هذا أيضا التفسير عند جماعتنا الذي يقول بأن النار لم تتحول إلى مكيف هواء بل هنالك مسببات وعوامل طبيعية خارقة للعادة صنعها الله تعالى وقدرها لنجاة ابراهيم عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام بأن وفر له سبيلا للنجاة ولم تمسه النار بل كانت سلاما وبردا عَلَيْهِ ولا يمنع ذلك من مواجهة خطر الوزغ الذي ثبت علميا أنه ينشط في الحرارة العالية ويهاجم البشر بالنفخ والنفث.
كل شيء هو من خلق الله تعالى، ولكل شيء ميزانه من الخير والشر والمنافع، فلا يخلق الله شيئا عبثا حاشا لله تعالى. فالوزغ والكلب العقور والعقرب والحية والصرصر وغيرها لا بد أن لها منافع عظيمة ولكن على الإنسان التخلص منها ومكافحتها في محل سكنه لضررها وهذا ما يقوله الحديث. أما ربطه بحادثة الخليل عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام فلا مشكلة إذا ما اعتبرنا المعلومات العلمية أن الوزغ تهاجم عند اشتداد الحرارة فتنفث وتنفخ في وجه الإنسان لإرعابه ليس لأنها شريرة كما يظن الحرفيون بل لأن الحيوان يتحرك بالطباع وحدها باتجاه واحد هو الفريسة أو الافتراس. فاذا ما تصورنا ابراهيم عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام يحاول النجاة من ألسنة اللهب ثم تعترضه سحلية أو وزغة أو تمساح الخ فهذا مانع للنجاة مما يدفع الإنسان لعدم تركها تشكل خطرا عَلَيْهِ وَعَلَى أولاده.
الحكمة من الحديث هي دفع الضرر عن الإنسان لارتباط الطهارة الروحانية بالطهارة المادية. وتُعرف الوزغ بنفثها السموم والأذى وحملها للأمراض الخطيرة كالسالمونيلا ونقلها للأمراض التي تصيب الجهاز التنفسي وأمراض معوية وبكتيرية وغيرها خصوصا في البيوت القديمة حيث تقع الوزغ أحيانا من الجدار في آنية الطعام فتلوثها قبل خروجها منها ثم يأكل الإنسان من الآنية وهو غير مدرك لما حصل فيصاب بمرض خطير هو وأولاده، ولذلك أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بالتخلص منها لهذا الضرر، فهي وإن كانت كغيرها من الزواحف والحشرات إلا أنها فاقت غيرها في الضرر والسوء بما لا ينكره أحد. وقد وصف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الفأرة بالفويسقة نظراً لما تجلبه من ضرر وتتسبب في الحوادث داخل البيوت حيث ثبت في صحيح البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: “أطفئوا المصابيح فإن الفويسقة ربما جرت الفتيلة فأحرقت أهل البيت.“.
فالحكمة إذاً هي اتقاء الإنسان كل ما يضره وذلك يثبت أن الإسلام قد جاء بما فيه مصلحة الناس ورفع الضرر عنهم، ولهذا أجيز قتل كثير من الحيوانات المؤذية كالعقرب والحية والكلب العقور والحدأة والغراب لكونها مما يؤذي الناس وهي من وصايا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وليست مما شرع في القرآن الكريم أي أن لهذه الاحاديث مناسبات وسياقات أهمها أن يكون الضرر واقعاً في البيوت مما لا يمكن معه ترك الحيوانات الضارة تجوب المكان وتنقل الأمراض.
أما عن النفخ والنار فهذا التقرير العلمي يبين أن للوزغ والسحالي قدرة نادرة على التحكم بدرجات الحرارة وتفاعلها أكثر مع الحرارة العالية.
والنفخ أو الفحيح هو من مميزات طرق الهجوم عند الوزغ كما في هذا التقرير.
حيث جاء فيه: “ومن طرق الخداع الشائعة للدفاع عن النفس، التي تستخدمهاالسحالي، الانتفاخ والفحيح والضرب بالذيل، وتعتبر السحلية الأسترالية ذات الأغشية أكثر السحالي استعمالاً للخداع كوسيلة للدفاع عن النفس، حيث إنها ترتكز على أرجلها الخلفية وتُبْرِزُ غشاءً كبيرًا من الجلد حول عنقها، ثم تفتح فمها مصدرة فحيحًا شبيهًا بفحيح الأفاعي، وبذلك تبدو أكبر من حجمها بمرات عديدة. وبالإضافة إلى ذلك تَكْتَسبُ منظرًا شرسًا مخيفًا عكس حالها الطبيعي، بينما يبلغ طول أكبر تلك السحالي حوالي 80سم فقط. ويخيف السقنقور الأسترالي أزرق اللسان أعداءه من المفترسات بإظهار لسانه الأزرق الفاقع اللون.” أهـ
فالوزغ أحجام وأصناف وثبت أنها تهاجم بالنفخ والنفث وتنشط في درجات الحرارة العالية حيث تتحكم مؤقتا بدرجة حرارتها قبل أن تقتل هي الأخرى في الحرارة القصوى كاندلاع النيران وغيرها فتهاجم الإنسان وتنفخ عَلَيْهِ بدل أن تهرب فتعينه على إيجاد منفذ للخروج من المكان المحترق.
من جانب آخر لا يعني ما سلف أن يتم القضاء على هذا الكائن نهائيا وفي كل مكان والعياذ بالله بل كما قلنا أن للحديث مناسبات وسياقات تتعلق أغلبها أو كلها بمعاش الناس لا غير، أما في الغابات والصحاري وغيرها فهذا غير ملزم ولا يعني بتاتاً التخلص منها هناك، ولم يرد في القرآن الكريم ولا في السنّة المطهرة شيء من ذلك، بل ورد أن لا ضرر ولا ضرار.
فوائد الوزغ للعقاقير:
علاج للسرطان والأورام
منشط للطاقة الرجولية
علاج للسعال
علاج للإيدز HIV من مادة في لسان الوزغ كما في الرابط.
وهذا تقرير مفصل عن منافع الوزغ في المستحضرات الطبية التي أثبتت بأن كل جزء من الوزغ له فائدة صحية للبشر وكيف أن الوزغ يدخل كمادة أساسية لمكافحة السرطان والأورام والسعال وينشط الطاقة الرجولية بل وحتى المادة التي تخرج من لسانها تستعمل كعلاج للأيدز في فترة الأتش آي ڤي إضافة لمنافع أخرى. فهل يخلق الله تعالى هكذا مخلوق ثم يامر بالقضاء عَلَيْهِ نهائيا ؟ حاشا لله
وهذا رابط لحيوان “وزغ النار” وانتبهوا للتسمية جيدا ففيها معنى.
كل نبي ناله أذى وهذا طبيعي مع إرادة الله تعالى النجاة له، فالمسيح عَلَيهِ السَلام علق على الصليب وضرب بحربة ضربة شبه قاتلة والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم نجاه الله تعالى من مكر قريش مع أن رباعيته كسرت وتأذى كل الأذى وهكذا الخليل عَلَيهِ السَلام نجاه الله تعالى ولا يمنع أن يكون واجه بعض الصعوبات في طريق النجاة.
والخلاصة أن الحديث مهم جدا للتحذير من مخاطر الوزغ في البيوت بعد ثبوت ما تحمله من أمراض وأذى وهو ما يدفع إلى التساءل حول كيفية معرفة النبي ﷺ في ذلك الزمان لكل هذه الأمراض التي تنقلها هذه الزاحفة إلى الإنسان مما يدل على صدق هذا النبي العظيم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
والله تعالى أعلم
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ