النبي ﷺ وأُمّ المؤمنين رَضِيَ اللهُ عَنْهُا يحضران ألعاب سيرك لمجموعة من الأفارقة في ساحة المسجد فيقف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وزوجته رَضِيَ اللهُ عَنْها فتضع السيدة عَائِشَة ؓذقنها على كتف النبي ﷺ وخدّها على خدّه ﷺ ويشاهدان السيرك:
“أنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: أنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: دَخَلَ الْحَبَشَةُ الْمَسْجِدَ يَلْعَبُونَ، فَقَالَ لِي: «يَا حُمَيْرَاءُ، أَتُحِبِّينَ أَنْ تَنْظُرِي إِلَيْهِمْ؟»، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَامَ بِالْبَابِ، وَجِئْتُهُ، فَوَضَعْتُ ذَقَنِي عَلَى عَاتِقَهُ، فَأَسْنَدْتُ وَجْهِي إِلَى خَدِّهِ، قَالَتْ: وَمِنْ قَوْلِهِمْ يَوْمَئِذٍ: ‘أَبَا الْقَاسِمِ طَيِّبًا’، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَسْبُكِ»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لا تَعْجَلْ، فَقَامَ لِي، ثُمَّ قَالَ: «حَسْبُكِ»، فَقُلْتُ: لا تَعْجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَتْ: وَمَا لِي حُبُّ النَّظَرِ إِلَيْهِمْ، وَلَكِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ يَبْلُغَ النِّسَاءَ مَقَامُهُ لِي، وَمَكَانِي مِنْهُ.” (السنن الكبرى للنسائي، كِتَابِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ، أَبْوَابُ الْمُلاعِبَةِ، إِبَاحَةُ الرَّجُلِ لِزَوْجَتِهِ النَّظَرَ إِلَى اللَّعِبِ 8628)
فهذا الحديث الجميل يثبت أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم كان يصحب زوجته إلى العروض والألعاب والحفلات المختلفة ويقفان متقاربين بكل حب ويخاطبها بلطف وبصفة الجمال “يَا حُمَيْرَاءُ“، وحسب معجم تاج العروس: ((والعرب تقول: امرأة حمراء، أي بيضاء.)). فكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يخاطبها بـ يا مُحمرّة الخدّين يا متورّدة الوجه، كما يثبت أن السيدة عَائِشَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لم تكن طفلة صغيرة -حسب ظن البعض- بل كانت طويلة لدرجة أن وجهها يقابل وجه النبي ﷺ أي أنها تقريباً بطول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وكذلك يثبت أن هذا الحديث بذاته منقبة وفضل كبير لأُمّ المؤمنين رَضِيَ اللهُ عَنْهُا حيث تقول ؓبأنها لم تكن في الحقيقة تركز على العرض أمامها بل تريد أن ترى جميع النساء مكانتها ومقامها عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ومدى حبه لها رَضِيَ اللهُ عَنها وأرْضاها.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ