صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ بيَّن بأن صفاتٍ لا يمكن أن تكون في المؤمن، ومن وُجدت فيه هذه الصفات فهو ساقط تلقائيا، ولا ينبغي أن يلتفت إليه أحد، إذ قال صلى الله عليه وسلم:
{لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ} (سنن الترمذي، كتاب البر والصلة عن رسول الله)
وهكذا، وبالنظر إلى هذه العلامات فحسب، يمكن أن يدرك كل عاقل خلوق فيه مسحة من إنسانية أن معارضينا لا علاقة لهم بالإيمان، وأنهم مجرد حاقدين موتورين يطعنون بناء على سوء ظنهم وبغضهم وتحريفهم للحقائق ويتنفسون الحقد والبغض ويعيشون على الشتائم والتنابز بالألقاب، وهذا ما أصبح غذاء نفوسهم التي أُتخمت وتضخَّمت من هذا الغذاء الفاسد الذي هو جيفة معنوية والذي أخرجهم ليس فقط من حظيرة الإيمان بل من الإنسانية والأخلاق. ويكفي هذا دليلا على أنهم على الباطل.
كذلك ينبغي على المؤمنين أن يحرصوا على اجتناب هذه الصفات كلية والتطهُّر منها تماما، وإلا فإنهم سينزلقون شيئا فشيئا ليصبحوا أقرب إلى معسكر هؤلاء المعارضين، وينبغي أن يعلموا بأنه لو دفعتهم ثوائرهم النفسية إلى الطعن حتى بالمعارضين بغير ما فيهم أو بالمؤمنين واتهامهم بالباطل وأكل لحومهم بالغيبة والبهتان، أو إلى اللعن وحتى لو كان لعن المعارضين، وإذا كانوا يستسهلون فُحشَ الحديث والفعل مدعين أنهم يدافعون عن الدين ويريدون مصلحة جماعة المؤمنين، أو إذا كانت ألسنتهم تنتابها البذاءة بين فترة وأخرى، فعليهم أن يعلموا بأن أي ميل نحو هذه الصفات إنما هو وضْعُ القدم على أولى خطوات الشيطان وأن هذا هو بَدء زلل القدم بعد ثبوتها، فهذا ما ينبغي أن يجتنبه المؤمنون كلية، لأن الفساد لا يحدث دُفعة واحدة، بل الشيطان يستدرج الإنسان شيئا فشيئا حتى يتحول هو بنفسه إلى شيطان مارد ويبتعد عن جادة الحق، بل يصبح من الذين يقعدون على الصراط لصد الناس عن الحق!
لذلك، فإن قول النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن فقط للتمييز بين المؤمنين والكافرين أو الفاسقين، وليس ليكون علامة لمن هو على الحق ومن هو على الباطل فحسب، بل للتحذير من هذه الصفات التي ينبغي أن يحذرها المؤمنون حذرا شديدا ويجتنبوها، ويحذروا أيضا من اندسَّ بينهم من المنافقين الذين يتَّسمون بهذه الصفات؛ فينبغي ألا يقبلوا سماع الطعن أو اللعن أو الفحش أو البذاءة، وينفروا منها فرارهم من الجيفة.
نحمد الله تعالى أن منَّ علينا بهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، الذي أفاض علينا بهذه التعاليم الحكيمة التي ينبغي أن تكون نبراسا لنا ما حيينا، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا للالتزام بها حق الالتزام، آمين.