المعترض:

يقول الميرزا “لقد ألّفت حصةً من الكتاب في 15 جزءا في بداية الأمر ثم أضفت إليها تسعة أجزاء أخرى إكمالا للأمور الضرورية وبسببها بلغ حجمه إلى 150 جزءا” (لاحظوا: 15+9=150) هذا جهل بالرياضيات

في عام 1882 كتب الميرزا: أما الآن فقد بلغ حجم كتاب البراهين ثلاثمئة جزء إحاطةً بجميع حاجات التحقيق والتدقيق وبُغية إتمام الحجة. وتابع يقول: ما دام حجم الكتاب قد ازداد إلى ثلاثمئة جزء فإننا نلتمس من المشترين الذين لم يرسلوا شيئا من ثمنه أو لم يرسلوا ثمنه الكامل أن يرسلوا حالاً -لطفا منهم- بقية ثمنه على الأقل. (البراهين الثالث، عام 1882)

بعد أربع سنوات كتب الميرزا: سنبدأ بطباعة الجزء الخامس من البراهين الأحمدية….. ولم نعُدْ ملزمين بشرط بلوغ الكتاب ثلاثمائة جزء حتمًا، بل سوف يكمله الله في أجزاء أقلَّ أو أكثر كيفما يراه سبحانه مناسبا دون مراعاة الشروط السابقة. فهذا الأمر كله بيده وبأمر منه. (كحل عيون الآريا)

علما أن البراهين الخامس لم يكتبه إلا في عام 1905.

هناك كذبتان أخريان في الصفحة الأولى من كتاب الكحل نسيت التطرق لهما، وهما قوله: “وبعد طباعة كتيب السراج المنير إن شاء الله القدير سنبدأ بطباعة الجزء الخامس من البراهين الأحمدية” (كحل عيون الآريا)، ذلك أنه لم يكتب السراج المنير إلا بعد 11 سنة، وأما البراهين الخامس فبعد 19 سنة.

كما يقول الميرزا “الذين يضطربون من توقف طباعة البراهين لا يعرفون ما هي الأعمال التي قد ظهرت في زمن التوقف هذا تمهيدًا لكتاب البراهين الخامس؛ فقد وُزِّع قرابة 43000 إعلان، وأُرسلت رسائل الدعوة إلى الإسلام باللغة الأردية والإنجليزية بالبريد المسجل إلى مئات البلاد في آسيا وأميركا وأوروبا.”

ما هي مئات البلاد في آسيا وأميركا وأوروبا التي أرسل لها الميرزا رسائل الدعوة إلى الإسلام باللغة الأردية والإنجليزية؟ وكم نسخة أرسل؟ ومن الذي ساعده في إرسالها؟ ومَن هم الذين كان يرسل لهم؟ وكيف كان يعرف عناوينهم؟ وماذا كان يكتب لهم؟ وما هي ردودهم عليه؟ ولماذا لم يُحتفظ برسائله ولا بردد الأوروبين والأمريكا والآسيويين؟ وهل هناك مئات البلاد في آسيا وأميركا وأوروبا، أم أنها كلها لا تصل 200 دولة؟ ومتى طبع الميرزا 43000 إعلان؟

الرد:

لقد بَيَّنا سابقاً سبب الحرج المتواصل الذي يضع المعترض نفسه فيه وذلك بسبب سرقته للترجمة الأولية لكتب المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام التي لم تراجع بعد على النص الأصلي، ويعلم الجميع كم تحتاج الترجمة من العمل حتى تخرج بصورة دقيقة، وبعد طباعتها تخرج الأخطاء الناجمة عن سوء الفهم وغير ذلك من أمور لا تظهر إلا لاحقا. ولكن ما دام النص الأصلي موجوداً فيمكن للجميع معرفة الحقيقة من خلال الرجوع إليه. ولكشف زيف المعترض وجهله حول ما ذكره حضرته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام في الاقتباس نقول مرة ثانية:

إن الـ ١٥+٩=١٥٠ جزء هو مجرد تدليس واضح من جانب المعترض وهذا بسبب أخذه الترجمة الأولية التي لم تُراجع بعد حيث أن الحصة الواحدة هي ١٥ جزء، وكل جزء عبارة عن ٨ صفحات أو ١٦ وهو أمر كان معروفاً عند النساخ والمطابع آنذاك، وبما أن الحصة الواحدة هي ١٥ جزء فـ ٩ حصص = ٩ x ١٥=١٣٥ جزء، وعند الجمع بين عشر حصص ١٣٥+١٥= ١٥٠ جزء، حيث الرقم ” ٩ ” ليس للأجزاء وإنما للحصص وكل حصة تحتوي على ١٥ جزء كما بين حضرته بنفسه عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام، علماً أن الحصة هي التي سميت بالجزء في الترجمة العربية، أما الـ ٣٠٠ جزء فهي ٣٠٠ ملزمة/قسم وهو الجزء الذي يُطبَع معا. ولكننا لن نتّهم المعترض بالجهل بالرياضيات فهذا لا يجهله حتى الأطفال الصغار، ولكن المؤكد للأسف هو أن المعترض لا يتورع عن الكذب والعبث والتدليس وكأنها أصبحت ماركة مسجلة عند المعترض بعد خروجه من الجماعة الإسلامية الأحمدية.

أما قول المعترض أن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام كتب في عام ١٨٨٢ بأن حجم كتاب “البراهين” بلغ ٣٠٠ جزء وبعد ٤ سنوات كتب بأنه عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام سيبدأ بطباعة الجزء الخامس من الكتاب وبأنه لم يعُدْ ملزماً بشرط بلوغ الكتاب ٣٠٠ جزء وأن الجزء الخامس من كتاب “البراهين” لم يُكتب إلا في عام ١٩٠٥ فالرد عَلَيهِ كالتالي:

لقد اقتبس المعترض عبارة من إعلان نشر في “البراهين الأحمدية” الثالث (كما كتب). ولكن هل يعقل أنه لم يقرأ من الإعلان إلا هذه الجملة ؟ فقبل بضعة أسطر فقط ورد في الإعلان نفسه ما يلي:

“والأمر الآخر الجدير بالذكر هنا هو أن هذا الكتاب كان قد أُلِّف في البداية محتويا على خمسة وثلاثين جزءًا فقط ثم زِيد إلى مئة جزء، وحُدّد ثمنه بعشر روبيات لعامة المسلمين وخمسة وعشرين روبية لأهل الأقوام الأخرى والخواص. أما الآن فقد بلغ حجمه ثلاثمئة جزء إحاطةً بجميع حاجات التحقيق والتدقيق وبُغية إتمام الحجة.”

لقد سبق وأن وضَّحنا بأن المراد من ” الحصة ” احتوائها على ١٥ جزء. وعندما يذكر حضرته الأجزاء الـ١٥٠ أو الـ ٣٠٠ فكان المراد منها تلك الأجزاء التي كانت عبارة عن كراسات مكوَّنة من ٨ إلى ١٦ صفحة. ومن البديهي أن يفهم الجميع هذا من كلام حضرته عَلَيهِ السَلام، وإلا فهل يُعقل أن يكون ثمن الكتاب ١٠ روبيات فقط وعدد أجزائه ١٥٠ أو ٣٠٠ جزء إذا كان المراد من الجزء هو أحد الأجزاء الخمس للبراهين الأحمدية ؟ !

أما قول المعترض أن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام كَتَبَ بعد ٤ سنوات بأنه سيبدأ بطباعة الجزء الخامس من الكتاب وبأنه لم يعُدْ ملزماً بشرط بلوغ الكتاب ٣٠٠ جزء وأن الجزء الخامس من كتاب البراهين لم يُكتب إلا في عام ١٩٠٥ فَهُو التدليس والتزييف وكتمان الحق بعينه لأن المعترض يريد بذلك الإيحاء وكأن حضرته أثناء كتابة “كحل عيون الآريا” أي في سنة ١٨٨٦ كان يقول “سنبدأ بطباعة الجزء الخامس من البراهين الأحمدية” !

ولنقرأ جملة واحدة فقط قبل هذا الكلام حيث يقول حضرته:

“وبعد طباعة كتيب السراج المنير إن شاء الله القدير سنبدأ بطباعة الحصة الخامسة للبراهين الأحمدية.” أهـ

أي أنه عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام يقول بأنه في الوقت الحالي يباشر بنشر كتاب “كحل عيون الآريا” وأنه بعد ذلك سينشر كتيب “السراج المنير” ثم سيبدأ بطباعة الحصة الخامسة من “البراهين الأحمدية”.

ولقد تأخر نشر “السراج المنير” حتى ١٨٩٧، وتأجل نشر الجزء الخامس من “البراهين” إلى ١٩٠٥. وكان للتأخير سبب آخر وهو تغيّر مهمة حضرته، لم يكن حضرته عَلَيهِ السَلام يَعلم المهام التي سيفوضها الله تعالى إليه لاحقا. لقد أراد عَلَيهِ السَلام أن يكتب كتاباً مفصلاً حول قضايا ذكرها في إعلاناته، ولكن لما اختاره الله تعالى لمهام أخرى فكان لا بد أن يسلك حضرته بحسب ما يريده الله تعالى له. وكتب عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام كتب في نهاية الجزء الرابع ما يلي:

“نحن وكتابنا: عندما أُلِّف هذا الكتاب بداية كان وضعه مختلفا، ثم أطلعني، أنا أحقر العباد، التجلّي المباغتُ لقدرة الله – عز وجل – مثل موسى تماما- على عالَمٍ ما كنت مطّلعا عليه من قبل. أي كنتُ أتجول أنا العبد المتواضع أيضا مثل ابن عمران في ليلة مظلمة لأفكاري، إذ سمعت دفعة واحدة صوتا من الغيب: “إني أنا ربك”، وكُشفت الأسرار التي لم تكن في متناول العقل والتصور. فالآن إن وليّ هذا الكتاب وكفيله ظاهرا وباطنا هو الله ربّ العالمين، ولا أدري إلى أيّ مدى وقدرٍ يريد – سبحانه وتعالى – إيصاله. والحق أن أنوار صدق الإسلام التي كشفها عليّ – سبحانه وتعالى – إلى الجزء الرابع من الكتاب، تكفي لإتمام الحجة. وآمل من فضل الله تعالى ورحمته أن يظل يؤيدني بتأييداته الغيبية ما لم يُزِل ظلمة الشكوك والشبهات كليا. مع أنني لا أعرف كم يمكن أن تطول حياتي، ولكنني جدّ سعيد على أن الله الحيّ القيوم والمنزَّه عن الفناء والموت قائم على نصرة الإسلام دائما وإلى يوم القيامة. وإن فضله على سيدنا خاتم الأنبياء – صلى الله عليه وسلم – عظيم بحيث لم يسبق له نظير على نبي من الأنبياء من قبل.

ولا يسعني هنا إلا أن أشكر هؤلاء المؤمنين طيبي القلوب الذين دعموا إلى يومنا هذا طباعة الكتاب، رحمهم الله جميعا، وأنزل عليهم فضله كما بذلوا لنصرة الدين كل ما في وسعهم وبحب صادق. إن بعض الناس حسِبوا هذا الكتاب تجارة، وقد شرح الله صدور بعضهم الآخرين وثبّت الصدق وحسن الاعتقاد في قلوبهم. ولكن المذكورين أخيرًا هم أولئك الذين سعتهم المالية ما زالت ضئيلة جدا. ولقد جرت سنة الله تعالى مع أنبيائه الأطهار أيضا أن الضعفاء والمساكين هم الذين يتوجهون إليهم في بداية الأمر. وإذا شاء الله فسوف يفتح قلب أحد من ذوي السعة أيضا لإنجاز هذه المهمة. والله على كل شيء قدير.” (البراهين الأحمدية ح ٤)

يتضح من هذا الإعلان ما يلي:

١- عندما أُلِّف هذا الكتاب بداية كان وضعه مختلفا، ثم أطلعني التجلّي المباغتُ لقدرة الله – عز وجل – مثل موسى تماما- على عالَمٍ ما كنت مطّلعا عليه من قبل.

٢- فالآن إن وليّ هذا الكتاب وكفيله ظاهرا وباطنا هو الله ربّ العالمين.

٣- والحق أن أنوار صدق الإسلام التي كشفها عليّ – سبحانه وتعالى – إلى الجزء الرابع من الكتاب، تكفي لإتمام الحجة.

٤- إن بعض الناس حسِبوا هذا الكتاب تجارة، وقد شرح الله صدور بعضهم الآخرين وثبّت الصدق وحسن الاعتقاد في قلوبهم. ولكن المذكورين أخيراً هم أولئك الذين سعتهم المالية ما زالت ضئيلة جدا. ولقد جرت سنة الله تعالى مع أنبيائه الأطهار أيضا أن الضعفاء والمساكين هم الذين يتوجهون إليهم في بداية الأمر.

ولهذه الأسباب لم يكمل حضرته تأليف الكتاب وإنما توجه إلى تأليف كتب أخرى تتعلق بدعواه وإثبات صدق الإسلام والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وصدق القرآن الكريم.

أما قول المعترض بأن هناك كذبتان في الصفحة الأولى من كتاب “كحل عيون الآريا”، وهما قوله عَلَيهِ السَلام:

“وبعد طباعة كتيب السراج المنير إن شاء الله القدير سنبدأ بطباعة الجزء الخامس من البراهين الأحمدية” (كحل لعيون الآريا)

والكذبتان في نظر المعترض هما أنه عَلَيهِ السَلام لم يكتب “السراج المنير” إلا بعد ١١ سنة، بينما “البراهين” الخامس فبعد ١٩ سنة. فالجواب هو:

أولا: لقد نقل المعترض هنا النص بكامله أنه بعد طباعة كتيب “السراج المنير” ستبدأ طباعة الجزء الخامس من كتاب “البراهين” وهو الذي يعني أن قول المعترض السابق حول البدء بطباعة “البراهين” بعد “الكحل لعيون الآريا” كان مجرد كذب.

ثانيًا: لعل حضرته شرع بكتابتهما أو أنه أكمل كتيب “السراج المنير” ولكن بسبب عدم توفر تكاليف الطباعة لم يستطع عَلَيهِ السَلام نشرهما إلا بعد سنوات.

أما السؤال عن تأخير نشرهما فقد أجبنا سابقاً وسنعيد بأنه ما دامت المهمة المسندة إلى حضرته قد تغيرت فقد كتب عَلَيهِ السَلام بعد ذلك الكتب التي وجهه الله تعالى لتأليفها من أجل تبيان دعوته وشرح الأمور المتعلقة بها. فكان يسير عَلَيهِ السَلام بحسب وحي الله تعالى، ولذلك لم ينشر هذين الكتابين ولم يكملهما إلا لاحقا. وقد بيَّنَ حضرته السبب وراء تأخر كتاب “البراهين الأحمدية” الجزء الخامس فقال عَلَيهِ السَلام:

“لقد اتفق بحكمة الله وقدره أن ظلّت طباعة هذا الكتاب مؤجَّلة إلى ٢٣ عاما تقريبا بعد طباعة أربعة أجزاء منه. والأغرب من ذلك أنني ألّفت في هذه المدة قرابة ثمانين كتابا بعضها كبيرة الحجم، ومع ذلك ما مال قلبي إلى إكمال هذا الكتاب. لقد ثار الألم في القلب مرارا على مضي فترة طويلة على تأجيل “البراهين الأحمدية”. لقد سعيت في هذه الفترة سعيا حثيثا، وألح المشترون أيضا على طلبهم الكتاب إلحاحا شديدا، ووجّه إلي المعاندون في أثناء مدة التأجيل اعتراضات تجاوزت الحدود من حيث تلوّثها بسوء الظن وبذاءة اللسان- والحق أن نشوءها في القلوب بسبب امتداد المدة كان ممكنا- ومع ذلك لم توفِّقني حكمة القضاء والقدر لإكمال هذا الكتاب. يتبين من هنا أنه ليس بوسع الإنسان أن يخرج من حدود القضاء والقدر. إنني متأسف، بل الحق أن قلبي يتألم بشدة حين أتصور أن كثيرا من الذين اشتروا هذا الكتاب قد رحلوا من هذه الدنيا قبل اكتماله. ولكن كما قلتُ إن الإنسان خاضع لقدر الله تعالى، وإن لم توافق إرادة الله إرادة الإنسان لما استطاع الإنسان تحقيقها مهما حاول وسعى. ولكن حين يأتي موعد تحقق إرادة الله تتيسر بكل سهولة الأمور التي كانت تبدو متعذرة من قبل.

هنا ينشأ السؤال بطبيعة الحال أنه مادامت أفعال الله لا تخلو من الحكمة فأيّ حكمة كانت في تأجيل اكتمال هذا الكتاب- الذي كان بحد ذاته خدمة عظيمة للدين وكان يهدف إلى ردّ جميع معارضي الإسلام- إلى ما يقارب ٢٣ عاما؟

الله أعلم بجواب هذا السؤال، ولا يسع أحدا أن يحيط بجميع أسراره تعالى. غير أن رأيي الشخصي هو أن أجزاء البراهين الأحمدية الأربعة الأولى التي نُشرت من قبل كانت تحتوي على أمور بحيث لو لم تتحقق تلك الأمور لبقيت الأدلة الواردة فيها في طيّ الكتمان والخفاء، فكان ضروريا أن يُرجأ تأليف البراهين الأحمدية ما لم تنكشف الأسرار الكامنة فيها بمرور الزمان وتتحقق الأدلة المذكورة في تلك الأجزاء لأن كلام الله أي إلهامه الكامن في تلك الأجزاء هنا وهناك الذي نزل على هذا العبد الضعيف كان بحاجة إلى الشرح، وكان بحاجة أيضا إلى أن يتبين للناس صدق النبوءات المذكورة فيها. لذا فقد أرجأ الله الحكيم العليم طباعة البراهين الأحمدية إلى أن تحققت تلك النبوءات كلها.” (البراهين الأحمدية ح ٥)

كما ذكر في الحصة الخامسة أسبابا أخرى فقال عَلَيهِ السَلام:

“وليكن معلوما أيضا أخيرا أن التأجيل إلى ٢٣ عاما في طباعة الجزء المتبقي من البراهين الأحمدية لم يكن عبثا دون هدف ومعنى بل كان في ذلك حكمة ألا يُطبع جزؤه الخامس ما لم تظهر في الدنيا كافة الأمور التي أُنبئ عنها في أجزائه السابقة لأنها مليئة بنبوءات عظيمة. فكان الهدف الأعظم من الجزء الخامس أن تتحقق الأنباء الموعودة كلها. وإنها لآية عظيمة من الله أنه أبقاني حيا بفضله المحض إلى هذا الوقت حتى ظهرت تلك الآيات كلها، وبذلك قد حان أوان تأليف الجزء الخامس. وكذلك كان ضروريا أن تُذكَر- شكرا لله تعالى- النصرة الإلهية التي حالفتني في تأليف الجزء الخامس. فلإظهار هذا الأمر سميتُ الجزء الخامس من البراهين الأحمدية “نصرة الحق” أيضا عند تأليفه- الذي يجب أن يُعَدّ ولادة جديدة للكتاب- ليكون هذا الاسم آية أبدية على أن نصرة الله وعونه فقط قد وهبته خلعة الوجود على الرغم من مئات العوائق والموانع. لذا فقد كتبتُ “نصرة الحق” على رأس كل صفحة من بضع صفحاته الأولى، ثم كتبتُ على الصفحات التالية “البراهين الأحمدية الجزء الخامس” تذكيرا بأنه الكتاب نفسه الذي طُبعت أربعة أجزاء منه من قبل. كنت أنوي بداية تأليف خمسين جزءا ثم اكتفيت بخمسة بدلا من خمسين. ولأن الفرق بين العدد خمسين وخمسة هو نقطة واحدة لذا فقد تحقق ذلك الوعد بخمسة أجزاء.

والسبب الثاني للإرجاء وعدم تأليف الجزء الخامس إلى ٢٣ عاما هو أنه كان في مشيئة الله أن يُظهر ما تكنُّ قلوبهم المصابة بمرض سوء الظن من أفكار، وهكذا كان. فقد ازداد أصحاب الطبائع الناقصة في سوء الظن بسبب التأخير حتى كال لي الشتائم بعض من ذوي الطبائع الخبيثة. الأجزاء الأربعة التي طُبعت من قبل بيعت بعضها بأسعار متفاوتة، ووُزّعت بعضها مجانا. فمعظم الذين كانوا قد دفعوا ثمنها كالوا لي شتائم واستعادوا نقودهم أيضا. لو لم يستعجلوا في ذلك لكان خيرا لهم. ولكن هذا التأخير أدّى إلى امتحان طبائعهم.

ومن أسباب التأخير أيضا أن يُظهر الله تعالى على عباده أن هذا المشروع مبني على مرضاته وأن جميع الإلهامات التي سُجلت في أجزاء البراهين الأحمدية السابقة هي منه ﷻ وليس من الإنسان، لأنه لو لم يكن الكتاب طبق مرضاة الله، ولو لم تكن الإلهامات كلها من الله لكان مما يخالف سنة الله العدل القدوس أن يمهِّل إلى ٢٣ عاما شخصا هو في نظره ﷻ مفترٍ، ومرتكب إثمٍ أن اختلق من عنده أقوالا وسمّاها وحي الله وإلهامه، وأن يوفّقه مع ذلك ليكمّل الجزء المتبقي من كتابه البراهين الأحمدية إلى ما شاء الله. وليس ذلك فحسب بل يحسن الله إليه أكثر وينجز من عنده من أجل تكميل الكتاب أمورا كانت تفوق قدرة الإنسان. والمعلوم أن الله تعالى لا يعامل بهذا اللطف والإحسان مَن يعلمُ أنه مفتر. فبسبب هذا التأخير والتأجيل تجلّت آية أخرى أيضا أن تحققت لي نصرة الله وتأييده. وفي أثناء هذه المدة الطويلة قد ارتحل من هذه الدنيا كثير من الذين كفّروني وكذّبوني وسمّوني دجالا وخارجا عن دائرة الإسلام ودعوا على الكاذب مباهلين، ولكن الله تعالى أبقاني حيا ونصرني، وقلّما مضى في العالم صادقون تلقوا هذا النوع من التأييد دع عنك الكاذبين. فإنها آية الله البيّنة ولكن للذين لا يغمضون أعينهم بل هم جاهزون لقبول آياته.
ميرزا غلام أحمد القادياني، المسيح الموعود” أهـ

أما قول المعترض ما هي مئات البلاد في آسيا وأميركا وأوروبا التي أرسل لها عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام رسائل الدعوة إلى الإسلام باللغة الأردية والإنجليزية ؟ وكم نسخة أرسل حضرته ؟ ومن الذي ساعد حضرته في إرسالها ؟ ومَن هم الذين كان يرسل لهم ؟ وكيف كان يعرف عناوينهم؟ وماذا كان يكتب لهم ؟ وما هي ردودهم على حضرته ؟ ولماذا لم يُحتفظ برسائله ولا بردد الأوروبين والأمريكا والآسيويين ؟ وهل هناك مئات البلاد في آسيا وأميركا وأوروبا، أم أنها كلها لا تصل ٢٠٠ دولة ؟ ومتى طبع عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام ٤٣٠٠٠ إعلان ؟ فالرد على ذلك هو أن إخفاء الحقائق وكتمان الحقيقة أصبح بالفعل نهج المعترض، فقد سرق المعترض الترجمة الأولية غير المُراجَعة لكتاب “كحل لعيون الآريا” وليت المعترض قرأ في آخِر الكتاب وكذلك في الترجمة المسروقة للإعلانات ليجد الرد على اعتراضه حيث نشر حضرته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام في آخر كتاب “كحل لعيون الآريا” إعلاناً كتب في آخره أنه نشر بعدد ٢٠ ألف، ومعه ترجمة هذا الإعلان باللغة الإنكليزية أيضا. أما “البلاد” فسيكون ردي على أساس أن كلام المعترض صحيح أي أن العبارة هي “البلاد” ولكن بعد الرجوع إلى النص الأصلي تبين أنها أيضاً من أخطاء الترجمة التي سرقها المعترض، فقد ورد في الترجمة الأولية “بلاد” بدلاً من “الأماكن”، حيث أن الكلمات الأصلیة صد ها جگہ، و “جگہ” یعنی مكان وليس “بلد”.

فيما يلي النص الذي سرقه المعترض:

“فقد وُزِّع قرابة 43000 إعلان، وأُرسلت رسائل الدعوة إلى الإسلام باللغة الأردية والإنجليزية بالبريد المسجل إلى مئات البلاد في آسيا وأميركا وأوروبا.”

أما النص الصحيح بعد المراجعة فهو:

“وأُرسلت رسائل الدعوة إلى الإسلام باللغة الأردية والإنجليزية بالبريد المسجل إلى مئات الأماكن من آسيا وأميركا وأوروبا.”

فالنص الأصلي اذاً هو “أماكن” وليس “بلاد” ! بل حتى إذا كتبت “بلاد” فلا تعني الدول المرسومة حدودها سياسيا وإنما المدن والمناطق ضمنها والدليل ما ستثبته من معاجم اللغة رغم عدم حاجتنا إليه فالعبارة هي “أماكن” ولكن المعترض مهانٌ في الحالتين. أما “البلاد” ومفردها “بلد” فهي لا تعني الدول السياسية فقط بل تشمل المدن والمناطق المختلفة، ولنقرأ معنى “البلاد” في قواميس اللغة:

١- مكان محدود تستوطنه جماعات من الناس ، يُستعمل للقطر ككلّ أو لمدُنه وقراه شرّ البلاد بلدٌ لا صديقَ به. (المعجم الرائد)

٢- بِلادٌ: جمع بَلَد. بِلادٌ شاسِعَةٌ أي الْمَكانُ الواسِعُ مِنَ الأرْضِ. مَكانٌ مَحْدودٌ جُغْرافِيّاً تَسْتَوْطِنُهُ جَماعاتٌ مُعَيَّنَةٌ. بِلادِي: يا وَطَنِي. (المعجم الغني)

٣- مكان واسع من الأرض عامر أو غامر : { وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ } – { فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ } . (معجم اللغة العربية المعاصر)

فلا معنى لسؤال المعترض كم عدد البلاد في العالم لأن البلد يطلق على الدول وَعَلَى أجزاء منها أيضا كما دلت معاجم اللغة فضلاً عن ان الكلمة الأصلية هي “أماكن” وليس “بلاد”.

وفي ختام المقال لا نقول إلا أن الله تعالى يُظهر صدق مبعوثه المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام بِنَصْرِهِ وإهانة خصمه يوماً بعد يوم ولله الحمد وعليه التكلان.

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد