يثير خصوم الجماعة الإسلامية الأحمدية شبهة حول قول للإمام المهدي (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) بأن النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) ” ولد له أحد عشر ولدا وماتوا كلهم ” كما في كتاب عين المعرفة صفحة 286) و (التجليات الإلهية صفحة 28)، ويحاول الخصوم أن يوهموا القارئ بأن مسألة عدد أولاد النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) مفروغ منها وثابتة، بينما هذا مخالف للحق حيث نجد أن أصحاب السير والأنساب اختلفوا في هذه القضية وتعددت أقوالهم حولها. ونورد فيما يلي عينة مما جاء في بعض تلك الكتب :
المصدر الأول هو كتاب ‘سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد’ للامام محمد بن يوسف الصالحي الشامي، المتوفي سنة 942 ه، الجزء الحادي عشر دار الكتب العلمية بيروت – لبنان، الباب الثالث في عدد أولاده – صلى الله عليه وسلم، صفحة 16 :
” ومواليدهم ، وما اتفق عليه منهم وما اختلف، جملة ما اتفق عليه ستة : اثنان ذكور : القاسم وابراهيم، وأربع بنات زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة – رضي الله تعالى عنهم – وكلهن أدركن الاسلام وهاجرن معه صلى الله عليه وسلم واختلف فيما سواهن.
فقيل : لم يولد له صلى الله عليه وسلم سواهم والمشهور خلافه.
قال ابن إسحاق : وكان له الطيب والطاهر أيضا، فيكون على هذا جملتهم أربعة ذكور وأربع إناث.
وقال الزبير بن بكار : وفيما رواه عن الطبراني عنه برجال ثقات كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم غير ابراهيم القاسم وعبد الله وهو قول أكثر [ أهل ] النسب.
وقال الدارقطني: وهو الاثبت وصححه الحافظ عبد الغني المقدسي: ويسمى بالطيب والطاهر، لانه ولد بعد النبوة وقيل : الطاهر والطيب غير عبد الله، فيكون على هذا جملتهم خمسة ذكور وقيل: كان له صلى الله عليه وسلم الطيب والمطيب ولدا في بطن، والطاهر والمطهر ولدا في بطن، فيكون على هذا جملتهم أحد عشر.
قال ابن إسحاق : ولد أولاده كلهم غير إبراهيم صلى الله عليه وسلم قبل الاسلام ، ومات البنون قبل الاسلام وهم يرضعون، وتقدم في قول غيره أن عبد الله ولد بعد النبوة، فلذلك سمي بالطيب والطاهر ، فتحصل لنا من مجموع الاقوال سبعة ذكور اثنان متفق عليهما القاسم وإبراهيم وخمسة مختلف فيهم عبد الله والطيب والمطيب والطاهر والمطهر، والاصح قول الجمهور أنهم ثلاثة ذكور القاسم وعبد الله وإبراهيم الاربع البنات متفق عليهن وكلهن من خديجة بنت خويلد إلا إبراهيم فمن مارية القبطية.
قال محمد بن عمر : وكانت سلمى مولاة صفية بنت عبد المطلب تقبل خديجة في ولادها وكانت تعق عن كل غلام بشاتين وعن الجارية بشاة، وكان بين كل ولدين لها سنة، وكانت تسترضع لهم وتعد بضم الفوقية وكسر العين والمهملة ذلك قبل ولادها بكسر الواو.
وأكبر بناته صلى الله عليه وسلم زينب – عليها السلام – كما ذكره الجمهور.
وقال الزبير بن بكار وغيره رقية – عليها السلام – والاول أصح.
وقال الزبير أيضا فيما نقله أبو عمرو عنه – رحمهما الله تعالى – ولد له صلى الله عليه وسلم القاسم وهو أكبر ولده ثم زينب ثم عبد الله ، وكان يقال له : الطيب، ويقال له : الطاهر ولد بعد النبوة، ثم أم كلثوم ثم فاطمة ثم رقية هكذا الاول.
فالاول ثم مات القاسم بمكة وهو أول ميت مات من ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم مات عبد الله بمكة أيضا. ” إنتهى
ولنقرأ معا ما يقول قاموس (لسان العرب) في معنى ‘الولد’ :
” الوَلِيدُ: الصبي حين يُولَدُ، وقال بعضهم: تدعى الصبية أَيضاً وليداً، وقال بعضهم: بل هو للذكر دون الأُنثى، وقال ابن شميل: يقال غلامٌ مَوْلُودٌ وجارية مَوْلودةٌ أَي حين ولدته أُمُّه، والولد اسم يجمع الواحد والكثير والذكر والأُنثى. ابن سيده: ولَدَتْهُ أُمُّهُ ولادةً وإِلادةً على البدل، فهي والِدةٌ على الفعل، ووالِدٌ على النسب؛ حكاه ثعلب في المرأَة. “.
والمصدر الآخر هو :
كتاب ‘المواهب اللدنية بالمنح المحمدية’ للشيخ أحمد بن محمد القسطلانى المتوفى سنة 923 هـ وهو حلقة هامة فى سلسلة طويلة من الكتب المباركة التى تناولت سيرة المصطفى (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) :
الفصل الثانى فى ذكر أولاده الكرام عليه وعليهم الصلاة والسلام
” اعلم أن جملة ما اتفق عليه منهم ستة: القاسم وإبراهيم، وأربع بنات:
زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة، وكلهن أدركن الإسلام وهاجرن معه.
واختلف فيما سوى هؤلاء: فعند ابن إسحاق: الطاهر والطيب أيضا فتكون على هذا ثمانية، أربعة ذكور وأربع إناث. وقال الزبير بن بكار :
كان له – صلى الله عليه وسلم- سوى إبراهيم والقاسم عبد الله، مات صغيرا بمكة، ويقال له:
الطيب والطاهر، ثلاثة أسماء.
وهو قول أكثر أهل النسب، قاله أبو عمر، وقال الدار قطنى: هو الأثبت. وسمى عبد الله بالطيب والطاهر لأنه ولد بعد النبوة. فعلى هذا تكون جملتهم سبعة، ثلاثة ذكور.
وقيل: عبد الله غير الطيب والطاهر، حكاه الدار قطنى وغيره. فتكون جملتهم على هذا تسعة خمسة ذكور. وقيل: كان له الطيب والمطيب، ولدا فى بطن، والطاهر والمطهر، ولدا فى بطن، ذكره صاحب الصفوة، فيكونون على هذا أحد عشر. وقيل: ولد له ولد قبل المبعث يقال له عبد مناف، فيكونون على هذا اثنى عشر. وكلهم سوى هذا ولد فى الإسلام بعد المبعث.
وقال ابن إسحاق: كلهم غير إبراهيم قبل الإسلام. ومات البنون قبل الإسلام وهم يرتضعون، وقد تقدم من قول غيره أن عبد الله ولد بعد النبوة ولذلك سمى بالطيب والطاهر. ” إنتهى
وهكذا نجد أن حضرة المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) قد اختار أكثر الأحاديث موثوقية وأثبتها عند أهل السير.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.