هذه ردود سريعة تبيّن فقط جانبا من جوانب عديدة تدحض ادعاءات التناقض التي يوردها الفيديو. وقد اكتفينا بنقض العشرة الأوائل، إذ فيها الكفاية لقوم يوقنون ولأولي الألباب، لإثبات زيف كل هذه الادعاءات. ولو شئنا لنقضناها كلها لولا الحرص على عدم مضيعة الوقت والانجرار وراء الهوس والترهات والجنون والخبل والجهل والغباء وسوء الظن..:
فيديو الإعتراض: عشرون تناقضاً للميرزا غلام أحمد القادياني
الاعتراض الأول:
_ ادعاء تناقض المسيح الموعود عليه السلام في قوله أنه لم يسبّ أعداءه ولكن في نفس الكتاب “مواهب الرحمن” تهجّم على أحدهم وشتمه.
الجواب:
لا تناقض! ففي النص الأول يتحدث سيدنا أحمد عن الماضي أنه لم يردّ على أعدائه الذين آذوه في حقبة زمنية ماضية، وهي في الحقيقة بداية دعوته وما تلاها، وعدم ردّه في الماضي لا يمنع أن يرد عليهم فيما بعد، والآن وفي نفس الكتاب وفي المستقبل أيضا، خاصة بعد ان يبلغ السيل الزبى ويطفح الكيل ويتمادى هؤلاء في سبهم وشتمهم كل التمادي .
وردّ حضرته عليه السلام هذا ليس سبّا ولا شتما، بل إراءة حال هذا المعترض الذي تمادى في السبّ والشتم والازدراء والتحقير .
وحتى يعي المرء هذه الأمور التي يتكلم بها سيدنا أحمد عليه السلام لا بدّ أن يطّلع على إيذاء هؤلاء المشايخ لسيدنا أحمد عليه السلام . ليرى أن هذه الكلمات التي يستعملها بحقهم لا تعادل جزءا من المليون من إيذائهم . والألفاظ التي يستعملها المسيح الموعود عليه السلام بحق أعدائه هي ألفاظ موجودة في القرآن الكريم، كالقردة والخنازير والأنعام وزنيم وغيرها. فأخلاق المسيح الموعود عليه السلام لا تخرج عن أخلاق القرآن الكريم وأخلاق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. فأعداء الدين لا بد من مواجهتهم بالشدة وفق الحال طبقا لأمره تعالى: واغلظ عليهم …
***********************************************************
الاعتراض الثاني:
_ ادعاء التناقض في قول المسيح الموعود عليه السلام أن الله تعالى في السماء، ومن ناحية أخرى يقول إن الله عز وجل في كل مكان.
الجواب:
عجبا من هؤلاء المعارضين، ألا يقرأون القرآن الكريم كيف يقول من ناحية إن الله في السماوات العلى وفق الآيات التالية:
{ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (16)} (البروج 16)
{ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ} (آل عمران 56)
{بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (159)} (النساء 159)
{ وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (8) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (9) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (10)} (النجم 8-10)
{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (14) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (15) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (16) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (17) } (النجم 14-17)
{ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (5)} (المعارج 5)
ومن ناحية أخرى يقول:
{ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (النور 36)
{وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (4) } (الأَنعام 4)
فإذا كان الله في السماوات والأرض، فلماذا تعرج اليه الملائكة والروح ويرفع إليه الأمور الأخرى؟؟
كل هذا بحاجة إلى فهم وفق السياق، وممكن أن نخوض فيه بالتفصيل، ولكن فيما أوردنا كاف لأولي الألباب. قلنا لهم مرارا إن أي طعن بكلام المسيح الموعود عليه السلام، هو طعن بالقرآن وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والإسلام والله تعالى!!
**************************************************************
الاعتراض الثالث:
_ ادعاء التناقض في قول المسيح الموعود عليه السلام من ناحية إن الدولة البريطانية ليست دجالا معهودا ومن ناحية أخرى يقول البريطانيين هم يأجوج ومأجوج .
الجواب:
لا تناقض كليا، بل هذا هذا الاعتراض يدل على غباء هؤلاء المعارضين، إذ لا يفرقون بين الدجال وبين يأجوج ومأجوج .
في كتاب نور الحق 1894 يقول حضرته عليه السلام: بريطانيا ليست دجالا معهودا.
بينما في كتاب التبليغ يقول إن البراطنة والروس هم قوم يأجوج ومأجوج، ولم يقل إنهم هم الدجال، بل قال الدجال يخرج منهم وفيهم، وهو حزب القسس ورجال الدين النصارى المعادين للإسلام، وهؤلاء هم الدجال المعهود . فيأجوج ومأجوج هي أقوام تحتضن الدجال ويخرج منها وليست هي الدجال بعينه.
وهذا هو نص كتاب التبليغ:
” وقالوا إن المسيح الموعود لا يجيء إلا في وقت خروج الدجال، وخروج يأجوج ومأجوج، وما نرى أحدا منهم خارجا، فكيف يجوز أن يستقدم المسيح وهم يستأخرون؟ أما الجواب، فاعلموا .. أرشدكم الله تعالى .. إن هذان لاسمان لقوم تفرّق شعبهم في زماننا هذا آخرِ الزمان وهم في وصف متشاركون. وهم قوم الروس وقوم البراطنة وإخوانهم، والدجال فيهم فَيجُ قسيسين ودعاةُ الإنجيل الذين يخلطون الباطل بالحق ويدجلون.”
فانظروا كيف أن هؤلاء الأعداء كذبة ومزورون ومزيفون يقتطعون النصوص من سياقها، فلماذا لم يُكملوا قول سيدنا أحمد عليه السلام حتى النهاية، والذي يبين فيه من هو الدجال ؟؟؟ ولكن هؤلاء المشايخ كما وصفهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : شر من تحت أديم السماء!!!
وهذا كاف لقوم يتدبرون!!
***********************************************************
الاعتراض الرابع:
_ ادعاء التناقض في قول المسيح الموعود عليه السلام من جهة بأنه فاطمي، ومن ناحية أخرى قوله إنه ليس فاطميا.
النصوص المتناقضة هي كما يلي:
1: إزالة خطأ 1901: مع أن ّ الله شرفني بأنني إسرائيلي وفاطمي
2: مواهب الرحمن 1903: وما كنت من جرثومة العلماء الأَجِلّة، ولا من قبيلة من بني الفاطمة، لأُظَنَّ أني أطلب منصب بعض آبائي بهذه الحيلة.
الجواب:
فيما يلي أقواله عليه السلام بالترتيب وفق السنوات في مسألة نسبه من السيدة فاطمة:
1: ( الخطبة الإلهامية 1900): أن الله يعلم حقيقة الأحوال وحقيقة النسب والآل، ومع ذلك إني أنا المهدي الذي هو المسيح المنتظر الموعود، وما جاء فيه أنه من بني الفاطمة فاتقوا الله والساعةَ الحاطمة. (يقصد حضرته أنه لم يُذكر عن المسيح أنه من بني الفاطمة وإن ذُكر ذلك عن المهدي )
2: إزالة خطأ 1901: مع أن ّ الله شرفني بأنني إسرائيلي وفاطمي
3: مواهب الرحمن 1903: وما كنت من جرثومة العلماء الأَجِلّة، ولا من قبيلة من بني الفاطمة، لأُظَنَّ أني أطلب منصب بعض آبائي بهذه الحيلة.
4: الاستفتاء (1907: وإني قرأتُ في كتب سوانح آبائي وسمعت من أبي أن آبائي كانوا من الجرثومة المُغْليّة. ولكن الله أوحى إليّ أنّهم كانوا من بني فارس لا من الأقوام التركيّة. ومع ذلك أخبرني ربي بأنّ بعض أمهاتي كُنَّ من بني الفاطمةِ، ومن أهل بيت النُّبوّةِ، والله جمع فيهم نسل إسحاق وإسماعيل من كمال الحكمة والمصلحة.
فالنص الأخير يحل الإشكال كله. فانظروا أولا أنه سنة 1901 يصرح أنه من بني الفاطمة فكيف يمكن له أن ينفي ذلك في النص الثالث سنة 1903 !!؟ لذا جاء النصّ الرابع ليفسر كل هذه الأقوال، ويظهر أنه لا إشكال.
والمعنى أن حضرته يرجع إلى السيدة فاطمة من نسب الأمهات وليس من نسب الآباء، لذلك لا يمكن أن يُعد من قبيلة من قبائل بني الفاطمة ويطالب بمنصب آبائه، لأنه لا يعود إلى نسب السيدة الفاطمة من جهة الآباء ، بل فقط من جهة الأم؛ فلا تناقض إذًا !!! وتفكروا يا أولي الألباب.
*************************************************************
الاعتراض الخامس:
_ ادعاء التناقض في قول المسيح الموعود عليه السلام إنه من ناحية كل أحاديث المهدي ضعيفة ومن ضمنها حديث “لا مهدي إلا عيسى”، ومن ناحية أخرى يستشهد بحديث لا مهدي إلا عيسى.
الجواب:
كلام المسيح الموعود عليه السلام عن حديث “لا المهدي إلا عيسى” في نفس الكتاب “حمامة البشرى” يفسر بعضه بعضا، فلننظر في النصوص وفق التسلسل الزمني:
1: حمامة البشرى 1893: وأما الاختلافات التي توجد في هذه الأحاديث فلا يخفى على مهرة الفن تفصيلها، وقد ذكرنا شطرًا منها في رسالتنا: “الإزالة”، فليرجع الطالب إليها. وقد جاء في حديث أن المسيح والمهدي يجيئان في زمن واحد، وجاء في حديث آخر أنه لا مهدي إلا عيسى، وجاء …. وفي حديث من البخاري أن المسيح يجيء حكمًا عدلاً فيكسر الصليب .. يعني يجيء في وقت غلبة عبدة الصليب فيكسر شوكة الصليب ويقتل خنازير النصارى. وفي حديث آخر أنه يجيء في وقت غلبة الدجّال على وجه الأرض فيقتله بحربته.
من هذا النص الأول يظهر أنه عندما يقول المسيح الموعود بوجود التضارب والاختلاف بين الأحاديث، فهذا ليس من أجل القول بأن كل الأحاديث خطأ ويجب تركها، بل أنه لا بدّ من الأخذ بالثابت منها وتأويل الأخرى. فهو يذكر الحديث الذي يتكلم عن نزول المسيح لكسر الصليب أنه من بين هذه الأحاديث المتضاربة، ولكن طبعا لا يقول حضرته بوجوب ردّ الحديث وأنه خطأ، بل لا بد من تأويله.
2: حمامة البشرى 1893: والعجب من إخواننا أنهم يعلمون أن عذاب الله لا ينزل على قوم إلا بعد إتمام الحجة، ثم يتكلمون بمثل هذه الكلمات. والعجب الآخر أنهم ينتظرون المهدي مع أنهم يقرأون في صحيح ابن ماجه والمستدرك حديث: “لا مهدي إلا عيسى”، ويعلمون أن الصحيحين قد تركا ذِكره (يعني ذكر المهدي) لضعفِ أحاديث سُمعت في أمره، ويعلمون أن أحاديث ظهور المهدي كلها ضعيفة مجروحة، بل بعضها موضوعة، ما ثبت منها شيء، ثم يُصرّون على مجيئه كأنهم ليسوا بعالمين.
واضح من هذا النصّ أن حضرته يؤمن بصحة حديث لا مهدي إلا عيسى، حيث يورده ليقول لمنتظري المهدي منعزِلا عن المسيح بأن انتظارهم عبث، لانه لا مهدي إلا عيسى من الصحاح .
3: حمامة البشرى 1893: “وأما أحاديث مجيء المهدي .. فأنت تعلم أنها كلها ضعيفة مجروحة ويُخالف بعضها بعضا، حتى جاء حديث في ابن ماجه وغيره من الكتب أنه لا مهدي إلا عيسى بن مريم؛ فكيف يُتَّكَأُ على مثل هذه الأحاديث مع شدة اختلافها وتناقضها وضعفها، والكلامُ في رجالها كثير كما لا يخفى على المحدثين.
فالحاصل أن هذه الأحاديث كلها لا تخلو عن المعارضات والتناقضات، فاعتزِلْ كلها، ورُدَّ التنازعات الحديثية إلى القرآن، واجعَلْه حَكَمًا عليها ليتبين لك الرشد وتكون من المسترشدين. ”
في هذا النص كالنص السابق إيراد المسيح الموعود عليه السلام لحديث لا مهدي إلا عيسى لم يكن ليقول بالخطأ فيه، بل يستشهد بهذا الحديث الذي لا يتحدث عن المهدي فقط بل عن المسيح أيضا ويجمعهما في شخصية واحدة ليثبت خطأ وضعف الأحاديث الأخرى التي تتحدث عن المهدي لوحده بأنه غير عيسى، فيورد حديث من صحيح ابن ماجة ليؤكد أنه مهيمن عليها وأرجح منها.
وهذا ما يؤكده حضرته في كتاب نجم الهدى حيث قال:
نجم الهدى :” اعلموا أن الروايات في المهدي والمسيح كثيرة، وجميعها متخالفة ومتعارضة، وما اطّلعنا على مسانيدِ أكثرِ تلك الآثار، وما علِمنا طرقَ توثيقِ كثير من الأخبار. والقَدَرُ المشترَك .. أعني ظهور المسيح الحَكَم المهديّ ثابت بدلائل قطعية، وليس فيه من كلمات مشكّكة، وأما غيره من الروايات، ففيها اختلافات وتناقضات حيّرتْ عقول المحدثين، وأظلمتْ دراية المتقين، وجَنَّ ليلُ الاستهامة على العالِمين.
إذًا، فقصد المسيح الموعود أن باقي الأحاديث غير حديث “لا مهدي إلا عيسى” هي المتضاربة التي لا بدّ من تركها . ورغم ذلك فإن القصد من تركها هو ليس رميها كليا بل عدم الاتكال عليها لفهم حقيقة المهدي، كما من الممكن الأخذ بها تأويلا؛ والمهم في كل هذا هو الاتكال على القرآن الكريم وعلى الأخبار الثابتة، والتي تقول إن المهدي هو عيسى نفسه كما ورد في مسند احمد ابن حنبل: {يُوشِكُ مَنْ عَاشَ مِنْكُمْ أَنْ يَلْقَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ إِمَامًا مَهْدِيًّا وَحَكَمًا عَدْلًا فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَتَضَعُ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} (مسند أحمد, كتاب باقي مسند المكثرين)
وكل هذا متوافق مع النص الوارد في حقيقة المهدي ولا تناقض البتة:
2: حقيقة المهدي (ص: 5)1899: ثم مع ذلك قد ثبت أن الأحاديث التي جاءت في المهدي الغازي المحارب من نسل الفاطمة الزهراء، كلها ضعيفة مجروحة، بل أكثرها موضوعة، ومِن قسم الافتراء. وما وُثّق رُواتُها، وأُشكِلَ على المحدِّثين إثباتُها، ولأجل ذلك تركها الإمام البخاري والمسلم والإمام الهمام صاحب الموطّا وجرّحها كثير من المحدِّثين. فمن زعم أن المهدي المعهود والمسيح الموعود رجلان يخرجان كالمجاهدين، ويسلاّن السيف على النصارى والمشركين، فقد افترى على الله ورسوله خاتم النبيين، وقال قولا لا أصل له في القرآن ولا في الحديث ولا في أقوال المحققين. بل الحق الثابت أنه: “لا مهدي إلا عيسى”، ولا حرب ولا يؤخذ السيف ولا القنا. هذا ما ثبت من نبيّنا المصطفى وما كان حديث يفترى، وشهد عليه الصحيحان في القرون الأولى، بما تركا تلك الأحاديث وإنْ في هذا ثبوت لأولي النهى، وتلك شهادة عظمى، فانظر إن كنتَ من أهل التقى.
فخلاصة القول أن النص الذي يورده المعارضون مدّعين أن المسيح الموعود عليه السلام يقول بضعف حديث (لا مهدي إلا عيسى)، لا يفضي إلى هذا الفهم، بل هو فهم المعارضين السقيم. فمعنى كلام المسيح الموعود عليه السلام فيه هو أن باقي الأحاديث التي تتحدث عن المهدي هي الضعيفة، واستشهد على ذلك بحديث (لا مهدي إلا عيسى) ليثبت ضعف تلك الأحاديث وليقول إن هذا الحديث الذي من الصحاح يدحض باقي الأحاديث ويثبت كون المهدي هو المسيح، ولذا فالنصّ نفسه يثبت إيمان المسيح الموعود عليه السلام بهذا الحديث لا العكس.
**************************************************************
الاعتراض السادس:
_ ادعاء التناقض في قول المسيح الموعود عليه السلام من ناحية إنه في كتاب حجة الله يعاهد الله أن لا يسب خصومه ولا يكلمهم، ومن ناحية أخرى في حقيقة الوحي يسب أحد خصومه.
الجواب :
نعرض النصوص ذات الصلة:
1: كتاب حجة الله 1897
“وحان أن أطوي البيان وأقص جناح القصّة، وأُعرِض عن قوم لا يبالون الحق بعد إتمام الحجّة، فاعلموا أنني الآن أصرف وجهي عن كلّ من أهان، من الظالمين المتجاهلين، وأُبعِدُ نفسي من المنكرين الخائنين، وأعاهد الله أن لا أخاطبهم من بعد وأحسبهم كالميّتين المدفونين، ولا أكلّم المكفّرين المكذّبين، ولا أسُبّ السابّين المعتدين، ولا أضيّع وقتي لقوم مسرفين،”
2: مكتوب أحمد 1896
ومِنَ اللئام أرى رُجَيلاً فاسقًا … غُولاً لعينًا نُطفة السُّفهاء
شَكسٌ خَبيثٌ مُفْسِدٌ ومزوّرٌ … نَحْسٌ يُسمَّى”السَّعْد” في الجهلاء
ما فارقَ الكفرَ الذي هو إرثهُ … ضاهَى أبَاه وأُمَّه بعماء
آذَيتَنى خبثًا فلَسْتُ بصادقٍ … إنْ لم تَمُتْ بالخزي يا ابنَ بغاء
الجواب:
يقولون أن سيدنا أحمد نكث عهده الذي قطعه مع الله في كتاب حجة الله لأنه في القصيدة سب وشتم.
أولا : هؤلاء المعارضون لم يرَوا أن القصيدة أصلها في كتاب مكتوب احمد من سنة 1896وهي نُشرت قبل أن أخذ سيدنا أحمد على نفسه العهد بسنة، فلا تناقض في ذلك. وإن كانت قد نشرت من جديد بعد ذلك في كتاب الاستفتاء وحقيقة الوحي سنة 1907 من أجل تَفسير بعض النبوءات.
وثانيا: نقول إن هذا الذي في القصيدة ليس سبّا ولا شتما بل بيان حال وواقع، وقد بيّن هذا الاختلاف بين السب وبيان الواقع سيدُنا محمد صلى الله عليه وسلم . أرجو النظر في جواب الاعتراض التالي أي الاعتراض السابع وبيان سيدنا أحمد عليه السلام الذي أرفقه أدناه حول مسألة السبّ والشتم. فهذا الذي في القصيدة بيان واقع مطابق لأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم وليس فيه ما ينقض العهد بعدم السب والشتم، بل بيان الواقع واجب أخلاقي خاصة لنبي ورسول.
************************************************************
الاعتراض السابع:
_ ادعاء التناقض في قوله عليه السلام أنه مفطور أنه مفطور على أن لا تخرج من فمه أقوال جارحة ومؤذية. ولكن من ناحية أخرى خرجت منه ألفاظ جارحة بحق خصومه. كما في كتاب حجة الله 1897 حيث قال:
يا قِرْدَ غَزْني أين “آتم” سَلْ عشيرتهُ … هل ماتَ أو تُلْفِيه حيًّا بينَ أحبابِ
الجواب:
هذا مثيله القول عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم :
{وإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم: 5) .. أيْ يا أيها النبي؛ إنك مجبول ومفطور على خُلق عظيم.
ولكنه يقول في القرآن الكريم بالأوصاف التالية لمعارضيه: قردة، خنازير، عتلّ، زنيم ،كذاب أشر . والآيات التي جاء فيها أن المشركين رجس ونجس، وشر البرية، وسفهاء، وذرية الشيطان.
والحقيقة هي من هو البادئ، والبادئ أظلم ، فالقصد أن حضرته لا يمكن أن يبادر بإخراج مثل هذه الأوصاف والألفاظ من فمه إلا بعد أن يمعن المعارضين بالسب والشتم والسخرية والاستهزاء والقذف بحق الإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم والمسيح الموعود نفسه. وقد وضّح المسيح الموعود عليه السلام منهجه هذا في البيان الذي أرفقه أدناه.
وهذا ليس بخارج عن الأخلاق الإسلامية النبوية التي تقول: وجزاء سيئة سيئة مثلها . ففي بعض الأحيان لا بدّ من اللجوء إلى هذا القصاص وليس بالضرورة اللجوء إلى العفو دائما إذا كان العفو سيزيد من تمادي المجرمين.
كما أن هذه الأوصاف ليست سبا ولا شتما بل بيان الواقع، وذكرُ حقيقة الأمر وفي محله تماما ، كما فسر ذلك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما اعترض عليه عمه أبو طالب قائلا إن القوم استشاطوا غضبا لسبك ألهتهم. فلا بد من التفريق بين السب ووصف الحال والواقع.
********************************************************
الاعتراض الثامن:
_ ادعاء التناقض في قول المسيح الموعود عليه السلام إن الله أوحى له ” إن في كلامك شيء لا دخل فيه للشعراء.” ، ومن ناحية أخرى لحضرته عليه السلام إلهام من كلام أحد الشعراء وهو: عفَتِ الديار محلُّها ومقامُها، وفق النصوص التالية:
الاستفتاء 1907: عفَتِ الديار محلُّها ومقامُها،
الاستفتاء1907: إن في كلامك شيء لا دخل فيه للشعراء.
الجواب:
هذا الاعتراض يبيّن مدى غباء هؤلاء المعترضين، فهم لا يدرون ما الفرق بين القول: إن في كلامك شيء لا دخل فيه للشعراء” والقول: إنه لا شيء في كلامك فيه دخل للشعراء.
فالقول الأول يقول بأن هناك شيء في كلام المسيح الموعود عليه السلام لا دخل فيه لكلام الشعراء، ولكن هذا لا يمنع أن تكون أشياء أخرى في كلامه فيها دخل لكلام الشعراء.
هذا ناهيك أننا ممكن أن نفسر الإلهام : إن في كلامك شيء لا دخل فيه للشعراء، بتفسير آخر وهو : وإن كان بعض كلامك من أقوال شعراء سابقين، إلا أنه في الحقيقة هو محض وحي لا تأثير لغير الوحي فيه، وهو ما عبّر عنه المسيح الموعود عليه السلام بالتوارد، عندما فسر هذا التشابه بين بعض وحيه وأقواله وأقوال الشعراء السابقين.
وهذا يكفي لإثبات جهل وغباء هؤلاء المعارضين.
*********************************************************
الاعتراض التاسع:
_ ادعاء التناقض في قوله عليه السلام أن أكل الحمر الإنسية حرام، ومن ناحية أخرى يقول إن هناك في الدنيا دواب طيبة مثل الغزلان والحُمُر الأهلية والأرانب. وذلك في النصّين التاليين:
1: السؤال المطروح الآن هو: أهذا ما يجب أن يكون عليه شأن نبي الله؛ بأن يأتي لإصلاح خلق الله، ثم يضيع أوقاته الغالية في اصطياد حيوان مقرف؛ ألا وهو الخنزير؟ مع أن مجرد لمس الخنزير معصية كبيرة حسب التوراة. وأقول أيضا بأن اصطياد الخنزير في حد ذاته شغل البطالين. أما إذا كان المسيح مولعا بالصيد فقط وراغبا في هذا العمل ليل نهارَ؛ أفلا توجد في الدنيا دواب طيبة مثل الغزلان والحُمُر الأهلية والأرانب حتى يضطر ليلطِّخ يدَيه بدم دابة نجسة؟
2: النص الثاني لم أعثر عليه وعلى افتراض صحته ، يقول فيه عليه السلام : إن أكل الحمر الإنسية حرام.
ويبدو أن هناك تناقضا بين النصين.
الجواب:
لم يلحظ هؤلاء المعارضون لجهلهم وغبائهم أن المسيح الموعود عليه السلام لا يتحدث في النص الأول عن الحرمة في الأكل والمشرب وفق الشرع الإسلامي، بل يتحدث عن النجاسة والطيبة في اللمس لبعض الحيوانات وبالذات وفق التوراة، حيث الحديث عن اصطياد وانشغال المسيح بقتل الخنازير عند نزوله، حيث الخنزير وفق التوراة ممنوع لمسه لنجاسته، ولكن وفق التوراة لا حرمة للمس الحمر الأهلية وهي طيّبة من هذا المنطلق. والحديث في النص الأول ليس عن تحريمها وتحليلها للأكل وفق شرع الإسلام. فلا علاقة ولا تعارض بين النصّين.
*********************************************************
الاعتراض العاشر:
ادعاء التناقض في أقوال المسيح الموعود عليه السلام التالية:
1: ضرورة الإمام : حيث يتحدث عن شروط إمام الزمان :
الأولى: قوة الأخلاق: لأنه يضطر لمناقشة الأوغاد والبذيئين؛ فلا بد أن يُؤتى أخلاقا رفيعة جدا حتى لا تتولد فيه ثورة النفس وجيشان الجنون الذي يؤدي إلى حرمان الناس من فيوضه. ومن المعيب جدًّا أن يقع أحد في الأخلاق الرذيلة بعد أن يسميه الله تعالى وليًّا من أوليائه، فلا يقدر على تحمل بعض الكلمات القاسية والجارحة. ومن يدعي بأنه إمام الزمان ثم يتسم بطبع ناقص لدرجة أنه يرغي ويزبد وتحمرّ عيناه من أجل أتفه الأمور؛ فليس بإمام الزمان. لأنه لا بد أن يصدُق عليه مضمون الآية: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (2).
ولكنه نجده يفتقر إلى هذه الأخلاق في النص التالي:
2: كتاب حجة الله (ص: 37)
لعنتم وإن الله يلعن وجهكم … ولا لَعْنَ إلا لعن رَبٍّ ممزِّقِ
وما إن أرى في نفسك العلم والتقى … تصول كخنْزير وكالحمر تشهَقِ
رقصتَ كرقص بغيةٍ في مجالسٍ … وفَسَّقتَني مع كون نفسك أفسَقِ
وما نكرَه المضمار إن كنتَ أهله … ونأتيك يومَ نضالكم بالتشوقِ
ومهما يكنْ حقٌّ من الله واضح … وإنْ ردَّها زمرٌ من الناس يبرُقِ
فذَرْني وربي إنني لك ناصحٌ … وإن أكُ كذّابًا فأُرْدَى وأُوْبَقِ
دعوتَ عليّ فردَّه الله ساخطا … عليك فصرتَ كمثل ثوبٍ مُخَرْبَقِ
تعالوا نناضِلْ أيها الزمر كلكم … ليهلك مَن أرداه سمّ التخلُّقِ
أراكم كذئب أو ككلب بصولكم … وضاهَى تكلُّمُكم حمارًا ينهَقِ
يقولون بالتناقض بين النصّين.
الجواب:
أولا : الرد هو نفس الرد بالنسبة للاعتراض السادس والسابع عن الشتم والسب. أنها ضرورية ووصف حال ضد أعداء الله الذين يحاربون الحق والذين يبدأون بالسب والشتم.
ثانيا: القصيدة تدل أن الطرف الأول هم البادئون بالتكفير واللعن والتفسيق. لمن؟ لنبي من الله ومسيح آخر الزمان . أفلا يستحقون المثل!؟
ثالثا: مَن قال أن ما جاء في القصيدة جاء لثوران عصبي وجيشان وجنون واحمرار عينان لأتفه الأمور، كما ورد في النص الأول؟ أقول بل الأنبياء يتفوهون بهذه الأمور وهم في شدة تمالكهم لأعصابهم ودون أي ثورة نفسية عندهم ، كما تفوه بها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. كما أن الأمر ليس لأتفه الأمور بل لعداء الله وأنبيائه. فلا تناقض في كل هذا.
بيان المسيح الموعود عليه السلام عن حقيقة السب والشتم:
نعرض فيما يلي بيان المسيح الموعود عليه السلام في الفرق بين الشتم ووصف الحال ، وذلك ردا على الاعتراض عليه بأنه عليه السلام يسب ويشتم أعداءه. يقول حضرته ردا على هذه التهمة:
“نحن ومن يطعن فينا..
إن بعض الناس أحصوا عيوبي المزعومة في شخصي طاعنين. ولما لا يخلو البشر من الأخطاء، فإن قول المسيح – عليه السلام -: “لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ”، صحيح تماما، ولكن ما دامت المطاعن من هذا القبيل تؤثر سلبا على مهامنا الدينية وتمنع طلاب الحق من الإقبال، لذا سأرد فيما يلي على بعضها بالإيجاز.
الطعن الأول الموجَّه إلي هو أني استخدمت في كتبي كلمات قاسية بحق الخصوم فاستشاطوا غضبا وأساؤوا إلى الله جلّ شأنه ورسوله الكريم – صلى الله عليه وسلم – ونشروا ضدهما كتبا مسيئة ومليئة بالشتائم، وقد ورد في القرآن الكريم بصراحة تامة ألا تسبوا آلهة المعاندين فيسبوا الله عَدْوا بغير علم، بينما ورد في تأليفاتي الشتائم والسباب خلافا لسيرة المبعوثين.
أما الجواب: فليتضح أن المعترض لم يذكر في طعنه الكلمات التي استخدمتُها في كتبي وتُعدُّ سبابا وشتائم حسب زعمه.
أقول صدقا وحقا إني لم أستخدم أية كلمة، بحسب علمي، تُعَدُ شتيمةً. ومن الخديعة الكبيرة أن كثيرا من الناس يعتبرون السب وبيان الواقع شيئا واحدا، ولا يفرِّقون بين الأمرين. بل يعتبرون كل كلام يحتوي على بيان الأمر الواقع ويكون في محله تماما؛ شتائم، لكونه محتويا على شيء من المرارة التي تستلزم قول الحق. بينما مفهوم السباب والشتائم هو ما كان خلاف الواقع، وقد قيل كذبا وللإيذاء المحض. وإن جاز حَمْل كل كلام قاسٍ وجارحٍ محمل الشتيمة بناء على مرارته وقسوته وإيذائه، فلا بد من الاعتراف أن القرآن كله مليئ بالشتائم، لأن كلمات الاستنكار والاحتقار واللعن والطعن التي استُخدمت في القرآن الكريم في حق الأوثان ليست مما تفرح لسماعه قلوبُ عبدة الأوثان على الإطلاق، بل مما لا شك فيه أن قلوبهم قد ثارت غضبا لسماعها. ألا يُعَدُّ قول الله تعالى وهو يخاطب كفار مكة: {إنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} (1)
شتيمة بحسب مبدأ اختلقه المعترض من عنده؟ أَوَلا يدخل اعتبار الله تعالى الكفارَ شرَّ البرية، واعتبارهم أسوأ من أرذل المخلوقات وأنجسها، في السباب والشتائم بحسب زعم المعترض؟ ألم يقل الله تعالى في القرآن الكريم: {وَاغْلُظْ عَلَيْهم} (1)؟ ألم يرد في صفات المؤمنين أنهم: {أشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} (2)؟ هل إطلاق المسيح – عليه السلام – كلمة الكلاب والخنازير على الكَتَبَة والفرِّيسيِّين المحترمين من اليهودِ، وتسميته ملكَ “الجليل” هيرودس بـ “الثعلب”، وتشبيهه الكَتَبَة والفرِّيسيِّين المحترمين بالزانية، وذكرُه زعماء اليهود – الذين كانوا يحتلون مرتبة مرموقة في حكومة قيصر ويجلسون باحترام في بلاطه على الكراسي – بكلمات سيئة ونابية وجارحة للقلوب جدا وتنافي الأدب واللياقة، واعتباره إياهم جيلا شريرا وفاسقا وأولاد الحرام، وعديمي الإيمان، والجهال، والمرائين، والشياطين، وأهل جهنم، والأفاعي، وأولاد الأفاعي؛ ليس بشتائم فاحشة وقذرة بحسب رأي المعترض؟
يتبين من هنا أن المعترض لم يوجّه اعتراضه إليّ وإلى كتبي، بل الحق أنه اعترض على جميع كتب الله وكافة الرسل بقلب يحترق بغضا وعنادا. وإن هذا الهجوم موجّه إلى الإنجيل أكثر من غيره لأن كلام المسيح – عليه السلام – أكثر قسوة وشدة من كلام جميع الأنبياء. ويتبين من الإنجيل أن اليهود رفعوا الحجارة أكثر من مرة ليرموا بها المسيحَ بسبب قسوة كلامه. وقد لُطم وجهه – عليه السلام – أيضا بسبب إساءته لرئيس الكهنة. فكما قال المسيح – عليه السلام – إني لم آت للصلح، بل لأُعمِل السيف، فقد أعملَ سيف اللسان لدرجةٍ لا توجد في كلام أي نبي كلمات قاسية ولاذعة مثلما توجد في الإنجيل. وكم تجشم المسيح من المعاناة نتيجة جريان سيف اللسان! كذلك سمَّى يحيى – عليه السلام – كبارَ اليهود وكَتَبَتَهم بأولاد الأفاعي، مما أدى إلى قطع عنقه نتيجة مكائدهم ووقاحتهم. فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل كان كل هؤلاء الأطهار سيئي الأدب إلى أبعد الحدود؟ ألم يشمُّوا حتى رائحة الأدب والتحضر الراهن؟
لقد سبق أن ردّ على هذا السؤال سيدُنا ومولانا خاتم المرسلين سيد الأولين والآخرين فداه أبي وأمي؛ وهو أنه حين نزلت الآيات التي جاء فيها أن المشركين رجس ونجس، وشر البرية، وسفهاء، وذرية الشيطان، وأن آلهتهم وقود النار وحصب جهنم، طلب أبو طالب النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – وقال له: يا ابن أخي، قد استشاط القوم غضبا نتيجة شتائمك وكادوا يُهلكونك وإيايَ، فقد سفَّهتَ عقلاءهم، وأطلقتَ على كِرامهم شرَّ البرية، واعتبرتَ آلهتهم – الجديرة بالاحترام عندهم – حصبَ جهنم ووقودَ النار، واعتبرتهم جميعا وعلى العموم رجسا ونجسا وذرية الشيطان. فأقول نصحا لك بأن تكف لسانك وتتوقَّف عن السباب وإلا فأنا لا أقدر على مواجهة القوم. فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – في الجواب: أيا عمّاه، إن ذلك ليس سبًّا بل هو بيان الواقع، وذكرُ حقيقة الأمر وفي محله تماما. وهذا هو الأمر الذي أُرسلتُ من أجله، فإذا كان في هذا السبيل موتي فأنا أقبله بكل سرور، فإن حياتي فداء هذا السبيل، فلن أتوقَّف عن قول الحق مخافة الموت. ويا عمِّ، إذا كنتَ تخشى ضعفك وقلة حيلتك ومعاناتك فأَقِلْنِي ذمتي، فوالله لستُ محتاجا إليك، ولكنني لن أحيد عن تبليغ أمر الله قيد شعرة. إن أحكام ربي أحبّ إليّ من نفسي. والله لو قُتلت في هذا السبيل لتمنّيت أن أُحيا ثم أُقْتَل ثم أُحيا ثم أُقتَل ثم أُحيا وأظل أُحيا وأموت في هذا السبيل. إن هذا ليس مقام خوف بل إن غاية متعتي تكمن في تحمُّل المعاناة في سبيله – سبحانه وتعالى -. كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول ذلك والرقة المفعمة بالصدقِ والنورِ تعلو وجهه الكريم.
حين أنهى – صلى الله عليه وسلم – كلامه سالت عينا أبي طالب دموعا عفويا لِما رأى من نور الصدق والحق، وقال: كنت أجهل حالتك السامية هذه! إنك في شأن غريب وحالة عجيبة! فاذهب وانصرف إلى عملك، وسأنصرك ما استطعتُ ما دمتُ حيا (1).
فملخص الكلام أن ما ردّ به النبي – صلى الله عليه وسلم – بلسانه المبارك على أبي طالب، فيه كفاية لإفحام كل معترض، لأن السباب شيء وبيان الواقع – مهما كان مُرًّا وقاسيا – شيء آخر. ومن واجب كل باحث وصادق أن يبلّغ القول الحق كاملا إلى المعاند الضال، وإذا احتدم بسماعه الحقَ فهذا شأنه.
إنني أستغرب استغرابًا ما بعده استغراب لموقف المشايخ الذين يقدّمون آية {وَلاَ تَسُبُّواْ .. } في هذا المقام، ولا أفهم ما علاقة هذه الآية بموقفنا ومقصدنا؟ لقد جاء المنعُ في الآية من كيل الشتائم فقط، ولم يُمنع من بيان الحق. وإن اعتبر معاندُ الحق الجاهلُ قول الحق سبَّةً نظرا إلى مرارته وقسوته ثم شرعَ في كيل الشتائم مشتعلا، فهل يجوز في هذه الحالة أن نوصد باب الأمر بالمعروف؟ ألم يقم الكفار بكيل شتائم مثلها من قبل؟ إن النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يكتف باستخدام كلمات قاسية وحدها في تأييد الحق، بل كسر أيضا بيده أوثانا كانت تحتل منصب الألوهية في نظر الوثنيين.
متى أجاز الإسلام المداهنة، وأين ورد مثل هذا الأمر في القرآن الكريم؟ بل يقول الله جل شأنه بصراحة متناهية منعًا للمداهنة بأن الذين يداهنون آباءهم وأمهاتهم في حالة كفرهم، فإنهم أيضا كفار مثلهم. كذلك يقول – عز وجل – على لسان كفار مكة: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} (1). أيْ أن الكفار يحبون أن تلين لهم مُخفيًا الحقَ، فيوافقونك الرأي في دينك، ولكن الله لا يحب ذلك.
فالآية التي قدّمها المعترض لا تدل إلا على أنه ما مسَّ فهم القرآن الكريم، ولا يدرك أنه لو اعُتبرت الآية متعلقة بقسوة الكلام من كل الوجوه، لوجب أن يُوصَد باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وإضافة إلى ذلك لا بد من الاعتراف، والحالة هذه، أن كلام الله يجمع في طياته أمرين متناقضينِ، أي لا بد من التسليم أنه منع من أيِّ نوع من الكلام القاسي أولا وأكّد على بعثِ الفرحة في قلوب الكفار بكل مناسبة، ثم قام بنفسه بما يناقض قوله وكال للمنكرين كافة أنواع السباب، بل أمر أيضا بذلك.
فليكن معلوما أن المشايخ الذين يظنون أن الله تعالى يمنع من الإتيان بكلام قاس أيًّا كان نوعه وعلى نحو عام، فإن ذلك يعود إلى قصور فهمهم، وإلا فالكلمات القاسية والضرورية لإظهار الحق والمصحوبة بالأدلة على صدقها، فإن بيانها لكل معارض بكل وضوح ليس جائزا فحسب، بل من الواجبات، حتى لا يصيب المرءَ بلاءُ المداهنة. إن عباد الله الأصفياء ما خافوا قط لعنة لاعن أو لومة لائم عند استخدام كلمات قاسية أثناء التبليغ. ألا تعلمون إلى أيّ مدى تعاظمت ضغينة المشركين في زمن النبي – صلى الله عليه وسلم -؟ والسبب الوحيد وراءها كان تلك الكلمات القاسية التي عدّها هؤلاء الأغبياء سبابا، وبسببها وصل الأمر من اللسان إلى السِّنان، وإلا؛ لم يكن الناس كذلك في بداية الأمر، بل كانوا يقولون عن النبي – صلى الله عليه وسلم – لحُسنِ اعتقادهم به: “عشق محمدٌ على ربِّه”. كما لا يستخدم الهندوس أيضا في هذه الأيام كلمات غير لائقة بحق أصحاب الزوايا وأمثالهم، بل يقدّمون لهم الهدايا والتحف.
لقد مسّتني الحاجة هنا للبيان بكل أسف وقلب حزين أن الاعتراض المذكور الذي وُجِّه إليّ ما أُثير من قبل عامة الناس فقط، بل قد سمعتُ أن بعض المشايخ هم الدافع الحقيقي وراءه. فلا يسعني أن أظن أنهم يجهلون ما جاء في القرآن الكريم والكتب السابقة، إذ لا مجال لهذا الظن (1).
__________
(1) الأسلوب الذي تبناه القرآن الكريم بوضوح في استخدام الكلمات القاسية لا يمكن أن يجهله أيّ إنسان مهما كان غبيا وجاهلا. فمثلا إن لعْن أحد يُعدُّ شتيمة شنيعة عند المتحضرين في العصر الحاضر. ولكن القرآن الكريم يلعن الكفار مخاطبًا علنا إياهم فيقول: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِيْنَ فِيْهَا .. } (البقرة:162 – 163) ويقول أيضا: {أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} (البقرة: 160)
كما من المعلوم أن إطلاق كلمة “الدابة” على إنسان مسبّة أيضا، ولكن القرآن الكريم لا يذكر الكفار والمنكرين بكلمة الدابة فقط، بل يعتبرهم شرّ الدواب في العالم كله كما يقول: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا} (الأنفال:56). والواضح أيضا أن كيل الشتائم لأحد بذكر اسمه أو بجعله عرضة للشتيمة بالإشارة إليه، ينافي مقتضى التحضر في العصر الحاضر، ولكن الله – سبحانه وتعالى – سمَّى بعض الناس في القرآن الكريم “أبا لهب” وبعضهم كلابا وخنازير، كما أن تسمية “أبي جهل” معروفة لدى الجميع. كذلك استخدم القرآن الكريم بحق “الوليد بن المغيرة” كلمات قاسية جدا تبدو في الظاهر شتائم سيئة فقال: {فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ * وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ * وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ … سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} (القلم: 9 – 17) أي لا تستجب للمكذبين الذين يحبون ألا تذكر آلهتهم بكلمات قاسية وأن لا تهجو دينهم، فيوافقونك الرأي في أمور دينك. ولكن يجب ألا تهتم بكلامهم المعسول لأنه يريد المداهنة … سنسمه قريبا على خرطومه الذي طال كثيرا كخرطوم الخنزير.
إن المراد من الخرطوم (الأنف) هو التمسك بالتقاليد والأعراف ومقتضيات العِرض والشرف، الأمر الذي يمنع المرء من قبول الحق. (فيا ربنا القدير، اجدَع أنوف بعض ذوي الأنوف الشامخة من قومنا أيضا). فيا حضرة الشيخ هل بقيت شتيمة – بحسب رأيك – خارج نطاق هذه الكلمات الشاملة؟ هناك أمر لافت آخر وجدير بالذكر هنا وهو أن “الوليد بن المغيرة” استخدم الليونة، وأراد أن يُعامَل باللين، ولكن افتُضحت أسراره كلها ردا على ذلك. وفي ذلك إشارة إلى أنه يجب ألا تتوقعوا المداهنة من المؤمنين. منه.
ولكني أعلم أن التحضُّر الزائف – وهو بعيد كل البُعد عن الغيرة الإيمانية – في بلاد أوروبا في العصر الحاضر قد استولى على قلوب مشايخنا أيضا إلى حد ما. وقد أصاب نوع من الغبار أعينهم أيضا نتيجة هبوب العاصفة العاتية، فمرضوا بسبب ضعفهم الطبيعي. لهذا السبب يشددون على أفكار لا يوجد لها أصل في القرآن الكريم ولا في الأحاديث الصحيحة، غير أنها موجودة في كتب الأخلاق في أوروبا دون شك. لقد تقدمت أوروبا في هذه الأخلاق لدرجة أنه باتَ من غير المناسب قط، أن تكسِر فتاة شابة قلب غير المحرم. ولكن هل يوافق القرآن الكريم الأخلاق الأوروبية هذه؟ ألا يعتبر أناسا مثلهم ديّوثين؟ إنني أنبِّه هؤلاء المشايخ لوجه الله إلى أنهم قد ابتعدوا عن الحق ومعرفته نتيجة طعنهم على هذا النحو وترسيخ أفكار كهذه في قلوبهم. وإذا كانوا عقدوا العزم على محاربتي فليقولوا ما يحلو لهم بمنطقهم الجاف، ولكن إذا تأملوا خاشين الله، فإن هذا الأمر ليس بالذي يمكن أن يبقى خافيا عليهم. يجب على سليم الفطرة ألا يدَع سبل الصدق تفلت من يده. بل لو صدر خطأ منه هو، وجرت كلمة الحق على لسان أدنى الناس مرتبة، فينبغي عليه أن يقبل كلام ذلك الشخص البسيط شاكرا له ومعترفا بخطئه، ولا يدّعي: {أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ} وإلا فإن استكباره سوف يحرمه من الرشد حتما، بل إن إيمان شخص مثله يكون في خطر.
وهناك حكمة أخرى في استخدام الكلمات القاسية، هي أن القلوب الراقدة تفيق بسببها، وإضافة إلى ذلك يوجَّه بها التحذير إلى الذين يحبون المداهنة. فالهندوس مثلا معتادون على التعايش كالأصدقاء على مدى الحياة، إن لم يتعرَّض لهم الآخرون، فيوافقون الرأي في الأمور الدينية على سبيل المداهنة، بل يشرعون في كيل المديح والثناء على نبينا الأكرم – صلى الله عليه وسلم – والأولياء المسلمين، مع أن قلوبهم تكون مسودة للغاية وبعيدة كل البعد عن الحق. فإن بيان الحق أمامهم بمرارته وقسوته يسفر عن نتائج خيّرة، بحيث تزول مداهنتهم في الحال، فيعلنون كفرهم وضغينتهم جهرا وبكلمات صريحة. وكأن مرضهم الكامن يظهر للعيان. فهذا التحريض الذي يُنشئ حماسا كبيرا في الطبائع قد يكون مدعاة للاعتراض الشديد عند قليلي الفهم، ولكن الفطين يفهم بسهولة أنه خطوة أولى للتوجُّه إلى طريق الحق. الحق أنه ما دامت أعراض المرض خافية، فلا يمكن علاجه، أما لو ظهرت الأعراض وبرزت للعيان، لكان علاجه ممكنا. الكلمات القاسية التي استعملها الأنبياء كان السبب وراءها هو التنبيه فقط لكي ينشأ الحماس في خلق الله فيستيقظوا من رقود الغفلة نتيجة هذه الهزة، ويتدبروا ويتمعّنوا في الدين، ويتحركوا في هذا السبيل وإن كانت الحركة سلبية، وأن يقيموا صلة مع أهل الحق نوعا ما وإن كانت علاقة عداوة. فإلى هذا الأمر يشير الله تعالى في الآية الكريمة حيث يقول: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضًا}.
اعلموا يقينا أن الذين عكفوا على تصفُّح الكتب الدينية نتيجة التحذيرات القاسية والزاجرة وبدأوا يخطون في هذا السبيل بخطى حثيثة وبحماس – وإن كان ذلك في العداوة حاليا – هم الذين سيدخلون الإسلام بصدق القلب يوما من الأيام. إن أسلوب الهندوس السابق كان يبعثنا على اليأس حين كانوا يفضّلون في قرارة قلوبهم ألا يخوضوا في أي نقاش مع المسلمين، بل قرروا أن يقضوا الوقت وهم يوافقون المسلمين الرأي. أما الآن فقد وقعوا تحت أسلحتنا الحادة ببروزهم في الميدان، وصاروا لنا كصيد قريب يمكن القضاء عليه بضربة واحدة. يجب ألا نخاف تمردهم الذي هو كتمرد الغزلان، لأنهم ليسوا أعداء في الحقيقة، بل هم صيدنا. الوقت قريب حين تنظرون هنا وهناك فلن تجدوا هندوسيا مثقفًا. فلا تيأسوا مضطربين من حماسهم فإنهم يجهّزون أنفسهم سرّا لقبول الإسلام، وقد وصلوا إلى أروقته.
أقول، والحقَ أقول؛ إن الذين ترونهم اليوم مفعَمين بحماس معادٍ، لن تروهم كذلك بعد مدة وجيزة. الآريون الذين خطَوا خطوة حاليا إلى المناظرات بتحريض منا، فإنهم بخطوتهم هذه قد فتحوا لقومهم طريقا إلى الإسلام مهما كان أسلوبهم قاسيا، ومهما نشروا كتبا مليئة بالسباب والكلمات النابية في الوقت الحالي. الحق أن تحريضنا لهم، لم ولن يسفر عن نتيجة سيئة. وإن تحريضنا هذا يبدو غير مرضٍ في عيون قصيري النظر حاليا، ولكنكم سترون قريبا كيف تستقطب هذه التحريضات يوما من الأيام أصحاب القلوب القاسية الشديدة القسوة. إن هذا الرأي ليس مبنيا على الظن أو الشك، بل هو أمر يقيني وقاطع. ولكن الأسف على الذين لا يقدرون على التمييز بين الخير والشر، ويهبّون للاعتراض متسرعين. لقد منعنا الله تعالى من المداهنة بصراحة تامة، ولكن لم يمنعنا من قول الحق خشية مرارته وقسوته. فتدبروا أيها العلماء المستعجلون، ألا تقرأون القرآن؟ ما لكم كيف تحكمون؟
إن صديقي المخلص المولوي عبد الكريم السيالكوتي – وهو شاب مثقف بثقافة حديثة ومصطبغ بصبغة تربية حديثة، ويتحلّى بأفكار لطيفة، وقد تركتْ في قلبه تربية محبي الصادق وأخي في الله المولوي الحكيم نور الدين، بصفته مربّيا ومعلِّمًا، تأثيرا طيبًا جدا، بل خارقا للعادة – حين جاء إلى قاديان مؤخرا لزيارتي، قال بأنه ينوي أن ينشر كتيّبا في موضوع التحضُّر الحقيقي. وذلك لأنه يعلم جيدا أن سبيل التحضر الحقيقي هو ذلك الذي سلكه الأنبياء عليهم السلام دائما، وما اعتُبر استخدام الكلام القاسي بين حين وآخر في هذا السبيل حرامًا، بل عُدّ بمنزلة الدواء المر الذي لا مندوحة منه. بل إن استخدام الكلمات القاسية في محلها وبحسب مقتضى الحال والحكمة، واجب على كل مبلّغ وواعظ. ولو تقاعس الواعظ وتكاسَل في استخدامها لكان ذلك مؤشرا إلى أن خوف غير الله – الأمر الذي يُعد من الشرك – مستولٍ على قلبه، وأن حالته الإيمانية ضعيفة كضعف حشرة الأرض.
فأدعو لهذا الصديق أن يوفقه الله بروح القدس في إرادته في تأليف الكتاب المذكور، وأفضّل أن يكون عنوان كتابه: “التحضّر” كما أشار. وعلمت أن صديقي هذا تحمَّس لهذا الموضوع على إثر اعتراض أثاره أحد المشايخ الذي قابله في لاهور صدفة في طريقه إلى قاديان، ووجّه إليّ اعتراضًا في هذا الموضوع.
فيا ربي القادر على كل شيء، مع أنه من سُنَّتك القديمة أنك ترزق الفهم والفِراسة للصغار والأمّيّين، وتلقي على أعين حكماء الدنيا وفلاسفتها المزعومين وقلوبِهم أغشية حالكة وغليظة، ولكنني ألتمس في حضرتك بمنتهى الإلحاح والتضرع أنِ اجذِبْ إليّ جماعةً منهم أيضا، كما جذبتَ بعضهم مسبقا. وارزُقهم أيضا عيونا وآذانا وأعطِهم قلوبا حتى يروا ويسمعوا ويفقهوا ويقدّروا نعمتك التي أنزلتَها في وقت مناسب، فيتوجّهوا للحصول عليها. إنك على ذلك إذا شئتَ قدير، لأنه لا شيء مستحيل أمامك، آمين، ثم آمين.”