الميراث في القرآن
يقول الله تعالى
{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}
والحقيقة هي أنَّ قول الدكتور شحرور في شرحه الميراث في القرآن بأن نصيب الذكر مساوٍ لنصيب كل أنثى من الاثنتين غير صحيح، لأن الآية لا تقول ذلك بل تجعل نصيب الذكر الواحد مقابل نصيب اثنتين من البنات. فإذا وقفنا هنا وقلنا بأن الأب توفي وترك ألف دينار، فبحسب الآية يأخذ الذكر مثل نصيب الأنثيين، وليس مثل نصيب كل واحدة من الأنثيين، لأن الآية ببساطة تقول بأن نصيبه يماثل نصيب الأنثيين معاً وليس مثل كل واحدة منهن على حدة، وإلا لقال تعالى “للذكر مثل حظ الأنثى” الذي يريده الأستاذ شحرور، ولكن القُرآن الكَرِيم لم يقل ذلك بل يقول {للذكر مثل حظ الأنثيين}.
كذلك قول الأستاذ شحرور أن الذَكرَ باقٍ في الآية التالية:
{فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ}
على اعتبار أن الذَّكَر هو الـ Y الثابت رياضياً بينما الأنثى هي الـ X المتغير، هذا القول غير صحيح أيضاً لأن الآية لم تشر إلى وجود ذكر. وهذا تؤكده الآية التي تلي:
{وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَد}
أي أنَّ كلام الأستاذ شحرور بأن نصيب الذكر الـ Y الثابت مثل نصيب الأنثى هو قول غير ممكن في هذه الحالة لأن الآية تقول؛ إنْ كان للمتوفى ولد أي ذرية فكانت بنتاً واحدة فلها النصف وللوالدين السدس لكل منهما، إذن أين نصيب الذكر ؟ ألا يفترض به أن يأخذ النصف الآخر ليتساوى مع أخته ؟ إذن لا يمكن أن تصح فرضية الأستاذشحرور Y&X في الآيات.
مما يدل أيضاً على عدم صحة هذه الفرضية هو قوله تعالى:
{فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ}
أي إنْ كان للمتوفى والدان اثنان فقط ولا وجود للذرية، فلأمه الثلث. طيب والثلثان الباقيان ؟ الجواب: هما بداهةً للأب، وليس للبحر ! ولذلك تنطبق الآية الأولى مجدداً وهي أنَّ للذكر مثل حظ الأنثيين !
ولنأت الآن إلى ما ورَدَ في آخر سورة النساء حيث يقول تعالى:
{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ ۚ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ۚ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ ۚ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ۗ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}
أي أنَّ الأخت (الأنثى) تأخذ نصف ما يترك الأخ (الذكر) بدون وجود أولاد، وهكذا في حال وفاة الأخت بدون وجود أولاد فالأخ يرثها أيضاً، وإن كانتا اثنتان فلهما الثلثان، والمفاجأة التي أغفلها الأستاذ شحرور والتي أكّدنا عليها أعلاه هي أنَّ هذه الآية حين لم تشر إلى الذكَر أو الذكور فلا يعني أنَّ الذكَر ثابت Y كما يدّعي الأستاذ شحرور بل إنَّ عدم الإشارة إلى الذكور يعني بأن الذَّكَرَ لا وجود له هنا، والدليل تكملة الآية نفسها:
{وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}
فهنا جاء الذكور والإناث معاً بصيغة الجمع أي ذكوراً فوق اثنين ونساء فوق اثنتين، ولكلّ ذَكَرٍ من هؤلاء مثل حظ اثنين من الإناث !
فهذا كله يثبت بطلان فرضية الأستاذ شحرور.
طبعاً هذا بغضّ النظر عن وجود السُنَّة الشريفة التي ينكرها الأستاذ شحرور والتي تؤكد على المعنى الأصلي والمتبادر لكل من يقرأ الآية ببساطة أو بتدبر معاً. نسأل الله تعالى العافية
وللتفصيل في موضوع الإرث ونصيب الذكور والإناث وَالْحِكْمَةَ من ذلك يمكن قراءة: الإرث في الإسلام – كيف يقسم الميراث؟
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الله عز و جل ذكر الوصية اولا كاساس لتوزيع الميراث باسم الله الرحمان الرحيم “كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت الوصية خير للوالدين و الاقربين حقا على المتقين”. اذن ناخذ بالوصية و نوزع الميراث بالتساوي على ذوي الحقوق و لا ننسى المساكين و المحتاجين و هكذا نكون قد طبقنا المساواة كما امرنا الله و لا داعي لتضييع الوقت في الجدال.