يثير الأحبة المسيحيون شبهات عديدة على الإسلام العظيم تم تفنيدها بالتفصيل من قبل الجماعة الإسلامية الأحمدية ولله الحمد. واليوم يثير إخوتنا المسيحيون شبهة مفادها أن الإسلام يغري الناس بالمال لينضموا إليه والدليل قول (إله الإسلام) في القرآن الكريم كما هم يفهمون أن الزكاة تعطى لغير المسلمين على أمل دخولهم إلى الإسلام في سورة التوبة الآية 60 [وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ] وساقوا أقوال بعض العلماء والمفسرين ليدعموا هذا الإدعاء. وفيما يلي ردنا على هذه الشبهة باختصار:
الرد على شبهة المؤلفة قلوبهم
المؤلفة قلوبهم هم الذين يميلون بقلوبهم إلى دين الإسلام فيتعرضون بسبب ميلهم ذلك إلى حرمانهم من وسائل العيش ومقومات الحياة على يد قبيلتهم أو مسؤوليهم في العمل (كما يحدث اليوم في باكستان ضد الأحمديين). فهذه الآية الكريمة شملت هذا الصنف من الناس المضطَهدين بالزكاة، وفي ذلك ردٌّ على المنافقين الذين يطمعون بالزكاة بلا أي استحقاق لها، ولكنهم لا يحصلون على ما يطمعون مالم تتوفر فيهم هذه الشروط: [إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ] …. فبيّنَت الآيةُ الكريمة الأصناف المستحقة للصدقات أي الذين يفتقرون لأبسط الحاجات والذين لا يجدون عملاً لسبب صحي أو اجتماعي، والذين يميلون بقلوبهم للإسلام فيطردهم أهلهم وعشيرتهم ويحرمونهم من سبل العيش الكريم، والذين يريدون فدية لتحريرهم من السجن أو العبودية، والذين يسعون من أجلهم، والذين تحاصرهم الديون، والذين يسعون في سبيل الله وطلب الرزق بشرف، والذين يسعون لطلب العلم والمعرفة وإشاعة الخير، وكذلك الذين يضلون الطريق.
أما إذا كان الاعتراض على رواية صحيح مسلم:
“عن صفوانَ قال: واللهِ لقدْ أعطاني رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ما أعطاني، وإنه لأبغضُ الناس إليَّ، فما برِح يُعطيني حتى إنه لأحبُّ الناس إليَّ.” (صحيح مسلم 2313)
فهذا الحديث دليل على أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يكن يفرّق بين الكافر والمسلم في العطاء بالنسبة للذين هم من صنف (الفقراء والمساكين) وليس بالطبع (المؤلفة قلوبهم) لأن الكافر لا يميل بداهة بقلبه إلى الإسلام بل يُنصفه الإسلام كما ينصف المسلم، وهذا هو العدل والإحسان وإيتاء ذي القربى بأبهى صوره.
فالاعتراض هو لسوء فهم بعض المفسرين الذين ظنوا أن هذا الحديث هو عن المؤلفة قلوبهم خطأ كما يمكن فهم أقوال العلماء من هذا الباب أيضا.
الحديث الثاني من صحيح مسلم أيضا:
“عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه قال: ما سُئِل رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم على الإسلامِ شيئًا إلَّا أعطاه. قال فجاءه رجلٌ فأعطاه غنمًا بيْن جَبلينِ، فرجَع إلى قومِه، فقال: يا قومِ، أسلِموا؛ فإنَّ محمَّدًا يُعطي عطاءً لا يخشَى الفاقةَ.” (صحيح مسلم 2312)
فهذا الحديث أيضاً يعكس أخلاق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وكرمه وعدم ردّه لطلب أحد حسب القدرة على ذلك. فما قاله الرجل لقومه يعكس خُلقه هو لا خُلق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الذي أكرمه وأجاب سؤله بالجزل في العطاء.
وهكذا الحال مع باقي الأحاديث التي أُسيء فهمها من قبل بعض المفسرين كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الذي اعتبر سهم هؤلاء كان حسب المصلحة والحاجة ولدرء عدوان المعتدين كما في (مجموع الفتاوى 28/290) ومن نقل عنه ذلك من المتأخرين وهذه مجرد اجتهادات ليست مُلزِمَة لجمهور المسلمين.
الرد العقلي على شبهة المؤلفة قلوبهم:
الإسلام لا يغري النَّاسَ بالمال للدخول فيه بل على العكس نجد آيات الحض على إنفاق المال والتضحية بالنفس وكل شيء في سبيل الدين بعددٍ لا حصر له في القرآن المجيد، وذلك يرد على الشبهة من وجهين؛ فالمعتنق الجديد للإسلام عليه أن يضحي بالغالي والنفيس من أجل الإسلام، كما أن ذلك يعني بأن المسلمَ شجاعٌ لا يدفع المال للعدو من أجل ثنيه عن القتال. فهذا الاعتراض ساقط بالبداهة قبل النقل والتحقيق.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ