الشيخ المولوي أبو سعيد محمد حسين البطالوي هو أحد علماء أهل السنة في الهند ورئيس فرقة أهل الحديث للهند في القرن التاسع عشر وله عدد من المقالات والكتب ويمتلك جريدة تحمل اسم “إشاعة السُنَّة”. كان البطالوي أيضاً زميل دراسة سابق للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام. كَتَبَ البطالوي ما يلي حول كتاب “البراهين الأحمدية” الذي ألّفه المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام:
“لا يوجد بين مُعاصرينا مَن هو أعلم مِنا بأحوال مؤلِّفِ “البراهين الأحمدية” وأفكارِه. فوطننا واحد، بل كُنا زميلَين في الدراسة منذ مقتبل العمر حين كُنا ندرس معًا “القطبي” و”شرح الملا جامي”. ومنذ ذلك الحين لا تزال المراسلات واللقاءات مستمرّة بيننا إلى اليوم دون انقطاع، لذا فإن قولنا بأننا أعلم بأحواله وأفكاره جديرٌ بألا يُؤخذ مأخذ المبالغة.” (مجلة “إشاعة السنة”، ج 7، رقم 6، المنشورة أيضاً في “شهادة القرآن” الكتاب)
وَمِمَّا قاله البطالوي أيضاً حول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام:
“إنَّ مؤلف البراهين الأحمدية قد صانَ شرفَ المسلمين، وتحدّى أعداء الإسلام بقوة وبراعة، وأعلنَ للعالم أجمع أنَّ مَن لديه أدنى شكٍّ في صِدق الإسلام، فعليه أنْ يأتي إليه. يا رب، ويا هاديَ الباحثين عنك، ارحَمْه أكثر مِن نفسه ومِن آباءه. آمين” (مقدمة كتاب “البراهين الأحمدية”. وكذلك “سيرة المهدي”، حديث رقم 277)
ولكن البطالوي تحوَّلَ لاحقاً إلى عدو لدود للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بل أكبر المعارضين لحضرته وأشدهم على الإطلاق. ومن أبرز تلاميذ الشيخ البطالوي الشيخ أبو الوفا ثناء الله الأمرتسري العدو اللدود للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أيضا. يقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام:
“إنَّ الشيخ ثناء الله مخدوعٌ في شيء آخر أيضاً، وهو أنه يقدّم الأحاديث المتناقضة أمام كُلّ مَن هَبَّ ودَبَّ، وهذا ما خُدع به مرشدُه الشيخ محمد حسين.” (إعجاز أحمدي)
وكان الشيخ محمد حسين البطالوي قد اضطر بسبب عدائه للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أن يؤلف كتاباً حاول فيه إنكار أحاديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم حول الإمام المهدي وقدّمه هديّةً للإنكليز فحصل منهم على هدية مقابل نسف الأحاديث مع أن وظيفته هي صيانة الحديث بوصفه على رأس أهل الحديث. يقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام:
“قبل بضعة أيام أفرحَ الشيخُ محمد حسين الحكومة الإنجليزية بتقديمه لها كتاباً عن المهدي قال فيه إنه لَمْ تثبتْ صحّة أيّ حديثٍ عن المهدي، وبذلك نالَ قطعة أرضٍ جائزةً. ولكن لا أدري على أية خدمة نالَ هذه الجائزة، غير أنَّ الخدمة التي قام بها هي أنه ألغى بقلمه وجود المهدي.” (إعجاز أحمدي)
ويذكر المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام التالي:
“ثبت النفاقُ في سلوكه إِذْ طمأنَ الحكومة أنه لا حقيقة للمهدي بل جميع الأحاديث بهذا الصدد مجروحة وغير جديرة بالثقة؛ فلا مهديَّ، ولن ينـزل الْمَسِيحُ من السماء لنصرته! فكلٌّ هذه الأشياء بلا أصل. يبدو أنه كان يتوقّع جائزة كبيرة بتقديمه هذه الأمور. ولو أنكر مهديًّا كهذا وعيسى المجاهدَ مثله بصدق القلب لسررتُ أيضاً بذلك؛ لأن الصادق يستحق الإكرام. وفي هذه الحالة لو أعطته الحكومة أرضاً في مدينة “لايل بور”، بل لو أعطته مدينة “بتاله” كلها أيضاً عقارًا؛ لكان من حقه. ولكني لستُ راضياً ولن أرضى أنْ يقدّم شخصٌ أمامَ الحكومة على سبيل النفاق؛ قائمةً طويلةً لأحاديث ضعيفة ومجروحة ليؤكد لها أنَّ المسلمين لا ينتظرون مهدياً أو عيسى يحارب المسيحيين، ويؤكدُ أيضاً للحكومة أنه يعتقد أنه لن يأتي مهديٌّ يقيم القيامة بسفك الدماء، ولن ينـزل مسيح من السماء ليشد عضده. ثم يقول لقومه في الخفاء إنَّ إنكار مهديٍّ كهذا كفر بواح.” (إعجاز أحمدي)
وقد كان الشيخ البطالوي إلى جانب ذلك يعارض المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أشد المعارضة لدرجة أنه يقف في محطة القطار لكي يحذّر المسافرين إلى قاديان من الافتتان بالمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام ويصفه بالدجال وغيرها من عبارات لا تضر المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بل تزيده صِدقاً في قلوب المؤمنين والباحثين المنصفين. مع ذلك كُلّه لم يكن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام يحمل أي عداوة للشيخ البطالوي بل سجَّلَ حضرة الْمَسِيحُ الموعودُ عَلَيهِ السَلام في 1893م رؤيا أو نبوءة حول توبة البطالوي في آخر حياته كما يلي:
“وإنّي رأيتُ أنَّ هذا الرجل يُؤْمِنُ بإيماني قَبْل مَوتِهِ، ورأيتُ كأنه تَرَكَ قولَ التكفيرِ وتابَ. وهذه رؤياي، وأرجو أنْ يجعلَها رَبّي حَقّا.” (حُجّة الإسلام، الخزائن الروحانية، مجلد 6، ص 59)
وبالفعل فبعد هذه النبوءة بعشرين سنة أي في عام 1914م بعد وفاة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بِسِتِّ سنوات وقبل وفاته هو أي البطاولوي بسِتِّ سنوات أدلى المولوي محمد حسين البطالوي بشهادته في إحدى القضايا أمام قاضٍ من الدرجة الأولى في محافظة “غجرانواله”، وقال خلال حديثه عن جميع فرق الإسلام متراجعًا عن عقيدة التكفير حتى بحق الجماعة الإسلامية الأحمدية ما يلي:
“إنَّ جميع هذه الفرق تؤمنُ بأن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى، كما تؤمنُ كلُّها بالحديث النبوي أيضا. وهناك فرقة جديدة قد نشأت حديثاً منذ أنْ أعلنَ مرزا غلام أحمد القادياني أنه هو المسيح الموعود والمهدي، وهذه الفرقة أيضاً تؤمنُ بالقرآن والحديث على حَدٍّ سواء … وإنَّ فرقتنا لا تُكفّر أياً مِن الِفرق المذكورة أعلاه مطلقا.” (انظر للتفصيل: “الفضل”، مجلد 1، عدد 53، يوم 1914/2/11، ص 3).
هذا كان تصريح المولوي مُحَمَّد حسين البطالوي قبل وفاته بسِتِّ سنوات فقط وبنفس المدة بعد وفاة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام. وكان قبل ذلك التاريخ بأربع سنوات أي في 1910م قد أرسل إلى جريدة “الحَكَم” التابعة للجماعة الإسلامية الأحمدية يطلب أن يساعدوه وينصحوه حول تعليم ولديه فأجابه رئيس التحرير الأحمدي بأن يرسلهما إلى قاديان وسيتم التكفل بإدخالهما مدرسة داخلية محترمة، فعمل البطالوي بنصيحة الأحمديين (انظر: “أهل الحديث”، أمرِتسر 25 فبراير 1910). أما البطالوي فقد توفي في العام 1920م ودُفِنَ في أرض ملاصقة لكنيسة بيرنغ التبشيرية في مدينة بطالة الهندية Baring Union Christian College ولكن لا يُعرف محل القبر نفسه على وجه التحديد (انظر: Short Biography, ‘Batalvi ka Anjam’ by Mir Qasim Ali, 1931).
وهكذا كان الشيخ البطالوي هو إحدى نبوءات المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام التي تحقّقت مثل فلق الصبح بفضل الله تعالى. ولقد استجاب اللهُ تعالى رجاء المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام ليس فقط في توبة الشيخ البطالوي من التكفير بل ودخول أحفاد الشيخ أيضاً إلى الجماعة الإسلامية الأحمدية في ما بعد وهُم اليوم من الخُدّام المخلصين للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ