تحقق نبوءات المسيح الموعود ح 19
كيفية تحقق النبوءات التفصيلية لآية “زلزلة الساعة”..
نرد في هذه الحلقة على الاعتراضات حول الأمور التالية:
- كيفية تحقق كل بريق لهذه الآية على فترات متقاربة.
- تحقق النصر ودخول الأفواج في الجماعة.
- مغادرة الطاعون للبلاد.
- تحقق هذه الآية في حياة المسيح الموعود عليه السلام.
- تحقق هذه الآية في الربيع.
وفق الحلقة الماضية خلصنا إلى تأويلين لآية ” زلزلة الساعة” أن البريق الخامس لها “زلزال القيامة” قد تحقق بالحرب العالمية الأولى وفق تأويل المسيح الموعود الذي عدد فيه بعض الزلازل الخفيفة التي حدثت في الهند حتى 22-7-1906 على أنها قد تكون البريق الأول والثاني والثالث “لزلزلة الساعة”، أو أنها تعبير عام للعديد من الزلازل أو الحروب الخطيرة التي ستتحقق مجتمعة كبريق خامس، هذا وفق قوله عليه السلام :”ويتبين منها أن الزلزال الخطير ليس واحدا فقط بل لعل زلازل عديدة أخرى أيضا ستقع بعدها” ( إعلان 18-4-1905).. والتأويل الثاني أن “زلزلة الساعة” تعبير عام “للخمسة زلازل” والتي هي أيضا لا زالت تتحقق، وفق قوله عليه السلام: “سيُري بريق آيته خمس مرات، هذا قول الله وستفهمونه يوم يفهِّمكم إياه” .( إعلان مارس 1906)
فعلى كلا الوجهين فإن هذه الآية لم يكتمل تحققها نهائيا، فقد تحققت بعض مراحلها بالحربين العالمية الأولى والثانية، وتحققت معها بعض الجزئيات الصغيرة أو النبوءات الفرعية المتعلقة بها بشكل أو بآخر، إلا إنه لا بد لهذه النبوءات الفرعية أن تتحقق بجلاء ووضوح أكبر بالمراحل المستقبلية لنبوءة زلزلة الساعة.
وبناء على هذا سنفصّل كيفية تحقق الجزئيات التفصيلية الأخرى لنبوءة زلزلة الساعة”
– حدوث الزلازل الخمسة على فترات متقاربة:
وفق ما قاله حضرته في كتاب التجليات الإلهية: “المراد من هذا الوحي الإلهي أن الله يقول إن خمسة زلازل هائلة سوف تحدث، واحدة تلو الأخرى، وعلى فترات قصيرة، وذلك لمجرد تصديق هذا العبد المتواضع، والغاية الوحيدة منها أن يدرك الناس أني منه.”
فهذا أمر نسبي متعلق بفترة دعوة النبي، فإذا كانت فترة دعوته ألف سنة فالفترات المتقاربة قد تكون 100 سنة بينها. ومما لا بد من الإشارة إليه في هذا السياق، أن حضرته عليه السلام كان قد حدد مدة 300 سنة لنصرة الإسلام على يديه، حيث قال:” ولن ينتهي القرن الثالث من هذا اليوم إلا ويستولي اليأسُ والقنوط الشديدان على كل من ينتظر عيسى، سواء كان مسلمًا أو مسيحيًّا، فيرفضون هذه العقيدة الباطلة؛ وسيكون في العالم دين واحد وسيد واحد (1). إنني ما جئت إلا لأزرع بذرةً، فقد زُرعتْ هذه البذرة بيدي، والآن سوف تنمو وتزدهر، ولن يقدر على عرقلتها أحد.” (تذكرة الشهادتين) فهذه المدة هي التي على الأرجح سوف تحتوي الخمسة زلازل، حيث إن التقارب الزمني بينها يكون نسبيا. فما بال المعترض لا يفقه قول الله تعالى: { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (48) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (49)} (الحج 48-49) فهذا هو رد الله تعالى على مثل هذا الاعتراض، حيث قال: في نبوءات الوعيد يجب أن لا تعدوا الأيام عدا كما تعدونها بحياتكم اليومية. ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم” بُعثت والساعة كهاتين” ولم تقم الساعة بعد.
– تحقيق النصر ودخول الأفواج في الجماعة:
إن ما ذكر آنفا من شأنه أن يفسّر متى ستدخل الأفواج إلى الجماعة ومتى سيتحقق النصر الموعود بشكل أكبر، ومتى ستحدث هذه الزلازل، فالأرجح أن يكون في هذه المدة 300 سنة ، فعلامَ تستعجلون؟. فما دامت زلزلة الساعة في مراحل تحققها فتحقق هذه الجزئية بشكل جلي واضح سياتي مع المراحل المقبلة، هذا رغم أن الحربين العالميتين الأولى والثانية قد ساهمتا بشكل أو بآخر، مباشرة أو بشكل غير مباشر في انتشار دعوة الإمام المهدي ودخول الآلاف من الناس في الجماعة، وتحقق هذه النبوءات أيضا. ولكن بما أن النبوءات قد تتحقق بطرق وأزمنة مختلفة إذ لها أبعاد زمانية مختلفة، وفي كل زمن قد تتحقق بجلاء أكبر، فليس من البعيد بل من المؤكد أن هذه الجزئية ستتحقق بجلاء في المستقبل، متلازمة مع البريق الثالث والرابع والخامس لزلزلة الساعة.
– مغادرة الطاعون البلاد:
جاء في كتاب التجليات الإلهية ما يلي: ولا يغيبن عن البال أنه عندما تحدث هذه الزلازل الخمسة ويتم الدمار بقدْر ما أراده الله، ستفور رحمةُ الله مرة أخرى وتنقطع الزلازل غير العادية والمرعبة الهائلة لأمدٍ، كما أن الطاعون هو الآخر سيغادر البلد، حيث خاطبني الله قائلا: “يأتي على جهنم زمان ليس فيها أحد” أي سيأتي على هذه الجحيم -التي هي جحيم الطاعون والزلازل- يومٌ لن يبقى فيها أحد من البشر، أي في هذا البلد. وكما وُهب زمن السلام والأمن في زمن نوح بعد موت الخلق الكثير، سيحدث هنا أيضا. ثم بعد هذا الإلهام يقول الله تعالى: “ثم يغاث الناس ويعصرون” أي سوف تُجاب دعوات الناس مرة أخرى وتنزل الأمطار في موعدها وستثمر البساتين والحقول بكثرة وستسود الأفراح وتنتهي الآفات غير العادية لئلا يظن الناس أن الله قهار فقط وليس رحيما ولئلا يتطيّروا بمسيحه (1)
لا بدّ من الإشارة إليه أن أغلب ما قاله حضرته عليه السلام في هذا النص كما هو واضح وبيّن ما هو إلا فهم وتأويل حضرته للوحي القرآني “يأتي على جهنم زمان ليس فيها أحد” و : “ثم يغاث الناس ويعصرون” المربوط بنبوءة الزلزلة ، ولا شك في أن هذه قد تتحقق مستقبلا وليس بالضرورة في حياة حضرته؛ انطلاقا مما قلناه بأن النصر النهائي سيتحقق خلال 300 سنة، وعليه فيكون الحديث عن زوال الطاعون أيضا أمرا مستقبليا يبقى في عداد الغيب وسيتبين معناه الحقيقي لاحقا، كأن يكون متعلقا بمرض فتاك آخر مثل الإيدز مثلا، أو بأن مرض الطاعون قد ينتشر مستقبلا مرة أخرى ويختفي بعد تمام تحقق هذه الآية.
إلا انه من الاعتراضات التي يثيرها المعترضون فيقولون أن وفق قول سيدنا احمد أعلاه: إن زلزلة الساعة والزلازل الخمسة المخيفة كان يجب أن تحدث في حياته وقبل مغادرة الطاعون، غير أن الطاعون غادر بلاد الهند سنة 1918 ولم يحدث أي شيء مما قاله سيدنا أحمد عليه السلام. وردا على هذا نقول: بأن حدوث البريق الأول لزلزلة الساعة أو المرحلة الأولى لها أو تحققها فعلا بوقوع الحرب العالمية الأولى وفي الأمد الأقصى المقدر لحياة حضرته عليه السلام كما وضحناه سابقا، يتلائم كلية مع قول المعارضين بأن الطاعون قد غادر الهند سنة 1918 أي تماما مع انتهاء الحرب العالمية الأولى، وهو تماما ما يقوله حضرته أن هذه الزلزلة ستقع ثم يغادر الطاعون بعدها، وهذا بحد ذاته دليل آخر على ما نقوله بأن زلزلة الساعة أو أحد مراحلها قد تحقق بالحرب العالمية الأولى.
وخلاصة كل هذا أن تحقق الجزئيات مثل ( في حياتي ؛ وانقشاع الطاعون، ودخول الأفواج في الجماعة) فرغم أنها قد تحققت بشكل أو بآخر في البريق الأول والثاني لزلزلة الساعة كما أوضحناه، إلا أنها قد تتحقق بجلاء أكبر في بريق مستقبلي آخر لهذه النبوءة؛ حيث إن قول حضرته هذا هو فهمه وتأويله للوحي والذي قد يتحقق بشكل واضح في المستقبل وليس بالضرورة أن يكون هذا الفهم دقيقا من جميع جوانبه .
– تحقق زلزلة الساعة في حياة حضرته عليه السلام:
أثبتنا ذلك في الرد الأول، أن المقصود من هذه النبوءة تحققها في الأجل الأقصى المقدر لحياة حضرته عليه السلام وهو 86 عاما.هذا على اعتبار أنها البريق أو الزلزال الخامس الذي كان لا بدّ أن يحدث. تحقق نبوءة زلزلة الساعة في الأجل المسمى لحياة المسيح الموعود عليه السلام
أما اذا اعتبرنا ” زلزلة الساعة” تعبيرا عاما للعديد من الزلازل الخطيرة التي ستتحقق مجتمعة كبريق خامس، أو تعبيرا عاما “للخمسة زلازل” والتي ستظهر كبريق لها ولا زالت تتحقق؛ فيكون بذلك أن المرحلة الأولى أو الزلزال الأول أو البريق الأول منها قد تحقق في الحد الأقصى المقدر لحياة حضرته عليه السلام وهو 86 عاما.
– قيصر روسيا سيكون بحالة يرثى لها:
مصير قيصر روسيا أثبتنا تحققه بردّ منفصل مما يؤكد تحقق النبوءة بالحرب العالمية الأولى. “زار روسيا” ( قيصر روسيا) من أعظم نبوءات المسيح الموعود التي تحققت بجلاء..
– النبوءة : “لقد حل الربيع مرة أخرى وتحقق كلام الله مرة أخرى.”
حيث قال حضرته في إعلان 11-5-1905: تلقّيت من الله خبرا مرة أخرى أن الزلزال على وشك الحدوث وسيكون نموذج القيامة. وفي الحاشية كتب حضرته : ثم تلقيت بعد ذلك إلهاما آخر عن الزلزال ما معناه: “لقد حل الربيع مرة أخرى وتحقق كلام الله مرة أخرى.” أتصور على سبيل الاجتهاد عند التأمل فيه أن الكلمات الظاهرية لوحي الله تعالى تقتضي أن النبوءة ستتحقق في أيام الربيع. فلعل لأيام الربيع علاقة خاصة بهذه الأمور، ومن الممكن أيضا أن يكون للوحي معنى آخر أن يكون المراد من الربيع شيء آخر، منه ..
- فنبناء على قول حضرته قد تكون للربيع معان أخرى غير فصل الربيع ، فمثلا أن ما حدث في فصل الربيع من زلزال سابق سيحدث ثانية ..؛ ويبدو من قول حضرته ” ثم تلقيت إلهاما آخر : لقد حل الربيع ..” أن هذا الإلهام قد يومئ إلى حادث وزلزال آخر غير زلزلة الساعة، وهو ما تحقق فيما بعد بوقوع زلزال 28-2-1906 والذي لم يكن شديدا بصورة القيامة كما تصفه كلمات النبوءات الأخرى الملازمة لهذه النوءة .
ولكنه حدث في الربيع فعلا،. وهذا ما أكّده المسيح الموعود بنفسه في حقيقة الوحي حيث قال: (50) الآية الخمسون: هي أني كنت قد تنبأت بنبوءة أخرى أن بعد هذا الزلزال سيقع زلزال آخر في فصل الربيع. الكلمات الموحى بها في هذه النبوءة هي: “حل فصل الربيع من جديد وتحقق كلام الله مرة أخرى.”فوقع هذا الزلزال بتاريخ 28 شباط/فبراير عام 1906م وتسبب في خسائر كبيرة في الأرواح والأموال.( حقيقة الوحي)
رغم ذلك فقد ربط المسيح الموعود عليه السلام هذه الجزئية بزلزلة الساعة أيضا، إلا إن هذا كان تأويله وفهمه الشخصي لكلام الوحي على ما يبدو، حين يقول : إن الله قال له بان هذه الزلزلة الشديدة ستحدث في الربيع. والظاهر أن هذه الجزئية كانت على الأغلب نبوءة منفردة خاصة بزلزال آخر غير “زلزلة الساعة” ويكون إرهاصا لها والمتمثل بزلزال شباط، حيث أشرنا إلى ذلك في حلقة ماضية عند إجمال الاستقراء لهذه النبوءات، خاصة وأن الألهام الوارد لا يحوي كلمات “زلزلة الساعة ” بل : عاد الربيع ….” فقد يكون إلهاما منفصلا يشير إلى زلزال آخر غير زلزلة الساعة.
وهذا ماأكده حضرته عليه السلام : فقد نشرتُ مرارا في كتيباتي ونشراتي النبوءة بحدوث زلازل عدة وأن إحداها ستكون مثلا للقيامة؛ أي سوف تسبب الخسائر الفادحة في الأرواح .. لكن زلزالا سيأتي في الربيع مثلما حدث زلزال 4/ 4/1905م في أيام الربيع وتلقيت إلهاما بخصوصه: طلع الربيع مرة أخرى وتحقق قول الله مرة أخرى، فحدث زلزال في 28/ 2/1906م في الربيع نفسه قُتِلَ فيه ثمانية أشخاص وأصيب تسعة عشر بجروح كما تهدمت مئات البيوت. وعن هذا الزلزال أوردتْ جريدة “بيسة” في 16/ 3/1906م- على الصفحة 5/ العمود 3 – خبرا يفيد أنه في هزة وقعت في 28/ 2/1906م ليلا قُتل جميع سكان قرية جوده بور- التابعة لمديرية جكادهري في محافظة انبالة- إذ كانوا نائمين، ونجا ثلاثة أشخاص فقط. كما فاضت بالماء البئر الناضبة في قرية نيرة في محافظة سهارنبور. منه( حاشية التجليات الإلهية ). غير أنه لا بد من الإشارة مرة أخرى إلى أنه إذا كانت هذه الجزئية وفق علم الله تعالى متعلقة بزلزلة الساعة فقد تتحقق مستقبلا بجلاء أوضح في بريق آخر أو مرحلة أخرى لزلزلة الساعة كما أوضحناه أعلاه.
هذه كانت الأمور التفصيلية المتعلقة بزلزلة الساعة
ونعود ونذكر أنه بالنظرة الإجمالية إلى نبوءة الزلزلة، نقول: لقد تنبأ المسيح الموعود عن زلزلة الساعة هذه التي لم يُر مثلها من قبل ولم تشهد الإنسانية مثلها من قبل، وهذا هو الجانب المهم في كل القضية ، وهنا نقول : ألم يتحقق هذا الجانب في الحرب العالمية الأولى!؟ ألم يتحقق بصول أكبر في الحرب الثانية!؟ أوليس من البعيد أن يتحقق بصول أكبر في حرب ثالثة، نظرا لما يمتلكه العالم من أسلحة دمار شامل، ألم يهتز العالم بزلزلة القيامة هذه بعد نبأ المسيح الموعود عليه السلام مرة ومرتين وأكثر !!!؟؟؟ وهنا لا يسعنا إلا أن نقرّ بعظمة هذه النبوءة وتحققها الإجمالي الذي ما هو ألا دليل على صدق المسيح الموعود عليه السلام، أما باقي التفاصيل في كيفية وماهية هذه الزلازل، ومتى وأين ستحدث
، وكم هو عددها بالضبط، وما هي الزلازل الخمسة بالتحديد، وما هو المقصود من فصل الربيع وأي ربيع هو، حدوث هذه الزلزلة الشديدة في حياة حضرته عليه السلام وفي بلادهن تحقيق النصر ودخول الكثيرين في الجماعة، فكل هذه الجزئيات والنبوءات أقل شأنا من هذا المقصود الأساسي للنبوءة ولا بد ان تفوض لعلم الله تعالى في كيفية تحققها التام والجلي.