هل جبريل ملاك حقيقي أم هو مجرد مجاز أو هو الوحي كما يقول بعض منكري السنة؟
الجواب:
جبريل ؑ هو ملاك حقيقي ينزل بالوحي من الله تعالى إلى النبيين. يقول تعالى:
﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ . مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ﴾ – البقرة
فالذي نُزِّل على قلب النبي ﷺ ليس هو جبريل بدلالة قوله “بِإِذْنِ اللَّهِ” أي أن جبريل هو الواسطة الفاعل بإذن الله تعالى، والشيء الذي نزّله جبريل بإذن الله تعالى على قلب النبي ﷺ هو الوحي. فكيف يكون الوحي هو جبريل وينزل جبريل نفسه ؟ هذا ليس ترادفاً فقط يرفضه منكرو السنة بل ويناقض العقل والمنطق أيضاً المبيّن بوضوح وجمال وبساطة في الآية الكريمة. كذلك تذكر الآية حرمة معاداة الله تعالى والملائكة والرسل وتخصص منهم جبريل وميكال ؑ.
الحديث يثبت بكل وضوح أن جبريل ؑ من الملائكة
“حدثنا زمعة عن الزهري عن أبي إدريس الخولاني قال: كنت في مجلس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم عبادة بن الصامت، فذكروا الوتر، فقال بعضهم: واجب، وقال بعضهم سنة، فقال عبادة بن الصامت: أما أنا فأشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أتاني جبريل عليه السلام من عند الله تبارك وتعالى، فقال: يا محمد إنَّ الله عز وجل قال لك: إني قد فرضت على أمتك خمس صلوات، من وافاهن على وضوئهن ومواقيتهن وسجودهن، فإن له عندي بهن عهد أن أدخله بهن الجنة ومن لقيني قد أنقص من ذلك شيئا -أو كلمة تشبهها- فليس له عندي عهد إن شئت عذبته وإن شئت رحمته».” (أخرجه الطيالسي في “المسند” 1 / 66 / 251، المجلد الثاني، رقم الحديث 842. وصححه الألباني في “السلسلة الصحيحة” 2 / 520)
فلا مجال في أن جبريل هو مَلَكٌ كريم من الملائكة الكرام ينزل بالوحي على النبيين عليهم السَلام. وهذا ما نؤمن به في الجماعة الإسلامية الأحمدية حيث يقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام:
“ولكن فَهْم الأهداف وراء أفعال الملائكة ليس ممكناً إلا بواسطة الملائكة. فبواسطة الملائكة أيْ جبريل قد كُشف على آخر الرسل ﷺ أنَّ الغاية المتوخاة من فعل الملائكة هذا أيْ رمي الشهب؛ هي رجم الشياطين. … لأن الحقيقة أنَّ تضرر الجِنّة برمي الشهب ليس سببه النار المادية، بل النور الملائكي الذي يرافق الشهب، وهو محرق للشياطين بطبيعته.” (مرآة كمالات الإسلام، ص 473)
جبريل ؑ هو مصدر وحي المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام
يقول عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام:
“والواضح أيضاً أنه عندما ينـزل المسيح ابن مريم ويبدأ جبريل بإنزال الوحي عليه بالتوالي، ويعلّم بالوحي المعتقدات الإسلامية مثل الصيام والصلاة والزكاة والحج ومسائل الفقه كلها، فستسمى هذه المجموعة من أحكام الدين “كتاب الله” حتماً. وإن قلتم: سيؤمر المسيح بذلك الوحي فقط أن يعمل بالقرآن، ثم ينقطع الوحي طول العمر، ولن ينـزل عليه جبريل بعد ذلك قط، بل ستُسلَب منه النبوة كلياً فيصبح مثل بقية أفراد الأمة، قلت: إنَّ هذه فكرة صبيانية جدا وتبعث على الضحك. فالمعلوم أنه لو قيل افتراضاً إنَّ الوحي سينـزل عليه مرة واحدة فقط، ويأتيه جبريل بجملة واحدة ثم يصمت نهائياً، لكان ذلك أيضاً منافياً لختم النبوة؛ لأنه إذا فُضَّ ختم النبوة مرّة، وبدأ نزول وحي النبوة من جديد -قليلاً كان أم كثيراً- فلا يغير في الموضوع شيئا. لكل عاقل فطين أن يدرك أنه إذا كان الله تعالى صادق الوعد -وكان وعده الوارد في آية خاتم النبيين، وما جاء في الأحاديث بصراحة تامة أنَّ جبريل قد منع بعد وفاة النبي ﷺ من الإتيان بوحي النبوة إلى الأبد- صِدقاً وحقاً، لاستحال قطعاً أن يأتي أي شخص رسولاً بعد نبينا الأكرم ﷺ. ولو افترضنا جدلاً أنَّ المسيح ابن مريم سيحيا ويعود إلى الدنيا، لما وسعنا الرفض بحال من الأحوال أنه رسول، وسيأتي كرسول، وستبدأ سلسلة نزول جبريل وكلام الله عليه من جديد. كما لا يمكن على الإطلاق أن تطلع الشمس دون أن يصحبها ضوءها، كذلك من المستحيل تماماً أن يأتي إلى الدنيا رسول لإصلاح خلق الله دون أن يصحبه الوحي الإلهي وجبريل.” (إزالة الأوهام ص 429)
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ