لماذا تعظمون خليفتكم؟

سألني صديقي ذات مرة قائلا:

ألا ترى أنكم تبالغون في تعظيم خليفتكم، وترددون كلمة الخلافة عشرات المرات في حديثكم؟

التفت إليه مبتسما، وقلت له:

ليس ذلك فحسب، بل إن الاحمديين يحبون خليفتهم أكثر من حبهم لأنفسهم، ويدعون له في صلاتهم، ويحمدون الله تعالى كل يوم على نعمة الخلافة.

رمقني في تعجب، ثم قال:

هذا هو بالظبط الذي أقصده، فما سبب كل هذا الحب والتعظيم؟

قلت له:

الله

ساد الصمت بيننا لوهلة، ثم قطعه صديقي قائلا:

عذرا، لم أفهم إجابتك، أسألك عن سبب تعلقكم بخليفتكم، فتجيبني بكلمة (الله)

قلت له:

نعم، الله هو سبب حبنا لخليفتنا، وهو من ألقى في قلوبنا تلك المحبة، فمن أحبه الله تعالى وضع له القبول في الأرض، ثم إن رغبتنا الصادقة في الوصول إلى الله تعالى هي سبب آخر لمحبتنا للخلافة، فنحن في هذه الدنيا تائهون يا صديقي، وكلنا يبحث عن مرشد ودليل يدلنا على الوصول إلى باب الله، ويرشدنا في طريق سيرنا عبر دروب التقوى الدقيقة.

وهل يا ترى يصل المسافر إلى وجهته بغير مرشد ولا دليل؟

فأي دليل لنا أفضل من شخص اختاره الله تعالى لإمامة جماعة الصادقين؟ وكيف لا نختار من اختاره الله نائبا لحبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولعبده المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام في هذا العصر؟

وهل يملك أن ينير درب العرفان أحد غير إمام الوقت وخليفة الزمان؟

قال الإمام الجنيد رضي الله تعالى عنه و أرضاه:

سبق في علم الله القديم ألا يدخل أحد لحضرته سبحانه إلا على يد عبد من عباده، لابد لك من شخص عارف بالله  يرشدك و يقيك المهالك أيها السالك، قال تعالى في سورة الكهف : {مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ۖ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا}“.

وقد أحسن الشيخ إبن عجيبة رضي الله تعالى عنه حين قال :

صلينا كثيراً و صمنا كثيراً، و اعتزلنا كثيراً و ذكرنا كثيراً، و قرأنا القرآن كثيراً، و الله ما عرفنا قلوبنا و لا ذقنا حلاوة المعاني حتى صحبنا الرجال أهل المعاني، فأخرجونا من التعب إلى الراحة، و من التخليط إلى الصفاء، و من الإنكار إلى المعرفة“.

ونحن نشهد على صدق هذا الكلام، فما عرفنا ربنا حقا، ولا هامت قلوبنا عشقا لحبيبنا ومصطفانا محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صحبنا خليفة المسيح أيده الله تعالى بنصره العزيز وبايعنا على يديه.

لقد قال مولانا جلال الدين الرومي رحمه الله :

من يدخل الطريق بلا مرشد يستغرق مائة عام في رحلة لا تحتاج سوى يومين، ومن علامات رضاء الله على عبده، أن يلهمه مجالسة أهل الله وخاصته، فالعالم مصباح الله في أرضه، فمن أراد الله به خيراً اقتبس منه، وملازمة الشيخ المربّي تُرقّي و تُربّي، فصحبة العارفين ترتقي بك إلى حال الواصلين

هل عرفت يا صديقي لماذا نلوذ بأعتاب خلافة تتلو علينا آيات الله، وتعلمنا الكتاب والحكمة، وتزكينا؟

لأننا منذ بايعناها وتمسكنا بأعتابها، ونحن نحيا فى كرم متواصل من الله ما غاب عنا فيضه، ولا انقطعت عنا بركاته.

ارجو أن تكون الآن قد علمت لماذا نعظم الخليفة ونحب الخلافة، فمن أراد الوصول لله تعالى، فعليه أن يلزم عتبة الصالحين، والخليفة الذي يختاره الله هو إمام الصالحين في كل عصر.

سئل أحد العارفين :

كيف الوصول إلى الله عز وجل؟

فأجاب قائلا:

إن الكسر هو أقوى حركات الإعراب، وهو الذّل والتواضع لله، ثم بعد ذلك يأتى الضم، وهو أن يضمك الله إلى حزب الصالحين، فإذا ضمك الله إلى الصالحين، جاء الفتح من الله، ثم يأتى بعده السكون الذي هو التسليم لله

والمعنى أن تأتي إلى أهل الله تعالى منكسر القلب أولا، فيضمك الله إليه،  فيفتح لك فتوح العارفين، فيسكن قلبك تحت مجاري الأقدار، وتتشرف بأن تكون في حضرة العزيز الغفار.

أطرق صديقي برأسه لحظات، ثم نظر إلى صامتا ولم يتكلم، فقلت له:

متى تنال الكسرة يا صديقي العزيز!!

About أسامة محمد عبد العظيم

View all posts by أسامة محمد عبد العظيم

One Comment on “لماذا يا أحمديون تعظمون خليفتكم؟”

Comments are closed.