إنشاء جماعة فعَّالة
ما يمتاز به الأنبياء والمبعوثون هو أنهم ينشئون جماعات ينضم إليها أفرادها بطيب الخاطر مستبشرين مسرورين، ويدخلونها مؤمنين بمؤسسها ومعتقدين ومصدِّقين أنه مبعوث من الله تعالى وأنهم مكلفون باتباعه، ولا يبالون بما يواجهونه من أذى واضطهاد بل وتهجير وتقتيل ومقاطعة بسبب إيمانهم، بل تظهر فيهم نماذج محيِّرة من الصبر واليقين والثبات والاستقامة.
وما يمتاز به زمن هؤلاء المبعوثين هو أن رياح المعارضة تهبُّ من كلِّ مكان، وهذه سُنَّة الله تعالى التي لا بد من ظهورها، ويتوحَّد الفرقاء ويجتمعون ساعين لاستئصال شأفة هذه الجماعة رغم خلافاتهم الكثيرة، ويبذلون كلَّ ما في وسعهم للقضاء على الجماعة بالاضطهاد ووضع العوائق والحرب الكلامية وأصناف المعارضة المتنوعة، ولكن جهودهم كلَّها تبوء بالفشل، وتستمر الجماعة في خطوات ثابتة راسخة، ويقومون بواجباتهم وجهادهم في إقامة الإيمان والتقوى والتوحيد ونشر الدين، ويُفشل الله تعالى المعارضين ويخيبهم. وكلما ظهرت موجة معارضة كان الفشل الذريع في نصيبها، ولم تتمكن مطلقا من القضاء على الجماعة أو إعاقتها. وهذه تكون إحدى آيات صدق المبعوث وإحدى وسائل تنقية الجماعة وزيادة إيمانها وإظهار سماتها وصفات أفرادها المخلصين والتزامهم ومكانتهم ومستوى أخلاقهم الرفيع.
هذه المواصفات نراها واضحة جلية في جماعة الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام الذي وُفِّق بالفعل لإنشاء هذه الجماعة الموحدة الملتزمة بإمامها والباذلة الغالي والنفيس بالمال والجهد والنفس حتى إن أعداءها يستعجبون من حال أفرادها ويرونهم مغترِّين مخدوعين مغيَّبين، وهذا كما جاء في القرآن الكريم عن جماعة المؤمنين الأوائل:
{إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ } (الأَنْفال 50)
ولكنهم في الواقع قد ذاقوا طعم الإيمان واستعذبوه وأنشأوا علاقة مع الله تعالى رأوها تتقدم وتتطور بالإخلاص وبذل المزيد من التضحيات، لذلك فهم لا يأبهون بالدنيا ولا ما فيها من مغريات ولا مرهبات.
هذا الفارق العظيم بين الجماعة الإسلامية الأحمدية وغيرها من الفرق والملل والنحل في الإسلام، ناهيك عن الأديان الأخرى، إنما هو إنجاز عملي عظيم للمسيح الموعود والإمام المهدي عليه الصلاة والسلام، ويشهد به القاصي والداني.
وللمزيد يرجى قراءة الإنجاز الثاني في كتاب “إنجازات المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام” حيث تجدون الكتاب هنا.