عندما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم رسائله إلى الملوك داعيا إياهم إلى الإسلام، لاقت الرسائل ترحابا وإكراما عموما من الملوك إلا قليلا، وكان كسرى “خسرو برويز” أكثر الملوك صلفا وكبرا، فرأى في هذه الرسالة إهانة له، فمزَّقها ثم أرسل إلى واليه في اليمن “باذان” يأمره باعتقال النبي صلى الله عليه وسلم وإرساله إليه. فأرسل باذان رجلين لهذا الغرض، فاستضافهما النبي صلى الله عليه وسلم ثم أخبرهما بعد ذلك بأن الله تعالى ربَّه قد قتل ربَّهما أي كسرى، وذلك بأن سلَّط عليه ابنه فقتله.
كانت هذه إحدى معجزات النبي صلى الله عليه وسلم التي أدت إلى إسلام باذان والي فارس على اليمن، إذ أن الله تعالى قد قضى على عدوه بيد ابنه من ناحية، ثم أخبرَ النبيُّ صلى الله عليه سلم بهذا الخبر في ليلته، بإخبار الله تعالى، قبل أن يعلم به أحد.كسرى
وفي سيرة المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام كان هنالك هندوسيٌّ بذيء فاحش اللسان طالما أساء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بلسانه السليط، وبالغ في الفُحش والبذاءة، بل وتجاسر طالبا آية من المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام عقوبة له لو كان ربه إله الإسلام قادرا بالفعل على هذا. فأنبأ المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام بأن عذاب الله تعالى سيحلُّ عليه في ست سنين، وأن مصيره سيكون مصير عجل السامري الذي حُرَّق ثم نُسف رمادُه في اليمِّ نسفا، وأن هذا سيكون قريبا من يومِ عيد، وأن عذابه سيكون على يد مأمور من الله تعالى كان قد رآه حضرته في الكشف وعيناه تقدحان شررا، وأنه سيُمزَّق بخنجر النبي صلى الله عليه وسلم جزاء على لسانه السليط الفاحش الذي كان كالخنجر الذي آذى به قلوب المسلمين.
لم يكن من هذا الملحد الهندوسي إلا أن ازداد بهذه الأنباء والإنذارات وقاحة وجرأة لأنه ظن بأنه لا إله يمكن أن يحاسبه وينزل به العقاب، فأعلن بحمق ووقاحة أنه يتنبأ بأن المسيح الموعود سيموت بالكوليرا خلال ثلاث سنوات مقابل نبوءة موته خلال ست سنوات، ثم تمادى وقاحة وفحشا وبذاءة، مما أدى إلى أن ينزل به العذاب قبل ستة أشهر من انتهاء المدة الموعودة طبقا لأنباء المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام تماما، فقتله قاتل مزَّق أحشاءه رغم الحراسة المشددة، ثم اختفى ولم يعثر عليه أحد.
بمجرد قتله، اتَّهمَ الهندوسُ الذين كانوا يحرسونه ويخشون تحقق نبوءة المسيح الموعود بقتله فيه بأنه هو من أرسل القاتل، ولكن ثبُت أنهم كاذبون، وشايعهم بعض المشايخ الذين دفعتهم العداوة إلى مناصرة أعداء الله ورسوله ضد حضرته، فأعلن حضرته بعد ذلك أن من سيأتي منهم ويقسم بأنه هو من أرسل هذا القاتل فإنه يعلن بأنه سيموت خلال عام قطعا وجزما. فلم يجرؤ أحد على التقدُّم منهم للقسم.
ذُكرت روايات متعددة على ألسنة الهندوس حول ماهية وحقيقة هذا القاتل وسبب قتله لليكرام، ومنها ما له علاقة بخسة ليكرام وخيانته وسوء خلقه، ولكن بغض النظر عن القاتل وماهيته ودافعه للقتل، فقد كان قَتْل ليكرام هو بيد الله تعالى الذي يسلِّط الظالمين على الظالمين وينفذ قضاءه وقدره. فكما أن كسرى شيرويه الابن قد قتل أباه كسرى برويز، وكان الأمر اغتيال ابن لأبيه، إلا أن الله تعالى قد جعل عقوبة ظالم على يد ظالم، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم واصفا الأمر لرسول باذان {إِنَّ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ قَتَلَ رَبَّكَ} (مسند أحمد، كتاب أول مسند البصريين). فمع أن القاتل كان الابن، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نسب القتل إلى الله تعالى، لأن الابن كان سببا بيد الله تعالى لإنزال العقوبة على كسرى الأب.
وهكذا، فقد تجددت سنة الله تعالى مع المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام، وقتل ربُّه عجل الهندوس صاحب الخوار الفاحش البذيء، بل وجعل الهندوس أنفسهم يحرِّقونه كما هي عادتهم ثم ينسفون رماده في اليمِّ نسفا، فيصبح القاتل والمشيَّعون أسبابا لتحقيق مشيئة الله تعالى.
فسبحان الله تعالى الذي له جنود السماوات والأرض.