مواقف بطولية مشرّفة لصالح العرب والمسلمين
تحدَّثنا في منشورات سابقة حول بعض المواقف العظيمة لصحابة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام رَضِيَ اللهُ عَنْهُم ومنهم الصحابي الجليل مُحَمَّد ظفر الله خان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خدمةً للعرب والمسلمين وخاصة نصرته الشهيرة لقضية فلسطين، ونقدّم للقراء هنا موقف حضرته من قضية استقلال ليبيا والدفاع عن وحدتها وعدم تقسيمها ووضعها تحت صاية الدول الغربية وذلك حين قام حضرة ظفر الله خان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بدورٍ مُهِمٍّ في رفض وإفشال مشروع “بيفن سفورزا Bevin-Sforza-Plan” المؤسَّس سنة 1949 والقاضي بتقسيم ليبيا ووضْعها تحت وصاية إيطاليا وبريطانيا وفرنسا. ونقتبس مما ذَكَرَه ظفر الله خان ؓ في كتابه الذي أصدره بعنوان “تحديث النعمة” بعد اجتماعه بالمندوب المصري في الأمم المتحدة سعادة أحمد خشبة باشا وعرْضِه عَلَيهِ خطّة العمل التي أعدّها حضرته رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لإفشال مشروع “بيفن سفورزا”، حيث يصف ردّة فعل المندوب المصري بأنه:
“قفز سعادة أحمد خشبة باشا من شدّة الفرح وقال: رائع جداً. لماذا لَمْ يدُرْ هذا بخلدي أنا؟” (تحديث نعمت، ص 569)
وبعد أن تمّ بالفعل إفشال هذا المشروع كما توقّع وخطّط ظفر الله خان ؓيقول حضرته:
“عندما أعلنَ رئيسُ الجلسة فشل المشروع بدأتُ أضربُ على الطاولة الأمامية بشدّة حتى تورّمت يدي. لقد كان الجزء الرابع من المشروع أن تبقى هذه الدويلات الثلاثة -المزعومة- من ليبيا تحت وصاية البلاد الأوروبية الثلاثة لعشر سنوات قادمة. فلمّا نادى الرئيس للتصويت على تقسيم البلاد إلى بلدان ثلاثة، وقفتُ وقلتُ: أرجو التوضيح ما هو البلد الثالث منها؟ إِذْ إنَّ التصويت بـاءَ بالفشل حوله، فقال الرئيس: سوف يتقدم الان أحدٌ باقتراح التغيير في المشروع فنكتبُ “بلدين” بدلاً من “ثلاثة”، وبينما كنتُ أريد أن أقف لأقول شيئاً إذ أستاذنَ مندوبُ الأرجنتين وقال: لا جدوى من التصويت على بقية أجزاء المشروع لانه في حالة عدم تسليم طرابلس إلى إيطاليا سوف تعارض دولُ أمريكا اللاتينية المشروع كلّه. وهذا ما حصل بالضبط على صعيد الواقع، وباءَ مشروع “بيفن سفورزا” الخاص بليبيا بالفشل الذريع.
بعد هذه الجلسة في الجمعية العامة رجعتُ إلى كراتشي، فأتى لمقابلتي السفيرُ الإيطالي في باكستان ومعه رسالة من وزير خارجية إيطاليا قال فيها: “لم أتأسّف على فشل المشروع، بل نريد أن نصادق الدول العربية ونكسب ثقتهم، لذلك فإننا جاهزون لتأييد استقلال ليبيا في الجلسة القادمة.”. فعُرض مشروع الاستقلال لليبيا في عام 1949، وأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21/11/1949 القرار رقم 289 الذي يقضي بمنح ليبيا استقلالها في موعد لا يتجاوز الأول من يناير 1952، وشُكلت لِجْنة لتنفيذ هذا القرار، وكانت باكستان ومصر من أعضائها البارزين.” (تحديث نعمت، ص 569-573)
ونقتبس ما قاله سعادة أحمد خشبة باشا المندوب المصري في الأمم المتحدة حول هذا الموضوع:
“إنَّ السيد ظفر الله خان الرجل الوقور ذا اللحية الكثّة أخذَته نشوةُ فرحٍ لا توصَف بانتصار الدول العربية ومؤيّديها في قضية ليبيا أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 1952 فقال بصوت مسموع للجميع إنَّ سروره لا يقدّر بانتصار قضية ليبيا العربية. وكذلك كان دفاعه مجيداً عن طرابلس.” (جريدة الأهرام 28 يونيو 1952)
وقال أيضاً:
“إنَّ الخدمات التي أدّاها السيد ظفر الله خان للإسلام والمسلمين والتي لا تحصى، لا يمكن إلا أن تكون محل تقدير وإعجاب من الجميع.” (جريدة “الزمان” عدد 25/ 6/1952م)
فالخدمات التي هي ثمرة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام للعرب والمسلمين إنما هي وراء كُلّ نصر وحرّية نالها وينالها العرب والمسلمون، وبدون الالتفاف خلف المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وجماعته اليوم فلن يمكن الخروج من نفق الفتن والهوان الذي نراه للأسف في أرجاء عالمنا العربي والإسلامي الحبيب.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
المزيد من منشوراتنا حول الصحابي ظفر الله خان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: