أستعرض فيما يلي بعض الآيات الكريمة من كتاب الله ﷻ القرآن المجيد التي تتحدث حول فضيلة الإيثار التي هي من درجة الإحسان والتي يؤكد عليها القرآن الكريم كمبدأ أساسي للارتقاء بالخُلُق والتقرب إلى الله ﷻ. فأبدأ بقوله تبارك وتعالى:
{وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 10]
أي أن الذين يؤثرون خلق الله تعالى على أنفسهم ولو كانوا معسرين محتاجين فأولئك هم المفلحون
وقال الله تعالى: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [آل عمران: 93]
أي أن البر هو درجة لا ينالها إلا من يؤثر على نفسه وينفق مما يحب لنفسه
وقال تبارك وتعالى: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 178]
أي أن البر ليس كما يتصور البعض مجرد الانتماء لهذه الجهة أو تلك أو حتى التوجه إلى القبلة بل هو إلى جانب أركان الإيمان نفسها الإنفاق مما يحب للنفس من مال وحاجات أي أرقى أنواع العطاء الذي يتمناه المرء لنفسه، وأولئك هم الصادقون والمتقون.
وقال تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا} [الإنسان: 7-10]
أي أن الأبرار والصالحين يوفون بعهد الله تعالى ومسؤولياتهم تجاه عباده خوفاً من غضب الله تعالى وحباً به ﷻ وبعباده تبارك وتعالى وليس لمصلحة مادية فيطعمون الناس من خير الطعام الذي عندهم لمن تقطعت به السبل كالمسكين واليتيم الذي لا معيل له والأسير الواقع تحت قبضة غيره فقط من أجل مرضاة الله تبارك وتعالى واتقاء غضبه ﷻ لا لهدف آخر. هؤلاء سينعمون برضوان الله ونعيمه ﷻ. أما الأحاديث في ذلك فهي كثيرة لا حصر لها، ولكن أكتفي هنا بما ورد في القرآن الكريم.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ