لا بد أن يكون واضحا أن الجماعة الإسلامية الأحمدية هي جماعة المؤمنين الثانية أو جماعة الآخرِين التي أنبأ القرآن الكريم بأنها ستلتحق بجماعة المؤمنين الأولى. وهي ليست فرقة أو مذهبا أو مدرسة فكرية أو تنظيما أو حزبا أو جماعة سياسية تلبس لباسا دينيا لتنتهز كل فرصة لتقفز إلى السياسة والحكم. هذه الجماعة هي في الواقع تلك الثلة من الآخرين التي تماثل تماما الثلة من الأولين التي أنبأ بها القرآن الكريم، وخاصة في فواتح سورة الجمعة، وعناصر المشابهة بينهما عديدة جدا.
فكما أن الجماعة الأولى قد أنشأها النبي صلى الله عليه وسلم ودخلها من آمن به وصدقه، فقد أنشأ الجماعة الثانية غلامه وخادمه وممثله، الذي تعتبر بعثته كأنها بعثة ثانية للنبي صلى الله عليه وسلم، وشرط دخولها الإيمان به وتصديقه مبعوثا من الله تعالى وخادما لنبيه صلى الله عليه وسلم. وكما كان للنبي صحابة التفوا حول النبي صلى الله عليه وسلم وخدموا الدين بدمائهم وأموالهم، وتقدموا في الإيمان والعمل الصالح إلى أقصى الدرجات، كذلك كان في الجماعة الثانية أمثال الصحابة من المخلصين الباذلين دماءهم وأموالهم في خدمة الدين المنقطعين لله تعالى. وكما نشأت الخلافة الراشدة على منهاج النبوة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كذلك نشأت الخلافة الراشدة الثانية بعد وفاة المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام، وتحقق بنشأتها نبأ النبي صلى الله عليه وسلم بعودة الخلافة الراشدة. فكل فضيلة وُجدت في جماعة الأولين هي موجودة أيضا في جماعة الآخرين.
وبالمقابل فكل ما واجهته جماعة المؤمنين الأولى من صعوبات وتحديات على يد الكفار والمنافقين والمرتدين كذلك واجهته جماعة المؤمنين الثانية وتواجهه. فكما خرج في ذلك الزمان منافقون خبثاء ومرتدون أراذل من أدعياء النبوة الكاذبة وغيرهم ممن تحالفوا معهم ومعارضون سفهاء مجرمون من الكفار،كذلك خرج خلَفٌ لهذا السلف من المنافقين الخبثاء والمرتدين أصحاب الدعوات العجيبة والأفكار الشاذة والمعارضين من السفهة بذيئي الألسنة والأفعال محاولين النيل من الجماعة عامة ومن الخلافة خاصة. وكما عارض المنافقون والمرتدون الخلافة الأولى وأرادوا القضاء عليها فأخزاهم الله وأبطل كيدهم، كذلك خرج المنافقون والمرتدون أيضا لمناكفة الخلافة الراشدة الثانية فأخزاهم الله تعالى وما يزال يخزيهم في كل موطن. وكما كان الله تعالى يميز الخبيث من الطيب في جماعة المؤمنين الأولى، فهذه سنته المستمرة في جماعة المؤمنين الثانية. وباختصار، فإن هناك جوانب عديدة جدا من المماثلة يستطيع أن يراها كل من تدبر في شئونها. ووجود هذه الفئات هو في الواقع دليل متجدد على صدق هذه الجماعة وكمال مماثلتها مع جماعة المؤمنين الأولى. أما الجماعات الأخرى والأحزاب والمذاهب الدينية المختلفة فلا يدخلها أحد بإيمان، ولا يتركها أحد بارتداد، ولا يوجد فيها ما يمكن وصفهم بالمنافقين على وجه الحقيقة؛ وإن كان يدخلها أحيانا بعض المندسين الذين يسعون للتخريب والإفساد.
ما ينبغي إدراكه من قبل معارضي الجماعة أنهم يخطئون خطأ فادحا في معارضتهم لهذه الجماعة، خاصة إذا لم يفهموا حقيقة هذه الجماعة وحقيقة نشأتها وتركيبها. فهم في الواقع إذ يعارضونها إنما يعارضون خطة الله تعالى، وإن حاربوها فإنما هم في حرب مع الله تعالى، وأنى لمن حارب الله أن ينتصر! هذه الجماعة هي جماعة الآخرين الموعودة الملحقة بالأولين والتي قدر الله تعالى لها تحقيق الغلبة الأبدية للإسلام إلى قيام الساعة. فالعاقل من وعى ذلك، وحجز لنفسه مكانا في المؤمنين، وابتعد عن سيرة المنافقين والمرتدين والكافرين.