الحجر الأسود وأهميته عند المسلمين
يقول حضرة المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) حول الحجر الأسود وأهميته عند المسلمين :
“وُضع حجر الكعبة (الحجر الأسود) رمزًا لأمر روحاني. ولو شاء الله ما بنى الكعبة ولا وضع فيها الحجر الأسود، ولكن من سنة الله الجارية أنه عز وجل يجعل إزاء الأمور الروحانية رموزا مادية تمثِّلها، وتكون شاهدا ودليلا على تلك الأمور الروحانية. وقد شيدت الكعبة بحسب هذه السنة الربانية.
الحق أن الإنسان مخلوق لعبادة الله. والعبادة نوعان؛ الأول: التذلل والتواضع، والثاني: الحب والفداء. ولإظهار التذلل والتواضع أمرنا اللهُ بالصلاة .. حيث يشترك الجسد مع الروح في التعبير عن التذلل والتواضع، ويكون كل عضو من أعضاء الجسد البشري في حالة من الخشوع والخضوع البدني …
وبالنسبة للحب والفداء؛ حيث يؤثِّر الجسد في الروح وتؤثر الروح في الجسد، فكما أن روح المحب تطوف حول المحبوب كل حين، وتضع القبلات عند عتبة داره، كذلك جُعلت الكعبة المشرفة رمزا ماديًّا للمحبين الصادقين، وكأن الله تعالى يقول لهم: انظروا، هذا البيت بيتي، وهذا الحجر الأسود حجر عتبتي.
ولقد أراد الله تعالى بذلك أن يتمكن الإنسان من التعبير عن مشاعر حبّه الجياشة تعبيرًا ماديا، فالحُجاج يطوفون بهذا البيت طوافًا جسمانيا، بهيئة تشبه هيئة من أصابهم الجنون من فرط اشتياقهم ومحبتهم لله تعالى، فيتركون الزينة، ويحلقون الرؤوس، ويطوفون ببيت الله في هيئة المجذوبين الوالهين، ويقبلون هذا الحجر متمثلين أنه عتبة بيت الله تعالى. هذا الوَله الجسماني يولد حبًا ولوعة روحانية. فالجسم يطوف بالبيت ويقبل حجر العتبة، بينما تطوف الروح حول الحبيب الحقيقي، وتطبع القبلات على عتبته.
وليس في ذلك أي أثر للشرك بالله تعالى. إذ أن الصديق يُقبِّل رسالة صديقه الحميم عندما يتسلمها. فالمسلم لا يعبد الكعبة المشرفة، ولا يستغيث بالحجر الأسود، وإنما يتخذه رمزًا ماديا أقامه الله تعالى. وكما أننا نسجد على الأرض، ولا يُعتبر هذا السجود لأجلها؛ كذلك نقبّل الحجر الأسود، ولا يكون هذا التقبيل من أجله، وإنما هو حجر لا ينفع ولا يضر، ولكنا نقبّله لأنه من ذلك الحبيب الذي جعله رمزا لعتبة بيته سبحانه وتعالى“. (چشمه معرفت (ينبوع المعرفة)، الخزائن الروحانية مجلد 23 ص 99 – 101)
تقبيل الحجر الأسود
ويقول حضرة المُصْلِحُ المَوْعود (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وأرْضاه) حول نفس الموضوع :
“فلو قبّلنا الحجر الأسود مدركين بأن الله تعالى قد أمرنا بتقبيله مع أنه ليس أكثر من حجر، لَكُنّا متمسكين بالتوحيد، ولو أهملنا هذا الأمر وظننّا أن فيه ميزةً خاصة لأصبح تقبيلنا له عملاً وثنيا. لقد قبّل عمر – رضي الله عنه – الحجر الأسود، لكنه لم يكن مشركا، إذ كان يدرك أن ليس له أية أهمية ذاتيه، وإنما قبَّله بأمر الله تعالى، ولكن لو قبّل أحد الحجر الأسود ظنًّا منه أن فيه ميزة خاصة لصار مشركا. وإذا طاف المرء بالكعبة لأن الله تعالى أمر بذلك فهو موحّد عظيم، ولكن لو طاف بها ظنًّا منه أن في هذا البيت ميزة ذاتية وقدرة خاصة فهو مشرك.” (التفسير الكبير قريش)
حديث نزول الحجر الأسود من الجنة
روى الترمذي في سننه حديث رقم 877 عن عبدالله بن عباس (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) عن النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) أنه قال :
” نزل الحجرُ الأسودُ مِن الجنةِ وهو أشدُّ بياضًا مِن اللبنِ، فسوَّدَتْه خطايا بني آدمَ. ” صححه الألباني
فبالنسبة لحديث النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) بأن الحجر الأسود كان أبيضاً ثم اسودّ من ذنوب الناس فقد أوّله حضرة الخليفة الرابع (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وأرْضاه) بأن هذا الحديث صحيح ومعناه أنه عندما تطوف الأحجار في السماء كما يعلم الجميع وتتجه أحيانا نحو الأرض فهي تصطدم بالغلاف الجوي مما يؤدي إلى احتراقها وبالتالي لا ينزل منها شيء عادة إلا ماندر وهكذا يقول النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) بأن هذا الحجر الأسود كان أبيضا واسودّ من ذنوب الناس وهذه استعارة جميلة من النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) أي أن هذا الحجر لم يكن أسوداً بل كان ابيضاً في أصله ولكنه بسبب الإحتراق بالغلاف الجوي تفحّم وتغير لونه الى السواد وهو يشبه الدنيا والقلب الذي يكون في أصله أبيضاً أي نقياً من الذنوب – وليس كما تروج النصرانية بأن الإنسان يولد في الخطيئة- فكما أن الذنوب تسوّد القلب والدنيا فيستحيل القلب البريء والجَنان النقي إلى حجارة أو أشد قسوة ويحل السواد والظلمة بدل البياض والنور فهكذا تشابه الصورة والمعاصي الغلاف الجوي للأرض الذي يسوّد الحجر العتيد الذي يأتي إلى الدنيا أبيض من اللبن وإلا فالذنوب لم توجد في ذلك الوقت لأن الذنوب تقتضي وجود الشرائع التي تُخرق فتنتج الذنوب وحيث أن البشر قبل التشريع لم يكونوا يذنبون لأنهم لم يكونوا يعلمون ماهي الذنوب وماهو الحق والباطل كي يطلق على أعمالهم بالذنوب فهو إذاً تدرج روحاني تأهل له الإنسان الأول اي آدم (عليه السلام) ليحمل الرسالة ويكون أول نبي للعالم، وإلا فكيف يقبّل النبي (صلى الله عليه وسلم) حجراً اسودّ من الذنوب؟ هل يقبّل النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) حجراً مليئا بالذنوب؟ هل يعقل ؟
يجب أن نفهم أن كلام النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) كان باستعارات ومجاز لتقريب الصورة وهو نفس أسلوب القرآن المجيد الذي يتكلم بأمثال وكنايات لإيصال المعنى بأقصر وأبلغ طريق حسب لسان المخاطَب وعرفه وذلك أيضا أسلوب الخطاب في الكتب المقدسة الأخرى.
المزيد:
ما أهمية الحجر الأسود في الكعبة
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
صدق الامام وخليفته عليهم السلام