يشدّد رسول الله ﷺ على طاعة الخلفاء من بعده:
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ يَقُولُ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا قَالَ قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلا هَالِكٌ؛ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ. وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الأَنِفِ حَيْثُمَا قِيدَ انْقَادَ. (سنن ابن ماجه، كتاب المقدمة)
ويرد النبي ﷺ على من يظن أن الخلافة من بعده لا عودة لها بعد أن تُرفَع يرد ﷺ عليهم بأنها ستعود على منهاج النبوة النقي ولن ترفع أبدا:
عن حُذَيْفَة قَالَ قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ. (مسند أحمد، مسند الكوفيين)
فالنبي ﷺ بلَّغ كل ما أُمِر به من ربّه فقال “ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ” ثُمَّ سَكَتَ. وما سكت ﷺ عن نبأ أبداً بل بلَّغَ وأدى الأمانة على أتمّ وجه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
يقول حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام مؤكداً على دوام الخلافة من بعده :
“ فيا أحبائي، ما دامت سنة الله القديمة هي أنه تعالى يُري قدرتين، لكي يحطّم بذلك فرحتَين كاذبتين للأعداء.. فمن المستحيل أن يغيّر الله تعالى الآن سنته الأزلية. لذلك فلا تحزنوا لما أخبرتكم به ولا تكتئبوا، إذ لا بد لكم من أن تروا القدرة الثانية أيضًا، وإن مجيئها خير لكم، لأنها دائمة ولن تنقطع إلى يوم القيامة. وإن تلك القدرة الثانية لا يمكن أن تأتيكم ما لم أغادر أنا، ولكن عندما أرحل سوف يرسل الله لكم القدرةَ الثانية، التي سوف تبقى معكم إلى الأبد بحسب وعد الله الذي سجلتُه في كتابي “البراهين الأحمدية”، وإن ذلك الوعد لا يتعلق بي بل يتعلق بكم أنتم. كما يقول الله ﷻ: إني جاعل هذه الجماعة الذين اتبعوك فوق غيرهم إلى يوم القيامة.
فمن الضروري أن يأتيكم يومُ فراقي لِيليه ذلك اليوم الذي هو يوم الوعد الدائم. إن إلـهنا إلـهٌ صادق الوعد، وفِيٌّ وصدوق، وسيُحقق لكم كل ما وعدكم به. وبالرغم أن هذه الأيام هي الأيام الأخيرة من الدنيا، وهناك كثير من البلايا والمصائب التي آن وقوعها، ولكن لا بد أن تظل الدنيا قائمة إلى أن تتحقق جميع تلك الأنباء التي أنبأ الله تعالى بها.”
ثم يؤكد عَلَيهِ السَلام في نفس الحديث أن القدرة الثانية من بعده ستكون هي الخلافة كخلافة الصدّيق رَضِيَ اللهُ عَنْهُ للنبي ﷺ وأن الخلافة هذه هي التمكين الذي وعده الله تعالى باستخلاف المؤمنين الصالحين:
“….. إنه تعالى يُري نوعين من قدرته: فأولاً، يُري يدَ قدرته على أيدي الأنبياء أنفسهم، وثانيًا، يُري يدَ قدرته العظيمة بعد وفاة النبي عند حلول المحن، حيث يتقوى الأعداء ويظنون أن الأمر الآن قد اختل، ويوقنون أن نهاية هذه الجماعة قد دنت، حتى إن أعضاءها أنفسهم يقعون في الحيرة والتردد، وتُقصَم ظهورهم، بل ويرتدّ العديد من الأشقياء منهم، وعندها يُظهر الله تعالى قدرتَه القوية ثانيةً، ويُساند الجماعة المنهارة. فالذي يبقى صامدًا صابرًا حتى اللحظة الأخيرة يرى هذه المعجزة الإلهية، كما حصل في عهد سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حيث ظنوا أن وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم قد سبقت أوانَها، وارتد كثير من جهال الأعراب، وأصبح الصحابة لشدة الحزن كالمجانين، فعندها أقام الله تعالى سيدنا أبا بكر الصديق رضي الله عنه، وأظهر نموذجًا لقدرته الثانية، وحمى الإسلام من الانقراض الوشيك، وهكذا أتم وعده الذي قال فيه (ولَيُمكِّننَّ لهم دينَهم الذي ارتضى لهم وليُبدِّلنّهم من بعد خوفهم أمنًا)….” (الوصية/ الخزائن الروحانية، المجلد 20 صفحة 305، 306)
فالخلافة حسب المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام هي القدرة الثانية التي تظهر من بعد النبي لاستكمال الدور الذي أنيط بالنبي لتزكية وتعليم ولم شمل المؤمنين وإقامة السَلام الروحي وخدمة الخلق.
في ذلك يقول حضرة المُصْلِحُ المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مؤكداً على أهمية طاعة الخلافة وأن بغيرها فكل عمل يصبح بلا جدوى :
“كما أن الغصن المتصل بالشجرة هو وحده يمكن أن يحمل أثمارًا، أما المقطوع عن الشجرة فلا يمكن أن يثمرَ، وهكذا تمامًا فإن الذي يتمسك بأهداب الإمام هو وحده يمكن أن ينجز عملًا مفيدًا للجماعة، أما الذي لا يكون على صلة بالإمام فلن ينجز ما يمكن أن ينجزه الجَدْيُ حتى لو كان متمكنًا من علوم الدنيا بأسرها.” (رسالة خاصة من حضرة خليفة المسيح الخامس أيده الله تعالى بنصره العزيز لأبناء الجماعة الإسلامية الأحمدية لندن 11/05/2003)
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ