يقول تعالى:

﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ سورة الزمر 30

يقول الإمام الطبري رحمه الله في تفسير الآية أعلاه:

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ ، فِي قَوْلِهِ : [ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ] قَالَ : أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ الَّذِي فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ كُلُّهُمْ سَيِّئُ الْخُلُقِ ، لَيْسَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ إِلَّا تَلْقَاهُ آخِذًا بِطَرَفٍ مِنْ مَالٍ لِاسْتِخْدَامِهِ أَسْوَأَهُمْ ، وَالَّذِي لَا يَمْلِكُهُ إِلَّا وَاحِدٌ … وَقَوْلُهُ : [هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : هَلْ يَسْتَوِي مِثْلُ هَذَا الَّذِي يَخْدِمُ جَمَاعَةَ شُرَكَاءَ سَيِّئَةٍ أَخْلَاقُهُمْ – مُخْتَلِفَةٍ فِيهِ لِخِدْمَتِهِ مَعَ مُنَازَعَتِهِ شُرَكَاءَهُ فِيهِ – وَالَّذِي يَخْدِمُ وَاحِدًا لَا يُنَازِعُهُ فِيهِ مُنَازِعٌ إِذَا أَطَاعَهُ عَرَفَ لَهُ مَوْضِعَ طَاعَتِهِ وَأَكْرَمَهُ ، وَإِذَا أَخْطَأَ صَفَحَ لَهُ عَنْ خَطَئِهِ ، يَقُولُ : فَأَيُّ هَذَيْنِ أَحْسَنُ حَالًا وَأَرْوَحُ جِسْمًا وَأَقَلُّ تَعَبًا وَنَصَبًا ؟ كَمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : ثَنِي أَبِي قَالَ : ثَنِي عَمِّي قَالَ : ثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ] يَقُولُ : مَنِ اخْتُلِفَ فِيهِ خَيْرٌ ، أَمْ مَنْ لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ ؟ .” أهـ

ونحن نقول أيضاً شتان بين من يتّبع رجالاً متفرقين ومن هو على قلب رجل واحد. لقد أراحنا الله تعالى بالخلافة على منهاج النبوة. أراحنا سبحانه بجعلنا نتّبع رجلاً واحداً هو خليفة المسيح إمام الوقت حضرة مرزا مسرور أحمد أيَّدَهُ اللهُ بِنَصْرِهِ العَزِيز الذي يواصل مهام النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وخادمه المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في جمع المسلمين وتوحيد كلمتهم وتعليمهم وتزكيتهم وَإِن كنا من قبل لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ، بينما الذي هو خارج هذه الجماعة لا يعلم وجهته ولا قراره فتتلاطمه الأمواج والأهواء وتعصف به رياح الضرر والضرار فلا سيد له ولا ولي. لقد أراد الله تعالى كما وضّح المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بأن الإنسان خلق على صورة الله تعالى (1) أي أن يكون صورة من الأصل في صفات العدل والكرم والرحمة والود والصبر والعفو واللطف والرأفة والشكر والإحسان وغيرها من صفات الحق تبارك وتعالى وأسماءه الحسنى. وقد أراد الله ﷻ ذلك عبر توحيد الناس على قلب رجل واحد يقودهم إلى الْبِر والخير كما يقود الله تعالى الجميع إلى الخير والبر بدل الشتات والتفرق والتناحر بين المتخاصمين على المصالح والمناصب والكراسي المختلفة لا يقيم أحدهم لصوت أحدهم وزنا. فالحمد لله تعالى الذي جعل الإنسان على صورته فأراحه، فكما أن الله تعالى واحد والعبادة له وحده ﷻ فالإنسان يقتدي بذلك عبر التوحد خلف إمامٍ واحد مهمته هي توحيد الصفوف وضرب المثل الأعلى في التضحية والتسامح وخدمة الخلق ورفع مستوى الأخلاق وحب النظام وإنكار الذات، وبدون هذه المؤسسة التي سماها الله تعالى الخلافة فلن يمكن للناس تحقيق العدل وَالسَلام والخير.

فإِنَّا معك يا مسرور

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

(1) الحديث رواه البخاري (6227) ومسلم (2841) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ ” .


سورة الزمر
سورة الزمر 22 – 31

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد