الشيطان وأعوانه من الكافرين والمنافقين والمرتدين جزء من النظام ودليل قوة جماعة المؤمنين وصحتها
الشيطان جزء من النظام، وقد خلقه الله تعالى ليجمع حوله أعوانه من ذوي الطبائع الفاسدة الرذيلة، الذين لا يستحقون أن يبقوا في جنة جماعة المؤمنين، ويجب أن يُطردوا منها إما بسبب سوء أخلاقهم وأعمالهم المنحطة وإما بسبب فساد معتقداتهم وسوء ظنهم في الله، وهذا الظن الفاسد سيرديهم وسيلبس عليهم دينهم، وسيؤدي تلقائيا أيضا إلى فساد أخلاقي وسلوكي يجعلهم كريهي المنظر والمخبر، لا يطيقهم ولا يلتف حولهم إلا أمثالهم. فهم إما أن يطردهم النظام، وإما أن يطردوا أنفسهم.
فالله تعالى قد خلق الشيطان، ليقوم بعمله؛ وعملُه أن يجمع ذوي الطبائع الفاسدة من الكفار والمنافقين والمرتدين ليجتمعوا حوله ويحشرهم زمرا، ثم يقودهم إلى نار جهنم. فعندما يفكرون في لومه يقول لهم:
{ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } (إِبراهيم 23)
فهكذا يبرِّء نفسه، ويقول إنكم اتبعتموني لأنكم أنتم فاسدون، أما أنا فأقوم بعملي، فدعوتكم فاستجبتم لي، ولم أجبركم ولم أدفعكم لاتباعي، وإنكم ظالمون تستحقون العذاب الأليم.
ولا يتألب الشيطان إلا إذا رأى أن جماعة المسلمين تقوى وتزدهر، وأنه هو وأعوانه ينالهم الخزي والخيبة والخسران، فيحاول أن يشن هجماته التافهة التي قُدَّر لها الفشل، وهو يعلم أنه رجيم أي ملعون مطرود هو وأعوانه، ولكنه ينفذ عمله الذي خُلق له. أما الذين يتبعونه، والذين خلقوا أصلا لكي يؤمنوا ويعبدوا ويسمعوا ويطيعوا فهم الملومون وهم الظالمون، وليس دور الشيطان بالنسبة لهم إلا أنه يهيئ لهم الظروف والنطاق الذي تبرز فيهم طبائعهم الخبيثة، فعند ذلك تقام الحجة عليهم، ولن تكون لهم حجة على الله عندما يحاسبهم ويعاقبهم عقابا شديدا.
ومع خبث الشيطان الرجيم، إلا أنه يقوم بعمل مفيد في النهاية لجماعة المؤمنين بأن ينقيها من الخبث ويأخذ أعوانه بعيدا ويضعهم في حزب معارضة جماعة سواء كانوا كافرين أو منافقين أو مرتدين، ثم تشتعل بهم نار الحقد والحسد وتدفعهم ليظهروا فسادهم الأخلاقي سبا وشتما وقذفا مسعورا، التي هي في الواقع صورة من صور صريخهم في السعير الذي يصبحون فيه مسعورين يصيحون متألمين بصوت يبدو كالنباح. فالشيطان هو كلب الله الذي زمامه بيده، وأتباعه للأسف يتحولون إلى كلاب مسعورة كمثله زمامهم بيد الشيطان، وكما قال القرآن الكريم عن المرتدين والمنافقين خاصة أن مثلهم كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث.
فإذا كان من سلف هؤلاء شخص منحطٌّ كعبد الله بن أبي سلول – لعنه الله- قال عن النبي صلى الله عليه وسلم “ليخرجن الأعز منها الأذل“، فليس هنالك أذى يمكن أن يكون فوق هذا الأذى لأي مؤمن من بعد. ولكن الله تعالى قد أخزاه وأذله، وأظهر أن الأعز فعلا وهو النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي بقي هو وأصحابه، بينما زال ابن سلول هو ومنافقوه. لقد كان هذا القول سببا في أن يلتف المسلمون حول النبي أكثر، حتى إن ابنه بنفسه طلب أن يقتله بنفسه إن كان النبي صلى الله عليه وسلم سيأمر بذلك، فأي ذلة أكبر من هذا له.
باختصار، إن عمل الشيطان وأعوانه من المنافقين والمرتدين والكافرين لن يضر جماعة المؤمنين، بل هو يفيدها بصورة ما، ولذلك قال تعالى مطمئنا المؤمنين:
{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } (الأَنعام 113)