المغفرة في النصرانية
” بدون سفك دم لا تحدث مغفرة ” (الرسول بولس، سفر العبرانيين 9: 22)
هذا هو شعار النصرانية الذي أطلقه بولس، ويقصد بهذا الكلام أن الله تعالى لا يمكن أن يغفر لأحد أي ذنب أو خطأ إلا بعد إن يسفك دم ابنه ويذبحه على الصليب فيسيل دمه فتحصل المغفرة، وعندما يموت ابن الله الذي هو الله نفسه -تعالى عن ذلك- وفقط إذا قبل الإنسان دم ابن الله أو دم الله المسفوك الذي قتله أبوه أو تَرَكَه ليُقتَل ويُسفك دمه على الصليب فسوف يغفر الله له جميع ذنوبه وخطاياه فيعود جديداً كما وُلِدَ بل أكثر من ذلك لأن الوليد أيضا خاطئ في نظر النصرانية وعليه أن يتوب، ولا مغفرة له إلا إذا تعمَّد ثم بَلَغَ وقَبِلَ دم المسيح أو دم الله نفسه -حاشا لله- الذي ذبحه الله وسفك دمه من أجل أن تتم المغفرة، وبدون سفك الدم لا يمكن لله أن يغفر على الإطلاق، حيث يقول بولس مؤسس النصرانية بأن النصارى تبرروا بدم المسيح المصلوب من أجل ذنوبهم:
“متبررين مجّانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح، الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بِره من أجل الصفح عن الخطايا السابقة.” (بولس، سفر رومية 3: 25)
ويعلّق البابا شنودة الثالث على كلام بولس فيقول بأن هذا هو الحل الوحيد الذي وجده الله تعالى عن ذلك كي يغفر الذنوب:
“لم يكن هناك حل لمغفرة الخطية سوى أن يتجسد الله ذاته ويموت، ويكون موته كفارة غير محدودة.” (كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث، الفصل الخامس، لا خلاص إلا بدم المسيح وحده)
المغفرة في الإسلام
أما في الإسلام فالله تعالى هو الغفور الرحيم ولا حاجة به لسفك دم أحد بل يغفر لمجرد التوبة والتوقف عن المعاصي والدعاء إلى الله تبارك وتعالى، يقول الله ﷻ في القرآن الكريم:
﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ – قرآن كريم
﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ﴾ – قرآن كريم
﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ – قرآن كريم
فالله تعالى غفور قادر على الغفران دون الحاجة والإضطرار والحلول الضيقة !
وعن أبي هريرة ؓ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
“إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرجت من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينه مع الماء أو مع آخر قطرة الماء .. فإذا غسل يديه خرجت من يديه كل خطيئة بطش بها مع الماء أو مع آخر قطرة الماء حتى يخرج نقياً من الذنوب.” – حديث شريف *
فالله تعالى في الإسلام هو الغفور ولن يضطر لسفك دم أحد كي يغفر بل يكفي عنده ﷻ أن يتوب الإنسان عن ذنوبه ويستغفر بدعاء وصلاة، بل يكفي عند الله تعالى في الإسلام أن يتوب ويهتم بنظافته الشخصية، وسوف تُغفَر جميع ذنوبه مع كل قطرة ماء يغتسل بها فيعود كما ولدته أمه، أي أن الطفل في الإسلام بريء تمام البراءة غير خاطئ، بل هو مثال للنقاء والصفاء.
فشتّان بين الثرى والثريا !
هذا الذي تعلمناه من حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام المسيح الموعود لهذه الأمة الذي شهد له القاصي والدان بعظم حبه للإسلام وخدمته لهذا الدين وانتصاره للإسلام ضد القسس المنصِّرين:
الفيديو الأول:
الفيديو الثاني:
الفيديو الثالث:
الفيديو الرابع:
وقد وصف المسيح الموعود حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام وصفَ بولس بأنه هو الذي ابتدع كل هذه التعاليم الغريبة وأقحمها في المسيحية بل كان في طليعة التكفيريين الذين أصدروا فتوى التكفير بحق سيدنا عيسى ؑ:
“عندما كُتبت فتوى التكفير ضد عيسى ؑ كان بين المكفِّرين بولس أيضا الذي أعلن بعدئذ أنه رسول المسيح. لقد كان هذا الرجل في حياة المسيح ؑ من أشد أعدائه، ولم يرد في أي من الأناجيل التي كُتبت باسم المسيح ؑ أية نبوءة من المسيح بأن بولس هذا سيتوب بعدي ويصير رسولاً لي. ولا حاجة بنا أن نكتب شيئا عن أوائل سيرة هذا الرجل، لأن المسيحيين يعلمون ذلك جيدا. يا ويلاه إنه هو الرجل نفسه الذي آذى المسيح ؑ إيذاءً شديداً طول زمن إقامته في ذلك البلد، ولما هاجر إلى كشمير بعد النجاة من الصليب أدخل بولس نفسه -بناءً على رؤيا مزورة- في زمرة الحواريين، ونحت مسألة الثالوث وأحل للنصارى لحم الخنـزير الذي كان محرما بحكم التوراة تحريما أبديا، وتوسع في جواز شرب الخمر، وأدخل الثالوث في العقيدة الإنجيلية، ليرضى الوثنيون اليونان بجميع هذه البدع.” (سفينة نوح، ص 92، الحاشية)
وهكذا يتم كسر الصليب
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
* الحديث في مسند أحمد، جزء 2، ص 303، حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه. رقم الحديث 8007. تعليق شعيب الأرنؤوط: “إسناده صحيح على شرط مسلم”.