النبي هو الرسول والرسول هو النبي أي لا يمكن أن يكون شخصٌ رسولاً من عند الله تعالى وهو ليس نبياً أي لا يتلقى النبوءات الصادقة التي تؤيده، ولا يوجد شخص نبياً صادقاً وهو ليس رسولاً أي لم يرسله الله تعالى وإنما هو الذي ادعى ذلك أو اجتهد أو انتخب لهذا المنصب. لذلك كل نبي في الحقيقة هو رسول وكل رسول هو نبي. أما مصطلح النبي فهو يتعلق بالنبوءات وأصلها نبيء أي كثير النبوءات الصادقة، بينما الرسول هو الذي يتعلق بالرسالة أي حامل الرسالة سواء كانت شفوية أو مكتوبة أي لا يشترط بالرسول أن يكون صاحب شريعة أو كتاب خاص، وهي تقال لكل من يحمل رسالة أو ساعي بريد، وحيث أن النبي هو رسول من عند الله فهو يحمل رسالة الله ﷻ للبشر ويؤيده الله تعالى بالنبوءات الكثيرة للبرهنة على صدقه.
وقد ذكر القرآن الكريم الرسول والنبي لنفس الشخص مثل قولـه تعالى:
{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللـه النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} (البقرة: ٢١٤)
وقولـه تعالى:
{وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} (الأنعام: ٤٩)
ففي هاتين الآيتين أكد الله تعالى أن مهمة النبي والرسول هي واحدة أي التبشير والإنذار.
أما للبرهنة على أن الرسول لا يشترط فيه حمل الكتاب المادي بل هو مصطلح يشمل الرسالة الشفوية والمكتوبة قولـه تعالى:
{رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللـه حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} (النساء: ١٦٦)
ففي هذه الاية جاء مصطلح الرسول شاملاً لجميع رسل بني إسرائيل مع أن الجميع يعرف بأن رسل بني إسرائيل ليسوا كلهم أصحاب كتب وشرائع. وقد جاءت الآية أعلاه في سياقها التالي:
{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَءَاتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللـه مُوسَى تَكْلِيمًا رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللـه حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللـه عَزِيزًا حَكِيمًا} (النساء: ١٦٤-١٦٦)
وكذلك قوله تعالى:
{وَلَقَد آتَيْنا موسى الكِتابَ وَقَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بالرُّسُلِ} (البقرة: ٨٨)
حيث أن موسى هو صاحب الشريعة وكل من أتى بعده من رسل بني إسرائيل كانوا يتبعون شريعة موسى عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام ومع ذلك أطلق عليهم الله تعالى لقب الرسل.
وكذلك قوله تعالى:
{واذْكُر في الكِتابِ إِسْماعيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الوَعْدِ وَكانَ رسولاً نَبِيًّا} (مريم: ٥٥)
ولا توجد في القرآن الكريم شريعة لإسماعيل عَلَيهِ السَلام ومع ذلك هو رسول ونبي. وبذلك يثبت من القرآن الكريم أن كل نبي رسول وكل رسول نبي.