عندما يموت الإنسان، يظهر على الفور على وجهه وجسده أن نضارة الحياة قد زالت، ويُفرَّق بسهولة بين النائم والميت، حتى لو مات بسلام ولم يكن على وجهه آثار الألم والتعب قبيل الموت. ثم بعد ساعات تبدأ ملامحه بالتغيُّر وأعضاؤه الداخلية بالتعفن، ثم سرعان ما تبدأ الرائحة الكريهة بالانبعاث منه بعد يومين، ثم يتسارع التعفن شيئا فشيئا، ويبدأ بالظهور على الأعضاء الخارجية التي تتورم وتحول الميت إلى هيئة مقززة مخيفة، وتزداد الرائحة الكريهة انبعاثا حتى تصبح من الشدة بحيث يتعذر الاقتراب من الجثة على مسافة عشرات الأمتار. لذلك فإن المسارعة في دفن الميت إكرام له، لكي تبقى ذكراه العطرة في أذهان أحبته، ولا يتأذوا بما يرونه من حاله بعد الموت.
وهكذا، فإن الهلاك الروحاني يشبه الهلاك المادي، والتطابق والتشابه بين المادي والروحاني هو أصل من أصول تعاليم القرآن الكريم دعا الله تعالى الناس للتدبر والتفكر فيها لاستخلاص العبر.
فالذي يموت روحانيا تمر عليه أحوال مشابهة، أولها افتقاده للنضارة والنور في وجهه وعمله وسلوكه وتصرفاته وأقواله، ثم بعد ذلك يبدأ بالتردي في الفساد والسوء حتى يصل إلى حال مقززة للغاية تجعل من المتعذر لمن لديه رهافة حسِّ أن يقترب منه. ويكون الفساد والانحطاط الأخلاقي قد بلغ عنده مبلغا بحيث ينسى كل القيم والأخلاق والعلاقات الطيبة التي كانت تربطه بالمؤمنين، ويصبح بحد ذاته مصدرا للأذى المستمر.
بينما لو اختار أن يدفن الهالك نفسه ويطلب معونة الله ورحمته، فلن يطلع أحد على فساده، ولن يكون سببا للأذى والتقزز، وقد يحييه الله تعالى مرة أخرى حياة أفضل من السابقة، فكل شيء بيد الله تعالى، فهو الذي يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير.