السؤال:
هل تعني الآية “تبارك الله أحسن الخالقين” أن هنالك خالق آخر أو خالقون غير الله ؟
الجواب:
الجواب عند المُصْلِح المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حيث يقول حضرته:
“ولْيَكُنْ معلومًا أنَّ قوله تعالى {فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} لا يعني أنَّ هناك خالقًا من دون الله تعالى، بل كلمة {الْخَالِقِينَ} تعني هنا المقدِّرين. فقد قال الإمام الراغب ما نصه: “معناه أحسنُ المقدِّرين، أو يكون على تقدير ما كانوا يعتقدون ويزعمون أن غيرَ الله يُبدِعُ؛ فكأنه قيل: فاحْسَبْ أنَّ ههنا مبدِعين ومُوجِدين، فالله أحسنُهم إيجادًا على ما يعتقدون” (المفردات). أي أنَّ بعض الناس يقولون إنَّ من سوى الله أيضًا يبدع ويوجد، فأجاب الله تعالى بأنه مما لا شك فيه أنَّ في الدنيا مبدِعين وصنّاعين سوى الله تعالى، ولكنه لو تمَّت المقارنة بين ما صنعوا واخترعوا وبين ما أوجده الله وصنَع لاضطروا للاعتراف بأن ما أبدعوا لا يساوي شيئًا إزاء صنع الله تعالى. فمثلاً إنَّ الله تعالى سميع وبصير، وإنه تعالى قد وصف الإنسان أيضًا بذلك فقال {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} (الإنسان:3)، وهذا لا يعني أنَّ الإنسان شريك في صفتي الله السمع والبصر حقيقة، وإنما المراد أنَّ الله تعالى حين وهب له قوة السمع والبصر سماه سميعًا وبصيرًا على سبيل المجاز. ثم يجب أن لا يغيبن عن البال أنَّ الله تعالى قد استعمل للإنسان لفظي “سميع وبصير”، بينما سمى نفسه “السميع البصير” .. أي أنه تعالى يستجمع في ذاته كافة كمالات السمع والبصر، أما الإنسان فسمعه وبصره محدودان جدًا، إِذْ لا يقدر على أن يسمع صوتًا بعيدًا، ولا أن يرى شيئًا موضوعًا وراء ظهره. وبالمثل، فبرغم أن في الدنيا صنّاعًا ومخترعين كثيرين سوى الله تعالى، إلا أنَّ صناعاتهم ومخترعاتهم لا تساوي شيئًا إزاء صُنع الله تعالى. ثم إنهم ما داموا يخترعون هذه الأشياء بفضل ما حباهم الله به من قدرات وكفاءات، فثبت أنَّ الله تعالى هو {أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} في جميع الأحوال، وليس أي إنسان.” (التفسير الكبير)
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ