ما هي أقسام التوحيد عند السلفية؟
بالنسبة لموضوع أقسام التوحيد عند السلفية فلا إشكال فيه ولكن فهمهم له هو الخاطئ. فيما يلي اقتباس من الأستاذ تميم أيو دقة المحترم:
أقسام التوحيد عند السلفية
“يرى السلفية الوهابية أن التوحيد ينقسم إلى ثلاثة أقسام؛ وهي توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات. فتوحيد الألوهية إنما هو إفراد الله تعالى بالعبادة التي تعني الانقياد والتذلل والخضوع. أما توحيد الربوبية فيعني الإقرار بتفرد الله بالخلق والرزق والإحياء والإماتة والملك والتدبير وسائر ما يختص به من أفعال. أما توحيد الأسماء والصفات فهو يعني الإيمان بما وصف الله به نفسه وما وصفه به النبي صلى الله عليه وسلم.
وظاهريا ليس هنالك إشكال في هذه المبادئ، ولكن الخلل يكمن في فهمهم لهذا التوحيد وكيفية إقامته. ففي اعتقادهم فإن توحيد الألوهية يجب أن ينتزع من الناس انتزاعا، ويجب أن يُجبروا على عبادة الله تعالى والانقياد والتذلل والخضوع له. وادَّعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سلَّ السيف لأجل إقامة توحيد الألوهية هذا لكي ينتزع من الناس حق الله بأن يعبدوه ويطيعوه وينقادوا له! لا أنه اضطر لسلِّ السيف دفاعا وردا لعدوان المشركين الذين لاحقوه إلى المدينة وظلوا مصرين على القضاء على الإسلام إلى آخر لحظة حتى هزيمتهم قبيل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جددوا هذا العدوان بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فاضطر أبو بكر رضي الله عنه لقتالهم دفاعا أيضا. فهكذا فقد جعلوا حروب النبي صلى الله عليه وسلم الدفاعية إنما كانت عدوانا على المشركين لفرض الإسلام عليهم وإكراههم، مع أن المشركين هم من كانوا المعتدين والذين أرادوا إكراه المسلمين على ترك دينهم.
والأخطر في فهمهم للتوحيد هو ما توجهوا به للمسلمين وأسسوا به لاضطهادهم وقمعهم بل وقتالهم وقتلهم، وهو أنه ما لم يلتزم المرء بالتوحيد على طريقتهم، أو ما لم يكن منهم بكلام آخر، فهو ليس بمسلم وإنْ أعلنَ إسلامه وأعلن توحيده؛ لأن توحيد الربوبية الذي يعني تفرد الله بالخلق والرزق والإحياء والإماتة والملك والتدبير وسائر ما يختص به من أفعال كان يعتقد به المشركون من قبل، ولم يجعلهم هذا التوحيد مسلمين! ويستدلون على قولهم بفهم خاطئ لآيات من قبيل قوله تعالى:
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ } (العنْكبوت 62)
علما أن هذه الآيات إنما تعني أن التوحيد تضرب جذوره في الفطرة الإنسانية ولا يملك أحد سوى الإقرار به لو كان صادقا مع نفسه، أو أن التوحيد كان تعليما قديما نزل مع بداية الخلق ولا بد من العثور على آثاره عند البشر جميعا، لذا يجب أن نذكِّرهم بما هو منقوش في صحيفة فطرتهم وببقية ما لديهم من تعاليم قديمة. أما السلفية الوهابية فقد استخدموا هذه الآيات لكي ينزعوا عن المسلم إسلامه إن كان يخالفهم، وقالوا بأنك لو أقررت بتوحيد الربوبية فأنت لست بمسلم، لأنك لا تمارس توحيد الألوهية؛ أي أن تعبد الله تعالى على طريقتنا! إذن أنت في صف المشركين، وتوحيد الألوهية يقتضي أن تكون تحت تهديد السيف.
وهكذا يتضح أن نظريتهم في التوحيد إنما تعني إعلان العدوان على البشر جميعا بحجة أنهم ليسوا موحدين، وأن واجبهم أن يجبروهم على أن يصبحوا موحدين وينتزعوا ذلك منهم انتزاعا. أما فيما يخص مواطنيهم أو من يخضعون لسلطتهم أو أي سلطة متحالفة معهم فإن الواجب أن يجبروهم على عبادة الله وملاحقتهم والتفتيش عليهم والتضييق بحجة أنَّ لله حق العبودية عليكم، ولن ينفعكم إعلانكم للإسلام وادعاؤكم به إن لم تنصاعوا لنا وتعبدوا الله عنوة وقسرًا على طريقتنا.
والواقع أن هذا السلوك إنما هو وسيلة قمعية خبيثة لتطويع الناس لأغراض فرض سلطتهم ونفوذهم، ولا علاقة لها بالتوحيد ولا بالإسلام الذي أعلن:
{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } (البقرة 257)
{وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (الكهف 30)
أما ردودهم على هذه الآيات والإشكالات الناشئة عن هذه الردود؛ كالقول بالنسخ على طريقتهم، والذي يجعل أكثر من نصف القرآن معطلا لا يصلح العمل به، فهي كوارث كبرى على العقيدة، ولا حاجة الآن للخوض في تفاصيلها.” انتهى
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
مُسْلِم للّه