سؤال:
ما صحة اللحديث الذي شُرب فيه شخصٌ بول النبي ﷺ؟
الجواب:
حديث شرب بول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم هو ضعيف باطل لا يصح لأنه ساقط السند والمتن معاً، وفيما يلي التفصيل:
● الحديث الأول:
“عن أبي مالك النخعي عن الأسود بن قيس عن نُبيح العَنَزي عن أُمِّ أَيْمَنَ قالت: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ إلى فَخَّارَةٍ في جَانِبِ الْبَيْتِ فَبَالَ فيها، فَقُمْتُ مِنَ اللَّيْلِ وأنا عَطْشَانَةُ فَشَرِبْتُ ما فيها وأنا لا أَشْعُرُ فلما أَصْبَحَ النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا أُمَّ أَيْمَنَ قَوْمِي فَأَهْرِيقِي ما في تِلْكَ الْفَخَّارَةِ. قلت: قد وَالله شَرِبْتُ ما فيها، قالت: فَضَحِكَ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قال: أما إنك لا تَتَّجِعِينَ بَطْنَكِ أبدًا.” (مستدرك الحاكم 4 / 70. الحلية لأبي نعيم 2 / 67. المعجم الكبير للطبراني 25 / 89، 90)
حديث ضعيف الإسناد، وفيه علتان:
العلة الأولى: الانقطاع بين نبيح العنزي وأم أيمن.
العلة الثانية: أبو مالك النخعي واسمه عبد الملك بن حسين، وهو متفق على ضعفه، قال عنه النسائي: متروك.
وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث.
وقال عمرو بن علي: ضعيف منكر الحديث. (انظر: “الضعفاء والمتروكين” للنسائي و”الجرح والتعديل” لابن أبي حاتم و”تهذيب التهذيب” لابن حجر)
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
“وأبو مالك ضعيف، ونُبيح لم يلحق أم أيمن.” (التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير 1 / 171)
ورواه أبو مالك النخعي من طريق آخر عن يعلى بن عطاء عن الوليد بن عبد الرحمن عن أم أيمن.
قال الدارقطني رحمه الله:
“وأبو مالك ضعيف، والاضطراب فيه من جهته.” (“العلل” للدارقطني 15 / 415)
● الحديث الثاني:
“عن ابن جُرَيْجٍ قال حَدَّثَتْنِي حُكَيْمَةُ بنتُ أُمَيْمَةَ بنتِ رُقَيْقَةَ عن أُمِّهَا أنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يَبُولُ في قَدَحِ عِيدَانٍ ثُمَّ يَرْفَعُ تَحْتَ سَرِيرِهِ فَبَالَ فيه ثُمَّ جاء فَأَرَادَهُ فإذا الْقَدَحُ ليس فيه شَيْءٌ فقال لامْرَأَةٍ يُقَالُ لها “بَرَكَةُ” كانت تَخْدُمُ أُمَّ حَبِيبَةَ جَاءَتْ بها من أَرْضِ الْحَبَشَةِ: أَيْنَ الْبَوْلُ الذي كان في الْقَدَحِ ؟ قالت: شَرِبَتُهُ، فقال: لَقَدِ احْتَظَرْتِ مِنَ النَّارِ بِحِظَارٍ.” (السنن الكبرى للبيهقي 7 / 67. والمعجم الكبير للطبراني 24 / 189)
وهو حديث ضعيف أيضاً لجهالة حُكيمة بنت أميمة.
قال الذهبي: غير معروفة. (ميزان الاعتدال 1 / 587)
وقال ابن حجر: حُكَيمة بنت أميمة لا تُعرف.” (تقريب التهذيب ص 745)
وفوق علة الجهالة فإن متن الحديث مضطرب بشدة.
ثانياً: حاشا للنبي ﷺ أن يخالف قوله تعالى:
{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} -الكهف
ثم إنَّ البول مستقذر
فعن أنس بن مالك رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال:
“بينما نحن في المسجد مع رسول اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إذ جاء أعرابي، فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول اللَّه: مَه مَهْ -مه: كلمة زجر، وهو اسم مبني على السكون، معناه: اسكت وقيل: أصلها: ما هذا؟ انظر: شرح النووي، 3/193- قال: قال رسول اللَّه: “لا تزرموه -لا تزرموه: أي لا تقطعوا عليه بوله. والإزرام: القطع. انظر: المرجع السابق، 3/190.)، دعوه-“، فتركوه حتى بال، ثم إن رسول اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم دعاه فقال لـه: “إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول، ولا القذر، إنما هي لذكر اللَّه، والصلاة وقراءة القرآن” أو كما قال رسول اللَّه. قال: فأمر رجلاً من القوم فجاء بدلو من ماء فشنّه -شنه: أي صبه عليه. انظر :المرجع السابق، 3/19- عليه.” (أخرجه مسلم بلفظه في كتاب الطهارة، باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد وأن الأرض تطهر بالماء من غير حاجة إلى حفرها، 1/236، رقم 285، والبخاري مع الفتح، بمعناه مختصراً في كتاب الوضوء، باب ترك النبي والناس الأعرابي حتى فرغ من بوله في المسجد، 1/322، رقم 219، وروايات بول الأعرابي في البخاري في عدة مواضع، 1/223، 10/449، 10/525)
الخلاصة:
فهذا الحديث بطريقيه لا أصل له وهو باطل رواية ودراية كما أثبتنا أعلاه.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ