ظاهرة الدكتور عدنان إبراهيم والأخذ من فكر الجماعة الإسلامية الأحمدية دون النسب لها
من وسائل الشيطان الخبيثة في إضلال الناس وإبعادهم عن الحق هو ما يمكن تسميته بالحقن المخدرة الفكرية، التي لا تقدم علاجا ولا حلا للأزمة التي تعصف بالأمة، بل تخدِّر مشاعر الناس وتعطيهم نوعا من الراحة والطمأنينة الخادعة والمؤقتة، ويجني هؤلاء الأشخاص الذين يقومون بهذا العمل نوعا من الشهرة إلى حين، حتى تنكشف حقيقتهم. وخير ممثل لهذه الفئة أو هذه الظاهرة في وقتنا الحالي هو الدكتور عدنان إبراهيم.
فالشيطان، بعد أن يبذل جهده في إبعاد الناس عن الحق، وبعد إدراكه أن الجماعة الحق – والتي هي الجماعة الإسلامية الأحمدية، التي هي الفرقة الناجية وجماعة الآخرين التي أنبأ عنها القرآن الكريم والسنة النبوية- تحمل فكرا جذابا لا يمكن إلا أن تخضع له العقول وترتاح له القلوب، يوظِّف أعوانه هؤلاء الذين يلجأون إلى سرقة هذا الفكر دون الإشارة إلى مصدره، ويدَّعون أنه حصيلة فكرهم ووليد بنات أفكارهم. ثم إذا ووجهوا بأن هذا الفكر قد سبقتهم إليه الجماعة الإسلامية الأحمدية يلجأون إلى مهاجمتها لينفوا سرقتهم من ناحية، ولكي يبعدوا عن أنفسهم تهمة أنهم هم أحمديون بأنفسهم. ولكن أهم ما يقومون به هو أنهم يقدمون فكر الجماعة بعيدا عن الجماعة، فبذلك يحققون بغيتهم في الشهرة بسبب هذه الأفكار، ويقدمون للناس إطارا ونموذجا يتبنون به فكرها ويتحررون به من ضرورة اتِّباعها والالتزام بها، والذي هو الهدف الأسمى من قيامها في الحقيقة، وما الأفكار إلا ثمرات لصدق هذه الجماعة وصحة اعتقادها ومنهجها.
الشيخ أحمد ديدات من الذين سبقوا بالسرقة من عقائد الجماعة
وكان قد سبق الدكتور عدنان إبراهيم من قبل الشيخ أحمد ديدات، الذي كان أقل حنكة وذكاء منه، والذي كان يتبجح بعلوم الجماعة المسروقة ويستعرض بها أمام المسيحيين، ولكي ينفي عن نفسه تهمة الأحمدية أعلن كفر الجماعة ومؤسسها، بل وبرر الاضطهاد الوحشي الذي تتعرض له الجماعة في باكستان بدعوى أن الأحمديين خونة لوطنهم، لذلك يستحقون ما يحصل لهم!
أما الدكتور عدنان إبراهيم، فهو أكثر ذكاء، وقد أخذ من الجماعة مسألة وفاة المسيح، وعندما قدمها رتَّب الأدلة بنفس الطريقة التي تعرضها الجماعة، ولم ينكر أنه اطلع على كتب الجماعة واستفاد منها، ولكنه أيضا وجد نفسه مضطرا لتكفير الجماعة ومهاجمتها ليبعد عنه أي شبهة من ناحية، وليؤدي الدور الذي كلفه به الشيطان على أكمل وجه.
هذا الدكتور الذي ينضح بالكبرياء والعجرفة، ويغلب عليه التسرع والانفعال، والذي يتبحج بعقلانيته، أقر من ناحية أن المسيح قد توفي، ولكنه من ناحية أخرى أنكر خبر نزول المسيح في آخر الزمان وقال إنه لا يعترف بالأحاديث التي تذكر هذا الخبر. والواقع أن نفي خبر نزول المسيح في آخر الزمان هو أمر بعيد تماما عن أي منطق وعقلانية، لأنه خبر روي في الصحاح عن عدد من الصحابة يفوق العشرين صحابيا. فمن غير المعقول أن يتواطأ هؤلاء على الكذب جميعا. ونفي هذا الخبر أشبه بألا نصدق عشرين شخصا دخلوا غابة، كل واحد منهم دخل من جهة، وعاد كل منهم بعد فترة من جهته دون أن يلتقي بغيره، وأخبر كل واحد منهم عددا من الناس المختلفين في جهته بأنه قد رأى أسدا في الغابة، ثم عندما نجمع شهادات هؤلاء الناس المتفرقين دون أن يلتقوا ببضعهم أيضا نجد أنهم يجمعون على أن الداخلين من ناحيتهم قد أخبروا بوجود أسد قد رأوه بأم أعينهم، فماذا يمكن أن نصف شخصًا يتعنت وينكر وجود الأسد ويرفض كل هذه الشهادات المتواترة المتعاضدة ويقول: لا أصدق أن هنالك أسدا إلا إذا رأيته بأم عيني! أليس هذا الشخص مجنونا أو أحمق؟
ولا أظن أن الدكتور أحمق إلى هذا الحد، ولكن يبدو أنه يمارس التزوير المتعمد، لأن وفاة المسيح واستحالة عودته التي تثبت من القرآن تلزمه أن يقدِّم حلا لخبر نزوله المتواتر الوارد في الأحاديث. ولكنه لو فعل هذا فسيضطر إلى موافقة الجماعة في موقفها، لأنها هي الوحيدة التي حلَّت هذا الإشكال وأعلنت أن مصداق هذا النبأ هو شخص مثيل للمسيح في الأمة المحمدية لا يكسر ختم النبوة ويكون تابعا تبعية مطلقة للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو مؤسس الجماعة حضرة الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام. فلذلك هو يخادع الناس ويضحك عليهم ويخدِّرهم بهذا الموقف، ويبعدهم عن الجماعة إلى حين، ولكن لن يطول الأمر حتى تُكتشف حقيقته ويظهر خداعه.
الأخطاء التي يقعون بها
والواقع أن قائمة أخطائه المتعمدة وغير المتعمدة لا تقتصر على هذه النقطة، ولكن تسرعه وعجرفته وكبرياءه واعتزازه بنفسه أوقعه في كثير من المطبات كاندفاعه مثلا في مهاجمة بعض الأحاديث؛ إذ تراه يَطْوَل ويقْصَر ويقسم الأيمان أنها لا يمكن أن تكون من النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يكون ناجما إلا عن قصر نظره وتسرعه. فقد رأيت له مقطعا ينفي فيه حديثا عن الساعة، ويقول بأنه ثبت أن هذا الحديث كذب لأنه يقول إن الساعة ستقوم قبل أن يبلغ هذا الغلام، ومعلوم أن الساعة لم تقم! ونسي أن معنى الساعة الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن القيامة، بل كان المقصود هو ساعة انتصار الإسلام على الكفر التي ظهرت أولا في بدر، والتي استشهد الصحابة فيها بعد هزيمة الكفار بآيات سورة القمر {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ * بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ } (القمر 46-47) ثم تجلت بصورة كاملة وكانت هي الساعة في فتح مكة، وهذا المعنى للساعة قد ورد كثيرا في القرآن الكريم. وهكذا هو حال كثير من الذين يهاجمون الأحاديث نتيجة لقصر نظرهم وتسرعهم وتكبرهم.
باختصار، هذا الدكتور ومن هم على شاكلته، يلعبون دورا خبيثا وظفهم فيه الشيطان ليخدروا الناس ويعطوهم بعض الأفكار الصحيحة المسروقة من الجماعة الحقة ثم يتركوهم في موضع لا يتقدمون فيه نحو الإيمان بل يسعون لحجبهم عنه، وهذا ليس لشيء إلا لكي يبقوا الناس خاضعين لهم وداعمين لمشروع شهرتهم. ومؤكد أن الشيطان لن يدخر وسعا في مكايده وحيله، ولكن المؤكد أيضا أنه مهزوم رجيم، وأن الحق سيظهر والباطل سيزهق، ولكن الأسف على الناس الذين جُعل الدكتور وأمثاله عقبة في طريقهم نحو الحق. فنسأل الله تعالى أن يريهم الحق، ويكشف لهم حقيقة هؤلاء، فيندفعوا إليه ويحققوا الفلاح والفوز في الدنيا والآخرة.