يقول المسيح الموعود عليه السلام :
“ أنقل فيما يلي لفائدة العامة ما كتبه القطب الرباني والغوث السبحاني السيد عبد القادر الجيلاني – رضي الله عنه – في كتابه “فتوح الغيب” عن تركيز الكاملين وتأثير الدعاء بناء على تجاربه الشخصية. والهدف من نقل هذه العبارة أنه لا تُقبل في مجال معين شهادة إلا ممن كان باحثا ومحققا في ذلك المجال. فبحسب هذا المبدأ لا يمكن أن يطلع على فلسفة استجابة الدعاء بصورة صحيحة إلا الذي يكون على صلة حقيقة مع الله تعالى مبنية على الصدق والحب. وإن مَثل استفسار المرء سيدَ المحترمَ عن هذه الفلسفة المقدسة كمثل استفساره البيطارَ عن مرض الإنسان. فلو أدلى سيد المحترم ببيان عن علاقات الحكومة الدنيوية مع رعيتها فهو أهلٌ لذلك دون شك. أما الإلهيات فلا يعلمها إلا أهل الله. ففيما يلي تلك العبارة:
“فاجعل أنت جملتك وأجزاءك أصناما مع سائر الخلق ولا تطع شيئا من ذلك ولا تتَّبِعْهُ جملة، فتكون كبريتا أحمر فلا تكاد تُرى. فحينئذ تكون وارث كل نبي ورسولٍ، وبك تُختم الولاية وتنكشف الكروب وبك تسقى الغيوث، وبك تنبت الزروع، وبك تدفع البلايا والمحن عن الخاص والعام وأهل الثغور. وتقلّبك يد القدرة ويدعوك لسان الأزل وتنزل منازل مَن سلف مِن أولي العلم ويرد عليك التكوين، وخرق العادات. وتُؤمَن على الأسرار والعلوم اللدنية وغرائبها.”
ومعناه أنه إذا كنت تريد أن تكون عبدا مقبولا عند الله فأيقِن أن يديك وقدمَيك ولسانك وعينيك وكيانك كله وأجزاءه كلها أصنام في سبيلك. والأشياء الأخرى من الخلق أيضا أصنام في سبيلك. إن أولادك وزوجك وكل مراد من مرادات الدنيا التي تبتغيها، وأموال الدنيا وعزتها وشرفها ورجاءها وخوفها، والتوكل على زيدٍ أو بكرٍ أو خوف التضرر من خالدٍ أو وليدٍ كل هذه الأشياء أصنام في سبيلك، فلا تتبع أيًّا من هذه الأصنام، ولا تغرق كليًّا في اتباعها. أيْ يجب أن تهتم بها بقدر الحقوق المشروعة وبحسب سنن الصالحين. فلو فعلتَ ذلك لكنتَ كبريتا أحمر ولارتفعت مكانتك جدا فلا تكاد تُرى. وسيجعلك الله تعالى وارث أنبيائه ورسله أيْ ستُعطى من جديد علومَهم ومعارفهم وبركاتهم التي اختفت وغابت. وبك تُختَم الولاية، أيْ لن يكون بعدك أكبر منك. وبدعائك وعزيمتك وبركتك تُزال كروب الناس القاسية، وتنزل الأمطار من أجل المصابين بالقحط، وتنبت الزروع. ونتيجة أدعيتك وتركيزك تُدفع البلايا والمحن عن الخواص والعوام حتى الملوك. وتكون يد القدرة معك وتتقلَّب حيثما تقلّبتْ. ويدعوك لسان الأزل، أي أن كل ما سيجري على لسانك سيكون من عند الله، وفيه توضع البركة. وتُجعل وارثا لجميع الصالحين الذين أُعطُوا العلم قبلك. ويُردّ عليك التكوين أيْ أن دعاءك وتركيزك هو الذي سيتصرف في العالم. وإذا أردتَ أن تجعل المعدوم موجودا والموجود معدوما سيكون كذلك. وستظهر منك أمور خارقة للعادة، وتؤمَّن على الأسرار والعلوم اللدنية وغرائبها. ”
(من كتالب بركات الدعاء)
يرجى الضغط هنا لتحميل الكتاب