ذات مرة، في أحد الأماكن الرسمية، سألني أحد كبار المسئولين سؤالا: لماذا أصبحت أحمدياً؟
فأجبته: لأنني أؤمن بأن النبي صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين، وسيد الأولين والآخرين، ولا نبي بعده قديما كان أو حديثا؟
فقال: ومن الذي يؤمن بنبي بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟
قلت: الفكر التقليدي يؤمن بأن عيسى عليه السلام ما زال حيًّا في السماء وسينزل بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون آخر الأنبياء عهدا بهذه الأمة. وغيرتي على الإسلام وعلى مقام النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن تقبل عقيدة كهذه، كما أن هنالك أدلة قاطعة من القرآن الكريم والسنة النبوية تنفي هذا الفهم نفيا قاطعا.
فقال مسئول آخر يجلس بجانبه: أوَليس عيسى ما زال حيًّا في السماء وسينزل في آخر الزمان؟
قلت: لا يؤمن بهذه الفكرة حاليا سوى السلفية!
فرد مسرعا: أنا لست سلفيًّا!
فابتسمت ثم قلت:
على كل حال، إن القرآن الكريم يعلن وفاة عيسى عليه السلام بصورة قطعية، بل ينفي عودته مرة أخرى إلى الأرض بتاتا قبل يوم القيامة، إذ يقول تعالى على لسان عيسى عليه السلام:
{وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ …. وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} (المائدة 117-118)
وهذه الآيات تؤكد أن عيسى قد توفي قبل فساد النصارى وتأليههم له – فلو كان حيا في السماء لكان شاهدا على فساد النصارى ولعلم به، ولكان قوله كذبا على الله والعياذ بالله – وتؤكد أنه لن يأتي بنفسه ليصلح هذا الفساد ويكسر صلبانهم ويعاقبهم. وقد استدل النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمات التي جاءت على لسان عيسى عليه السلام، في حديث الحوض أو حديث الردة الشهير الذي رواه الشيخان، حيث قال: “فأقول كما قال العبد الصالح: وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم.. ” ليؤكد أنه فارق قومه بالموت كما فارق عيسى قومه بالموت، ولم يعلم ماذا أحدثوا بعده.
ثم أردفتُ قائلا:
أما خبر نزول المسيح في آخر الزمان فهو حق. ولكننا نرى أن مسيح القرآن ميت ولن يعود، لذا، ليس أمامنا سوى أن نفهم أن مسيح الأحاديث هو شخص آخر، خاصة أن الأحاديث بنفسها تبين أن المسيح الموعود القادم في آخر الزمان يختلف في هيئه وحلته عن المسيح عيسى بن مريم، وهذا ما أورده البخاري رحمه الله في باب واحد، حيث ذكر أن عيسى بن مريم هو أحمر جعد الشعر عريض الصدر، بينما عيسى الذي سيأتي في زمن الدجال سيكون آدم (أي أسمر) سبط الشعر.
ثم تابعتُ قائلا:
وبمناسبة ذكر الدجال، فإن هذا هو سبب آخر لكوني أحمديا .. فأنا لا أؤمن بخرافة أن رجلا أعور سيأتي على حمار عجيب هائل، وسيقوم بأعمال خارقة.. فهذه الأفكار لا تليق بالقصص الخيالية التي تروى للأطفال قبل النوم.
ولكننا نؤمن بأنها أنباء غيبية عظيمة جاءت في صيغة المجاز، وهي دليل صدق متجدد للنبي صلى الله عليه وسلم، إذ إنها تحققت بصورة مذهلة.
ثم تابعت في توضيح الأفكار لهما، وهما يستمعان باهتمام..
على كل حال.. إن عقيدتنا نحن المسلمين الأحمديين عقيدة راسخة، مبنية بقوة على القرآن والسنة والحديث، بينما يتخبط معارضونا في أفكار لا سند لها ولا قرار، وليست سوى جملة من الأخطاء الفاحشة والعقائد الفاسدة التي تقوِّض أصل الدين الإسلامي.
فهل هناك أفظع من الاعتقاد بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد توفي، والمسيح عيسى بن مريم حي في السماء؟ من أين جاءت هذه العقيدة؟ هل تجدونها في القرآن الكريم أم أن القرآن الكريم قد أعلن وفاة المسيح بالقطع لأنه سبق في علم الله تعالى أن هناك من سيأتي وسيقول بهذه العقيدة؟ هل هنالك حديث واحد يقول بأن المسيح قد رُفع إلى السماء وأنه ما زال حيًّا في السماء؟ بالطبع لا.. لا .. لا
الواقع أن هذه العقيدة تولَّدت من خبر نزول المسيح في آخر الزمان، والذي هو خبر صحيح متواتر، فرفعوا المسيح إلى السماء لكي ينزلوه من السماء!! مع أن أحاديث النزول تخلو تماما من لفظة السماء!! ونسوا أن النزول يعني الحلول والمجيء.
باختصار، عقيدتهم مجرد استنتاج – ليس مبينا على نصوص وأدلة- يقضون به على أسس العقيدة الإسلامية ويسيئون إليها إساءة بالغة، ويضربون به القرآن بعضه ببعض، ويناقضون به سنة النبي صلى الله عليه وسلم وحديثه. بينما عقيدتنا تحافظ على أسس العقيدة الإسلامية وتستند إلى القرآن والسنة والحديث وتزيل أي تعارض ظاهري بينها.. فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون!
لو وقف المعارضون على هذه الحقائق الساطعة الناصعة لقصَّروا على أنفسهم الطريق..
لكن للأسف، نرى أن المعارضين يتناسون كل هذا، وبدلا من أن يتفكروا في هذه الأدلة القاطعة تجدهم يصبون تركيزهم في تكذيب المسيح الموعود الحق ويقفزون تاركين هذا الأمر إما بقولهم إن هذا لو صحَّ فلا يدل على أن مسيحكم الموعود هو المسيح الحق، أو يطالبون بأدلة صدقه ويذكرون بعض القصص السخيفة التي بناء عليها يرفضونه.. فنقول: ومن قال إن هذا دليل على صدق مسيحنا؟ هذا فقط يدل على بطلان اعتقادكم، أما لو سلَّمتم ببطلان اعتقادكم فعندها ستستطيعون النظر في أدلة صدقه المتوفرة والتي لا نقصر في تقديمها. إن هذا الفرار هو دليل على أن معارضينا ليس في أيديهم شيء سوى التكذيب والإنكار، وأنهم لا يقيمون وزنا لأهمية المحافظة على عقائد الإسلام ومقام النبي صلى الله عليه وسلم وختم نبوته كما يتشدقون، ولا يقيمون وزنا للعدل والإنصاف.
إن أولى الخطوات على طريق الهداية هي الإنصاف، ولن يسير الساعي إلى الهداية عليها إلا بمعونة الله تعالى وبطلب الهداية منه. ولكن هؤلاء قد تركوا الإنصاف وكرهوا ما أنزل الله تعالى، وفضلوا أفكارهم السقيمة على حكم الله ورسوله. فما مصير من خالف حكم القرآن الكريم وحكم النبي صلى الله عليه وسلم سوى الخيبة والخسران.
المسلم من سلم الناس من يده و لسانه ..انا لا أفهم حتى الآن لماذا الاحمديين فرقة خاصة لا يحج اتباعها و لا يتآمرون زيادة عن ذلك جوهر الدين هو عبادة الله و إتباع منهج رسوله و ليس البحث عن موت المسيح او عدمه.
بلا يا أخي الكريم. الأحمديون يشهدون بالله ويلصون ويصومون ويزكون ويحجون بيت الله.
أما موت المسيح حقيقة قرآنية يجب أن نؤمن بها، لكن الأصل هو الإيمان بالمهدي الذي أمرنا رسول الله ﷺ مبايعته ولو حبوا على الثلج.
بوركتم،
والسلام
دائما مبدع اخي تميم جزاكم الله أحسن الجزاء