كم كان عمر عائشة عندما تزوجها الرسول ﷺ؟
يعترض بعض خصوم الإسلام هذه الأيام على زواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بالسيدة عَائِشَة أُمّ المؤمنين رَضِيَ اللهُ عَنْهُا بأنه زواج بالغ بطفلة ذات ست سنين وأنه لا يليق، والحقيقة أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يتزوج حضرة أُمّ المؤمنين رَضِيَ اللهُ عَنْهُا وأرْضاها بهذا السن على الإطلاق كما سنرى إنْ شاءَ الله تعالى.
بدايةً، لقد تمَّ زواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بسيدتنا عَائِشَة رَضِيَ اللهُ عَنْها وكان زواجاً مقبولاً تماماً ووفق عرف العرب ولم يعترض أحدٌ من العرب سواء المنافقين أو حتى ألد الخصوم على هذا الزواج، وهذا يدل على أن هذه الشبهة لا تصح بحال. وهذا يدل أيضاً على أن سيدتنا عَائِشَة رَضِيَ اللهُ عَنْها كانت في سن مناسب وصالح للزواج.
أدلة تهافت القول بزواج عائشة وهي في عمر 9 سنوات
- كانت أُمّ المؤمنين رَضِيَ اللهُ عَنْهُا مخطوبة لأحد الأعراب وهو المُطعِم بن عَدي قبل خطبة النبي لها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. وهذا يدل بوضوح على أن السيدة عَائِشَة ؓكانت في سن صالحة مؤاتية عند الزواج بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم حيث كانت قبل خطبته ﷺ لها مخطوبة لشخص آخر وليست طفلة.
- الرواية التالية تثبت أن سيدتنا عائشة ؓكانت تتذكر الأيام الأولى للإسلام عندما تذكر مرحلة سبقت ابتلاء المسلمين .. أي قبل السنة الرابعة للبعثة الشريفة. وما دامت رَضِيَ اللهُ عَنها تتذكر هذه المرحلة فلا بد أنها كانت واعية عند بداية البعثة ولم تكن طفلة صغيرة أو لم تولد بعد في وقتها، وبذلك فهي مؤهلةٌ بداهةً للزواج الذي حدث بعد أكثر من عقد من تلك المرحلة الأولى للإسلام. الرواية عنها رَضِيَ اللهُ عَنْها كالتالي:
“لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَفَيِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ الْحَبَشَةِ.” (صحيح البخاري) - كذلك كان سن السيدة أسماء رَضِيَ اللهُ عَنْها التي تكبر السيدة عَائِشَة ؓبعشر سنين عند وفاتها عام 73هـ هو 100 عام. (ذَكَرَ ذلك الإمام الذهبي في السير: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ: كَانَتْ أَسْمَاءُ ؓأَكْبَرَ مِنْ عَائِشَةَ ؓبِعَشْرٍ.” -سير أعلام النبلاء للذهبي، ج 2، ص: 288، الطبقة: الصحابة رضوان الله عليهم، أسماء بنت أبي بكر). هذا يعني بأن السيدة أسماء ؓكانت عند الهجرة في العشرين من عمرها، وبذلك تكون أُمّ المؤمنين عَائِشَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُا عند الهجرة فوق العاشرة من عمرها، لفارق العشر سنوات بينهما، وقد حدث الزواج بالنبي ﷺ بعد ذلك بسنوات.
- أما رواية هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ؓ أنها كانت تسع سنوات فلم يستغرب أو يستنكر أحدٌ في وقتها هذه الرواية سواء المسلمين أنفسهم أو المنافقين المتربصين أو حتى خصوم الدين، وهذا يجرّنا إلى البحث الكريم الذي اعتمدته الجماعة الإسلامية الأحمدية والذي قام به حضرة مرزا بشير أحمد رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الابن الثاني للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام.
ما هو موقف الجماعة الإسلامية الأحمدية من سن زواج عائشة؟
- نفى الْمَسِيحُ الموعودُ عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام في موضعين أن عمر سيدتنا عائشة رضي الله عنها كان تسع (9) سنوات وقت الزواج وقال عَلَيهِ السَلام بأنه لم يثبت من أي رواية متواترة ولا وحي. (انظر كتابَي “نور القُرآن”، رقم 2، الخزائن الروحانية، مجلد 9، ص 377-378. وكذلك كتاب “الديانة الآرية”، الخزائن الروحانية، مجلد 10، ص 64)
- كذلك ذكر المُصْلِح المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بأننا نجد اختلافاً في الروايات حول سنها رَضِيَ اللهُ عَنها وقت الزواج، وأن العمر الصحيح والأدقّ هو ثلاث عشرة (13) سنةً، ولم ير حضرته صحة ما يقال التي بأن عمرها رَضِيَ اللهُ عَنها كان سبع عشرة (17) سنة.
- أما بحث حضرة بشير أحمد رضي الله عنه فيه الذي تلقى المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام حوله إلهاماً كما يلي “… ويأتي قمرُ الأنبياء وأمرك يتأتّى.“، ويعتبر كذلك من كبار علماء الجماعة وباحثاً جليلاً مُطّلعاً بشكل عميق في سيرة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وتاريخ الإسلام، فهو كما يلي:
-
- وُلدت السيدة عائشة رَضِيَ اللهُ عَنها في أول السنة الرابعة (4) من النبوة.
- عقدَ رَّسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عليها رَضِيَ اللهُ عَنها في شهر شوال من السنة العاشرة (10) من النبوة وعمرها سبع (7) سنين تقريباً وكان عمر رسول الله ﷺ خمسين (50) سنة تقريباً، ولكن مرحلة البلوغ لم تتم عندها بعد، ولذا لَمْ تُزَفّ/تُسلم إليه إنما بقيت في بيت والديها، لكن نمو جسمها وطولها كان متقدماً بشكل غير مألوف.
- هجرة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم تمت في شهر ربيع الأول من السنة الرابعة عشر (14) من النبوة وعمرها رَضِيَ اللهُ عَنها بلغ عشر (10) سنين وبضعة شهور.
- في شهر شوال من السنة الثانية (2) من الهجرة بلغ عمرها إثنتي عشرة (12) سنةً تقريبا وبلغ عمر رسول الله ﷺ خمس وخمسين (55) سنة، وقد تمّ بلوغها، وفي هذه السنة زُفَّت/أُسلِمت إليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
- يؤيد هذا البحث ما ذكره المُصْلِح المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ من أنها بلغت ثلاث عشرة (13) سنة. وكما ترى عزيزي القاريء، فلا فرق كبير بين إثنتي عشرة (12) سنة أو ثلاث عشرة (13) سنة، لأن العمر إذا بلغ إثنتي عشرة (12) سنة وبضعة شهور فلا بأس به إن قيل بأن العمر ثلاث عشرة (13) سنة.
- أما رأي الخليفة الرابع حضرة مرزا طاهر أحمد رَحِمَهُ الله فهو أن العادة في ذلك الزمن أن يُعَقد النكاح/الزواج الشرعي قبل بلوغ الفتاة بدون الزفاف، أي لم تُسلُم الفتاة إلى الزوج إنما بقيت في بيت والديها، وأحياناً تُسلَّم إليه، لكن بدون الدخول بها، أي كانت تعيش في بيت الزوج بدون الدخول بها حتى البلوغ. أما عن سنها رَضِيَ اللهُ عَنها، فقََدْ وافق الخليفةُ الرابع ؒعلى بحث مرزا بشير أحمد ؓ.
- أما رأي الخليفة الخامس حضرة مرزا مسرور أحمد أيَّدَهُ اللهُ تعالى بِنَصْرِهِ العَزِيز، فهو أن في الروايات اختلاف وأن بحث مرزا بشير أحمد ؓهو الأصح.
يجدر بالذكر أيضاً أن زواج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم من سيدتنا عائشة رَضِيَ اللهُ عَنها قد تم بإرادة الله تعالى، حيث أظهرَ ملاكٌ صورةَ عائشة ؓ لرسولَ الله ﷺ في الرؤيا وقال بأنها زوجتك في الدنيا والعقبى. لكنه ﷺ لم يخبر أحداً عن الرؤيا إنما جاءت خولة بنت حكيم إليه واقترحت عليه عائشة ؓفوافق صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
ملخص تحقيق سن زواج عائشة ؓ
- تم الزواج بإرادة الله عز وجل.
- نفى المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام روايات التسع (9) سنين.
- بلغ عمر السيدة عَائِشَة ؓوقت عقد الزواج الشرعي سبع (7) سنين، ولم يتم بلوغها ولم تُسلَم إليه، لكنها أصبحت زوجته الشرعية منذ ذلك الحين وبلغ رسول الله ﷺ خمسين (50) سنة تقريباً.
- بلغ عمرها إثنتي عشرة (12) سنة أو ثلاث عشرة (13) سنة تقريباً وقت الزفاف، وبلغ رسول الله ﷺ خمس وخمسين (55) سنة.
وهكذا تتوافق الروايات جميعاً حسب بحث مرزا بشير أحمد ولكن بفهمٍ صحيح يرفض رواية التسع التي هي آيضاً لم يستغربها أحد على فرض أنه عقدٌ فقط ولم تُسَلَّم إلى رسول الله ﷺ حتى بلغت، وأخذ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ برواية السبع سنين والتسليم عند الثالثة عشر إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. فالاعتراض بعد ذلك كله لا يرضاه العقلاء.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ