في منشوري السابق قدمت مقتبسا من كلام الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام من كتابه “كحل لعيون الآريا” حول حصول الإيمان ثم الترقي فيه إلى الإيقان الذي يسمى أيضا بعلم اليقين والذي يكمّل الله فيه علم المؤمن فيما يتعلق بالأدلة والاسنتتاجات العقلية فضلا منه، ثم يترقى بعد ذلك إلى عين اليقين بتجلي الله تعالى له بالرؤى والكشوف والوحي ثم ترقيه أكثر ليعيش حالة حق اليقين التي تكون فيه نفسه مطمئنة لا خوف عليها ولا تحزن بسبب كثرة التجليات ونشوء العلاقة من المرتبة العليا مع الله تعالى.

وفي هذا المقتبس يركز حضرته عليه الصلاة والسلام على الإيمان الذي هو الحالة البدائية – قبل حصول علم اليقين- والتي يلزمها التقوى وحسن الظن والتي لا بد من توفرها بصورتها الصحيحة ليبدأ المؤمن السير على هذه الطريق، وما الذي يجب أن يتحلى به ليكون مؤمنا يقبله الله تعالى ويرعاه في رحلته الإيمانية. يقول حضرته:

الإيمان أن يقبل المرء قبل أن يبلغ علمُه الكمالَ، وعندما لا تزال تجذبه الشكوك والشبهات، فالذي يؤمن- أي يقبل رغم ضعفه وعدم توفر جميع أسباب اليقين بناء على الاحتمال الأغلب- فهو يُعدُّ عند الله صادقا وصالحا، ثم يُرزق المعرفةَ التامة كموهبة ويُسقى كأس العرفان بعد الإيمان. ولذلك لا يهاجِم الرجلُ المتقي كلَّ جانب في البداية بعد سماع دعوة الرسل والأنبياء والمأمورين من الله، بل يتخذُ من الجزء الذي يُفهم بسهولة من الدلائل الواضحة البيَّنة على كون أحد المبعوثين من الله وسيلةً لإقراره وإيمانه. أما الجزء الذي لا يفهمه فيعدّه من الاستعارات والمجازات بحسب سنة الصالحين، وبذلك يؤمن بإخلاص وصفاء برفع التناقض، فعندئذ يفتح الله عليه باب المعرفة رحمة به راضيا عن إيمانه وتقبلا لدعواته، ويوصله إلى اليقين الكامل بواسطة الإلهام والكشوف والآيات السماوية الأخرى. أما المتعصب المليء بالعناد فلا يقوم بذلك، وينظر إلى الأمور التي يمكن أن تتسبب في معرفة الحق باحتقار وإساءة ويهملها بسخرية وضحك، ويجعل الأمور التي ما زالت ملتبسة عليه وثيقة اعتراض، وهذا هو دأب الظالمين على الدوام.” (أيام الصلح، ص 23، الخزائن الروحانية)

About الأستاذ تميم أبو دقة

من مواليد عمَّان، الأردن سنة 1968 بدأ بتعلَّم القرآن الكريم وحفظ بعض سوره وفي تعليمه الديني في سنٍّ مبكرة وبدأ بتعليم القرآن في المساجد في الثانية عشرة من عمره. انضم إلى الجماعة الإسلامية الأحمدية عام 1987 قبل أن يبلغ التاسعة عشرة من العمر وكان من أوائل الأحمديين العرب. يعمل في خدمة الجماعة في المكتب العربي المركزي وفي برامج القناة الإسلامية الأحمدية وفي خدمات التربية والتعليم لأفراد الجماعة وفي العديد من الأنشطة المركزية. أوفده الخليفة الخامس نصره الله تعالى ممثلا ومندوبا لحضرته إلى عدد من الدول، وكرَّمه الخليفة نصره الله بلقب “عالِم” في العديد من المناسبات. عضو مؤسس ومعدّ في فريق البرنامج الشهير “الحوار المباشر” الذي انطلق رسميا عام 2006 والذي دافع عن الإسلام ضد الهجمة المسيحية التي انطلقت على بعض القنوات في بداية الألفية وأخمدها، والذي أسهم في تعريف الجماعة الإسلامية الأحمدية إلى العالم العربي، والذي يبث الآن مترجما ترجمة فورية إلى العديد من اللغات. وهذا البرنامج أصبح نموذجا للعديد من البرامج المشابهة في اللغات الأخرى. شارك ويشارك في العديد من البرامج الأخرى وخاصة المباشرة في اللغة العربية وفي بعض البرامج باللغة الإنجليزية. عضو هيئة التحرير لمجلة “ريفيو أوف ريلجنز” الإنجليزية العريقة التي بدأ إصدارها في زمن الإمام المهدي والمسيح الموعود عام 1902م.

View all posts by الأستاذ تميم أبو دقة