ملاحظة: المقال التالي كتب في 2/آذار 2015
القاعدة الاولى: لا تناقض بين الخلفاء والإمام المهدي والمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام
في خطبته الأخيرة يوم الجمعة 27/2/2014 بيَّن الخليفة الخامس أيده الله تعالى بنصره العزيز أن الخلفاء لا يناقضون المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام، بل ليس ملائما إن يقارن موقفهم بموقف المسيح الموعود وكلامه، وإنه لو قدَّم أحدٌ كلامهم مقابل كلام المسيح الموعود فإن هذا بمنزلة إساءة لهم!
فالتناقض الذي يراه البعض هو ناتج عن سوء الفهم وقلَّة التدبر، فكلامهم ليس إلا شرحا وتوضيحا وتوسُّعا لما قدَّمه حضرته.
وإذا حدث أن قال أحد الخلفاء كلاما يناقض المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام صراحة في مسألة جزئية جدا، فهذا يكون ناتجا فقط عن عدم العلم. وهو بنفسه لو نُبِّه إليها فسيتراجع عن موقفه فورا.
فالواجب على من يظن أن هنالك تناقضا أن يسأل من هو أعلم منه، فإن لم يجد جوابا شافيا عليه أن يرفع سؤاله إلى الخليفة نصره الله تعالى. فكلام الأنبياء لا يستطيع خُلَّص المؤمنين والأولياء أن يحيطوا بكنهه كما بيَّن حضرته، فكيف بعوام الناس؟! وإذا كان هناك تناقض حقيقي فسيرفضه خليفه الوقت دوما، لأنه سيكون ناتجا عن عدم علم الخليفة السابق في هذه المسألة حتما، ولن يكون في هذا إساءة له، بل هذا ما سيقوم به بنفسه لو كان حيا.
القاعدة الثانية: من خالف المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام ليس أحمديا:
إذا لم يكن من حقِّ الخلفاء ولا من صلاحياتهم مخالفة المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام، فكيف يجدر ذلك بأحمدي عادي؟! يقول الخليفة الأول حضرة المولوي نور الدين القرشي رضي الله عنه موضِّحا:
“إن بعض الأمور التي تختلفون عليها قد حكم فيها حضرة المرزا المحترم، فمن يخرج على حكمه لا يكون أحمديا. وأما عن الأمور التي لم يحكم فيها (حضرته عليه السلام)، فلستم في حلٍّ من أن تتفلسفوا فيها بغير إذني. فضعوا أقلامكم وكفوا ألسنتكم عن مثل تلك الأمور إلى أن يطرقها الخليفة، أو إلى أن يظهر خليفته. وعلى هذا، لا تحاولوا أن تسهبوا في بحث أمور سكت عنها إمامنا وقائدنا، وإلا فإن جميع كتاباتكم سوف تكون بلا جدوى” (كتاب: حضرة المولوي نور الدين، لظفر الله خان)
فإذا كان التفلسف فيما لم يقل به المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام يحتاج إذنا من الخليفة، فكيف بالتفلسف بما يناقض المسيح الموعود؟! هذا ليس من عمل الأحمدي الحقيقي الصادق مطلقا، وهذا ليس إلا عمل المنافقين.
القاعدة الثالثة: استنباط المسائل الدينية من القرآن الكريم ليس بوسع كل مجتهد او شيخ فكيف بعوام الناس
يقول المسيح الموعود والإمام المهدي عليه الصلاة والسلام:
“مع أن مذهبي هو أن القرآن الكريم كامل في تعليمه ولم تبق حقيقة خارجه لأن الله جلّ شأنه يقول: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}، ويقول أيضا: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}، ولكن إلى جانب ذلك أعتقد أيضا أنه ليس بوسع كل مجتهد أو شيخ أن يستخرج ويستنبط من القرآن الكريم جميع المسائل الدينية أو أن يقدر على تفسير صحيح لمجملاته بحسب مشيئة الله، بل هذه المهمة موكولة إلى الذين نُصروا بالوحي الإلهي بصورة نبوة أو ولاية عظمى. فالصراط المستقيم للذين لا يقدرون على استخراج المعارف القرآنية واستنباطها لكونهم غير ملهَمين هو أن يقبلوا دون تردد وتوقُّف – ودون أن يتوجَّهوا إلى استخراجها واستنباطاها من القرآن – التعاليم التي وصلتنا بواسطة السنن المتوارثة والمعمول بها. أما الذين نُوِّروا بنور وحي الولاية العظمى، ويدخلون في حزب: “إلا المطهَّرون”، فقدت جرت سُنَّة الله معهم بلا شك أنه – عز وجل – يكشف عليهم بين حين وآخر دقائق القرآن الكامنة.“(مناظرة لدهيانة، ص 114)
فإذا كان الاستنباط الصحيح من القرآن الكريم ليس بمقدور عالم مجتهد أو شيخ يملك زمام علوم اللغة والفقه، فكيف بعوام الناس وجهَّالهم وأشباه الأمييِّن منهم؟!
الخلاصة: وهكذا فإن الذي يخالف المسيح الموعود والإمام المهدي عليه الصلاة والسلام، والذي يظن أن الخلفاء يخالفونه جهلا منه، والذي يصرُّ على ذلك ظانا أنه يجتهد ويستنبط دقائق القرآن، رغم ضعف حالته الإيمانية والعلمية، ليس أحمديا وإن أصرَّ على ذلك. فكيف بمن يجمع الجهل مع سوء السلوك وتردي الحالة الإيمانية والعملية والأخلاقية؟! هذا ليس إلا منافقا يجمع الحمق والغرور مع الجهل، ويبتغي الفتنة.
لذلك ليس عجيبا أن يجتمع المنافقون مع المتنبئين الكذبة واتباعهم ومن غيرهم مع المرتدين ومع أعداء الجماعة تأييدا لهذه الاجتهادات السخيفة. وليس عجيبا أن يقبل متنبئ كاذبٌ أن يخالفه تابعٌ له في حكمه ثم يُثني عليه! فقبوله هو شهادة منه على كذبه وافترائه، وكل ما يريده هؤلاء هو الفتنة. {أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ } (التوبة 49)