بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم أختي الفاضلة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رحم الله رجلا عرف زمانه فاستقامت طريقته
حين يرتفع الإيمان من الأرض وتفسد عقائد الناس وتضعف الروحانية في القلوب وحين تنصرف همم الناس إلى الدنيا الدنية فقط ولا يبقى للدين في القلوب محبة ولا مهابة بل تتحول حقائق الإسلام إلى محض عادات وتقاليد وطقوس فارغة، حينها لابد من التدخل الرباني لتجديد الدين وإحياء الشريعة ولبعث الروحانية في القلوب من جديد
إن الواقع الذي نعيشه اليوم يحتم عليك أخي الكريم أن تنفض رداء الغفلة واللامبالاة، فحال الأمة وحال البلدان العربية والإسلامية صار أشبه ما يكون بحال العرب في الجاهلية، لا حول لهم ولا قوة، ضعف وهوان فقر جهل وهمجية وتمزق وعصبية، هو نفس الحال الذي وصفه القرآن الكريم عند بعثة خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم حيث قال: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ)
فهل سيترك الله أمة حبيبه في هذه المحنة العصيبة، وهل يكلها إلى شيوخها وعلمائها الذين زادها اختلافهم فيما بينهم فرقة وتشتتا دون تدخل رباني، حاشا لله تعالى، فقد وعد نبيه ببعثة ثانية للإسلام في أمته حين تبلغ الأمور هذا الحد من الفرقة والفساد، فقال عز وجل في الآية التي تليها (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
قال القرطبي في تفسيره:
قوله تعالى: “وَآخَرِينَ مِنْهُمْ” هو عطف على الأميين؛ أي بعث في الأميين وبعث في آخرين منهم
وفي صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: كنا جلوسًا عند النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فنـزلت عليه سورة الجمعة، فلما قرأ: ( وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ) قال رجل: من هؤلاء يا رسول الله ؟ قال: فلم يراجعه النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حتى سأله مرّة أو مرتين أو ثلاثًا، قال: وفينا سلمان الفارسيّ، فوضع النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يده على سلمان فقال: “ لَوْ كاَنَ الإيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلاءِ”. في رواية: “ لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس أو قال من أبناء فارس حتى يتناوله” لفظ مسلم
فهذه الآية الكريمة تشير لنبوءة قرآنية تتعلق بالزمن الأخير حين يفسد المسلمون وتفيد بوضوح بأن رجلا من أصل فارسي سوف يأتي في الآخرين ممثلا للنبي صلى الله عليه وسلم وعاكسا لأنواره ومظهرا لجماله ومستفيضا بفيوضه.
إذن، فكما تدخل الله في الماضي لإحياء الأمة فأنقذها مما كانت فيه لم يترك جل جلاله أمة حبيبه اليوم، بعد ان كانوا في الماضي أفقر الناس جعلهم الله اغنى الناس، وبعد أن كانوا مشتتين فرقا وقبائل متناحرة وحدهم وجعلهم أمة واحدة وبعد أن كانوا أجهل الناس جعلهم الله أعلم الناس وبعد أن كانوا أضعف الناس جعلهم اقوى الناس.. ونصرهم نصرا عزيزا مؤزرا على أعتى قوة في العالم حينذاك الفرس والروم.
تم ذلك كله بعد أن استجابوا لمبعوث السماء … فحالة العصر تحتم عليك أن تسأل نفسك اين الخلاص مما نحن فيه؟ هل اخلف الله وعده معنا؟ هل تخلى عنا؟ حاشا لله. اسمع يا اخي هداك الله الى طرق السعادة، لقد هاجت رحمة الله تعالى في هذه الأمة قبل أكثر من قرن وربع ببعثة ذلك الرجل الموعود من أهل فارس والذي أعاد الإيمان إلى الأرض بعد أن كان في الثريا، وهو حضرة مرزا غلام أحمد القادياني عليه السلام مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية.
جاء حضرته تحقيقا لوعود النبي محمد صلى الله عليه وسلم بـ نزول المسيح حكما عدلا بين طوائف المسلمين المتناحرة في هذا الزمان، ولكن مازال الناس للأسف حتى يومنا هذا ينتظرون مبعوثا ينزل عليهم من السماء من بين السحاب نزولا ماديا حرفيا كما يتوهمون، فاليهود ينتظرون، ومشايخ المسلمين ينتظرون، والمسيحيون ينتظرون نزول يسوع المسيح مرة اخرى، وعامة المسلمين ينتظرون مجيء المهدي والمسيح، وكذلك الأديان الأخرى بانتظار مصلح سماوي يجمع الناس على كلمة واحدة وتنصلح على يديه أحوالهم.
إن الله تعالى قد صدق وعده ونصر عبده، وأرسل مبعوثه الخادم الصادق والمحب العاشق للحبيب محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الزمن ليحي الدين في نفوس الناس ويصلح شئونهم ويرفع شأنهم فيصبحوا معززين مكرمين معتصمين بالوحدة تحت إمام واحد وخلف راية واحدة.
فما بالكم أيها الناس، لماذا تعرفون نعمة الله ثم تنكرونها؟ ألم يكن هذا هو أملكم في ربكم وحسن ظنكم بإلهكم الحي القيوم ألا يخذلكم ولا يترككم هكذا كالخراف الضالة المتناثرة، لماذا أعرضتم عن داعي الإيمان بعد إذ جاءكم، وقد أعلن فيكم أنه المسيح الموعود والمهدي المنتظر المعهود، وأنه واحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم قد ذاب حبا في سيده ومطاعه، ولم يتجاوز شريعته قيد أنملة، ولم يزد فيها أو ينقص منها حرفا واحدا، وإنما جاءكم مجددا لما تهدم من بنيان الدين، ومظهرا لشرف الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ورافعا لواءه عاليا خفاقا في العالمين.
فما دام الإيمان قد ارتفع الى الثريا كما اخبرنا رسول الله وصارت حقيقة الإسلام غير موجودة في مجتمعاتنا التي تسمي نفسها إسلامية.. ومادام تحقق قول الرسول ﷺ “بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء“. وما دمنا يضرب بعضنا رقاب بعض ومادمنا غير متحدين على قلب رجل واحد مادمنا فقدنا المحبة والالفة والمودة والأمن والأمان، التي هي من علامات وسمات جماعة المؤمنين.
ومادمنا لا نرى نصر الله الذي وعدنا الله به {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} وما دام الله جعل للكافرين علينا سبيلا مع انه وعد {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} (النساء 142) اذا هناك خلل في الإيمان وخلل في العمل الصالح وإلا لبدل الله تعالى خوفنا أمنا.
تعالوا أيها الناس، واستجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم. تعال يا اخي تعالي يا اختي الى مبايعة الامام المهدي والمسيح الموعود الخادم الصادق لرسول الله خاتم النبيين. تعال بايع على يد خليفته حضرة ميرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز. تعال واستجب لنداء الرسول المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم)
فها هي الجماعة الاسلامية الاحمدية قد أقيمت بأمر الله تعالى.. الان دورك ان تتبين كما امرك الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (الحجرات 7) ولا تسمع لفلان وعلان بل ادع الله تعالى بكل تضرع وابتهال في أمر ميرزا غلام احمد واسأل الله تعالى، والله سوف يجيبك إن كنت صادقا في طلبك وصادقا في دعائك. للأسف الكثيرون يتهمون ويفترون ويكذبون على هذه الجماعة، وستحاسب أمام الله تعالى لو رددت تلك الاتهامات الباطلة دونما تثبت أو برهان، لأنك بذلك تخالف هدي القرآن (إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) وتخالف سنة حبيبك صلى الله عليه وسلم القائل: (كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع)
فعليك ان تتحرى الصدق لان الصدق يهدي الى البر والبر يهدي الى الجنة ولا تتهم بغير حق لان الله يعتبر الاتهام بالباطل أمرا عظيما ( إذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ } (النور 16) لا تقل كالذين قالوا: (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ } (الزخرف 23). لا تستعجل وتلقي بالكلام على عواهنه وتسيء الظن لأن النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم قال: ( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ) فليس كل ما يقال عنا صحيحا حتى لو كان هذا الكلام من شيخ او عالم .
لا تغلق نوافذ قلبك حتى لا يدخله النور، بل استمع وفكر وتأمل وادع الله تعالى، وكن من الذين (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) حتى لا تكون غدا والعياذ بالله مع الذين (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ)
إن الواقع يؤكد أن خلاص الامة واعتصامها بحبل الله تعالى ليس منوطا بعالم او فقيه او رجل سياسي او زعيم قومي او حزب سياسي او مؤسسة دينية بل منوط فقط بمبعوث من السماء، وبغير مبعوث السماء لن تلتئم وحدة الأمة من جديد.
فهلموا أيها السعداء الى داعي الصلاح، وانضموا لركب الإيمان في زمن الفتن، اركبوا سفينة النجاة ولا تأووا لأي سبب بشري فلا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم، ورددوا بقلوبكم مع المؤمنين (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ۚ رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ)
لقد بسط الله تعالى يده للمبايعين في هذا الزمن، فاحذر أخي الكريم وأختى الفاضلة أن تتأخر في بسط يدك لتنال بيعة الرضوان مع رب العالمين
(إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)
اللهم اشرح صدور الناس لمعرفة مبعوث الزمان وإمام الوقت، آمين
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين