منحت الجماعة الإسلامية الأحمدية جائزة السَلام لعام 2016 إلى السيدة اليابانية “ستسوكو ثورلو” الناجية من حادثة قنبلة هيروشيما المأساوية وذلك تقديراً لجهود السيدة ثورلو الكبيرة من أجل السَلام في العالم ونشاطها الدؤوب في نشر الوعي من مخاطر الحروب النووية وسعيها كرائدة برامج نزع الأسلحة النووية حول العالم. وكانت الفتاة الصغيرة ستسوكو ثورلو ذات الثلاثة عشر عاماً في مدرستها الواقعة في مركز مدينة هيروشيما اليابانية صباح يوم السادس من أغسطس عام 1945 حين لمحت فجأة من خلال نافذة الصف ضوءاً متوهجاً أزرق اللون لمع فجأة وإذا بالعالم كله يتحول إلى هدوء مطبق لا مثيل له وشعور بالطوفان الهاديء في السماء كالحلم وانعدمت الرؤية تماماً -وذلك بعد أن ألقت الولايات المتحدة الأمريكية القنبلة الذرية على مدينة هيروشيما- ثم بعد انتهاء هذا الشعور علمت الفتاة ستسوكو ثورلو بأن ثمة عساكر يرفعون الأنقاض عن جسدها المطمور وسط أصوات بكاء وصلوات مفزعة لا تعرف مصدرها بينما كان العسكر يطلبون منها أن تتحرك كي لا تصاب بالشلل، ثم أبصرت مدينتها الخضراء الزاهية وقد تحولت بالكامل إلى رماد يلفها الدخان والغبار، وكانت أينما جالت ببصرها لم تكن تشاهد إلا الرماد والسكون القاتل. لقد اختفى فجأة أكثر من 360 ألفاً من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب وجميع سكان هيروشيما والطيور وكل شيء في لمح البصر واختفت معهم جميع مباني وشوارع وملامح المدينة ولم يبق أي أثر حتى على بعد أميال من الحادث إلا بعض الذين انتشلوا من أنقاض الإنفجار وقد سقطت جلودهم حولهم أو ذابت أطرافهم وأعينهم ثم قضوا بعد ذلك بتسمم الإشعاع حتى أن المدن المجاورة تضررت بالكامل بسبب هذا الإنفجار الهائل والرهيب.

يذكر أن أثر الإشعاع لا زال إلى اليوم باقياً في تلك المنطقة المنكوبة. كان سكان المدن الأخرى يشاهدون منظر الفِطر العملاق يجثم على مدينة هيروشيما ويسمعون الرعود العاصفة الناتجة المصاحبة له بينما لم تَرَى ستسوكو ذلك لأنها كانت في قلب الحدث ولم تسمع أي صوت إلا السكون القاتل الذي يقبع على الأرض من حولها، وكانت تشاهد الجنود يسكبون الزيت على الجثث المتفحمة ليتقنوا عملية الحرق وعرفت أن هذه الجثث المتفحمة كانت لزملائها الذين كانوا معها في الفصل قبل دقائق فقط والكثير من الأقارب. رغم ذلك لم تشعر الطفلة ستسوكو ثورلو بأي قدرة على البكاء أو الحزن ولم تسكب عينيها أي دمع وذلك بسبب الصدمة وهو شعور شاطرتها به قريبتها التي عادت إلى بيتها في هيروشيما لتجده قد تحول إلى رماد وأسرتها السعيدة تحولت إلى عظام مبعثرة هنا وهناك، فلم تذرف الدموع لذات الأسباب. لقد بقيت آثار الإشعاع حتى بعد عقود من الزمان ولمسافات بعيدة في هيروشيما والمدن الأخرى التي بدأ يظهر على سكانها طفحات جلدية سامة تؤدي بعد فترة وجيزة إلى الوفاة ولا زال الأطفال يولدون إلى اليوم مشوهين بفعل الإنفجار وما نتج عنه من إشعاع سام.

لقد نجت ستسوكو بأعجوبة من هذه الحادثة العجيبة لتعيش وتتذكر هذه الحادثة الأفضع في تاريخ العالم الحديث ثم لتصبح هذه السيدة رمزاً عالمياً لخطر الحروب النووية ولتنشط في مجال نزع الأسلحة النووية وتعقد المؤتمرات حول العالم للتحذير من هذه الأسلحة المدمرة. يذكر أن كندا منحت السيدة ستسوكو ثورلو الجنسية الكندية تقديراً لعملها الكبير وهي اليوم تتلقى جائزة السَلام الأحمدية التي أسسها خليفة المسيح الخامس حضرة مرزا مسرور أحمد أيَّدَهُ اللهُ بِنَصْرِهِ العَزِيز في عام 2009 لدعم السَلام وتقدير الأنشطة السلمية وتشجيع الناس على بذل ما باستطاعتهم لتحقيق السَلام في العالم.

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد