المعترض: الأحمدية نتيجة بركة الدجال
بعث الله الميرزا نتيجة بَرَكة الدجال وإخلاص قلبه ومواساته الصادقة
نطرح مقدمتين، وهما: لماذا بعث الله الميرزا؟ ومن هو الدجال؟ ثم الربط بينهما، ثم النتيجة:
1: لماذا بعث الله الميرزا؟
الجواب: يقول الميرزا مخاطبا فيكتوريا: “إن هذا المسيح الموعود الذي جاء إلى الدنيا إنما هو نتيجة بركة وجودك وإخلاصك القلبي ومواساتك الصادقة…..إن سلسلة عدلك في الأرض جذبت سلسلة عدل السماء. وسلسلة رحمتك خلقت سلسلة الرحم في السماء. (نجم القيصرة)
ويتابع الميرزا معبرا عن حبه العميق:
إني أحبك من الأعماق، ففي قلبي حبك وعظمتك بوجه خاص…. لقد أرسلني الله تعالى بسبب نيّاتك الحسنة. (نجم القيصرة 1899)
2: من هو الدجال؟
يقول الميرزا شارحا معنى ادعاء الدجال للألوهية:
فاسمعوا الآن عن شرح ادعائهم الألوهية… سيريدون مثلا أن يتمكّنوا من إنزال المطر وإمساكه وتوفير المياه بكثرة وتجفيف المياه وتسيير الهواء وإمساكه وابتكار كل أنواع المعادن بأيديهم… وتثبيت الحَمْل من خلال إلقاء النطفة في أي رِحم يريدونه بأداة مثل الإبرة. (التحفة الغلروية 1900)
الربط: فيكتوريا هي الدجال، لأنّها ملكة بريطانيا بلد المخترعين لما ذكر الميرزا.
النتيجة: بعث الله الميرزا ببركة الدجال. فعلى الأحمديين أن يدعو الله أن يديم بَرَكَته على الدجال، وأن ينصر يأجوج ومأجوج.
الرد: بريطانيا ليست الدجال حسب كلام المسيح الموعود
أول الكلام كما يقال كذب وتدليس ! وذلك أن بريطانيا عند حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام ليست هي الدجال حيث يقول حضرته بكل وضوح:
“فاعلم أننا لا نسمّي الدولة البريطانية دجّالا معهودا.” (نور الحق، ص 32)
أما الدجال فيؤكد عَلَيهِ السَلام بأنه هو أُولَئِكَ القسس المنصِّرين الذين جاؤوا مع الاحتلال البريطاني للهند فقط، حيث يقول عَلَيهِ السَلام:
“لقد مضى دجالون كُثر وقد يظهرون في المستقبل أيضا، غـير أن الـدجال الأكبر الذي دجله مكروه عند الله لدرجة تَكاد الـسماوات يتَفطـَّرنَ مِـن فوقِهن بسببه، هو هذا الحزب الذي يجعل حفنةً من التراب إلهاً. ولقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم أنواع دجل اليهود والمشركين والأمِم الأخرى، لكنه لم يعظِّم دجل أحد لدرجة أنْ وصفه بأن السموات يمكن أن يتفطرن منه، فالفئـة التي وصفها الله ﷻ في كلامه الطيب بالدجال الأكبر ينبغي ألا نسمي غيرهـا الدجاَل الأكبر. وإذا بحثنا عن دجال أكبر آخر فسنكون من الظالمين. إن القول بأن هناك دجالا آخر أكبر من قساوسة العصر الحاضر ليس مـن الصواب في شيء؛ لأنه لما وصفهم الله حصرا بالدجال الأكبر في كلامه الطاهر، فمن منتهى الخيانة أن يوصف أحد آخر بالدجال الأكبر خلافا لكلام الله، وإذا كان هناك احتمال لوجود مثل هذا الدجال، لوصَفَه الله ﷻ -الـذي يحـيط علمُه بالماضي والحاضر والمستقبل- حـصرا بالـدجال الأكـبر لا هـؤلاء القساوسَة. ثم إن علامة الدجال الأكبر التي يشير إليها بصراحة حديثُ البخاري “يكسر الصليب” تبين بجلاء أن من صفات الدجال الأكبر أنه سيتخذ المسيح إلها ويحصر النجاة في الصليب.” (عاقبة اثم ص 49)
إذاً كذب المعترضُ ودلّسَ بنسبته للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام القول بأن الدجال هو بريطانيا، واتّضح كذب ذلك وتدليس المعترض.
أما الاختراعات فهي شيء واستغلالها لنشر الظلم شيء آخر. فأغلب الناس يشاهدون البرامج النافعة على التلفاز على سبيل المثال، ولكن قليل فقط منهم الذين يشاهدون برامج العري والتكفير والإجرام على نفس الجهاز. فلا يمكن اعتبار مخترع التلفاز شريراً بل الذين يستغلون اختراعه للشر فقط. كذلك ورد في تفسير الجماعة الإسلامية الأحمدية أن حمار الدجال هي وسيلة النقل كالقطار والسيارة والطائرة والباخرة الخ، فهل إذا استغلها مجرم ما لارتكاب جريمته ألقينا اللوم على الحمار/السيارة وحرّمنا على أنفسنا ركوبها بدل إلقاء اللائمة على المجرم نفسه واستغلاله للحمار/السيارة لنشر جريمته ! هل هنالك عاقل يفهم ذلك
لا توجد أي إشارة في حديث النبي ﷺ على الإطلاق في تحريم ركوب حمار الدجال رغم تجريم الدجال أشد التجريم. ولو كان هنالك أي إشارة لذلك فليأت بها المعترض ونحن له من الشاكرين.
لعل المعترض يقوم بخدمة للجماعة الإسلامية الأحمدية دون أن يدرك، وذلك أن الرد على هذا الاعتراض سيفتح الباب لجميع المسلمين ليطّلعوا على حقيقة الدجال ومعنى نزول المسيح وقتله للدجال ولماذا يفعل ذلك وما الهدف من نزوله وقتله للدجال والغاية من ذلك كله ردّاً على قول المعترض “لماذا بعث الله الميرزا؟ ومن هو الدجال؟ ثم الربط بينهما، ثم النتيجة”. وسوف نقرأ معاً عزيزي القارئ خطاب المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام الذي أرسله حضرته إلى الملكة فيكتوريا قيصرة الهند آنذاك حيث يشرح عَلَيهِ السَلام مفهوم الدجال الذي أرسلَ اللهُ المسيحَ في بعثته الثانية ليقتله أنه عقيدتها في ألوهية المسيح وحياته في السماء لأنها عقيدة تسيء إلى الله تعالى كل الإساءة وأن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام حباً بالملكة وعدلها بين الناس يريد أن يدلّها على الطريق الصحيح للمسيح، وأن بعثته هو كمسيح موعود في آخر الزمان إنما هو لإعادة الفهم الصحيح لروح الدين وجوهره ورسالته التي تتلخص بـ لا إكراه في الدين وعدم قتال غير المعتدين بين المسلمين ونشر توحيد الله تعالى وتنزيهه عن الموت والشرك واللعنة بين المسيحيين ثم جَمْع الحزبين المسلمين والمسيحيين في وحدة وسلام كما يريد الله تبارك وتعالى للبشرية من أول يوم. سنقرأ كل ذلك بالإضافة إلى بيان التشابه أيضاً بين عدل قيصر الرومان في زمن المسيح عَلَيهِ السَلام وبين عدل قيصرة الهند في زمن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بين المسلمين والهندوس والمسيحيين وغيرهم وعدم استغلال القوة والنفوذ في ظلم أي دين، وكيف ينبغي الشكر للحكومة على هذا العدل والأخلاق السامية، وكيف أن هذا دفع إلى بعثة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام ليرسخ هذا المبدأ الثابت في القرآن الكريم والذي يحتاجه كل من المسلمين والمسيحيين وغيرهم على حد سواء لنبذ الكره والإكراه في الأرض. سنقرأ نص خطاب المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام كاملاً لتتضح الصورة كما يلي:
“يا أيتها الملكة العالية، قيصرة الهند، قد أخبرني الله تعالى أن هناك عيباً في المسلمين وعيباً في المسيحيين وبسببه ابتعدوا عن الحياة الروحانية الحقيقية. فلا يستطيعون أن يتّحدوا بسبب هذا العيب، بل يسبب الفُرقة بينهم. والعيب هو أنَّ هناك مسألتين خطيرتين وخاطئتين جداً يعتنقهما المسلمون أنهم يعتبرون الجهاد بالسيف ركنَ دينهم. وبسبب هذا الجنون يزعمون أنهم إذا قتلوا بريئاً فقد كسبوا ثواباً عظيماً. مع أنَّ هذا الاعتقاد قد صلُح إلى حد كبير لدى معظم المسلمين في الهند البريطانية وصارت قلوب آلاف المسلمين نقية نتيجة جهودي الممتدة على 22 أو 23 عاماً ولكن مما لا شك فيه أنَّ هذه الأفكار ما زالت موجودة بشدة في بعض البلاد الأخرى. وكأن هؤلاء القوم قد اعتبروا أنَّ مغزى الإسلام وخلاصته ليست إلا القتال والإكراه فقط. ولكن هذا الرأي ليس صحيحاً مطلقاً. لقد ورَدَ في القرآن الكريم أمر بوضوح تام ألا ترفعوا السيف لنشر الدين، بل قدِّموا محاسن الدين واجذبوا الناس إليكم بسيرتكم الطيبة. ولا تظنوا أنَّ الإسلام قد أمرَ برفع السيف في البداية، لأن ذلك السيف لم يُرفع لنشر الدين بل سُلّ لتجنب هجمات الأعداء أو لإرساء دعائم الأمن، ولم يكن الهدف من وراءه الإكراه من أجل الدين قط.
من المؤسف أنَّ هذا العيب ما زال موجوداً في المسلمين المخطئين إلى اليوم، وقد نشرتُ لإصلاحه أكثر من خمسين كتيِّباً أو كتاباً مفصّلاً أو إعلاناً في هذا البلد وبلاد أخرى. وإنني آملُ أنَّ الوقتَ موشكٌ حين يتخّلص المسلمون من هذا العيب.
والعيب الثاني في قومنا المسلمين هو أنهم ينتظرون مهدياً ومسيحاً سفاكَين يملآن الدنيا دماً بحسب زعمهم، مع أنَّ هذه الفكرة خاطئة تماماً. لقد ورد في كتبنا الموثوق بها أنَّ المسيح الموعود لن يشن الحروب ولن يرفع السيف بل سيتحلّى بصفات عيسى عليه السلام وأخلاقه في الأمور كلها، ويكون متصبغا بصبغته وكأنه هو. فهذان العيبان موجودان في المسلمين المعاصرين، وبسببها يبغض كثير منهم أقواماً آخرين. ولكن الله تعالى أرسلني لإزالة هذين الخطأين. وإنّ لقب القاضي أو “الحَكَم” الذي أُعطِيتُه إنما أُعطِيته للحُكم نفسه.
ومقابل ذلك هناك خطأ في المسيحيين أيضاً وهو أنهم يُطلقون كلمة اللعنة، والعياذ بالله، على إنسان مقدس وصالح مثل المسيح الذي سُمِّي في الإنجيل نورا. ولا يدرون أنَّ اللعن واللعنة لفظ مشترك بين العبرية والعربية ومعناه أن يبعُد قلب الملعون من الله تعالى وينحرف عنه ويهجره تماماً ويصير نجساً كما ينجس الجسد ويفسد بسبب الجذام. وإنّ العرب وعلماء العبرية متفقون على أنَّ الملعون أو اللعين لا يُطلَق على أحد إلا إذا قطع قلبُه مع الله تعالى جميعَ علاقات الحب والمعرفة والطاعة وأصبح تابعاً للشيطان وكأنه يصير ابنه، وتبرّأ اللهُ منه وهو تبرأ من الله، وكان الله عدواً له وكان هو عدواً لله، لذلك سمِّي الشيطان لعيناً. فإن إطلاق الاسم نفسه على المسيح وتشبيه قلبه الطاهر والمنير بقلب الشيطان المظلم، والعياذ بالله، واعتبار الذي هو نور متجسد، وأتى من السماء، والزعم أنَّ الذي هو باب العلم وسبيل معرفة الله ووريثه قد صار ملعوناً، والعياذ بالله، وأصبح وارثاً للشيطان بعد أن طُرد من عتبات الله واسودّ قلبه وانحرف عن الله وعمي من حيث معرفة الله واستحق لقباً خاصاً بالشيطان أي اللعنة، إنما هو اعتقاد يتمزق القلب لسماعه إرباً ويقشعر لهوله الجسد. فهل انحرف قلب مسيح الله مثل قلب الشيطان؟ هل أتى على مسيح الله الطاهر حين من الدهر تبرأ فيه من الله وصار عدواً لله في الحقيقة؟ هذا خطأ فادح وإساءة كبيرة تكاد السماوات يتفطّرن منها.
فباختصار، إّن معتقد المسلمين عن الجهاد القتالي إساءة بحق المخلوق، ومعتقد المسيحيين المذكور إساءة بحق الله نفسه. إذا كان ممكناً أن يسود الظلام في حال وجود النور، لكان ممكنا أيضا -والعياذ بالله- أن يجذب قلب المسيح لنفسه اللعنة المسمومة في وقت من الأوقات. إذا كانت نجاة الناس مقتصرة على هذه الإساءة وحدها فالأفضل ألا ينال أحد النجاة أصلاً لأن موت المذنبين جميعاً أهونُ من أن يُعتبَر شخص منير ونور متجسد مثل المسيح غارقاً في ظلمة الضلال ولعنة الله وهوّة عداوته عز وجل. لذا إنني أسعى جاهداً أن يتماثل معتقد المسلمين هذا ومعتقد المسيحيين ذاك إلى الإصلاح. وإني أشكر الله تعالى أنه رزقني النجاح في كلا المرادَين. ولمّا كانت الآيات السماوية والمعجزات الإلهية حليفتي دائماً فما عانيتُ كثيراً في سبيل إقناع المسلمين بل تبعني آلاف منهم برؤيتهم آيات الله الغريبة وفوق العادة، وهجروا تلك المعتقدات الخطيرة والهمجية التي كانت مترسخة في قلوبهم. إنَّ حزبي ناصح أمين لهذه الحكومة ويكنّون في قلوبهم حماس الطاعة أكثر من غيرهم في الهند البريطانية. وإنني لسعيدٌ جداً على أنَّ الله تعالى نصرني وأيّدني لإزالة العيب المذكور في المسيحيين بحيث لا أجد الكلمات للشكر عليه. فقد ثبت بأدلة قاطعة وبأوجه قوية كثيرة أنَّ المسيح عليه السلام لم يمت على الصليب بل أنقذ الله نبيه المقدس من الصلب وأُدخل بفضل الله تعالى في القبر حياً في حالة الإغماء وليس الموت، وخرج منه حياً كما قال بنفسه بأن حالته ستُشبه حالة النبي يونس. لقد وردت في إنجيله كلمات بأنه سيُري معجزة كمعجزة النبي يونس. فأرى تلك المعجزة إذ دخل القبر حياً وخرج منه حياً. وهذا ما يتبين لنا من الأناجيل. ولكن أكبر بشارة تلقيتها إضافة إلى ذلك هي أنه قد ثبت بأدلة قاطعة أن قبر عيسى عليه السلام موجود في سرينغر في كشمير.
فقد ألّفتُ في هذا الموضوع كتاباً اسمه: ” المسيح الناصري في الهند”. وهذا نجاح عظيم حققته. وأعلم أن نتيجته عاجلاً أم آجلاً ستكون بأن يجتمع ويتصافح بالحب والصداقة هذا القومان الكبيران أي المسيحيون والمسلمون المتفرقان منذ مدة طويلة ضاربين نزاعات كثيرة عُرض الحائط. فما دام قد تقرر ذلك في السماء لذا توجّهت حكومتنا الإنجليزية أيضا بشدة إلى خلق الوحدة بين الأمم كما يتبين من بعض مواد قانون التهدئة لقانون (Sedation) تهدئة الأمور أو الأوضاع/رفع الشكاوى. والسرّ الحقيقي في ذلك هو أن الاستعداد الذي يتم في السماء بأمر الله تتطرق أفكاره نفسها إلى قلب الحكومة أيضاً. فقد خلق الله تعالى من السماء بسبب حسن نية ملكتنا المعظمة أسبابا لتتحقق في الأمتين أي المسيحيين والمسلمين وحدة فلا يُعتبَروا بعد ذلك قومَين اثنين.
فيا أيتها الملكة المعظمة وفخر الرعايا، إنَّ من سنة الله القديمة أنه إذا كان سلطان الوقت ذا نية حسنة ويريد الخير للرعية، وبذل جهده قدر استطاعته في نشر الأمن والحسنة بوجه عام ويتألم قلبه من أجل التغييرات الحسنة في الرعية عندها تهيج رحمة الله في السماء لنصرته، فيُرسَل بقدر عزيمته وأمنيته إنسانٌ روحانيٌ إلى الأرض. وإنّ حسن نية هذا الملك العادل وعزيمته ومواساته للخلق عامة تخلق هذا المصلحَ. وهذا يحدث عندما يولَد مَلك عادل كمنجٍّ في الأرض ويقتضي منجّيا ًسماوياً بطبيعة الحال انطلاقا من كمال عزيمته ومواساته لبني البشر. هذا ما حدث في زمن المسيح عليه السلام لأن قيصر الروم في ذلك الوقت كان إنساناً صالحاً ولم يُرِد الظلم في الأرض، وكان يتمنى الخير والنجاة للناس. عندها أطلع اللهُ تعالى قمراً منيراً من أرض “الناصرة”، أي عيسى المسيح ليخلق النُضرة والخضرة والطراوة في قلوب الناس كما تعني كلمة “الناصرة” في العبرية النُضرة والخضرة والطراوة.
يا قيصرتنا الحبيبة، أطال الله بقاءك، إّن حسن نيتك ومواساتك الصادقة للرعية ليست أقلّ من قيصر الروم، بل أقول بكل قوة بأنها أكثر منه بكثير، لأن كل الرعايا المساكين الذين يعيشون تحت ظلك، وتواسينهم -يا أيتها الملكة المعظمة القيصرة- وضربتِ أمثلة مواساتك ونصحك ومراعاتك لهم من كل النواحي والجوانب؛ لا توجد هذه الكمالات والبركات في أيٍّ من القياصرة السابقين قَط. لذا إنَّ أعمال يديك المصبَّغتين بالحسنة والسخاء أدعى إلى أن يساعدك الله تعالى من السماء كما تتألمين أنت يا أيتها الملكة المعظمة من أجل نجاة الرعية كلهم وتتطلعين لخيرهم وراحتهم ومراعاتهم. فإن هذا المسيح الموعود الذي جاء إلى الدنيا إنما هو نتيجة بركة وجودك وإخلاصك القلبي ومواساتك الصادقة. فقد تذكّر الله تعالى المنكوبين في الدنيا في عهد سلطنتك وأرسل من السماء مسيحه وقد وُلد في بلادك وفي حدود سلطنتك ليكون شهادة على أن سلسلة عدل أرضك جذبت سلسلة عدل السماء. وسلسلة رحمك خلقت سلسلة الرحم في السماء. فلما كانت ولادة المسيح الحكم الأخير في العالم للتمييز بين الحق والباطل، الأمر الذي بسببه يُسمَّى المسيح الموعود حَكَماً، وكما أشير في “الناصرة” إلى زمن الخضرة والنضرة، كذلك سمِّيت قرية هذا المسيح بـ “قاضي ماجِهي” لكي يشار من خلال كلمة “قاضي” إلى الحَكَم الأخير من الله الذي بسببه ينال الصلحاء بشارة الفضل الدائم. ولكي يومأ أيضا إلى اسم المسيح الموعود “الحَكَم” إيماء لطيفا. لقد سمِّيت هذه القرية “قاضي ماجهي” عندما أُعطِي أجدادي بلدة “ماجهـ” المترامية الأطراف ليحكموها في عهد الملك المغولي “بابَر”. ثم تحوّلت هذه الحكومة إلى ولاية مستقلة رويداً رويدا. ثم تحولت كلمة “قاضي” إلى “قادي” نتيجة كثرة الاستعمال، ثم تغيرت أكثر وصارت “قاديان”.
فباختصار، إنَّ للاسمين: “الناصرة” و”إسلام بور قاضي” معنى عميقا إذ يدلّ أحدهما على النضرة الروحانية والآخر يدلّ على الحُكْم الروحاني وهو مهمة المسيح الموعود.
يا أيتها الملكة المعظمة، قيصرة الهند، بٰارَكَ الله في عمرك بسعادة ومجد، كم هو عهدك مبارك إذ تؤيد يد الله تعالى أهدافك من السماء. والملائكة يمهّدون سبل حسن نيتك ومواساتك للرعية. إنَّ أبخرة عدلك اللطيفة تصعد مثل السحب لتجعل البلاد كلها يحسدها فصل الربيع. الشرير هو ذلك الذي لا يقدّر عهد سلطنتك حق التقدير، ووقيح ذلك الذي ليس شاكراً لمننك. ما دام ثابتاً ومتحققاً أنَّ للقلب من القلب دليلاً لذا ليست بي حاجة أن أقول مجاملةً بأني أحبك من الأعماق، ففي قلبي حبك وعظمتك بوجه خاص. إنَّ أدعيتي لك جارية ليل نهار كالماء الجاري. لا أطيعك تحت ضغط السياسة القاهرة بل إنَّ ميزاتك العديدة قد جذبت قلبي.
يا قيصرة الهند المباركة، طوبى لك على هذه العظمة والصيت الطيب. إنَّ نظر الله مركّز على بلد عليه نظرك. إنَّ يد رحمة الله على الرعايا الذين عليهم يدك. لقد أرسلني الله تعالى بسبب نياتك الحسنة لأقيم من جديد سبل التقوى والأخلاق الفاضلة والصلح.” (نجم القيصرة)
وهكذا تكتمل الصورة عند القرّاء بعد أن اقتطع المعترضُ أجزاءً منها ليكذب على الناس مُسدياً دون علم منه خدمةً كبيرةً في توضيح مفهوم الدجال الذي قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صحيح مُسْلِم أن العصمة من فتنته هي في العشر الأوائل من سورة الكهف والتي تقول بوضوح أنه القسس المنصِّرين وتنصيرهم للمسلمين. وهذا الذي شرحه المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في خطابه للملكة قيصرة الهند داعياً إياها للتخلي عند عقيدة ألوهية المسيح واتخاذ عقيدة التوحيد ملاذاً من كل سوء جزاء عدلها بين الجميع.
وبهذا يعلم القرّاء الكرام حجم التدليس والكذب الذي صار للأسف غذاء المعترض، وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
لماذا اعتبركم العلماء خارجين عن الإسلام؟
تجد الجواب في الرابط التالي أخي الكريم:
https://bisatahmadi.com/articles/%D8%A8%D8%B9%D8%B6-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%AB-%D8%AA%D8%B5%D9%81-%D8%AD%D8%A7%D9%84-%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D8%A2%D8%AE%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%85%D8%A7%D9%86/