يقول المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام في كتاب التحفة الغولروية:
“ومن جملة الدلائل التي تثبت أن المسيح الموعود سيكون حصرا من هذه الأمة الآيةُ القرآنية (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)[1]، أي أنكم خيرُ أمة أخرجت لتنفع خلق الله بالقضاء على فتنة جميع الدجالين والدجال المعهود ودفْعِ شرهم. فليتضح أن كلمة “النـاس” في القرآن الكريم قد جاءت بمعنى الدجال المعهود أيضا، وإذا حَددت القرينة القوية هذا المعنى لها في آية، فالتفسير الآخر لها معصية، فقد وردت كلمة الناس في آية أخرى للقرآن الكريم بمعنى الدجال، وهي: (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ)[2]. أي أن الأسرار والعجائب التي يزخر بها صنع السماوات والأرض لا يساويها صنع طباع الدجال المعهود. أي مهما بذلوا من جهود مضنية في اكتشاف أسرار الأرض والسماء ومهما كانوا عباقرة فلن تبلغ طباعُهم منتهى تلك الأسرار. ولا يغيبنّ عن البال أنّ المفسرين فسّروا كلمة الناس في هذه الآية أيضا بالدجال المعهود حصرا. انظروا تفسير “معالم التنزيل” وغيره. وكتبوا قرينة قوية أن الدجال المعهود يسعى بابتكاراته وصنائعه لينجز أعمال الله، وبذلك سيدّعي الألوهية. وسيكون حريصا جدا على أن يقلد الله ﷻ في جميع الأعمال الإلهية من إنزال المطر وإثمار الأشجار ومواصلة النسل للإنسان والحيوان وتأمين وسائل السفر والسكن والمرافق الصحية غير العادية للإنسان. وأن يسيطر على كل شيء حيث لا يبقى أمامه مستحيلٌ. وإلى ذلك تشير الآية المذكورة، وملخصها أنّ الأسرار التي أودعت في السماء والأرض ويتمنى الدجال أن يستولي عليها من خلال علمه الطبعي هي أرفع وأكثر من تقديره لجودة الطبع ومبلغ العلم. وكما أن المراد من لفظة “النـاس” في الآية الكريمة هو “الدجال”، كذلك المراد من الناس في آية (أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) أيضا، الدجال حصرا. لأن معنى هذه الآية بالقرينة المقابلة يتعين على التقدير التالي “كنتم خير الناس أخرجت لشر الناس“، ولا شك أن المراد من “شر الناس” حزب الدجال. فالثابت من الحديث النبوي أنه لن يساوي الدجالَ في الشر والفتنة أحدٌ من آدم إلى يوم القيامة، ولم يكن ولن يكون. وهذا الدليل محكم وقطعي، وكلا جزأيه يقيني وقطعي ومن العقائد المسلمة. أي كما لا ينكر أحد من المسلمين أن حزب الدجال شر الناس، وتدل على هذا التقسيم آيتان من سورة “البينة” وهما:( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ)[3]. انظروا كيف وُصف حزبٌ بشرّ البرية بحسب هذه الآية، والمراد منه الدجال، كما وُصف حزب آخر بخير البرية، وهي الأمة المحمدية. على كل حال قد ثبت قطعا بتقابُل كلمة “الناس” بـ”خير أمة” أن المراد من الناس هو الدجال، وكان المراد إثباته.
وهناك قرينة قوية على هذا الهدف أن عادة الله الحكيمة تريد ألا يمكِّن من ردع فتنة الدجال إلا أفرادا من أمة النبي الذي سيولد الدجالُ في زمنه؛ لا أن تحدث الفتنة في زمن النبوة المحمدية وينـزل نبيٌّ سابق للقضاء على تلك الفتنة. وهذه هي السنة الإلهية منذ القدم ومنذ أن وضع الله الأساس للشرائع، أنه إذا ظهرت في زمن نبوة نبي فرقة مفسدة، فيؤمَر بعض ورثة ذلك النبي الأجلّة بالقضاء على تلك الفتنة. صحيح أن فتنة الدجال إذا كانت في زمن نبوة المسيح ؏ لكان من حقه أن يقضي عليها شخصيا أو أحدُ حوارييه أو خلفائه، لكن من غير المفهوم أن تسمى هذه الأمة “خير الأمم” وتكون في نظر الله مقصرة ومتقاعسة لدرجة أنه إذا طرأت حاجة للقضاء على أي فتنة فيها أن يؤمَر شخص من خارجها للقضاء عليها؛ فلا يوجد في الأمة أي رجل يقدر على قمعها، فكأن مثل هذه الأمة في هذه الحالة كحكومة فتحت بلدا جديدا يكون سكانه جهلة وشبَه الوحوش، فتضطر لتسيير نظام البلد المالي والمدني والعسكري بأن تطلب رجالا من خارج البلد ليشغلوا هذه المناصب الرفيعة. فالعقل السليم لا يقبل بأي حال من الأحوال أن تظهر ذلة الأمة التي قال رسول الله ﷺ بحق علمائها الربانيين “علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل“، فلا يجدوا قدرة على قمع فتنة الدجال الذي ليس له أي مكانة في نظر الله عظيم القدرة. لهذا نحن نعرف آية: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) هذه كما نعرف الشمس. ونفسرها على النحو التالي: أي “كنتم خير أمة أخرجت لشر الناس الذي هو الدجال المعهود.” ومعلوم أنه إلى كل أمة تُعهد خدمةٌ دينية معينة، وهي تواجه نوعا خاصا من العدو. فكان من المقدر لهذه الأمة أن تتصدى للدجال، كما ورد بجلاء في رواية نافع بن عتبة أنكم تغزون الدجال وتنتصرون عليه. صحيح أن الصحابة لم يغزوا الدجال، لكنه بحسب منطوق آية (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ) قد عُدَّ المسيح الموعود وجماعته من الصحابة[4]. انظروا الآن قد عدَّ رسول الله ﷺ الغزاة في هذا الحديث أيضا من الصحابة ومن أمته، ولم يقل إن المسيح الإسرائيلي سيغزو. أما كلمة النزول فتستخدم لمجرد الإجلال والإكرام، وفيها إشارة إلى أن في هذا الزمن المليء بالفتن سيرتفع الإيمان إلى الثريا ويزول نظام المشيخة والمريدية، والأستذة والتلمذة، والإفادة والاستفادة، ولذلك سوف يبعث الله من السماء إلى الأرض رجلا يربيه بلا وساطة الوسائل الأرضية، مثلما ينزل المطر من السماء دون وساطة الأيدي الإنسانية.
ومن جملة الأدلة القوية القطعية التي تدل على أن المسيح الموعود سيكون حصرا من هذه الأمة المحمدية آيةُ: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)[5] ، فالمراد من الخلفاء السابقين في هذه الآية خلفاء أمة موسى ؏ الذين بعثهم الله على التوالي لإقامة شريعة موسى ؏ ولم يترك أي قرن يخلو من الخلفاء المجددين لدين موسى ؏. وقد عدّ القرآن الكريم هؤلاء الخلفاءَ أنهم اثنا عشر، والثالث عشر هو عيسى ؏، وهو المسيح الموعود لأمة موسى. وكانت المماثلة المستنبطة من لفظة “كما” في الآية الكريمة تقتضي أن تكون المشابهة والمماثلة بين الخلفاء المحمديين والخلفاء الموسويين. فلإثبات هذه المشابهة وتحقيقها قد ذكر الله في القرآن الكريم اثني عشر خليفة موسويا، وكان كل واحد منهم من قوم موسى ؏ وذكر أن عيسى ؏ هو الثالث عشر، وكان خاتم الأنبياء في قوم موسى، إلا أنه في الحقيقة لم يكن من قوم موسى. ثم وضَّح الله بجلاء من خلال تشبيه خلفاء السلسلة المحمدية بخلفاء السلسلة الموسوية أن في نهاية هذه السلسلة أيضا سيأتي مسيح بعد اثني عشر خليفةً ليتم عدد الأربعة عشر مقابل السلسلة الموسوية. وكذلك بُعث المسيح الموعود لسلسلة الخلافة المحمدية على رأس القرن الرابع عشر لأن المسيح الموعود للسلسلة الموسوية أيضا لم يكن قد ظهر إلا بعد ظهور القرن الرابع عشر بحساب السنة الموسوية. وقُدِّر ذلك لكي تكون المدة بين تأسيس كلتا السلسلتين والمسيحَين مماثلا. وفي بعثة الخليفة الأخير على رأس القرن الرابع عشر إشارة إلى تكميل النور، لأن المسيح الموعود متمم نور قمر الإسلام. لهذا فإن تجديده يشبه البدر ليلة الرابع عشر، وإلى ذلك تشير آية: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)[6]، لأن الإظهار التام وإتمام النور شيء واحد. وإن قول “ليظهره على الأديان كل الإظهار” يساوي القول “ليتم نوره كل الإتمام.” وفي الآية الأخرى تصريح أكثر وهي (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)[7]. فقد فُهِّم في هذه الآية بصراحة أن المسيح الموعود سيولد في القرن الرابع عشر. لأن الليلة الرابعة عشرة حُددت لإتمام النور. باختصار، كما قد ذُكر في القرآن الكريم اثنا عشر خليفةً بين موسى ؏ وعيسى بن مريم ؏ وذُكر عددهم اثنا عشر، وذُكر أنهم كانوا كلهم من قوم موسى ؏. أما الخليفة الثالث عشر، الذي هو آخر الخلفاء أي عيسى ؏، فلم يكن من ذلك القوم من جهة والده، لأنه لم يكن له أي أب يوصل به فرعه إلى موسى ؏. وكل هذه الأمور توجد في سلسلة الخلافة المحمدية.. أي قد ثبت من الحديث المتفق عليه أن في هذه السلسلة أيضا اثني عشر خليفة في الوسط، والثالث عشر الذي هو خاتم الأولياء المحمديين ليس من قوم النبي ﷺ أي ليس من قريش. وهكذا كان يجب أن يكون اثنا عشر خليفة من قوم محمد المصطفى ﷺ ولا يكون الأخير من ذلك القوم من جهة أبيه، لكي تتحقق المشابهة على أكمل وجه وأتمّه. فالحمد لله والمنة على أن ذلك قد ظهر، لأن في البخاري ومسلم حديثًا متفقا عليه مروي عن جابر بن سمرة وهو: “لَا يَزَالُ الْإِسْلَامُ عَزِيزًا إِلَى اثْنَي عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ“. أما الخليفة الثالث عشر الذي هو المسيح الموعود فسيأتي يوم يكون الإسلام ضعيفا بغلبة الصليب وغلبة الدجالية، والخلفاء الاثنا عشر الذين سيأتون في أيام غلبة الإسلام سيكونون كلهم من قريش، أي من قوم النبي ﷺ[8]، لكن المسيح الذي سيأتي في زمن ضعف الإسلام لن يكون من قريش. لأنه كما لم يكن خاتم أنبياء السلسلة الموسوية من قوم موسى ؏ من قبل الأب، فكان ضروريا ألا يكون خاتم الأولياء في السلسلة المحمدية من قريش. ومن هنا قد بُتَّ قطعا في أمر أن المسيح الموعود في الإسلام ينبغي أن يكون من هذه الأمة. لأنه لما ثبت من النص القرآني القطعي أن سلسلة الاستخلاف المحمدي تماثل سلسلة الاستخلاف الموسوي، مثلما ثبتت مماثلة النبيَّين موسى ؏ ومحمد المصطفى ﷺ كليهما بلفظة “كما” نفسها في آية: (كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا)[9]. فهذه المماثلة لا تتحقق إلا إذا لم يكن الخلفاء في السلسلة المحمدية الخلفاءَ السابقين أنفسهم، بل كانوا غيرهم[10] وسبب ذلك أن المشابهة والمماثلة تتطلب نوعا من المغايرة، إذ لا يكون أي شيء يُشبه نفسه. فلو افترضنا أن آخر خليفة في السلسلة المحمدية، الذي يقابل عيسى ؏، الذي يجب الإيمان به أنه خاتم الأولياء[11] في هذه الأمة. كما كان عيسى ؏ هو خاتمَ الأنبياء في خلفاء السلسلة الموسوية. فإذا كان عيسى ؏ نفسه سيُبعث ثانية في الحقيقة، فذلك يستلزم تكذيب القرآن الكريم، لأن القرآن الكريم يصف جميع خلفاء كلتا السلسلتين مختلفِين من وجهٍ ما ، كما يُستنبط من لفظ “كما”. وهذا النص قطعي لدرجة أنْ لو اجتمع العالم كله مقابله لما استطاعوا ردّ هذا النص الواضح. لأنه إن بُعثت السلسلة السابقة نفسها لضاعت المغايرة وبطل مفهوم لفظ “كما”. فتعيَّن تكذيب القرآن الكريم في هذه الحالة، وهذا باطل وكلُّ ما يستلزم الباطل فهو باطل. لا يغيبن عن البال أن القرآن الكريم قد استخدم لفظَ “كما” في آية: (كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِم) وهو اللفظ نفسه الذي استخدمه في آية (كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا)، فالجلي الآن أنه إذا ادّعى أحد بأن النبي ﷺ لم يأت مثيلا لموسى ؏ بل قد جاء موسى نفسه تناسخا، أو ادعى أن دعوى النبي ﷺ بأنه مصداق نبوءة التوراة ليست صحيحة، بل النبوءة تعني أنه سيُبعث موسى نفسه الذي من إخوة بني إسرائيل؛ أفلن يُرد على هذا الادعاء الباطل بأن القرآن الكريم لم يقل أبدا إن موسى نفسه سيأتي بل قد أشار في لفظ “كما” إلى مثيل موسى. فهذا هو الجواب منا أيضا، أن لفظ كما موجود هنا أيضا بحق خلفاء السلسلة المحمدية.
وهذا النص القطعي من الكلام الإلهي يخبرنا بوضوح كالشمس أن جميع خلفاء السلسلة المحمدية هم أمثال خلفاء موسى، وكذلك فإن آخر الخلفاء الذي هو خاتم الولاية المحمدية وقد سُمي بالمسيح الموعود، مثيلُ عيسى ؏ الذي هو خاتم سلسلة النبوة الموسوية وشبيهُه. انظروا مثلا إلى أبي بكر الصديق ؓ؛ فكم يشبه يشوع بن نون إذ أنجز مهمة كانت ناقصةً..أي جيش أسامة ومقاومة المتنبئين الكذابين، كما كان يشوع بن نون قد أكمل. وكما جاء آخرُ خليفة لسلسلة موسى، أي عيسى ؏، في وقت كانت حكومة اليهود قد أفَلَت في الجليل ومنطقة حكومة بيلاطس، كذلك جاء مسيح السلسلة المحمدية يوم كان الحكم قد انفلت من أيدي المسلمين في الهند.”
المراجع
[1] آل عمران: 111
[2] غافر: 58
[3] البينة: 7-8
[4] عن نافع بن عتبة، قال: قال رسول الله ﷺ: تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ، فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ. ثُمَّ فَارِسَ، فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ. ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ، فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ. ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ، فَيَفْتَحُهُ اللَّهُ. (رواه مسلم، مشكاة المصابيح، باب الملاحم) . منه
[5] النور: 56
[6] الفتح: 29
[7] الصف: 9
[8] نص الحديث هو التالي: عن جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:” لَا يَزَالُ الْإِسْلَامُ عَزِيزًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً. كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ.” متفق عليه، مشكاة باب مناقب قريش. أي سيبقى الإسلام غالبا حتى ظهور اثني عشر خليفة، وسيكون جميع أولئك الخلفاء من قريش. هنا لا يمكن أن يدعي أحد بأن المسيح الموعود أيضا من أولئك الاثني عشر، ذلك لأنه من المتفق عليه أن المسيح الموعود لن يأتي في زمن قوة الإسلام، بل سوف يُبعث في زمن غلبة المسيحية على الأرض. ويُستنبط هذا من جملة “يكسر الصليب”. فكان من الضروي أن يفقد الإسلام قوته قبل ظهور المسيح وأن يصيب المسلمين ضعفٌ، بحيث يكون أغلبهم خاضعين للقوى الأخرى مثلما كانت حالة اليهود عند ظهور عيسى ؏. فلما كان المسيح الموعود قد ذُكر في الأحاديث على وجه خاص، لذا قد فُصل عن الخلفاء الاثني عشر. لأنه كان من المقدر أن يأتي بعد نزول الشدائد والمصائب وأن يظهر في وقت يكون فيه انقلاب صريح قد ظهر في حالة الإسلام. وعلى المنوال نفسه كان عيسى ؏ قد أتى؛ أي في زمن كان قد ظهرت في اليهود علامةُ الزوال الصريح. فبذلك كان لموسى ؏ أيضا ثلاثة عشر خليفة وللنبي ﷺ أيضا ثلاثة عشر خليفة. وكما أن عيسى ؏ بُعث في القرن الرابع عشر من موسى ؏،كان من المحتم أن يظهر مسيح الإسلام الموعود أيضا في القرن الرابع عشر بعد النبي ﷺ نظرا لهذه المشابهة. منه
[9] المزمل: 16
[10] لما سُلِّم بسبب لفظ “كما” الوارد في آية: (كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِم) بحق خلفاء السلسلة المحمدية وجوبا وقطعا، بأنهم ليسوا خلفاء السلسلة الموسوية أنفسهم بل يشابهونهم، كما ثبت من الأحداث الواقعة أن هؤلاء ليسوا الخلفاء السابقين أنفسهم بل هم غيرهم؟ فلماذا يُعتقَد بحق آخر خلفاء السلسلة المحمدية وهو المسيح الموعود بأنه المسيح السابق نفسه؟ ألا يشمله “كما”؟ أليس من الحق أنه بموجب لفظ كما أن يكون مسيح السلسلة المحمدية غير مسيح السلسلة الموسوية، لا نفسه. كلا بل إن عدَّه نفسه، هجوم صريح على منطوق النص القرآني، بل يشكل تكذيبا صريحا للقرآن الكريم، وأيضا هو تعنت غير مبرر أن يُعَدَّ الخلفاء الاثنا عشر بحسب لفظ “كما” غيرَ الخلفاء الإسرائيليين، ثم يُعتقد بأن المسيح الموعود الذي هو آخر خليفة في السلسلة المحمدية مقابل السلسلة الموسوية هو المسيح السابق نفسه. وهذه نكتة مبتكرة وحجة باهرة ودرة من درر تفردتُ بها، فخذوها بقوة واشكروا الله بإنابة، ولا تكونوا من المحرومين. منه
[11] الشيح محيي الدين ابن عربي قد سجل في كتابه “الفصوص” إحدى علامات المهدي خاتمِ الأولياء، أن عائلته ستكون على حدود الصين، وستكون ولادته نادرة بحيث تولد معه ابنةٌ توأما، أي هكذا سيفصل الله عنه الأنوثة، فبحسب هذا الكشف كانت ولادتي، وبحسب هذا الكشف جاء آبائي من الحدود الصينية إلى البنجاب. منه