مجموع أقوال المسيح الموعود مرزا غلام أحمد عليه السلام عن يأجوج ومأجوج
“وقالوا إن المسيح الموعود لا يجيء إلا في وقت خروج الدجال، وخروج يأجوج ومأجوج، وما نرى أحدا منهم خارجا، فكيف يجوز أن يستقدم المسيح وهم يستأخرون؟ أما الجواب، فاعلموا.. أرشدكم الله تعالى.. إن هذان لاسمان لقوم تفرّق شعبهم في زماننا هذا آخرِ الزمان وهم في وصف متشاركون. وهم قوم الروس وقوم البراطنة وإخوانهم، والدجال فيهم فَيجُ قسيسين ودعاةُ الإنجيل الذين يخلطون الباطل بالحق ويدجلون. وأعتدت لهم الهند متكأ، وحقت كلمة نبينا ﷺ أنهم يخرجون من بلاد المشرق، فهم من مشرق الهند خارجون. ولو كان الدجال غير ما قلنا، وكذلك كان قوم يأجوج ومأجوج غير هذا القوم، للزم الاختلاف والتناقض في كلام نبي الله ﷺ. وأيم الله إن كلام نبينا منـزه عن ذلك، ولكنكم أنتم عن الحق مبعدون. ألا تقرؤون في أصح الكتب بعد كتاب الله أن المسيح يكسر الصليب؟ ففي هذا إشارة بيّنة إلى أن المسيح يأتي في وقت قوم يعظّمون الصليب.. ألا تفهمون؟ وقد تبين أنهم أعداء الحق، وفي أهوائهم يعمهون. وقد تبين أنهم ملكوا مشارق الأرض ومغاربها ومن كل حدب ينسِلون. وقد تبينت خياناتهم في الدين وفتنهم في الشريعة، وفي كل ما يصنعون. أترون لدجالكم المفروض في أذهانكم سعةَ موطئِ قدم في الأرض ما دام فيها هؤلاء؟ فالعجب من عقلكم! من أين تنحتون دجالا غير علماء هذا القوم، وعلى أي أرض إيّاه تسلّطون؟ ألا تعلمون أن المسيح لا يجيء إلا في وقت عبدة الصليب، فأنى تؤفَكون؟ ألا ترون أن الله تعالى مكّن هذه الأقوام في أكثر الأرض وأرسل السماء عليهم مدرارًا، وآتاهم من كل شيء سببا، وأعانهم في كل ما يكسبون؟ فكيف يمكن معهم غيرهم الذي تظنون أنه يملك الأرض كلها؟ يا عجبا لفهمكم! أأنتم مستيقظون أم نائمون؟ أنسيتم أنكم قد أقررتم أن المسيح يأتي لكسر الصليب؟ فإذا كان الدجال محيطًا على الأرض كلها، فأنى يكون من الصليب وملوكه أثر معه.. ألا تعقلون؟ ألا تعلمون أن هذان نقيضان فكيف يجتمعان في وقت واحد أيها الغافلون؟ وإن زعمتم أن الدجال يكون قاهرا فوق أرض الله كلها غير الحرمين، فأي مكان يبقى لغلبة الصليب وأهل الصليب، أأنتم تثبتونه أو تشهدون؟ ما لكم لا تفهمون التناقض؟ وأفضَى بعض أقوالكم إلى بعض يخالفها، ودجلتم في أقوال رسول ﷺ ثم أنتم على صدقكم تحلفون. وتُضِلّون الذين ضعفوا قلبًا ولُبًّا وعقلا، وتزيّنون باطلكم في أعينهم، وتزيدون على أقوال الله ورسوله وتنقصون. لن تستطيعوا أن ترفعوا هذه الاختلافات، أو توفّقوا وتطبّقوا ولو حرصتم، ولو كان بعضكم لبعض ظهيرا، فلا تميلوا كل الميل إلى الباطل وأنتم تعلمون”. (التبليغ، ص 55-57)
“وأما قولنا إن يأجوج ومأجوج من النصارى لا قوم آخرون فثابتٌ بالنصوص القرآنية، لأن القرآن الكريم قد ذكر غلبتهم على وجه الأرض وقال: (مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ)، يعني يملكون كلَّ رفعة في الأرض، ويجعلون أعزّةَ أهلها أذلّةً، ويبتلعون كلَّ حكومة ورياسة وسلطنة ودولة ابتلاعَ الحوت العظيم الصغارَ. وإنّا نرى بأعيننا أنهم كذلك يفعلون، واضمحلّت رياسات المسلمين، وتطرّقَ الضعف في دولتهم وقوتهم وشوكتهم، ويرون سلاطينَ النصارى كالسباع حولهم، ولا يبيتون إلا خائفين. وقد ثبت من النصوص القوية القطعية القرآنية أن كأس السلطنة والغلبة على وجه الأرض تدور بين النصارى والمسلمين، ولا تتجاوزهم أبدا إلى يوم القيامة، كما قال الله تعالى: (وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيامَةِ). ومعلوم أن المتبعين للمسيح في الحقيقة المسلمون، والمتبعين بالادعاء النصارى، والآية تشير إلى الاتّباع فقط حقيقيًّا كان أو ادّعائيًّا… فالحاصل أن هذه الآية.. يعني: (وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيامَةِ) دليل صريح وبرهان واضح على أن القوة والغلبة والشوكة والتسلط الكامل الفائق على وجه الأرض لا يُجاوز هذين القومين: النصارى والمسلمين، وتَداولُ الحكومة التامة بينهم إلى يوم القيامة، ولا يكون لغيرهم حظّ منها، بل تُضرَب على أعدائهم الذلة والمسكنة، ويذوبون يوما فيوما حتى يكونوا كالفانين. فإذا كان الأمر كذلك فوجب أن تكون الحكومة والقوة متداولة بين هذين القومين إلى الدوام ومخصوصة بها، فلزم بناءً على هذا أن يكون يأجوج ومأجوج إما من المسلمين وإما من المتنصرين. ولكنهم قوم مفسدون بطّالون، فكيف يجوز أن يكونوا من أهل الإسلام؟ فتقرَّرَ بالقطع أنهم يكونون من النصارى وعلى دين النصارى. وقد جاء في حديث مسلم أن المسيح لا يُحارب يأجوج ومأجوج، وجاء في البخاري أنه يضع الحرب، يعني لا يُحارب النصارى. فثبت أن يأجوج ومأجوج هم النصارى، وثبت أن المسيح الموعود لا يُحاربهم، بل يسأل اللهَ نُصْرتَه في ساعة العسر وهو خير الناصرين. وثبت من ههنا أن المسيح الموعود يأتي عند غلبة النصارى على وجه الأرض، ويدخل مِن باب الرفق للإصلاح كما دخلوها للإفساد، ولا يرفع السيفَ عليهم لأنهم ما رفعوه للدين، ويُجادلهم بالحكمة والموعظة الحسنة، ولا يقتُل الغافلين المعتدين.
وأمّا ما جاء في حديث مسلم أن نُشّابَ يأجوجَ ومأجوج وقسيّهم تُحرَق كالوقود ويستوقدها المسلمون، فهذا تحريف آخر في الحديث، فإن القسيّ والسهام قد انعدمت وذهَب وقتُها وقامت الأسلحة النارية مقامها، فتقبَّلْ إن شئتَ أو أعرِضْ كالمنكرين”. (حمامة البشرى، ص 37-39 الحاشية)
“ثم أَخبر عن الذلّة الثانية بقوله: (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ (يعني يكون لهم الغلبة والفتح لا يدان بهم لأحد) وَهُمْ مِّنْ كُلِّ حَدَبٍ يَّنْسِلُونَ) ، (وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فيِ بَعْضٍ)، والمراد من (كُلِّ حَدَبٍ) ظفرُهم وفوزهم بكل مراد وعروجهم إلى كل مقام وكونهم فوق كل رياسة قاهرين. والمراد من قوله: (وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فيِ بَعْضٍ) أن نار الخصومات تستوقد في ذلك الزمان في كل فرقة من فرق أهل الأديان ويُنفقون الذهب والفضة كالجبال لتكذيب الإسلام والإبطال وارتداد المسلمين، ويُؤلّفون كُتبًا مملوءة من التوهين. وقد أشار الله في كثير من المقام أنّ تلك الأيّام أيّام الغربة للإسلام وهناك يكون المسلمون كالمحصورين. وتهب عليهم عواصف التفرقة فيكونون كعِضِين. فأمّا قوله (بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فيِ بَعْضٍ) فيُريد منه أن فِرقة تأكل فِرقة أخرى وتعلُو يأجوج ومأجوج وتسمعون أخبار خروجهم في الأرضين”. (الخطبة الإلهامية، الخزائن الروحانية مجلد 16 ص 277-280)
“قد أشار الله في آيات بعد هذه الآية مِن غير فصل إلى أن يأجوج ومأجوج هم النصارى. ألا ترى قوله: (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَآءَ)، وكذلك قوله: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فيِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا)، وكذلك قوله: (قُلْ لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي). ولا شك أن النصارى قوم اتخذوا المسيح معبودا من دون الله، وتمايلوا على الدنيا وسبقوا غيرهم في إيجاد صنائعها، وقالوا إن المسيح هو كلمة الله، والمخلوق كله من هذه الكلمة، فهذه الآيات ردٌّ عليهم”. (الخطبة الإلهامية، الخزائن الروحانية مجلد 16 ص 278 الحاشية)
“تعلمون أن صحيح الإمام البخاري أصح الكتب بعد كتاب الله الفرقان، وقد جاء فيه أن المسيح “يضَع الحربَ” ففكِّروا بالإمعان. فإن هذه الفقرة وأمثالها تشفيكم وتُخرج شكوك الجَنان، لأنها تدلّ أن المسيح لا يحارب الناس، بل يُفحم الأعداء ويزيل الأوهام والوسواس، ويأتي بكلمات حِكَمِيّة، وآياتٍ سماويّة، حتى يُخرِج من الصدور أضغانها، ويقتُل شيطانها، ولكن لا بسيوف ورمح وقناة، بل بحربة من سماوات، ويستفتح بتضرعات وأدعية، لا بسهام وأسنّة، ولأجل ذلك لا يحارب يأجوجَ ومأجوج، بل يسأل الله أن يعطيه من لدنه الغلبةَ والعروج، فيكون في آخر الأمر من الغالبين. فالقول الذي يخالف هذا الحديث الصحيح والخبر الصحيح مردود وباطل ولا يقبله إلا جاهل من الجاهلين”. (مكتوب أحمد، ص 36)
“وأعجبني أنهم يقرّون أن عيسى لا يقاتل يأجوج ومأجوج، بل يدعو عليهم عند اشتداد المصائب وهجوم الأعداء كالسهم الصائب، وكذلك يقرأون لفظ النظر في كتب الأحاديث، ثم ينسونه ولا يتدبرون كالعاقلين. ختم الله على قلوبهم، فلا يفهمون دقيقة من دقائق المعرفة، ولا نكتة من نكات الحكمة، بل نرى أن ذهنهم مزمهرّ، ودَجْنُه مكفهرّ، فلا يستشفّون لآلئَ الحقائق، ولا يُمعِنون في الدقائق، ويسبَحون على سطح الألفاظ، وليسوا في بحر المعاني غوّاصين. ومن يفهّم رجلًا ما فهّمه اللهُ؟! ومن لم يهده الله فكيف يكون من المهتدين؟!” (نور الحق، ص 44-45)
“ويكون المسلمون كثير التفرقة والعناد، ومنتشرين كانتشار الجراد، لا تبقى معهم أنوار الإيمان وآثار العرفان، بل أكثرهم ينخرطون في سلك البهائم أو الذياب أو الثعبان، ويكونون عن الدين غافلين. وكل ذلك يكون من أثر يأجوج ومأجوج، ويشابه الناس العضو المفلوج كأنهم كانوا ميتين”. (سر الخلافة، ص 62)
“العلامة العظمى لزمان المهدي ظلمة عظيمة من فتن قوم يأجوج ومأجوج إذا علوا في الأرض وأكملوا العروج، وكانوا من كل حدب ناسلين”. (سر الخلافة، ص 62)
“فثبت من قوله ﷻ أعني (وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا في مِرْيَةٍ مِنْهُ) أن العلامات القطعية المزيلة للمِرية، والأمارات الظاهرة الناطقة الدّالة على قُرب القيامة.. لا تظهر أبدا، وإنما تظهر آيات نظرية التي تحتاج إلى التأويلات، ولا تظهر إلا في حُلل الاستعارات، وإلا فكيف يمكن أن تنفتح أبواب السماء وينـزل منها عيسى أمام أعين الناس وفي يده حربة، وتنـزل الملائكة معه، وتنشقّ الأرض وتخرج منها دابّة عجيبة تكلِّم الناسَ أن الدين عند الله هو الإسلام، ويخرج يأجوج ومأجوج بصورهم الغريبة وآذانهم الطويلة، ويخرج حمار الدجّال ويرى الناس “بين أذنيه سبعون باعا”، ويخرج الدجّال ويرى الناس الجنةَ والنار معه والخزائن التي تتبعه، وتطلُع الشمس من مغربها كما أخبر عنها رسول الله ﷺ، ويسمع الخَلق أصواتا متواترة عن السماء أن المهدي خليفة الله، ومع ذلك يبقى الشك والشبهة في قلوب الكافرين. ولأجل ذلك كتبتُ في كتبي غير مرة أن هذه كلها استعارات وما أراد الله بها إلا ابتلاء الناس ليعلم من يعرفها بنور القلب ومن يكون من الضالين”. (حمامة البشرى، ص 174-175)
“وأخبر عن قوم ذوي خصب ينسِلون مِن كل حدَبٍ ويعلُون علوًّا كبيرًا، ويُفسدون في الأرض فسادًا مبيرًا، فرأينا تلك القوم بأعيننا ورأينا غلوَّهم وغلبتهم بلغت مشارق الأرض ومغاربها. تكاد السماوات يتفطرن من مفاسدهم، يلبِسون الحق بالباطل وكانوا قومًا دجّالين. اتخذوا الحلم والإطماع والتحريف المنّاع شبكةَ الإضلال، وأهلكوا خلقا كثيرا من هذا التثليث كالمغتال، وكل من يقصد منهم طُرق الغول الخبيث فلا بدّ له من هذا التثليث. فيُهلكون بعض الناس بالحلم المبني على الاختداع بأنواع الأطماع، وبعضًا آخر بظلام التحريف الذي هو عدو الشعاع، وكذلك يُضلّون الخلق متعمدين. وما نفَعهم حديثُ الأب والابن وروح القدس، وإن هو إلا الحديث، ولكن نفعهم هذا التثليث ففازوا بمطالب الخبث والرجس، فعجبتُ لهم كيف أُيِّدوا من روح القدس، ونسلوا من كل حدب فرحين. ولكل أمر أجل، فإذا جاء الأجل فلا ينفع الكائدين كيدهم ولا يطيقون قِبَل الصادقين”. (سر الخلافة، ص 67 الحاشية)
“وما جئت إلا في وقت فُتحت يأجوج ومأجوج فيه وهم من كل حَدَبٍ ينسلون، فبُعثتُ لأصون المسلمين من صولهم بآياتٍ بيّناتٍ وأدعية تجذب الملائكة إلى الأرض من السماوات، ولأجعل سدًّا لقومٍ يُسلمون”. (تذكرة الشهادتين، الخزائن الروحانية، مجلد 20، ص 125)
“وأما الآفات التي قُدّر ظهورها في وقت المسيح.. فمِن أعظمها خروج يأجوج ومأجوج، وخروج الدجّال الوقيح، وهم فتنة للمسلمين عند عصيانهم وفرارهم من الله الودود، وبلاء عظيم سُلّط عليهم كما سُلّط على اليهود.
واعلم أن يأجوج ومأجوج قومان يستعملون النار وأجيجها في المحاربات وغيرَها من المصنوعات، ولذلك سُمّوا بهذين الاسمين، فإن الأجيج صفة النار. وكذلك يكون حربهم بالموادّ الناريات، ويفوقون كلَّ من في الأرض بهذا الطريق من القتال، ومِن كل حدَبٍ ينسِلون، ولا يمنعهم بحر ولا جبل من الجبال، ويخرّ الملوك أمامهم خائفين، ولا تبقى لأحد يدُ المقاومة، ويُداسَون تحتهم إلى الساعة الموعودة. ومَن دخل في هاتين الحجارتين ولو كان له مملكة عظمى، فطُحن بها كما يُطحَن الحَبُّ في الرَحى”. (الخطبة الإلهامية، الخزائن الروحانية مجلد 16 ص 317-318)
“فإن نبأ نزول عيسى وخروج الدجّال ويأجوج ومأجوج الذي ينتظره كثير من العامّة قد ثبَت كذبه بهذا الإيراد بالبداهة وبالضرورة، فإن وقت العصر قد مضى بل انقضى ضِعفاه من غير الشك والشبهة نظرًا إلى زمان الملّة الموسوية، فما بقي لظهور هذه الأنباء وقت، واضطر المنتظرون إلى أن يقولوا إنها باطلة في الحقيقة. وما بقي سبيل لتصديقها إلا أن يقال إن هذه الأخبار قد وقعت، وقد نزل عيسى النازل، وخرج الدجّال الخارج، وظهر يأجوج ومأجوج، وتحقّقَ النسل والعروج، وتمّت الأخبار التي قُدّرتْ، والرسل أُقّتتْ”. (الخطبة الإلهامية، الخزائن الروحانية، مجلد 16، ص 328)
“وفُتحتْ يأجوج ومأجوج، وترون أنهم من كل حدَبٍ ينسلون. وما خرَجا إلا بعد القرون الثلاثة، وما كمُل إقبالهما إلا عند آخر حصةِ هذا الألف، وكُمّلَ الألف مع تكميل سطوتهما، وإن فيها لآية لقوم يتدبّرون، وإن القرآن يهدي لهذا السرّ المكتوم، ويقول إن يأجوج ومأجوج قد حُبِسا وصُفّدا إلى يوم الوقت المعلوم، ثم يُفتَحان في أيام غروب شمس الصلاح وزمان الضلالات، كما أنتم ترون في هذه الأيام وتشاهدون”. (الخطبة الإلهامية، الخزائن الروحانية، مجلد 16، 333-334)
“فحاصل البيان أن المهدي الذي هو مجدد الصلاح عند طوفان الطلاح، ومبلِّغ أحكام ربّ الناس إلى حد الإبساس، سُمّي مهديًا موعودًا وإماما معهودًا وخليفة الله رب العالمين. والسر الكاشف في هذا الباب أن الله قد وعد في الكتاب أن في آخر الأيام تنْزل مصائب على الإسلام، ويخرج قوم مفسدون ومن كل حدَبٍ ينسلون، فأشار في قوله (مِنْ كُلِّ حَدَبٍ) أنهم يملكون كل خصب وجدب، ويحيطون على كل البلدان والديار، ويُفسدون فسادًا عاما في جميع الأقطار، وفي جميع قبائل الأخيار والأشرار، ويضلّون الناس بأنواع الحيل وغوائل الزخرفة، ويلوّثون عرض الإسلام بأصناف الافتراء والتهمة، ويظهر من كل طرف ظلمةٌ على ظلمة، ويكاد الإسلام أن يزهق بتبعة، ويزيد الضلال والزور والاحتيال، ويرحل الإيمان وتبقى الدعاوي والدلال، حتى يخفى على الناس الصراط المستقيم، ويشتبه عليهم المَهْيَع القديم. لا ينتهجون محجّة الاهتداء، وتزلّ أقدامهم وتغلب سلسلة الأهواء، ويكون المسلمون كثير التفرقة والعناد، ومنتشرين كانتشار الجراد، لا تبقى معهم أنوار الإيمان وآثار العرفان، بل أكثرهم ينخرطون في سلك البهائم أو الذياب أو الثعبان، ويكونون عن الدين غافلين. وكل ذلك يكون من أثر يأجوج ومأجوج، ويشابه الناس العضو المفلوج كأنهم كانوا ميتين.
ففي تلك الأيام التي يموج فيها بحر الموت والضلال، ويسقط الناس على الدنيا الدنيّة ويعرضون عن الله ذي الجلال، يخلق الله عبدًا كخلقه آدم من كمال القدرة والربوبية، مِن غير وسائل التعاليم الظاهرية، ويُسمّيه آدم نظرا على هذه النسبة، فإن الله خلق آدم بيديه وعلّمه الأسماء كلها، ومنّ منًّا عظيمًا عليه وجعله مهديا، وجعله من المستبصرين”. (سر الخلافة، ص 62)