بسم الله الرحمن الرحيم، صل اللهم على سيدنا محمد. اللهم أنزل في قلبي وعقلي توحيدك النقي وامح من قلبي غيرك يا غني ….سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو آخر النبيين لا نبي بعده، فلا بد أن يجد العالم كفايته في كتابه وفي هدايته صلى الله عليه وسلم.
ولكي يتم هذا فعل الله أمرين: حفظ رسم القرآن بنفسه تعالى. فلم يسقط منه حرف. وحفظ معاني وحياة القرآن بوجود مسلمين صالحين دائما. لو انقطعوا قامت الساعة ….ومنهم مسلم صالح خاص سمي “ابن مريم” عليه السلام. ابن مريم الذي وعد به الله، لا تناقض ولا مشاكل. ولا ينقض مجيئه موت ابن مريم نبي بني إسرائيل عليه السلام ….كيف لابن مريم المجيء ومحمد آخر النبيين صلى الله عليه وسلم، لا نبي بعده؟
فسر كثير من العلماء بأنه: لانبي بعدي ينسخ شريعتي.
إذن مجيء ابن مريم داخل في الختم ومن مستلزمات الختم. لتظل نبوة رسولنا كافية لا تحتاج نبوة بعدها.. ودخوله يعني أنه خادم لمحمد، بدرجة نبي، فيا سعد أمة لها مصلح بدرجة نبي، عليه سلام الله!
إن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم آخر نبي هو الذي تحدث عن ابن مريم، وهو الذي قال ذلك ولم نقل نحن..
والقرآن أيضا في وعد سورة النور قال باستخلافنا كمن سبق من الأمم ( الأمة الإسرائيلية). وهم كان آخر خليفة عندهم ابن مريم. إذن فلنا خليفة كابن مريم = تماما كما كان لهم.
وإذن فقد قال القرآن باستخلاف ابن مريم. والفاتحة قالت ذلك أيضا بضرورة وجود الثلاث فئات فينا وفيمن سبق. وتلك هي المقابلة بين كل من المنعم عليهم من الأمتين وبين المغضوب والضالين فيهما. فماذا أنتم صانعون ؟
إن خاتم النبيين ميزة تتعلق بعموم النبوة وهي مقابلة لكون الرسل سابقا تبعث لقومها خاصة (وكان كل نبي يبعث لقومه خاصة وبعثت للناس عامة)
فكون رسالته صلى الله عليه وسلم للناس عامة وكون كتاب الرسالة محفوظا يفسر معنى اللبنة الناقصة في عمارة النبيين:
فكل لبنات البناء لبنات خاصة ينقصها العموم. ينقصها القدرة على الوفاء بمتطلبات الرسالة العامة
وينقصها حفظ كتابها الأصلي.
لننظر للمعنى اللغوي في لسان العرب.
الإغلاق والختم:
الختم في اللغة الإغلاق فلا خروج. ولا دخول.
لا خروج لرسل الأمم بل نؤمن بالجميع ولا دخول لأن كل الأمم ستجد هنا كفايتها.
لأنهم لا يحتاجون بعد إلى غيره.
خاتم النبيين إذن لغة يعني وضعهم في خيمتهم وأغلق فلا خروج.
لا خروج مفهوم.
لا يسمح الخاتم بطرد نبي من نبوته.
ولكن ما معنى لا دخول؟
يعني لا يأتي نبي يهديهم بعده.
حسنا. ستصرخ كل الأمم: قد كنت يارب كلما طال الضلال ترسل. كل أمة منا كنت ترسل لها خاصة، وقد ختم نبيك العام صلى الله عليه وسلم وأغلق علينا. فكيف لنا لو ضللنا وطال الضلال والقسوة؟
فليكفنا رسولك.
فكفاهم الله بأمرين. حفظ القرآن فلا يمس. وتعهدهم بالإدراك بالمجددين لحياة القرآن عند عبث التفسير وطول الأمد والقسوة.
لذلك قال الخاتم صلى الله عليه وسلم (كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وأمكم منكم )؟ ؟ ؟ رواه مسلم كتاب الإيمان.
وبالإضافة، النبي هو مسك النبوة أي عطرها الملكي الفريد.
وكل نبي ففيه منه ولكن ليس كله.
….
الختم ونكهة العطر المسيطرة.
المزاج العام والطابع والعطر المسيطر.
في معجم لسان العرب:
أن الختام (وهو هو الختم): مادة عطرية فاخرة تخلط بالعطر وتكون مزجه ومزاجه .. مادة عطرية ثمينة غالية السعر رائعة تخلط بالعطر وتغلب بنكهتها وتعمه وتسود عليه وتكون المسيطرة.
فما سر العلاقة بين ختم الإغلاق وبين مزج العطر أو المزاج العام أو الطابع أوالخاتم؟
الرسول محمد الخاتم هو ذلك المسك الخالص الثمين الذي يوجد جزء منه في عطور الرسل. هو المزاج. هو نوع فاخر من الرائحة ثمين جدا فيمزج جزء منه بالتركيبة ليعطيها النكهة الفريدة وفي نفس الوقت لا نتكبد سعر قنينة خالصة منه.
فالرسل عطر فيهم من مادة المسك.
والرسول هو المسك نفسه.
ونقرأ في اللسان مادة ختم في آخر الكلام أنه عندما تشتري سيدة عطرا من العطار قائلة : واجعل ختامه مسكا أي مزاجه، يكون المراد أي امزجه بكمية منه، أي أعط التركيبة نكهة المسك.
فالخاتم والختام بنفس المعنى وهو أن رسول الله مسك خالص وكل الرسل عطر فيه بعض المسك.
ومن تعانق الختم بمعنى الإغلاق والختم بمعنى مادة المسك الأصلية التي يقتبس من نورها وعطرها لكل من عداه نفهم أن الله لن يرسل بعد محمد صلى الله عليه وسلم إلا ابن مريم المقتدي برسوله والمتعطر بعطره .
…..
الختم والاقتباس والأبوة الروحية
————————————
وقد عبر نبي الله تعالى عن هذه الرائحة التي صار هو خازنًا عليها بالعترة. والعترة = آل الشخص، فمن اقتبس منه وتعطر بعطره صار من آله ومن عترته .. صلى الله عليه وسلم.
ولذلك فابن مريم من آل البيت ومن العترة الطاهرة. ونزوله هو برهان الخاتمية وبرهان بقاء العطر وبرهان حياة هذا الدين وليس انتقاصا من ختم النبوة بل هو برهانها الحي الذي له ترجمة يحتاجها العالم اليوم.
ورسول الله تعالى صاحب صبغيات روحية أو صفات روحية خلقية قابلة للتوريث ويكون بسببها أبا لمن يقتبسها منه، وهي 46 خاصية منها المبشرات أو الكشوف والرؤيا الصالحة.
خاتم النبيين هو خاتم رائحة النبوة العطرة = أغلق به الله باب الوحي على كل الأمم وأتباع الرسل فلا مسك اليوم إلا من قارورته ولا وحي إلا في محبيه حقا، ولا تخريج لعالم يعرف الله إلا من مدرسته.
به أغلق الله التحديث والوحي على كل الرسالات فلا محدث بعد اليوم إلا مصروفا من خزانة محمد صلى الله عليه وسلم ..
ومجيء ابن مريم كان ممكنا بهذا السبب، وقد نزل ابن مريم محدثا وارثا لخاصية النبوة من المبشرات والتي هي الجزء الباقي من العطر للناس بعد محمد صلى الله عليه وسلم ولكن في أمته فقط لاغير..
