يقول المسيح الموعود عليه السلام:
“ووالله إني لا أدّعي النبوة ولا أجاوز الملة، ولا أغترف إلا من فضالة خاتم النبيين. وأؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، وأصلي وأستقبل القبلة، فلِم تكفّرونني؟ ألا تخافون الله رب العالمين؟” (سر الخلافة، ص 105)
“ما كان الله أن يرسل نبيّا بعد نبيّنا خاتم النبيّين، وما كان أن يُحدث سلسلة النبوة ثانيًا بعد انقطاعها، وينسخ بعض أحكام القرآن، ويزيد عليها، ويُخلف وعده، وينسى إكماله الفرقان، ويُحدث الفتن في الدين المتين“. (التبليغ، 8)
قال ؏ مخاطبًا القسيس الأمريكي “دوئي:
“ووالله، إني أنا المسيح الموعود الذي وُعِد مجيئه في آخر الزمن وأيامِ شيوع الضلالة. وإن عيسى قد ماتَ، وإن مذهب التثليث باطل، وإنك تفتري على الله في دعوى النبوّة. والنبوّة قد انقطعت بعد نبينا ﷺ، ولا كتابَ بعد الفرقان الذي هو خير الصحف السابقة، ولا شريعةَ بعد الشريعة المحمّدية، بَيْدَ أني سُمّيتُ نبيًّا على لسان خير البريّة، وذلك أمرٌ ظِلّيٌ من بركات المُتابَعة، وما أرى في نفسي خيرًا، ووجدتُ كل ما وجدتُ من هذه النفس المقدّسة. وما عَنَى اللهُ من نبوّتي إلا كثرة المكالمة والمخاطبة، ولعنةُ الله على من أراد فوق ذلك، أو حَسِبَ نفسه شيئًا، أو أخرج عُنُقَه من الربقة النبويّة. وإنّ رسولَنا خاتَمُ النبيين، وعليه انقطعت سلسلةُ المرسلين. فليس حقُّ أحدٍ أن يدّعي النبوّة بعد رسولنا المصطفى على الطريقة المستقلّة، وما بقي بعده إلا كثرة المكالمة، وهو بشرط الاتّباع لا بغير متابَعَةِ خيرِ البريّة. وواللهِ ما حصل لي هذا المقام إلا من أنوارِ اتّباعِ الأشعّة المصطفوية، وسُمّيتُ نبيًّا من الله على طريق المجاز لا على وجه الحقيقة. فلا تهيج ههنا غيرةُ الله ولا غيرةُ رسوله، فإني أُرَبَّى تحت جناح النبيّ، وقدمي هذه تحت الأقدام النبويّة. ثم ما قلتُ من نفسي شيئًا، بل اتّبعتُ ما أُوحِيَ إليّ من ربّي. وما أخاف بعد ذلك تهديدَ الخليقة، وكلُّ أحدٍ يُسأَل عن عمله يوم القيامة، ولا يخفى على الله خافيةٌ“. (الاستفتاء، الخزائن الروحانية مجلد 22 ص 688 -689)
“لا نبي بعده الآن إلا الذي أُلبس رداء المحمدية على سبيل البروز، فإن الخادم ليس بمنفصل عن مخدومه ولا الفرع بمنشقّ عن أصله، لذلك فإن الذي ينال من الله لقبَ نبيٍ بعد تفانيه بصفة كاملة في المخدوم فليس مُخلاًّ بختم النبوّة، كما أنك إذا رأيت صورتك في المرآة، فلا تتحول إلى شخصين اثنيْن، وإنْ تراءى اثنان في الظاهر، إنما أنت واحد، والفرق بين مظهريْك فرق الأصل والظلّ، فهكذا تمامًا شاء الله أن يكون المسيح الموعود. ومِن أجل هذا السرّ قال رسول الله ﷺ إن المسيح الموعود يُدفن معي في قبري.. يعني أنه أنا“. (سفينة نوح، الخزائن الروحانية، مجلد 19 ص 16)
“أيها الفتيان وفقهاءَ الزمان وعلماءَ الدهر وفضلاءَ البلدان.. أَفتُوني في رجل قال إنه من الله، وظهرت له حمايةُ الله كشمس الضّحَى، وتجلّت أنوارُ صدقه كبدر الدّجَى، وأرَى الله له آياتٍ باهرات، وقام لنصرته في كل أمرٍ قضَى، واستجاب دعواتِه في الأحباب وفي العدا. ولا يقول هذا العبد إلا ما قال النبي ﷺ، ولا يُخرج قدمًا من الهُدى. ويقولُ إن الله سماني نبيًّا بوحيه، وكذلك سُمِّيتُ من قبل على لسان رسولنا المصطفى[1]. وليس مُراده من النبوة إلا كثرةُ مكالمة الله وكثرة أنباءٍ من الله وكثرة ما يُوحَى. ويقول: ما نَعني من النبوة ما يُعْنَى في الصحف الأولى، بل هي درجةٌ لا تُعطَى إلا مِن اتّباع نبينا خير الوَرى. وكل مَنْ حَصُلَت له هذه الدرجة.. يُكلّم اللهُ ذلك الرجلَ بكلام أكثَرَ وأجلى، والشريعةُ تبقى بحالها.. لا يُنقَصُ منها حكم ولا تزيدُ هُدًى.
ويقول إني أحدٌ من الأمة النبوية، ثم مع ذلك سمّاني الله نبيًّا تحت فيض النبوة المحمدية، وأوحى إليَّ ما أوحى. فليست نبوتي إلا نبوته، وليس في جُبَّتي إلا أنواره وأَشِعَّتُه، ولولاه لما كنتُ شيئًا يُذكَرُ أو يُسمَّى. وإن النبي يُعرَفُ بإفاضته، فكيف نبيّنا الذي هو أفضل الأنبياء وأزيَدُهم في الفيض، وأرفَعُهم في الدرجة وأعلى؟ وأي شيءٍ دينٌ لا يضيء قلبًا نورُه، ولا يُسكِّن الغليلَ وُجُورُه، ولا يتغلغل في الصدور صدورُه، ولا يُثْنَى عليه بوصفٍ يُتمّ الحجةَ ظهورُه؟ وأيُّ شيء دينٌ لا يُميِّز المؤمنَ من الذي كفر وأبى، ومَن دخله يكون كمثل مَن خرج منه، والفرقُ بينهما لا يُرى؟ وأي شيء دينٌ لا يُمِيتُ حيًّا من هواه، ولا يُحيي بحياة أخرى؟ ومَن كان لله كان الله له.. كذلك خلت سنَّتُه في أممٍ أولى. والنبي الذي ليس فيه صفةُ الإفاضة.. لا يقوم دليلٌ على صدقه، ولا يعرفه من أتى، وليس مثله إلا كمثل راعٍ لا يهُشُّ على غَنَمِه ولا يسقي ويُبعدها عن الماء والمرعى. وتعلمون أنّ ديننا دينٌ حيٌّ، ونبيّنا يُحيي الموتى، وأنه جاء كصيّب من السماء ببركات عُظمى، وليس لدينٍ أن ينافس معه بهذه الصفات العُليا. ولا يحطّ عن إنسان ثقلَ حجابه، ولا يوصل إلى قَصْر الله وبابه، إلا هذا الدين الأجلى، ومن شكّ في هذه فليس هو إلا أعمى“. (الاستفتاء، ص 20-22)
[1] الحاشية: وإن قال قائل: كيف يكون نبي من هذه الأمة وقد ختم الله على النبوّة؟ فالجواب إنه ﷻ ما سمّى هذا الرجل نبيّا إلا لإثبات كمال نبوّة سيدنا خير البرية، فإن ثبوت كمال النبي لا يتحقق إلا بثبوت كمال الأمّة، ومن دون ذلك ادّعاء محضٌ لا دليلَ عليه عند أهل الفطنة. ولا معنى لختم النبوّة على فرد من غير أن تُختَتم كمالاتُ النبوّة على ذلك الفرد، ومن الكمالات العظمى كمالُ النبي في الإفاضة، وهو لا يثبت من غير نموذج يوجد في الأمّة. ثم مع ذلك ذكرتُ غير مرّة أن الله ما أراد من نبوّتي إلا كثرة المكالمة والمخاطبة، وهو مُسَلَّم عند أكابر أهل السُنّة. فالنـزاع ليس إلا نـزاعًا لفظيًّا. فلا تستعجلوا يا أهل العقل والفطنة. ولعنة الله على من ادّعى خلاف ذلك مثقال ذرّة، ومعها لعنة الناس والملائكة.
“إنني أقسم به (ﷻ) أنه تعالى كما شرَّف بالمكالمة والمخاطبة إبراهيمَ وإسحاق وإسماعيل ويعقوب ويوسف وموسى والمسيح ابن مريم، ثم في الأخير كلَّم نبيَّنا ﷺ- بحيث كان الوحي النازل عليه أوضحَ وأطهرَ ما يكون – كذلك تمامًا شرَّفني أنا أيضًا بمكالمته ومخاطبته. ولكن ما أُعطيتُ هذا الشرف إلا بسبب اقتدائي الكامل بسيدنا محمد ﷺ. فلو لم أكن من أمته وما اقتديت به لما حظيتُ بشرف المكالمة والمخاطبة أبدًا، وإن كانت أعمالي مثل جبال الدنيا كلها. لأن النبوات كلها قد انقطعت ما عدا النبوة المحمدية. لا يمكن أن يأتي نبي بشرع جديد، ولكن يمكن أن يكون نبي بغير شرع جديد ولكن بشرط أن يكون من الأُمة أولا. فبناءً على ذلك أنا من الأُمة ونبي أيضًا. وإن نبوتي.. أعني المكالمة والمخاطبة الإلهية.. ظِلٌّ لنبوة النبي ﷺ، وليست أكثر من ذلك. إن النبوة المحمدية هي التي ظهرت فيّ. وبما أنني مجرد ظلّ له ﷺ ومن أمته، فلا ينال ذلك من شأنه ﷺ“. (التجليات الإلهية، الخزائن الروحانية ج20، ص41- 412)
“ولا يغيبنّ عن البال أن كثيرًا من الناس ينخدعون لدى سماع كلمة “نبي” في دعواي، ظانين وكأنني قد ادعيت تلك النبوة التي نالها الأنبياء في الأزمنة الخالية بشكل مباشر. إنهم على خطأ في هذا الظن. أنا لم أدّعِ بذلك قط، بل – تدليلا على كمال الفيوض الروحانية للنبي ﷺ – قد وهبتْ لي الحكمةُ الإلهية هذه المرتبةَ، حيث أوصلتني إلى درجة النبوة ببركة فيوضه ﷺ. لذلك لا يمكن أن أُدعى نبيًّا فقط، بل نبيًّا من جهة، وتابعا للنبي ﷺ ومِن أُمته من جهة أخرى. وإن نبوتي ظلٌّ لنبوة النبي ﷺ، وليست بنبوة أصلية. ولذلك فكما أنني سُمِّيتُ – في الحديث الشريف وفي إلهاماتي – نبيًّا كذلك سُمِّيتُ تابعا للنبي ﷺ ومن أمته أيضًا، إيذانًا بأن كل ما يوجد فيّ من كمال إنما كان بسبب اتّباعي للنبي ﷺ وبواسطته“. (حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية مجلد 22، ص 154، الحاشية)
“لم يسبق في الدنيا نبي إلا وقد أُعطيتُ اسمه. فكما سماني الله ﷻ في “براهين أحمدية” فإني آدم، وإني نوح، وإني إبراهيم، وإني إسحاق، وإني يعقوب، وإني إسماعيل، وإني موسى، وإني داود، وإني عيسى بن مريم، وإني محمد ﷺ.. أي بصورة ظِلّية. لقد سماني الله في الكتاب نفسه بالأسماء المذكورة كلها وقال عني: “جَرِيُّ الله في حلل الأنبياء”.. فلا بد أن يوجد في نفسي شأنُ كل نبي“. (حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية مجلد 22 ص 521)
“لقد استخدم الله تعالى في وحيه كلمةَ النبوة والرسالة في حقي مئاتِ المرات، ولكن المراد منها تلك المكالمات والمخاطبات الإلهية الكثيرة والمشتملة على أنباء الغيب، لا أكثر من ذلك ولا أقل. لكل أن يختار في حديثه مصطلحًا، لقولهم: لكل أن يصطلح. فهذا مصطلَح إلهي حيث أطلق هو ﷻ كلمةَ النبوة على كثرة المكالمة والمخاطبة. أي تلك المكالمات التي تحتوي على أخبار غيبية كثيرة. واللعنة على من يدعي النبوة متخلّيًا عن فيض النبي ﷺ. ولكن نبوتي هذه ليست بنبوة جديدة، بل هي نبوة النبي ﷺ في الحقيقة، وتهدف إلى نفس الهدف وهو إظهار صدق الإسلام على الدنيا“. (چشمه معرفت – أي ينبوع المعرفة – الخزائن الروحانية مجلد 23 ص 341)
“إنني أؤمن برسوله ﷺ بصدق القلب، وأعلم أن النبوات كلها قد خُتمت عليه، وأن شريعته خاتمة الشرائع، إلا أن هناك نبوة لم تنقطع، أي النبوة التي توهب نتيجةَ الاقتداء الكامل به ﷺ، والتي تستنير بمصباحه، فإنها لم تنقطع لأنها نبوة محمد ﷺ أي ظلها، وتُنال بواسطتها، وهي مَظهرها، ومستقاة بفيضها“. (چشمه معرفت، الخزائن الروحانية ج23 ص 340)
“حيثما أنكرت نبوتي ورسالتي فبمعنى أنني لست حامل شرع مستقل، كما أنني لست بنبي مستقل. ولكن حيث إني قد تلقيت علمَ الغيب من الله تعالى بواسطة رسولي المقتدى ﷺ، مستفيضًا بفيوضه الباطنة، ونائلا اسمَه[2]، فإنني رسول ونبي، ولكن بدون أي شرع جديد. ولم أنكر أبدًا كوني نبيًّا من هذا المنطلق، بل إن الله تعالى قد ناداني نبيًّا ورسولًا بنفس هذا المعنى. لذلك لا أنكر الآن أيضا كوني نبيًّا ورسولًا بهذا المفهوم“. (إزالة خطأ، الخزائن الروحانية مجلد 18 ص 210 -211)
[2] الحاشية: أي: اسم محمد وأحمد ﷺ. (المترجم)
“لا بد من أن تتذكروا أمرًا هامًا ولا تنسوه أبدًا وهو أنه بالرغم من أنني قد نوديتُ بكلمات “نبي” و”رسول” إلا أنني قد أُخبرتُ من عند الله تعالى أن كل هذه الفيوض لم تنـزل علي مباشرة، وإنما ببركة الإفاضة الروحانية من شخصية مقدسة في السماء.. أعني محمدًا المصطفى ﷺ. فبالنظر إلى هذه الوسيلة، ومن خلالها، وبفضل نيلي اسمَيه محمد وأحمد.. فأنا رسول ونبي أيضًا. أي أنني مرسل، وأتلقى أنباء الغيب من الله تعالى. وهكذا بقي خاتم “ختم النبوة” مصونًا، لأنني حَظِيت بذلك الاسم على سبيل الانعكاس والظِّلّية من خلال مِرآة المحبة. ولو أن أحدًا غضب من هذا الوحي الإلهي وقال: لماذا سماني الله نبيًّا ورسولاَ فلا شك أن هذا يدل على حمقه”. (إزالة خطأ، الخزائن الروحانية مجلد 18 ص 211)
“ولا شك أن التحديث موهبة مجردة لا تُنال بكسبٍ البتّة.. كما هو شأن النبوة، ويُكلِّم الله المحدَّثين كما يُكلِّم النبيين، ويرسل المحدَّثين كما يرسل المرسل، ويشرب المحدَّث من عين يشرب فيها النبي، فلا شك أنه نبي لولا سد الباب، وهذا هو السر في أن رسول الله ﷺ إذا سمى الفاروق محدَّثا فقفّى على أثره قوله: لو كان بعدي نبي لكان عمر، وما كان هذا إلا إشارة إلى أن المحدث يجمع كمالاتِ النبوة في نفسه، ولا فرق إلا فرق الظاهر والباطن، والقوة والفعل. فالنبوة شجرة موجودة في الخارج مثمرة بالغة إلى حدها، والتحديث كمثل بذر فيه يوجد في القوة كلُّ ما يوجد في الشجر بالفعل وفي الخارج. وهذا مثال واضح للذين يطلبون معارف الدين، وإلى هذا أشار رسول الله ﷺ في حديث: علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل، والمراد من العلماء المحدَّثون الذين يُؤتَون العلم من لدن ربهم ويكونون من المكلَّمين.
وقد استصعب الفرق بين التحديث والنبوة على بعض الناس، فالحق أن بينهما فرق القوة والفعل كما بينتُ آنفا في مثال الشجرة وبذرها، فخُذْها مني ولا تخفْ إلا اللهَ، وادعُ الله أن تكون من العارفين. هذا ما قلنا في بعض كتبنا استنباطًا من الأحاديث النبوية والقرآن الكريم، وما قال بعض السلف فهو أكبر من هذا، ألا ترى إلى قول ابن سيرين أنه ذُكر المهدي عنده وسئل عنه هل هو أفضل من أبي بكر فقال: ما أبو بكر؟ هو أفضلُ من بعض النبيين!
هذا ما كتب صاحب “فتح البيان” صدّيق حسن في كتابه “الحُجَج”، ومثله أقوال أخرى ولكنا نتركها خوفا من الإطناب“. (حمامة البشرى، ص 171)
“إنما الإله الحق مَن بَعث رسوله في قاديان“. (دافع البلاء، الخزائن الروحانية مجلد 18 ص 231)