حديث ابن عباس ؓ “إني متوفيك أي مميتك”
الحديث الذي رواه البخاري معلقا عن ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ورد في صحيح البخاري بصيغة الجزم، ومن المعروف في صنعة الحديث أن البخاري إذا ذكر “قال / رَوَى”، فهو جزم منه وتأكيد نسبة القول إلى قائله. أما في صيغة التمريض فيبدأ الحديث بـ “يُذكر/ يروى” وينسب القول لمجهول. وحتى صيغة التمريض هذه لا تعني الضعف عند أهل الحديث بل فيها الحديث الصحيح والضعيف معا. أما حديث ابن عباس فقد رواه البخاري بصيغة الجزم في صحيحه وقد وصله ابن حجر في “تغليق التعليق على صحيح البخاري” الذي وصل فيه الحافظ معلقات البخاري.
يقول ابن حجر:
“وقال ابْنُ عَبَّاسٍ “مُتَوَفِّيكَ : مُمِيتُكَ“. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : ثنا أَبِي ، ثنا أَبُو صَالِحٍ ، ثنا مُعَاوِيَةُ ، عَنْ عَلِيٍّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، بِهَذَا.” (تغليق التعليق لابن حجر» كتاب التفسير» من تفسير سورة المائدة 1410/206)
وذكر الذي قاله العيني في عمدة القاري:
“إن تعليق ابن عباس هذا رواه ابن أبي حاتم عن أبيه حدثنا أبو صالح حدثنا معاوية عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.“. (عمدة القاري شرح صحيح البخاري، بدر الدين العيني الحنفي 27/183)
فلا نقاش في سنده بعد أن وصله وأغلقه أمير المؤمنين عند أهل الحديث الحافظ ابن حجر رحمه الله.
وذكر الطبري في تفسيره الجامع سند الحديث كاملاً من طرف آخر. وهذا ما ذكره :
“حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { إِنّي مُتَوَفِّيكَ } يقول: إنـي مـميتك.” (تفسير جامع البيان في تفسير القرآن، الطبري ت 310 هـ)
وقال السيوطي في الإتقان حول تفسير ابن عباس من طريق أبي صالح عن علي :
“وَقَدْ وَرَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي التَّفْسِيرِ مَا لَا يُحْصَى كَثْرَةً وَفِيهِ رِوَايَاتٌ وَطُرُقٌ مُخْتَلِفَةٌ. فَمِنْ جَيِّدِهَا طَرِيقُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْهَاشِمِيِّ عَنْهُ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ “بِمِصْرَ صَحِيفَةٌ فِي التَّفْسِيرِ رَوَاهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ لَوْ رَحَلَ رَجُلٌ فِيهَا إِلَى مِصْرَ قَاصِدًا مَا كَانَ كَثِيرًا” أَسْنَدَهُ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ فِي نَاسِخِهِ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهَذِهِ النُّسْخَةُ كَانَتْ عِنْدَ أَبِي صَالِحٍ كَاتِبِ اللَّيْثِ رَوَاهَا عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهِيَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَقَدِ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا فِي صَحِيحِهِ كَثِيرًا فِيمَا يُعَلِّقُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَخْرَجَ مِنْهَا ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حاتم وابن المنذر كثير بِوَسَائِطَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَبِي صَالِحٍ وَقَالَ قَوْمٌ لَمْ يَسْمَعِ ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ التَّفْسِيرَ وَإِنَّمَا أَخَذَهُ عَنْ مُجَاهِدٍ أَوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: بَعْدَ أَنْ عَرَفْتَ الْوَاسِطَةَ وَهُوَ ثِقَةٌ فَلَا ضَيْرَ فِي ذَلِكَ.“. (كتاب الإتقان في علوم القرآن؛ جلال الدين السيوطي المتوفى: 911هـ؛ المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم؛ الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب؛ طبعة 1394هـ / 1974م 237/4)
لقراءة المزيد:
30 آية تثبت موت المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ