ماهو معنى الرفع في القرآن الكريم؟
الرفع في القرآن الكريم رفع العمل الصالح بالموت لا رفع الأجساد حية وَإِن كان بلفظ رفع المكان! فكيف وَإِن لم يرد لفظ المكان وورد لفظ الوفاة!
في تفسير آية ورفعناه مكانا عليا
قال الإمام السيوطي رحمه الله:
“أخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: سألت كعبا عن رفع إدريس مكانا عليا فقال: كان عبدا تقيا رفع له من العمل الصالح ما رفع لأهل الأرض في زمانه فعجب الملك الذي كان يصعد عليه عمله فاستأذن ربه قال: رب ائذن لي آتي عبدك هذا فأزوره فأذن له فنزل قال: يا إدريس أبشر فإنه رفع لك من العمل الصالح ما لا رفع لأهل الأرض قال: وما علمك؟! قال إني ملك. قال: وإن كنت ملكا؟ قال: فإني على الباب الذي يصعد عليه عملك. قال: أفلا تشفع إلى ملك الموت فيؤخر من أجلي لأزداد شكرا وعبادة؟ قال الملك: لن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها (المنافقون آية 11) قال: قد علمت ولكنه أطيب لنفسي فحمله الملك على جناحيه فصعد به إلى السماء فقال: يا ملك الموت هذا عبد تقي نبي رفع له من العمل الصالح ما لا يرفع لأهل الأرض وإني أعجبني ذلك فاستأذنت ربي عليه فلما بشرته بذلك سألني لأشفع له إليك لتؤخر له من أجله ليزداد شكرا وعبادة. قال: ومن هذا؟ قال: إدريس فنظر في كتاب معه حتى مر باسمه فقال: والله ما بقي من أجل إدريس شيء فمحاه فمات مكانه. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: ورفعناه مكانا عليا قال: رفع إلى السماء السادسة فمات فيها.” (الدر المنثور في التفسير بالمأثور، جلال الدين السيوطي، 84-85/ 10)
الرفع في القرآن هو رفع العمل الصالح ورفع الدرجة وليس رفع المكان
الفائدة: مع إنْ سيدنا إدريس عَلَيهِ السَلام لم يُذكر في حقه الوفاة وذُكر أن الله تعالى رفعه بل وجاء الرفع مقترناً بالمكان (ورفعناه مكاناً عليا) ألا إن السلف فهموا من الرفع رفع العمل الصالح (والعمل الصالح يرفعه) ورفع الدرجة رغم ورود لفظ (المكان) كجهة للرفع! ولم يفهم كبار الصحابة كابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ من ذلك اللفظ إلا الموت ورفع العمل الصالح الثابت في القرآن المجيد. فلماذا يصر المشايخ على رفع عيسى مكاناً لا مكانة وعدم موته بل استمرار حياته في ذلك المكان الذي زعموا رفعه إليه؟ الحق أن الله تعالى يريدنا أن نفهم بأن الرفع وَإِن ورد مقترناً بالمكان كما هي الحال مع إدريس عَلَيهِ السَلام، فلا يجب أن يؤخذ إلا بما يليق بالله ﷻ أي رفع العمل الصالح والدرجة فلا دليل على ذلك في الكتاب ولا يليق برفع أجسام الدنيا إلى الله تعالى عن ذلك، وأن كل رفع هو للعمل الصالح فقط وأن الرفع يتم بالموت والانقطاع عن الدنيا وهو ما يذكرنا بقول ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حول معنى وفاة المسيح في صحيح البخاري: متوفيك أي مميتك. رغم ذلك كله ورغم ورود الرفع بحق إدريس بلفظ المكان وعدم أخذه إلا برفع العمل الصالح مع عدم ذكر الوفاة في حقه، ورغم ورود الوفاة في حق المسيح ألا أن المشايخ يصرون على أنه رفع بجسده إلى السماء ولم يمت إلى الآن. والله المستعان
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ