ما هو معنى حديث نصرت بالرعب مسيرة شهر
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:
“فُضِّلتُ على الأنبياء بِسِتٍّ: أُعطيتُ جوامع الكَلِم، نُصرتُ بالرعب مسيرة شهر، أُحلّتْ لي الغنائم، جُعِلتَْ لي الأرض مسجدا وطهورا، أرُسِلتُ إلى الخلْق كافة، خُتِمَ بي النبيّون.” (رواه مسلم)
يثير بعض الأخوة النصارى شبهة حول قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم “نُصِرتُ بالرعب مسيرة شهر” وأنَّ ذلك يبيّن والعياذ بالله دموية الإسلام وقسوته، والجواب على ذلك هو أنَّ النبي ﷺ لم يقل “نُصِرتُ بالدماء” أو “بالقتل” بل الذي قاله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم هو “نُصِرتُ بالرعب” وكان حضرته يشير الى غزوة تبوك.
نقرأ في الموسوعة الحرّة حول غزوة تبوك ما يلي:
“غزوة تبوك وقعت في رجب التاسع للهجرة، على أعقاب فتح مكة، وهي آخر غزوة خاضها الرسول، بدأت بأن خطط الرومان على إنهاء القوة الإسلامية التي أخذت تهدد الكيان الروماني المسيطر على المنطقة، فخرجت جيوش الروم العرمرية بقوى رومانية وعربية تقدر بأربعين ألف مقاتل قابلها ثلاثين ألف من الجيش الإسلامي، فانتهت المعركة بلا صدام أو قتال لأن الجيش الروماني تشتت وتبدد في البلاد خوفاً من المواجهة، مما رسم تغيرات عسكرية في المنطقة، جعلت حلفاء الروم يتخلون عنها ويحالفون العرب كقوة أولى في المنطقة.“
وقال ابن حجر في فتح الباري:
“مفهومه أنه لم يوجد لغيره النصر بالرعب في هذه المدة ولا في أكثر منها، أما ما دونها فلا.“
و حيث أن المشركين هربوا قبل المواجهة مع جيش المسلمين قبل مسيرة شهر فيكون ذلك بيان فضل الله تعالى على عباده المخلصين وإظهار السلام الحقيقي في الإسلام ووضوح عدم رغبته بالقتال ضد أحد حتى لو كان العدو، وهو منسجم مع قول الله تعالى “كُتِبَ عليكم القتال وهو كُرْهٌ لكم” فالقتال مكروه لدى المسلمين المؤمنين، بل إنّ هذه الآية الكريمة بكل جلاء تُظهر مدح الله تعالى للمؤمنين حيث يعلنُ الْحَقُّ ﷻ أن القتال أمرٌ مكروهٌ في الإسلام وأنه آخر الحلول بالنسبة للمؤمنين. فسبحن الله تعالى على هذا الوضوح!
دفع الضرر والدفاع
لقد حرّضَ اللهُ تعالى الْمُسْلِمِينَ على القتال ضد المعتدين بهدف إخافتهم حين يدرك جمعهم الإستعداد الكامل من جانب المسلمين لمواجهتهم ويعلموا أن ّالمُسلم لا يخشى الموت لأنه يعتقد اعتقاداً راسخاً أنه ذاهبٌ الى جنة الخلود والبقاء، فكان الرعب أُلقيَ في قلوب المحاربين من المشركين المعتدين على المسلمين فهربوا قبل المواجهة؛ يقول المولى عز وجل: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}. فالإعداد لقتال المشركين المعتدين القصد منه إذاً إلى جانب دفع الضرر والدفاع هو إرهاب العدو بغية إثناءه عن القتال لعله لَمَّا يرى التجهيز والاستعداد يدخل الخوف والرهبة في فرائصه فيعود عن عزيمة القتال، ويشدّدُ اللهُ ﷻ على عدم الإعتداء على الآخرين بقوله {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.
إن الإسلام العظيم يحث على صيانة حقوق الآخرين، يقول سبحانه وتعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيرًا}، فبيّن أنَّ القتال يجب أن يكون دفاعاً عن ممتلكات الآخرين بل الأولوية لها قبل ممتلكات المسلمين حيث جاء في في الأخير ذكر مساجد المسلمين.
ان الإسلام يكره القتال حسب ما وضحناه آنفاً والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم استقبلَ وفد نجران المسيحي في مسجده وفرش لهم ثيابه للصلاة ووصّى بعدم إيذاء أهل الذمة أي أهل العهود وهم أصحاب الديانات الأخرى ووصّى بالأقباط وغيرهم خيرا ما لا يحصى عدده. إذن هذا الحديث كله رحمة وعظمة للإسلام الحنيف ونحمد الله تعالى على إظهار جمال الإسلام على يد ألد الأعداء وأشدهم كرهاً له نسأل الله تعالى الهداية لنا ولإخواننا الضالين عن الصراط المستقيم “اللهم إغفر لهم فهم لا يعلمون”!
لفهم العديد من هذه المسائل يرجى قراءة كتب المسيح الموعود حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام على الموقع الرسمي للجماعة الإسلامية الأحمدية فهي منبع الخير والسعادة.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
هناك امر اهم من اعتراض النصارى على حضرته صل الله عليه واله وسلم انه نصر بالرعب مسيرة شهر . إنه قوله عليه الصلاة والسلام ( ختم بي النبيون ) ولم يقل ( ختمت بي النبوة ) . فلو قال صل الله عليه واله وسلم ( ختمت بي النبوة ) لكان معنى ذلك انها انتهت به جميع النبوات لكنه صل الله عليه واله وسلم عندما يقول ( ختم بي النبيون ) فإن معناها انه لاتصح نبوة اي نبي إلا بي وبشهادتي . فانتبهوا ايها المسلمون لقول سيد الخلق وخاتم النبيين محمد صل الله عليه واله وسلم فإنه يقول لم تنقطع النبوة ببعثتي . كيف لا وحضرته صل الله عليه واله وسلم هو من يبشر بعيسى ياتي بعده ويصفه كما في صحيح مسلم أن الله يوحي لنبي الله عيسى بن مريم عليه السلام . ويرددها اربع مرات ( يوحي الله لنبي الله عيسى بن مريم ) . وقد اثبت الله ذلك في كتابه المجيد حين ذكر لنا انه اخذ على نبيه محمد صل الله عليه واله وسلم ميثاق النبيين ( وإذ اخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم . واخذنا منهم ميثاقا غليظا ) . بذلك يثبت ان معنى قوله عليه الصلاة والسلام ( لانبي بعدي ) لاتعني لانبي بعده اطلاقا . بل انما لانبي بعده بشرع ينسخ شرعه . وانما سيكون بعده نبي من امته وعلى شرعه الحنيف .