ملخص خطبة الجمعة 10/7/2020
يتابع حضرته حديثه عن سيدنا سعد رضي الله عنه، ويخص بالذكر دور حضرة سعدٍ رضي الله عنه في قضية بني قريظة. حيث كان بنو قريظة قد أخلفوا ميثاقهم مع النبي صلى الله عليه وسلم عند غزوة الأحزاب، فتلقى النبي r من الله I أمرا بمعاقبة بني قريظة على غدرهم، فقاتَلهم. ثم أنهوا القتال واقترحوا أنهم يجعلون سيدنا سعدا حكما بينهم. فوافق سيدنا سعد. وبالرغم من أن سعداً كان جريحا إلا أنه قد انطلق راكبًا إلى بني قريظة. وعندما بلغ سعد حصن اليهود رأى بني قريظة ينتظرونه واقفين على أسوار الحصن وفي الجانب الآخر يجلس المسلمون. فسأل أولا قومه هل يعِدونه كلُّهم أنهم سيقبلون حكمه؟ قالوا: “نعم”. ثم توجّه سعد بدوره إلى بني قريظة وسألهم هل يعِدونه أنهم سيقبلون حكمه؟ قالوا: “نعم”. عند ذلك توجّه سعد على استحياء إلى الجانب الذي يجلس فيه الرسول r، ما إذا كان r يعِد بأنه سيقبل حكمه، فقال r: “نعم”. عندما أخد سعد العهد من الفِرَق الثلاثة أصدر حُكمه حسب تعاليم التوراة، التي تقول: {10حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِكَيْ تُحَارِبَهَا اسْتَدْعِهَا إِلَى الصُّلْحِ، 11فَإِنْ أَجَابَتْكَ إِلَى الصُّلْحِ وَفَتَحَتْ لَكَ، فَكُلُّ الشَّعْبِ الْمَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لَكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لَكَ. 12وَإِنْ لَمْ تُسَالِمْكَ، بَلْ عَمِلَتْ مَعَكَ حَرْبًا، فَحَاصِرْهَا. 13وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 14وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالْبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي الْمَدِينَةِ، كُلُّ غَنِيمَتِهَا، فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ، وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ الَّتِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. 15هكَذَا تَفْعَلُ بِجَمِيعِ الْمُدُنِ الْبَعِيدَةِ مِنْكَ جِدًّا الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ مُدُنِ هؤُلاءِ الأُمَمِ هُنَا. 16وَأَمَّا مُدُنُ هؤُلاءِ الشُّعُوبِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا فَلا تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَّا، 17بَلْ تُحَرِّمُهَا تَحْرِيمًا: الْحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ، كَمَا أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، 18لِكَيْ لاَ يُعَلِّمُوكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا حَسَبَ جَمِيعِ أَرْجَاسِهِمِ الَّتِي عَمِلُوا لآلِهَتِهِمْ، فَتُخْطِئُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمْ.} (اَلتَّثْنِيَة 20 : 10-18)
كان سعد t حليفَ بني قريظة ومن أصدقائهم. وعندما رأى أن اليهود رفضوا حكم الرسول r بحسب شريعة الإسلام التي تحفظ نفوسهم، قرّر أن يُنْزل بهم الحكم الذي كان موسى u حكم به سلفًا في سفر التثنية في مثل هذه المواقف، وإن مسؤولية هذا الحكم لا يتحمّلها الرسول r ولا المسلمون، بل يتحمّلها تعليم موسى.
بعض من غير المسلمين يهاجمون سيدنا رسول الله u بطريقة غير مناسبة تماما بشأن حادث بني قريظة ويقدمونه r كظالم وسفاك (والعياذ بالله) بسبب قتل قرابة أربع مئة يهودي.
إن اعتراضهم هذا مبني على التعصب الديني الذي لم يستطع التحررَ منه بعضُ المؤرخين الغربيين المثقفين رغم التنور الغربي. يقول مرزا بشير أحمد: الأمر الأول الذي ينبغي أن نتذكره في الرد على هذا الاعتراض هو أن الحكم الذي اُعتبر ظالمًا في حق بني قريظة كان حكم سعد بن معاذ ولم يكن بحال حكم النبي r. فمادام هو ليس حكم النبي r فلا يجوز الاعتراض عليه.
ثانيا: لم يكن ذلك الحكم خاطئا ولا ظالما نظرًا إلى ظروف القضية.
ثالثا: كان النبي r متقيدا بالعمل بحسب هذا القرار جراء الوعد الذي أخذه منه سعد قبل إصداره هذا الحكم.
رابعا: لقد قبله المجرمون أنفسهم ولم يعترضوا عليه وحسبوه قدرًا مقدّرا لهم من الله تعالى.
فلم يكن للنبي r في هذه الحالة أن يتدخل في هذا الأمر.
ثم هناك أمر آخر جدير بالذكر أن الميثاق الذي سبق أن أُبرم بين النبي r واليهود كان من شروطه أنه إذا ظهر أمر جدير بالحكم بحق بني قريظة سيُحكَم فيهم بحسب شريعتهم أي شريعة اليهود. فيتبين من التاريخ أن النبي r كان يحكم بسبب الميثاق المذكور بشأن اليهود بحسب شريعة موسى دائما.
حين نقرأ التوراة نجد فيها أن الجرائم التي ارتكبها بنو قريظة كانت العقوبة التي حكم بها سعد بحقهم هي الأنسب والأصح.
ثم انتقل حضرته إلى ذكر بعض المرحومين الذين توفُّوا في الفترة الأخيرة وصلى عليهم بعد صلاة الجمعة صلاة الغائب.
الجنازة الأولى هي للمرحومة الحاجة رقية خالد التي كانت رئيسة لجنة إماء الله في غانا، وقد توفيتْ بتاريخ 30 يونيو/حزيران عن عمر يناهز 65 عاما. إنا لله وإنا إليه راجعون. أصيبت المرحومة بسرطان الرحم من قبل، ولكنها شفيت غير أن المرض عاود كرته فجأة في أيار/مايو هذا العام وبدأت صحتها تتدهور حتى توفيت بتاريخ 30 يونيو بعد قضاء فترة وجيزة في المستشفى. كانت سيدة محنكة وحاذقة وملتزمة بالمبادئ الأخلاقية. كانت معلمة من حيث المهنة، وكانت أسوة حسنة في أوساطها المهنية ولأفراد الجماعة ولغيرهم أيضا. بعد التقاعد من الوظيفة الرسمية خدمتْ مديرةً في المدرسة الأحمدية العالمية في قرية “بستان نو”. كانت مولعة بتعليم الأولاد وتربيتهم، وقد تحملت نفقات كثير من الطلاب، وأسكنتْ عديدا منهم في بيتها وعلّمتهم دون مقابل. عُينت رئيسة لجنة إماء الله في عام 2017م، وظلت تعمل كرئيسة لجنة إماء الله في غانا إلى يوم وفاتها. كانت ملتزمة بالصلاة وتكسب الحسنات بكل شوق، تصلي التهجد وتدفع التبرعات بالتزام وكانت مشتركة في نظام الوصية وعلى علاقة مخلصة مع الخلافة الأحمدية. وقد تركت وراءها ابنين وبنتا وأربعة أحفاد وحفيدات. ندعو الله تعالى أن يغفر لها ويرحمها ويرفع درجاتها ويوفق أجيالها للاستمرار في حسناتها.
الجنازة الثانية هي للمرحومة صفية بيغم زوجة المرحوم شيخ مبارك أحمد، داعية الجماعة الأسبق في أفريقيا وبريطانيا وأميركا. وقد توفيت بتاريخ 27 يونيو/حزيران عن عمر يناهز 97 عاما. إنا لله وإنا إليه راجعون. كانت حفيدة السيد قاضي عبد الرحيم وابنة حفيدة قاضي ضياء الدين اللذين كانا من أصحاب المسيح الموعود u. كانت تتحلى بصفات حميدة كثيرة منها كثرة الدعاء والإخلاص والحب الكبير للخلافة لدرجة قلما يلاحظ هذا الحب والإخلاص. وقد زرعتْ الحب والإخلاص نفسه في أولادها أيضا. كانت مشتركة في نظام الوصية وكانت الزوجة الثانية لشيخ مبارك أحمد. وعند اقتراح هذا الزواج قال رحمه الله للشيخ مبارك أحمد: إنني أعطيك جائزة. وكانت هذه الجائزة في صورة تزويجه من السيدة صفية بيغم. لقد قدرها الشيخ مبارك أحمد حق قدرها واهتم بأولادها الذين كانوا من الزوج الأول الذي توفي في شبابه.
لقد ازدادت علاقتي معها بعد تولي الخلافة فتعرفت عليها ورأيت أنها كانت محبة مخلصة للخلافة لدرجة قلما يوجد أمثالها من المحبيين المخلصين. رفع الله تعالى درجاتها ووفق ذريتها أيضا ليكونوا أوفياء للجماعة والخلافة دوما.
الجنازة التالية هي للسيد علي أحمد المعلم المتقاعد لـ”وقف جديد”، الذي وافته المنية في 18 يونيو عن عمر يناهز 86 عامًا. إنا لله وإنا إليه راجعون. لقد وقف المرحوم حياته في 1965، ثم ظل يخدم الجماعة طيلة 41 عاما من 1967 إلى 2008 في فروع الجماعة المختلفة في منطقة سندهـ والبنجاب حيث علّم قراءة القرآن الكريم لمئات الأطفال والبنات والرجال والنساء. وبسبب جهوده التبليغية والدعوات الحارة وُفّقت عشرات من الأرواح السعيدة للدخول في الأحمدية.
والجنازة التالية هي للسيدة رفيقان بي بي زوجة بشير أحمد دوغر من “إيدهي بور محافظة نارووال” التي انتقلت إلى رحمته تعالى في 22 مايو الفائت. إنا لله وإنا إليه راجعون.
لقد دخلت الأحمدية في عائلتها عن طريق جدها حضرة ملك سردار خان دوغر مختار القرية الذي كان صحابيًا.
كانت مواظبة على الصلاة والصوم والأعمال الصالحة وتحفظ كثيرًا من سور القرآن الكريم. وقبل كل صلاة كانت تجعل أحد أحفادها أو إحدى حفيداتها الصغار معها وذلك لكي ينشأ في الأطفال أيضا حب الصلاة. كانت تكن للخلافة حبًّا واحترامًا عظيمين، وكان يقينها باستجابة دعوات الخليفة قويًّا. كانت تخبر الناس فخورةً أن ابنها داعية وحفيدها لابنها أيضا يدرس ليكون داعية وحفيدها لابنتها أيضا داعية. ومع أنها كان تذكر أولادها كثيرًا إلا أنها كانت تقول بأن الله تعالى قد تفضّل عليّ كثيرا إذ نشر فروعي إلى أكناف العالم.
غفر لهم الله تعالى جميعا ورحمهم. آمين.