الحقيقة ومع أن العبادة والتقوى مطلوبة طول الوقت ألا إنَّ شهر رمضان وقتٌ تُخصص وتركَّز فيه العبادة وترك الملذّات والشهوات المختلفة لكي يصبح إلزامًا صورة مطابقة للحال المثالي للمؤمن وانطلاقة وولادة جديدة لما بعده من شهور، وطبيعي أن كثرة العبادة والزهد في الدنيا في هذا الوقت تعني أن وساوس الشيطان وكافة الأفعال الشيطانية ستنحسر ولن يكون لها وجود ملموس في هذا الشهر. فكما أن الإنسان يسعى جهده في التقوى والخير وترك الشهوات، فسيُعينُه اللهُ تعالى ويُصفّد شيطانه، حيث أن العبد أذا أتى اللهَ تعالى مشياً أتاه اللهُ تعالى هرولةً كما في الحديث القدسي. ولكن هل كل شخص سواء صامَ أم لَمْ يصم، صامَ واتقى الله تعالى وعمل صالحاً أم صامَ وتَركَ العمل الصالح وَلَمْ يَتَّق الله تعالى، هل كلهّم سواء، وهل يصفّدُ اللهُ شياطينهم جميعاً ويقربهم إلى الجَنّة في هذا الشهر؟ يجيبنا أميرُ المؤمنين خليفة المسيح الخامس حضرة مرزا مسرور أحمد أيَّدَهُ اللهُ بِنَصْرِهِ العَزِيز:
“قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ» (البخاري، كتاب الصوم)، ولكن هل تُفتح أبواب الجنّة للجميع؟ وهل تُصفّد شياطينُ الجميع؟ وهل تُغلَق أبواب جهنم للجميع أيضا؟ كلا لا يحدث ذلك للجميع، بل الخطاب هنا للمؤمنين فقط. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يمكن لأحد أن يحرز هذا النجاح بمجرد إيمانه الظاهري ودخوله في الإسلام ثم قيامه بالصوم؟ وهل هذا هو المطلوب فقط؟ إذا كان هذا هو المطلوب فلماذا ينبّه الله تعالى بعد الإيمان إلى العمل الصالح مرّة بعد أخرى؟ ولماذا يؤكد على ذلك أيما تأكيد؟ بل وعد الله تعالى بالجزاء الحسن على العمل الصالح أيًّا كان دين صاحبه؛ فإنَّ مجرد صومِ أحدكم في رمضان أو مجرد مروره من هذا الشهر لا يجعله من أصحاب الجنة، بل هناك أمور أخرى أيضاً لا بد من العمل بها، كما أن هناك بعض الشروط أيضاً التي يجب الالتزام بها، ويُفرض على المؤمن العمل بكل هذه الأمور، وإلا فلا يساوي شيئًا الامتناع عن الأكل بدءًا من الصباح وحتى المساء؛ إِذْ إنَّ هناك كثيرًا من الناس يكتفون بوجبة صباحية ووجبة مسائية فقط، بل بعض المتصوفة المزعومين يروّضون أنفسهم على تكبد الجوع والفاقة لأيام في بعض الأحيان، ولكنهم لا يتحلّون بشيء من العبادة والصلاح، وهناك بعض الناس الذين لا يسعهم أكل الطعام لأسباب دنيوية شتى، وظروف بعضهم لا تسمح لهم بأكل أكثر من رغيف واحد يوميا … وهناك بعض الناس الذين يصومون ثم لا يعملون شيئًا طول اليوم بل يظلون نائمين لكي لا يشعروا بالجوع والعطش، ومع ذلك يظنون أنهم نالوا ثوابًا على هذه الحسنة. كلا، بل أمرنا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بالصوم ثم قال «إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ» وإلى جانب كل ذلك أوصانا بالأعمال الصالحة أيضا.
إذًا، لا يستفيد ولا يستفيض منه إلا الذي يكسب الأعمال الصالحة ويصوم واضعاً تقوى الله وخشيته في الحسبان، وإلى جانب ذلك يحاول أن تكون كل أعماله بحسب رضا الله تعالى. كذلك قال النبيُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أيضاً بأن الذي يصوم محاسباً نفسه سيُقبل منه وتُدنى له الجنة، ويُصفَّد شيطانه.
فمحاسبةُ المؤمنِ نفسَه وصومُه سوف يوجِّهه إلى كسب الحسنات أكثر من ذي قبل، كما سيمنعه من المنكرات ويرشده إلى نبذ السيئات. وبالتالي سوف يجاهد المؤمن لذلك ويسعى جاهداً لرفع مستوى عبادته، ولن يقتصر على أداء العبادة المكتوبة فقط بل سيتوجه إلى النوافل أيضاً ويسعى لأداء حقها بالكامل، كذلك يتنبه إلى أداء حقوق العباد وإلى تقديم التضحيات المالية أيضاً وإلى أداء حقوق الفقراء جهد المستطيع. عندها فقط يستطيع المرء أن يستفيد من شهر الصيام على وجه الحقيقة.
لقد ورد في الروايات عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عن التضحيات المالية أنه كان يُنفق في سبيل الله ويتصدّق كثيراً على مدار السنة أي في غير شهر رمضان أيضاً وكان يساعد المحتاجين وينفق المال في سبيل الله بسخاء لا حدود له، وما كان لأحد أن يجاريه في ذلك. أما في رمضان فكان رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ. وكان مستوى عبادته أيضاً يتجاوز الحدود وهذا يعني أن عبادة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ما كانت تعرف الحدود في الأيام العادية أيضاً ودونك شهر رمضان. وقد نبّهنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بألا تظنوا أنه ها قد حلّ شهر رمضان فستنالون كل شيء دون أن تعملوا شيئا بحجة أنّ الصوم وحده يكفي لهذا الغرض! فقد لفت صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أنظارنا إلى كيف يمكننا الاستفادة الحقيقية من شهر الصيام الفضيل، فيقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا…» وقد ورَدَ في رواية أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَه». أي لا جدوى من الصيام في هذه الحالة. فعلينا ألا نفرح فقط على أن الشيطان صُفِّد بل هناك حاجة ماسة لرفع مستوى الصيام وأداء حقه. لقد نبّه النبيُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى أنّ مَن لَمْ يدع قول الزور والعمل به فلا صوم له أصلا. فبواسطة هذه الكلمات الوجيزة حذّرنا من السيئات جميعا، صغيرة كانت أم كبيرة … فحين ذكر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أن مَن لم ْيدَع قول الزور والعمل به فلم يصُم، فذلك لأن الصائم يدّعي بأنه يصوم استجابةً لأمر الله في قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ ثم يتخذ الكذب إلهاً مقابل الذي مِن أجله يصوم، فهذه الازدواجية غير ممكنة.
ثم قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في الحديث القدسي: “كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أُجْزى بِهِ” فلا يمكن أن يحرز الإنسان عملاً من أجل الله وبأمرٍ منه وجذباً لحبه، ويرجو أن يكون الله هو جزاءَ صومه -ومعلوم أن الله حين يكون هو نفسُه جزاءً فلا تبقى لهذا الجزاء أي حدود- ثم يتسرب الزور في حياته اليومية في قوله وعمله. فالملاحظ أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يَنْهَ عن الزور باللسان فقط بل قد أضاف إليه العمل بالزور أيضاً، وهو أن يقول الإنسان ما لا يفعل. فيجب أن يرفع الصائم معايير عبادته ونوافلِه. وإذا كان الإنسان لا يسعى لذلك بل يقضي حياته العادية كما كان في الماضي فهذا عملٌ سيئ. لقد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم «وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ»، فبذلك قد أدى حق الصيام، أما إذا ردَّ على المقاتل أو الشاتم فهو عملٌ بالزور، كذلك إذا كان لا يؤدي حقَّ عمله فهو أيضاً عملٌ بالزور. وإذا كان لا يؤدي حقوق الآخرين فهو أيضاً يندرج في العمل بالزور، إذا كان الشجار بين الزوج والزوجة مستمراً ولا أحد منهما يُحدث في نفسه التغيير إيماناً أنه ينبغي تحسين العلاقات في هذا الشهر والمحافظة على الحب المتبادل لكي يفوز بحب الله سبحانه وتعالى في رمضان، ولكي يكون اللهُ نفسُه جزاءه فمهما كانا يدّعيان باللسان بأنهما صائمان من أجل الله فإنّ عملهما يكذِّب هذا الادعاء.
ثم هناك أمور أخرى تندرج في العمل بالزور، وذروتُها أن يؤثر المرءُ التجارة والمكاسب المادية والمصالح الدنيوية -مع صومه- على العبادة والذِكر الإلهي وأداء النوافل وقراءة القرآن الكريم. ثم إنّ بعض الناس يكذبون في معاملاتهم من أجل الحصول على الأرباح والمكاسب المادية، فكأن الأولوية للكذب مقابل الله سبحانه وتعالى، فهذا الكذب في القول والعمل معدودٌ ضمن الشرك، وقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إن مثل هذا الصائم في الحقيقة يتحمّل الجوع عبثاً فقط، إِذْ لا أهمية له قَطّ في نظر الله.
فإنّ رمضان يؤدي إلى إحداث تغيير جذري في النفوس، فيُصفّد فيه الشيطان وتُقرَّب الجنة، ولكن لأولئك الذين يسعون لإحداث تغيير طيب في حالتهم ويبذلون قصارى جهودهم لإخضاع كل قول وفعل لهم لرضى الله تعالى ويسعون للتقرب إلى الله والخضوع لحكمه حتى ينتفعوا برحمته ومغفرته العميمة التي تزداد في هذه الأيام أضعافًا بالمقارنة مع الأيام العادية، وأن يسحقوا ما جعَلَتْه أنفسهم من آلهة تقف أحيانًا مناوئة لله تعالى بطريقة شعورية أو لاشعورية ويَذْرُوهُ في الهواء. ولو بذل كل واحد سعيه على هذا النحو فلا بد أن يؤدي إلى إحداث تغييرٍ جذري في نفسه. …. إنْ كُنّا نريدُ أن نستفيد من رمضان استفادةً حقيقيةً ومِن تصفيد الشيطان وإغلاق أبواب الجحيم فلا بد من أن نسدد قِبلة أقوالنا إلى جهة صحيحة. فإذا كانت قِبلتنا متجهة إلى الله تعالى وحده لاستطعنا أن نستفيد من إعلانه أنني قد فتحتُ لكم أبواب الجنة ببركة رمضان. اعلموا بأنه لن تُفتح لنا أبواب الجنة إلا إذا انتبهنا جيداً وعَمِلنا بكلام النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم المذكور آنفاً حيث قال بأن عليكم أن ترفعوا مستويات صدق قولكم وعملكم، وإنْ لَمْ تتنبهوا إلى ذلك فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ تدَعوا طَعَامَكم وَشَرَابكم.
فيجب علينا جميعا في شهر رمضان … أن نسعى إن شاء الله جاهدين لتصحيح توجهاتنا ورفع مستوى أقوالنا وأفعالنا وأن نسعى للحصول على جنّات مرضاة الله تعالى. ندعو الله تعالى أن يوفقنا لذلك. آمين.” (من خطبة أمير المؤمنين نصره الله بتاريخ 27-07-2012)
فهذا هو الغرض الحقيقي من تكثيف العبادة في شهر رمضان لكي يكون هذا الشهر ولادة جديدة لنشر السَلام والحب والعمل الصالح الذي مبدأه كله هو عبادة الله تبارك وتعالى، فيوضح أمير المؤمنين أيَّدَهُ اللهُ بِنَصْرِهِ العَزِيز في خطبة أخرى ذلك كما يلي:
“يُرِيدُ الله تعالى أن ينتشر في العالم الحبُّ والوئام والأخوة والتواضع وكل نوع من الحسنات، وتتلاشى منه كل سيئة وينجو الناس من براثن الشيطان، وأن يجعل الإنسانُ العالـمَ مكانًا للأمن والسلام ونظيراً للجنّة ملتزماً بأوامر الله تعالى. لهذا الغرض يرسل اللهُ تعالى الأنبياء دائماً إلى الدنيا، وعلى رأسهم سيدنا ومطاعنا مُّحَمَّدٌ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الذي جاء بهذا التعليم ليعلّم الناس كيف يكونوا عباد الرحمن الحقيقيين، وليخبر سكان العالم كلهم أنه إذا كنتم تريدون أن تفهموا معنى الجنّة الأبدية فعليكم أن تجعلوا العالم جنّة أولاً بالالتزام بأوامر الله تعالى، وأن تسعوا لأن تدخلوا في زمرة عباد الله الذين قال فيهم: ﴿فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾. فالله تعالى يبشرنا عن رمضان على لسان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أن أبواب النار تُغلق فيه، وأبواب الجنّة تُفتح فيه، وأنَّ اللهَ تعالى ينزل فيه إلى السماء الدنيا ويأتي قريباً من العباد. والله تعالى في كل مكان وفي كل وقت، لذا فالمراد من نزوله تعالى إلى السماء الدنيا أنه يجزي على الأعمال الصالحة جزاء مضاعفاً ويستجيب لدعاء العباد. فكل مُسْلِمٍ أحمدي قد ادّعى الإيمان الحق والإسلام الحقيقي، وبايعَ الخادمَ الصادق للنبي ﷺ ليكون من عباد الرحمن، من واجبه أن يفحص نفسه، ويتواضع، ويقضي على كبره، ويسعى إلى إرساء السلام والأمان في مجتمعه وفي بيته بالقضاء على الخصومات والفساد فيما حوله. لقد قدَّمَ لنا النبيُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أسوته بهذا الشأن كما قدم المواعظ في مناسبات شتى. لقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: تواضعوا ولا تتفاخروا على أحد. وليس المرء بحاجة إلى آلة أو مقياس من الخارج لمعرفة هذا الأمر، بل على كل واحد أن يحاسب نفسه بنفسه ما دام يدعي الإيمان الحق. بوسعه هو أن يخبر ما إذا كان قد تبرأ من التفاخر أم لا؟ وما إذا كان لا يزال يتفاخر بعائلته العريقة، أو بوضعه المالي الأفضل، أو بأولاده المثقفين، أو بكفاءاته العلمية، أو بصلاحه وبره. لقد قال النبي ﷺ: «لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي إلا بالتقوى». ومَن كان من أهل التقوى يستحيل عليه أن يفكر في التفاخر بأي شيء. في بعض الأحيان يتفاخر المرء بعِلمه حتى يبعده علمُه عن الدين أيضا. انظروا كم كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم متواضعاً، فإنه أعلن بأمر الله تعالى: «أنا سيدُ وُلدِ آدم». وهذا شرف لَمْ يحظ به إلا سيدنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وهي الذروة العليا التي لم يبلغها سوى نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، ولكنه عندما أعلنَ ذلك لَمْ يلبث أن أردفه بقوله «ولا فخر».” (من خطبة أمير المؤمنين نصره الله بتاريخ 26/06/2015)
إذن يُصفّدُ الشيطان فقط إذا سعى الإنسان إلى التقوى والعمل الصالح وصامَ إيماناً واحتساباً ثم تأسّى بالشهر الكريم في باقي الشهور والأيام، ليس في الصوم المتواصل وإنما في العبادة والتقوى المركزة التي تصاحب الصوم في رمضان الفضيل، عندها يُصفّدُ شيطانه في رمضان وباقي أيام حياته وقدوتنا في ذلك هو النبيُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الذي أعانه الله تعالى لعُظم خلقه وتقواه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم حتى أسلمَ الشَّيْطَانُ المتربصُ له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وصار لا يأمره إلا بخير سبحن الله كما في الحديث عن ابن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ، وَقَرِينُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ». قَالُوا: وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَإِيَّايَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ، فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ». (متفق عليه واللفظ لمسلم). فَلَمْ ترِد الآية: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ إلا لأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بالفعل على خُلُق عظيم. فلنتأس به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وسوف يُصفّدُ اللهُ شياطيننا في رمضان وفي غيره إنْ شاءَ الله تعالى.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ