من كلام الإمام، إمام الكلام، عليه الصلاة، عليه السلام..
الصادقون يثبتون حتى في الابتلاءات ويعرفون أن الله أخيرا سيؤيدهم حصرا.
أشكر الله تعالى أنا العبد المتواضع، أنه وهبني أصدقاء مخلصين، غير أني أؤمن إيمانا جازما بأنه لا خطَر عليَّ البتة حتى لو تخلى عني الجميع ولم يبق معي فرد واحد. إنني أعلم يقينا أن الله معي. إني وإن سُحِّقتُ وقُطِّعتُ وصرتُ أحقرَ من ذرة وتلقيتُ الإيذاء والسباب واللعن من كل جانب، فسوف أكون أنا المنتصر في نهاية المطاف. لا يعرفني إلا الذي هو معي. إني لن أَضِيْع أبدا. إن جهود الأعداء عبثٌ، ومكر الحساد بلا طائل.
أيها الجهلاء والعميان! هل ضاع صادق قبلي حتى أَضِيْع أنا؟ هل أهلك الله صادقا مخلصا بالخزي قبلي حتى يهلكني؟ ألا اسمعوا وعُوا، إن روحي ليست بروح هالكة، وليس في طبيعتي شائبة الفشل والإخفاق. لقد أعطيتُ من العزيمة والصدق ما تتقاصر دونه الجبال. إني لا أبالي بأحد. لقد كنتُ وحيدا، ولم أكنْ ساخطًا على عُزلتي. هل يخذلني الله؟ كلا، لن يخذلني أبدا. هل يضيّعني الله؟ كلا، لن يضيّعني أبدا. سيصبح الأعداء أذلاء، والحساد نادمين، وسيكتب الله لعبده الفتحَ في كل موطن. إنني معه وهو معي، لا يمكن لشيء أن يقطع صلتنا. وبعزّته – سبحانه وتعالى – وجلاله، ليس في الدنيا ولا في الآخرة شيءٌ أحبَّ إليّ مِن أن تتجلى عظمة دينه ويلمع جلاله ويعلو اسمه. إني بفضله تعالى لا أخاف الابتلاء ولو حل بي ملايين المرات. لقد أُعطيتُ قوةً لشقّ براري الابتلاء وفلوات الآلام.
“لستُ بالذي يمكن أن تراه يولي دبره يوم القتال، بل أنا ذلك الذي ترى رأسه مضرجًا بالدماء.” (ترجمة بيت فارسي)
فإذا كان منكم مَن لا يريد السير معي فلينفصل عني. لا أدري كم بقي لي أن أقطع من الغابات المخيفة والبراري الشائكة، فلِمَ يُرهق أصحاب الأقدام الناعمة أنفسهم معي عبثًا؟ إن الذين هم مني لن ينقطعوا عني أبدا بسبب سباب الناس وشتائمهم ولا بسبب والمحن والبلايا السماوية، أما الذين ليسوا مني فإن ادعاءهم صداقتي عبث، لأنهم سيُفصَلون عني قريبا، وسيكون مآلهم أسوأَ من حالهم.
فهل يمكن أن نرتعب من الزلازل، وهل يمكن أن نخاف الابتلاءات في سبيل الله؟ هل لنا أن ننقطع عن إلهنا الحبيب لابتلاء ما منه؟ كلا لن ننقطع عنه، بفضله المحض ورحمته. فلينفصل عني من يريدون الانفصال، وعليهم سلام الوداع. لكن ينبغي أن يتذكروا أنهم لو رجعوا يوما من الأيام بعد سوء الظن وقطعِ العلاقة، فلن تكون لذلك الرجوع عند الله عزة ينالها الأوفياء، لأن وصمة سوء الظن والغدر شنيعة جدا. (الخزائن الروحانية، المجلد9، ص23 – 24)